السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هل يقترب العالم من حرب نووية؟ «بايدن» فى مستنقع النووى الروسى والكورى

تهديدات نووية مستمرة تلاحق العالم أجمع، فروسيا تتهم واشنطن بأن تدخلها فى أوكرانيا يؤجج ويسرع من وتيرة المواجهة النووية، وعلى جانب آخر نفخت كوريا الشمالية فى «كير» البركان النووى الخامد، وأعادت المنطقة مرة أخرى لمرحلة «النار والغضب».



وفى سؤال للأستاذ بكلية الدفاع الوطنى بواشنطن، الكولونيل ديفيد دى روش، عن إمكانية حدوث حربٍ نووية، قال ديفيد: «إن سيناريو الحرب النووية مع الروس غير محتمل، ولن يفيد أحدًا، وكذلك المواجهة العسكرية المفتوحة بين الولايات المتحدة وروسيا»، مشيرًا إلى أن موسكو وحلفاءها يلوحون بالسيناريو النووى لردع الدول عن محاولة دعم أوكرانيا ومساندتها فى مواجهة الغزو الروسى.

 

وفى سؤال عن إمكانية تحول الدعم الأمريكى لأوكرانيا لحرب مفتوحة بين واشنطن وموسكو، قال ديفيد: « هذا سيناريو غير محتمل، فالدعم الغربى -وليس الأمريكى فقط- لأوكرانيا، اقتصر على توفير الأسلحة والتدريب والمعلومات». 

وأضاف: «لم يكن هناك جنود أمريكيون فى أوكرانيا، ولم يتم إعلان منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، وروسيا تحاول التأكيد على أن لديها «مجال نفوذ» يشمل أوكرانيا، وبالتالى فإن المساعدة الغربية لأوكرانيا استفزازية، ومن الواضح أن أوكرانيا والغرب يرفضان هذا التلفيق».

وقال ديفيد إنه من غير المحتمل حدوث حربٍ نووية، حيث يثير المتعاطفون مع روسيا، وحتى روسيا نفسها، هذه الفكرة كوسيلة لردع الآخرين عن دعم أوكرانيا. لكن ليس هناك ما يشير إلى أن القوات النووية الروسية أو الأمريكية تستعد لهجوم، ولن تكون هناك أى فائدة من مثل هذه الحركة.

مواجهة قريبة!

وقالت وزارة الخارجية الروسية، إن إمدادات الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا تقرب روسيا و«الناتو» من مواجهة عسكرية مباشرة، وأكد نائب مدير شئون الحد من الأسلحة وانتشار النووى فى الخارجية الروسية قنسطنطين فورونتسوف، أن إمدادات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا تدفع نحو صراع عسكرى مباشر بين روسيا وحلف «الناتو».

وقال نائب مدير شئون الحد من الأسلحة وانتشار النووى فى الخارجية الروسية: تزيد الولايات المتحدة من إمداد أوكرانيا بالأسلحة، وتزود جيشها بمعلومات استخباراتية، وتؤمن المشاركة المباشرة لمقاتليها ومستشاريها فى الأزمة، الأمر الذى لا يؤخر الأعمال القتالية ويؤدى إلى وقوع إصابات جديدة فحسب، بل يقرّب الوضع من الخط الخطير المتمثل فى المواجهة العسكرية المباشرة بين روسيا وحلف الناتو.

وتعهدت الرئاسة الروسية «الكرملين» باسترجاع الأراضى التى استعادتها أوكرانيا مؤخرا، مؤكدة بقاء الأراضى التى تم ضمها إلى روسيا الاتحادية «روسية إلى الأبد».

استخدام النووى

أظهرت الصور الجوية التى نشرتها صحيفة «التايمز» البريطانية قطارا محملا بالمركبات والمعدات يتحرك وسط روسيا يتجه على ما يبدو إلى الخطوط الأمامية بأوكرانيا. وينقل قوات «النخبة النووية» الروسية وهو يتبع المديرية الرئيسية الـ12 بوزارة الدفاع الروسية المسؤولة عن الذخائر النووية وتخزينها وصيانتها ونقلها وتسليمها للوحدات المختصة، ويعتقد أنه ضمن مشروع قطارات «بارغوزين» النووية الروسية.

وعملت روسيا على مشروع قطار «بارغوزين» الذى يحمل 6 صواريخ بالستية عابرة للقارات من طراز «آر إس 24 يارس»، وكل صاروخ به من 3 إلى 6 رؤوس نووية، لإنشاء منظومة صواريخ استراتيجية محمولة على الخط الحديدى.

وحسب صحيفة «ذا صن»، فقد أمر بوتين بنشر الغواصة «كيه-329 بيلغورود» القادرة على إطلاق قوة نارية وتستطيع محو مدن بأكملها وجعلها غير صالحة للحياة، فضلا عن توليد موجات تسونامى إشعاعية ضخمة فى البحار، عبر طوربيدها بوسيدون، الذى يحمل قنبلة نووية.

شكوك

من المحتمل أن تخالف روسيا تعهداتها بخصوص السلاح النووى، وقد تستخدمه بشكل محدود لإخافة الشعوب الغربية وللبرهنة على جديتها وتصميمها على الانتصار فى الحرب. لكنها تعلم جيدا أن حلف الناتو سوف يتفوق فى أى حرب يمكن أن تندلع مع روسيا، خصوصا إذا استُخدِم فيها السلاح النووى، الذى سيقدم كل المبررات لحلف الناتو لمهاجمة روسيا فى كل مكان وبشتى الطرق، وسوف تكون العواقب وخيمة جدا على روسيا، كما وصفها الرئيس بايدن وزعماء غربيون آخرون.

كما أن الصين لا يمكن أن تساند روسيا عند لجوئها إلى السلاح النووى، والموقف الصينى البراغماتى الحالى، لم يمنح روسيا أى تأييد حقيقى، رغم أنه لم يدِنها علنا. وكذلك الأمر بالنسبة للهند، التى انتقد رئيس وزرائها، ناريندرا مودى، بقوة التدخل العسكرى فى أوكرانيا، أثناء مؤتمر «منظمة شانغهاى للتعاون»، الذى جمعه مع الرئيس بوتن والرئيس الصينى شى جينبنغ فى سمرقند فى سبتمبر الماضى. وليس متوقعا أن تؤيد أى دولة فى العالم استخدام السلاح النووى، ما يؤدى عمليا إلى عزلة دولية خانقة لروسيا.

البروفيسور مايكل ماكفول، الأكاديمى والسفير الأمريكى السابق فى روسيا، قال فى تغريدة له على تويتر، إن الهدف من التهديد الروسى المتكرر باستخدام الأسلحة النووية، هو وضع قيود على المساعدات الأمريكية المقدمة إلى أوكرانيا، «فعند وقوع الحرب النووية، لن تنفع الطائرات ولا الصواريخ ولا الدبابات»!

 عقوبات جديدة

وافق الاتحاد الأوروبى على فرض عقوبات جديدة على روسيا، بما فى ذلك تحديد سقف لأسعار النفط الخام والمنتجات المكررة الروسية.

وذكرت شبكة «يورونيوز» الأوروبية أن العقوبات الجديدة تضم فرض حظر جديد على الصادرات والواردات، إضافة إلى بند جديد تماما يمنع مواطنى الاتحاد الأوروبى من الجلوس فى مجالس إدارة الشركات المملوكة للدولة فى روسيا، ويأتى هذا القرار كرد مباشر على الضم الروسى لأربع مناطق أوكرانية.

وتم التوصل إلى الاتفاق على مستوى سفراء الدول الـ27، وستنشر الأسماء والكيانات المستهدفة بهذه العقوبات الجديدة فى الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبى حسب دبلوماسيين.

واقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الأربعاء، فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب الحرب فى أوكرانيا، بما يشمل فرض المزيد من القيود التجارية، ووضع أفراد على القوائم السوداء، وتحديد سقف لأسعار النفط الروسى.

وقالت فون دير لاين للصحفيين إنها لا تقبل «الاستفتاءات الصورية» ولا أى شكل من أشكال الضم فى أوكرانيا، وأكدت أن المفوضية مصممة على أن يدفع الكرملين «ثمن هذا التصعيد الإضافى». كما دعا مستشار اقتصادى كبير للرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، الاتحاد الأوروبى إلى زيادة خفض التدفقات المالية لروسيا من مبيعات الوقود الأحفورى.

 نووى كوريا

وعلى جانب آخر، وفى حدث غير مسبوق منذ 2017، نفخت كوريا الشمالية فى «كير» البركان النووى الخامد، وأعادت المنطقة مرة أخرى لمرحلة «النار والغضب».

وأطلقت كوريا الشمالية صاروخًا بالستيًا متوسط المدى، حلق فوق اليابان لمسافة 4500 كيلومتر على ارتفاع 970 كيلومترا وبسرعة ناهزت 17 ماخ (أسرع من الصوت 17 مرة) قبل أن يسقط فى البحر.

وفيما تعتبر كوريا الجنوبية وأمريكا واليابان الصاروخ تصعيدًا واضحًا فى حملة التجارب العسكرية المكثفة التى تجريها بيونغ يانغ منذ مطلع العام، كانت كوريا الشمالية تعمل فى الجهة المقابلة على تعديل تشريعاتها لجعل وضعها كدولة تملك السلاح النووى «أمرا لا رجوع عنه».

ما إن أطلق الصاروخ الكورى الشمالى، حتى سارعت بلدن غربية وأوروبية لإدانة الحادث، معتبرة إياه «عمل عنف يأتى عقب عمليات إطلاق متكرّرة وحديثة لصواريخ بالستية».

وفيما وصفت سول إطلاق الصاروخ على أنه «استفزاز» ينتهك «بوضوح المبادئ الدولية ومعايير الأمم المتحدة»، أكدت طوكيو من جهتها حصول التجربة وفعلت فى حدث نادر نظام الإنذار من إطلاق صواريخ وطلبت من السكان الاحتماء.

وسارع رئيس الوزراء اليابانى فوميو كيشيدا إلى التنديد بتحليق الصاروخ فوق أراضى بلاده، قائلا إن «صاروخًا بالستيًا عَبَر على الأرجح فوق بلدنا قبل أن يسقط فى المحيط الهادئ. إنّه عمل عنف يأتى عقب عمليات إطلاق متكرّرة وحديثة لصواريخ بالستية. نحن ندين بشدّة هذا الأمر».

وفيما تعهدت واشنطن بعد التشاور مع اليابان وكوريا الجنوبية برد «قوى» على التجربة، أعاد مستشار الأمن القومى الأمريكى جايك ساليفان تأكيد «الالتزام الراسخ» للولايات المتّحدة بالدفاع عن اليابان وكوريا الجنوبية.

وقالت هيئة الأركان الكورية الجنوبية فى بيان إن «التفاصيل المحددة تخضع لتحليل معمق بالتعاون مع الولايات المتحدة والأسرة الدولية».

وفى رد على بيونج يانج، أجرت مقاتلات كورية جنوبية وأمريكية تدريبات على قصف دقيق مع إطلاق طائرتين من طراز اف-15ك قنبلتين على هدف افتراضى فى البحر الأصفر، حسبما أعلن الجيش الكورى الجنوبى.

وقالت هيئة الأركان المشتركة فى سول إن التدريبات تهدف إلى إظهار «قدرات (الحلفاء) على توجيه ضربة دقيقة إلى مصدر الاستفزازات».

تنفيذ التدريبات أكدته- كذلك- القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندى والهادى ومقرها هاواى، والتى قالت فى بيان: إن «التزامنا بالدفاع عن جمهورية كوريا واليابان ثابت».

وأضافت أن المناورات نفذتها طائرات مقاتلة تابعة لمشاة البحرية الأمريكية مع طائرات مقاتلة من قوات الدفاع الذاتى الجوية اليابانية.

  سيناريوهات المواجهة

وضع العلماء عددًا كبيرًا من السيناريوهات المحتمل حدوثها عند بدء حرب نووية، وتم إجراء عدة دراسات عن تأثير القنابل النووية على المناطق المتضررة والمحيطة بها.

وحول التداعيات المحتملة لتفجير الأسلحة النووية فى حال اندلعت حرب نووية مستقبلا، نشرت مجلة «نايتشر فود» العلمية المتخصصة دراسة، الشهر الماضى، تضمنت إحصائيات وأرقاما مخيفة حول انعدام الأمن الغذائى العالمى والمجاعة، بسبب تراجع الإنتاج الزراعى ومصايد الأسماك البحرية وتقلص الثروة الحيوانية، بسبب اضطراب المناخ حال اندلاع حرب نووية.

وذكرت الدراسة، إن أكثر من 5 مليارات شخص يمكن أن يموتوا فى حال اندلعت حرب نووية بين الولايات المتحدة وروسيا، وأكثر من مليارى شخص يمكن أن يموتوا فى حين اندلعت الحرب بين الهند وباكستان.

وأشارت الدراسات إلى أن التسمم بالإشعاع النووى يؤدى إلى أعراض شديدة، من بينها القيء والنزيف المستمران، والإصابة بالإسهال الذى غالبًا ما يكون دمويًا، إلى جانب احتراق الجلد إلى حد تساقط طبقة جلد المصاب وهو على قيد الحياة، وهو ما يجعل الموت بالإشعاع النووى من بين أكثر الأمور بشاعة، التى يتعرض لها الإنسان.

وخارج دائرة الانفجار النووى، ستمتد آثار الانفجار إلى نطاق قطره 17 ميلًا مربعًا، وينتظر أن تحدث انهيارات عدة، تصل إلى تسوية مبانٍ بالأرض، ما سيهدد حياة الموجودين بالطبع، وسيصاب كل من يكون فى نطاق قطره 33 ميلًا بحروق من الدرجة الثالثة وتشوهات شديدة وعدم القدرة على استخدام أطرافهم وبترها أحيانًا.

أما النطاق الأوسع، فيمتد على مساحة 134 ميلًا مربعًا تتأثر فيه النوافذ والمنازل، ما يعرض السكان لخطر الموت أو الإصابة، كما ستنقل الرياح المواد الملوثة بالإشعاع النووى إلى مناطق بعيدة لا يمكن التنبؤ بها، وتصيب المواطنين بأمراض لا حصر لها.