السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مدرسة الكاريكاتير.. الليثى «السهل الممتنع»

أنا من عشاق رسام الكاريكاتير العظيم صلاح الليثى (1923-1983) وكنت أرى طوال الوقت أنه لم ينل ما يستحق من التقدير والشهرة التى حظى بها أبناء جيله فى مدرسة روزاليوسف الصحفية والتى شهد الكاريكاتير فيها مراحل ازدهار وتأثير عظيمة حقبة الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات من القرن الماضى.



الفنان صلاح الليثى، أحد أعمدة روزاليوسف وصاحب مدرسة متميزة جدًا فى فن الكاريكاتير وله أسلوب خاص ومتفرد جعله يحتل موقعًا بارزًا فى تاريخ الكاريكاتير المصرى والعربى، فكان يرسم بروح الإسكتش رسومًا سريعة وتلقائية، غير مكتملة أقرب إلى الشخبطة أو الإسكتش (خصوصًا فى مرحلته الأخيرة) بخطوط سريعة وحادة، مختزلة وبسيطة للغاية، وتميز بهذا الأسلوب الفنى (السهل الممتنع) عن كل جيله.

 

بدأ الليثى بالعمل رسامًا فى الإعلانات (1954-1957) ثم محررًا صحفيًا ورسامًا فى دار الجمهورية (1954) قبل الانطلاق والتألق على صفحات مجلتى روزاليوسف وصباح الخير (1962-1983) كما عمل الفنان الكبير بمؤسسة دار الهلال ورسم فى مجلة الأطفال العريقة  «سمير» التى تصدر عن الدار نفسها وعمل أيضًا فى مجلة (23 يوليو) برئاسة تحرير الكاتب الصحفى الكبير محمود السعدنى التى صدرت فى لندن (1978-1979) وكانت معارضة لحكم الرئيس الراحل أنور السادات، كما عمل فى مجلة (الدوحة) القطرية (1982-1983) وكان يرسم صفحتين بعنوان ضحكات الشهر.

انطلق الليثى وتألق فترة الستينيات والسبعينيات وهى المرحلة الأقوى فى مسيرة الفنان الكبير، حيث بزغ نجمه وتميزت رسومه الكاريكاتيرية بقوة الأفكار وخفة الدم والتعليقات اللاذعة الساخرة ذات الأبعاد الفلسفية والفكرية بلا «فذلكة» أو ادعاء والاهتمام بقضايا الناس والتعبير عنها بأسلوب ساخر ونظرة عميقة تميزه عن غيره من الفنانين.

كان الليثى غزير الإنتاج، يرسم كثيرًا ولم يقدم أفكارًا تقليدية بل كانت أفكاره متطورة وحداثية، سابقة لعصرها ورسومه قادرة على إثارة الدهشة بحس كوميدى عالٍ وعلى مدى 40 عامًا تمكن الليثى من التعبير عن كل القضايا والمشاكل التى تواجه الإنسان فى العصر الحديث بخطوط مختصرة وبأقل عدد ممكن من الكلمات أو دون تعليق فى بعض الأحيان، ورسم فى مواضيع مثل غلاء الأسعار واحتكار التجار كما رسم كثيرًا عن أزمة المواصلات والزحام، حتى إن هناك محطة أوتوبيس قريبة من مبنى روزاليوسف اشتهرت باسمه «محطة الليثى»!

تأثر الفنان الكبير صلاح الليثى بالرسام الفرنسى الشهير «شاڤال» بشكل واضح فى بداياته الأولى فى مجلة روزاليوسف، حتى تخلص من تأثيره تدريجيًا وظهر بأسلوب خاص بسيط وخطوط مختزلة بلا تفاصيل كثيرة فى اللوحة الكاريكاتيرية وتميز به جدًا حتى إن رسومه تعرف دون رؤية التوقيع.

الليثى.. فنان كاريكاتير بارع ومفكر وفيلسوف رائع لن يتكرر أبدًا.