الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

زعماء العالم يجتمعون للمرة الأولى منذ عامين الحرب والمناخ والغذاء.. أزمات تهيمن على اجتماعات الأمم المتحدة

أكثر من 85 من رؤساء الدول واثنان من نواب الرؤساء و51 من رؤساء الحكومات والمئات من كبار المسئولين من كل أنحاء العالم يشاركون فى اجتماعات رفيعة المستوى للدورة السنوية الـ77 للجمعية العامة للمنظمة الدولية فى نيويورك.



وانضم كثيرون بينهم إلى أوسع حشد للدبلوماسية الدولية على الإطلاق، بعدما تأخروا بسبب مشاركتهم فى المراسم الجنائزية العظمى التى أُقيمت فى لندن وداعًا للملكة إليزابيث الثانية، متجاوزين أيضًا القيود المشددة التى فرضت خلال الدورات الثلاث الماضية بسبب تفشى جائحة «كوفيد - 19»، للبحث عن حلول للتهديدات والتحديات العالمية المتزايدة.

وفيما أدت مراسم جنازة الملكة إليزابيث إلى إرجاء غير معتاد لكلمة الرئيس الأميركى جو بايدن، بدا واضحًا غياب زعماء مؤثرين للغاية عن الدورة الجديدة للجمعية العامة، وأبرزهم على الإطلاق الرئيسان الروسى فلاديمير بوتين الذى أمر جيوشه بغزو أوكرانيا فيما يسميه «عملية عسكرية خاصة» بدأت قبل أكثر من 6 أشهر، والصينى شى جين بينغ الذى يتقاسم مع زعيم الكرملين هواجس المواجهة المتصاعدة سياسيًا ودبلوماسيًا واقتصاديًا مع الغرب بزعامة الولايات المتحدة والدول الرئيسية فى أوروبا، ما أضفى «مزاجًا كئيبًا»، بسبب العقوبات الخطيرة لغزو أوكرانيا، وإمكان أن يثير ذلك شهية بكين على استعادة تايوان إلى الأرض الأم تحت شعار صون «الصين الواحدة»، واستمرار التوتر المتعلق بالملفات النووية الأخرى، وأشدها خطورة فى كوريا الشمالية وإيران.

 

وسيغيب أيضًا رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى الذى يقود واحدة من كبرى الديمقراطيات وأكثرها تنوعًا.

تحديات مستجدة

وبينما تركز اجتماعات الأمم المتحدة على التحديات المستجدة ودفع العالم نحو استقطابات جديدة فى النظام العالمى بطرق لا نظير لها منذ الحرب الباردة، فإن التأثير المتواصل للحرب فى أوكرانيا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية فى كل أنحاء العالم يأخذ حيزًا واسعًا من الاهتمام، بالإضافة إلى استمرار التركيز على أزمة الطاقة التى تعكر صفو الاقتصاد العالمى، والمخاوف بشأن الاضطرابات المناخية مثل الفيضانات المدمرة فى باكستان، فضلًا عن الهواجس الكبرى المتعلقة بتحسين التعليم ومحو الأمية والتغلب على التحديات المناخية وموجات الهجرة والسعى إلى إرساء السلام والقضاء على الفقر.

وعلى هامش الاجتماعات، عقدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى مؤتمرًا مشتركًا بشأن انعدام الأمن الغذائى وارتفاع الأسعار، كما استضاف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اجتماعًا منفصلًا مع زعماء العالم، لمناقشة التحديات الرئيسية الثلاثة للحرب: ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والاقتصادات المتدهورة.

وأقر غوتيريش بأن الجمعية العامة «تجتمع فى وقت خطر كبير، لأن «عالمنا مليء بالحرب، وتضربه فوضى المناخ، وندوب الكراهية، ويخيبه الفقر والجوع وعدم المساواة».

وتستخدم الدول الغربية منصة الجمعية العامة لإدانة الغزو الروسى لأوكرانيا، باعتباره هجومًا على النظام العالمى والقانون الدولى ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذى يحظر العدوان على دولة مستقلة وذات سيادة.

القيادة الأميركية

تحدد كلمة بايدن، مسار الدورة السنوية هذه بالتركيز على أوكرانيا وتغيُّر المناخ ودور الأمم المتحدة، كما يخاطب الحشد الدولى الذى تغير بشكل كبير منذ العام الماضى،عندما ألقى أول خطاب رئاسى له فى الأمم المتحدة وسعى إلى إعادة تأكيد القيادة الأميريكية العالمية بعد سنوات «أمريكا أولًا» خلال عهد سلفه الرئيس السابق دونالد ترمب.

وخلال العام الماضى، دافع بايدن عن قراره سحب القوات الأمريكية من أفغانستان وسعى إلى تعزيز الديمقراطية فى وقت تتصاعد فيه المشاعر الاستبدادية بجميع أنحاء العالم.وصور أمريكا وحلفاءها الغربيين كشركاء حيويين، قائلًا إن «أمننا وازدهارنا وحرياتنا مترابطة (…) كما لم يكن من قبل».

ويتوقع أن يؤكد بايدن على أهمية هذا التحالف هذا العام أيضًا، مواصلًا دعوته إلى الوحدة لدعم أوكرانيا فى سعيها إلى صد الغزو الروسى، مع حض زعماء العالم على مواصلة الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، والعمل سويًا لمواجهة الصعود الاقتصادى والعسكرى للصين.

المناخ والوقود

ورغم أهمية هذه القضايا، يشير الرئيس الأمريكى إلى مواصلة جهوده لإقناع الحلفاء بأن الولايات المتحدة عادت إلى دورها القيادى فى القضايا الدولية الحاسمة للحرب والحوكمة وحماية البيئة.

وستتيح له الجمعية العامة فرصته الأولى للترويج لتوقيعه الشهر الماضى، على قانون يعد أهم خطوة فى التاريخ الأميركى نحو الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى التى تدفع إلى تغير المناخ.

وسيكون للكلام عن المناخ وقع طيب عند غوتيريش الذى رأى خلال اجتماع مجلس إدارة الاتفاق العالمى للأمم المتحدة، أن تحقيق انتقال عادل ومنصف للطاقة يمثل «أحد أكبر التحديات التى تواجه عالمنا».

وقال إن الكوارث المناخية والارتفاع الهائل فى أسعار الوقود أوضحا بجلاء الحاجة إلى «إنهاء إدماننا العالمى للوقود الأحفورى»، مشددًا على أهمية الاستثمار فى مصادر الطاقة المتجددة، وبناء القدرة على الصمود، وتوسيع نطاق التكيف.

وأضاف: «لو استثمرنا بشكل كبير فى الطاقة المتجددة بالماضى، لما كنا فى خضم حالة طوارئ مناخية الآن». ورأى أن مصادر الطاقة المتجددة هى «المسار الوحيد الموثوق» فى سبيل تحقيق أمن حقيقى واستقرار الأسعار فى مجال الطاقة وفرص العمل المستدامة.

ودعا إلى زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة فى توليد الكهرباء العالمية من نحو 30 % اليوم، إلى أكثر من 60 % عام 2030، و90 % عام 2050.

وعرض خطته للطاقة المكونة من 5 نقاط للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة: أولًا، التعامل مع التقنيات باعتبارها «منافع عامة عالمية» متاحة مجانًا. وثانيًا، سلط الضوء على الحاجة إلى تأمين وزيادة وتنويع سلاسل التوريد لتقنيات الطاقة المتجددة. وثالثًا، تكافؤ الفرص بالنسبة لمصادر الطاقة المتجددة.

ورابعًا، تحويل الدعم من الوقود الأحفورى إلى الطاقة المتجددة، حيث أشار إلى أن الحكومات تنفق كل عام نحو نصف تريليون دولار لخفض سعر الوقود الأحفورى بشكل مصطنع «أكثر من 3 أضعاف ما تحصل عليه مصادر الطاقة المتجددة».

وخامسًا، أهمية مضاعفة الاستثمارات العامة والخاصة فى مصادر الطاقة المتجددة إلى 3 أضعاف إلى 4 تريليونات دولار سنويًا على الأقل.

وسيضع اجتماع الأمم المتحدة هذا الأسبوع إيران والولايات المتحدة وأطرافًا أخرى تحت سقف واحد بعد 5 أشهر من المفاوضات غير المثمرة لإعادة الاتفاق النووى الموقع عام 2015 مع إيران.

لكن فرصة عقد اجتماع رسمى مشترك على هامش الجمعية العامة لإعادة إطلاق المفاوضات ضئيلة، وفقًا لمسئولين أمريكيين ودبلوماسيين أوروبيين.

وكانت الدورة السنوية الـ74 للجمعية العامة عام 2019 هى آخر مرة التقى فيها الأعضاء شخصيًا قبل الوباء.

وقال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: «نحن سعداء للغاية بعودة أسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة شخصيًا بعد عامين»، مضيفًا أن «الدبلوماسية الشخصية أمر محورى لما يدور حوله الاجتماع».

وعام 2020، عُقد التجمع السنوى افتراضيًا مع إلقاء القادة خطابات مسجلة مسبقًا. وهذه هى المرة الأولى فى تاريخ الأمم المتحدة البالغ 75 عامًا التى تم فيها إلغاء الحضور الشخصى.

وخلال العام الماضى، اعتمدت الأمم المتحدة مزيجًا من الحضور الشخصى والخطب المسجلة مسبقًا اعتمادًا على ما تفضله كل دولة.