الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأزهر يحذر من: غزو المدونين.. وفوضى المصطلحات المشوهة

حَذّر مرصد الأزهر الشريف فى تقريرين منفصلين من مَخاطر ظاهرة الانهيار الاجتماعى بسبب ما سمّاه الأزهر غزو المدوّنين أو «البلوجرز»  لمنصات التواصل الاجتماعى، ومن فوضى المصطلحات المشوّهة التى تهدد السلام الاجتماعى والتى منها مسمى «الإسلاموفوبيا».. 



تحت عنوان شبكات التواصل الاجتماعى وغياب منظومة القيم.. هل نحن على أعتاب انهيار مجتمعى؟ قال مرصد الأزهر :«إنه شاع فى السنوات الأخيرة الاستخدام الترويجى لوسائل التواصل الاجتماعى، ولا نعنى بذلك الإعلانات مدفوعة الأجر المنشورة على صفحات فيسبوك وإنستجرام وغيرهما من المنصات، ولكن المقصود هو غزو ظاهرة المدوّنين أو (بلوجرز) منصات التواصل الاجتماعى.

أضاف فى تقرير له إن تلك الظاهرة التى تشهد تزايدًا مستمرًّا يومًا بعد آخر؛ فى ظل تفاقم الصراع على كسب المتابعين والمزيد من المشاهدات والتفاعلات، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن أسباب انتشار تلك الظاهرة؟ وما هى التداعيات المباشرة أو غير المباشرة على المجتمعات؛ وبخاصة الشباب؟

وأوضح مرصد الأزهر، أنه بدأت مشاركة الحياة الاجتماعية اليومية عبر منصات الإعلام منذ سنوات مع برامج «تليفزيون الواقع»، لكن تلك البرامج كانت تتطلب متابعة قنوات تليفزيونية محددة ذات اشتراكات مالية مرتفعة، ومع تطور منصات التواصل الاجتماعى، وظهور خاصية القصص (Story) أضحت مشاركة الحياة الخاصة للفنانين والمشاهير أمرًا أكثر سهولة، وتطورت الظاهرة بحيث تخطت المشاهير والفنانين، وظهر مَن يُعرَفون بالمؤثرين والمدوّنين (البلوجرز) وكان كل منهم يستغل منصته فى نشر محتوى خاص به سواء كان علميًّا أو ترفيهيًّا أو معلوماتيًّا أو غير ذلك. ومع تزايُد استخدام الشباب لتلك المنصات ومتابعتهم المستمرة لـ(Story) المشاهير أصبحت تلك الظاهرة مَصدرًا لكسب المال الوفير وتحقيق الثراء السريع.

ولفت إلى أن المدوّنين- فى محاولة منهم للحصول على المزيد من المتابعات والإعجابات- يسعون للظهور فى أفضل صورة ممكنة؛ حيث نراهم دومًا يشاركون تفاصيل «حياتهم الشيقة»؛ ويُصورون لمتابعيهم أنهم فى بهجة مستمرة وترف مستديم من خلال تصوير الحفلات والخروج والسفر، وغيرها من التفاصيل التى توحى بأن الحياة لا عمل فيها ولا كد ولا تعب، وهى دعوة صريحة للتكاسل والاتكال على مثل هذا المحتوى لتحقيق الثروة السريعة، وهو ما يؤدى إلى تصدير تلك الصورة من البذخ ورغد العيش، التى تشعل رغبة الشباب فى معايشة تجربة مشابهة، أو تحقيق مكاسب مادية مثل التى يتمتع بها هؤلاء، وهنا ينجرف الشباب نحو براثن الشيطان.

واستشهد المرصد على ذلك بقضية الفتاتين اللتين تورطتا فى أعمال منافية للأخلاق وزَجّجتا بفتيات دون السّن فى شبكات اتّجار بالبَشر بهدف تحقيق الربح السريع، ونود هنا أن نذكر أن كلتا الفتاتين لم تكونا قد بلغتا السّن القانونية بعد عند القبض عليهما مُدانتين فى تلك الجرائم.

أضاف: إن الأمر تطوَّر من مجرد نشر مجموعة من الفيديوهات العلمية أو التثقيفية أو غيرها إلى نشر فيديوهات تقليد مَشاهد الأفلام والرقص والغناء، وتبارَى الشباب فى تقديم المحتوى الأكثر إثارة لجمع المزيد والمزيد من المتابعين والإعجابات والمشاركات التى تعنى جميعها المزيد من الشهرة والمال. واستغلت بعض الشركات والمَتاجر قدرات الشباب وتأثير ما ينشرونه على المجتمع فى الترويج لمنتجاتهم.

 حسابات مقرصنين

شدد مرصد الأزهر، أنه مع تزايُد تلك الظاهرة أصبح هناك بعض الحسابات لبعض المقرصنين أو بائعى المنتجات الممنوعة أو غيرها من التجارات المحظورة يتسللون بين هؤلاء ليجمعوا متابعين ويخترقوا حساباتهم فيما بعد أو ليسرقوا بيناتهم الخاصة ويبتزوهم للحصول على أموالهم، وندخل فى حلقة مظلمة من الأعمال الإجرامية. ولا يحمل المدونون أصحاب تلك الحملات همًّا سوى جمع الأموال من الحسابات التى تطلب منهم المشاركة فى الحملة، مستغلين فى ذلك ثقة البعض وسذاجة الآخرين الباحثين عن المكسب السريع. هذا الانتشار الواسع لتلك المواقع فى حياتنا دون وجود رقابة مجتمعية حقيقية يجعلنا ندرك مدى خطورة هذا التوغل لهذه المواقع فى حياتنا، وعلى أكثر من صعيد.

ولفت المرصد إلى أنه على صعيد التنظيمات المتطرفة، لا بُد أنها تسعى لاستغلال مثل تلك المنصات والمدوّنين لدفعهم لنشر إمّا دعاية تخصّهم أو استمالة الشباب نحو المشاركة فى منصات أخرى أو مواقع تكون هى نواة استدراجهم نحو العمل فى صفوف تلك التنظيمات ولو بشكل غير مباشر، فما أسهل توريط الشباب الباحث عن المال فى عمل غير شرعى وابتزازه لاحقًا؛ لتنفيذ أى عمل آخر حتى ولو لم يكن راضيًا عنه.

وشدد المرصد على أن هذا الأمر يحدث على الصعيد الأمنى، فقد انتشرت مؤخرًا حوادث كثيرة مشابهة؛ حيث تعمل بعض المجموعات على اختراق الحسابات وتنفيذ عمليات احتيال، أو التواصل مع تجار غير شرعيين بعيدًا عن الرقابة، أو لنشر مواد غير أخلاقية عبر منصة التواصل الاجتماعى، ليكتشف أصحاب تلك الحسابات فيما بعد أن حساباتهم قد اختُرقت واستُخدمت فى أمر غير قانونى. واشتكى الكثير من مستخدمى فيسبوك فى الفترة الأخيرة من هذا الأمر، لكنّ خبيرًا أمنيًّا أكد أن هذا يحدث نتيجة إمّا لمتابعة حسابات غير معلومة الجهة أو منح إحدى الصفحات تصريحًا للتعامل بالمعلومات الشخصية لصاحب الحساب.

وطالب الأزهر بوجود وقفة مع هؤلاء المدوّنين وغيرهم من الناشطين عبر صفحات التواصل الاجتماعى، وتوعية الشباب بمَخاطر المشاركة فى تلك المسابقات، والسعى وراء الكسب السريع دون نظر لحقيقة الأشياء؛ بل يجب أن يعلموا أن ما يرونه على صفحات التواصل ليس هو الحياة الحقيقية لهؤلاء؛ بل هو فقط ما يعرضون من أجل تحقيق المكاسب، فيجب ألّا ننخدع ونُصدّق أن ما نرى هناك هو الحياة؛ فإن الحياة الحقيقية فى الواقع بها الكثير من أشكال الكد والسعى والعمل من أجل تحقيق الأهداف التى يسعى إليها كل منّا.

 المصطلحات المشوهة

من جهة أخرى، حذر مرصد الأزهر- فى مقال له- من فوضى المصطلحات المشوّهة التى باتت تهدد السّلام العالمى ناتجة عن تصدّى العديد من غير الخبراء أو المتخصصين، وأصحاب المصالح، وأنصاف المتعلمين، وتجار الجهل ممن احترفوا صناعة «الأخبار الكاذبة» و«الحقائق المزيفة» و«التضليل»، و«البلاهة الفكرية»؛ للقيام بمهمة تحديد المصطلحات ووضع تعريفاتها وبيان حدودها.

وأوضح، أن من هذه المصطلحات مفهوم «الإسلاموفوبيا» الذى شاع استعماله وإطلاقه على مَظاهر وممارسات معادية للإسلام فى دول أغلبيتها غير مسلمة، فى حين أن الكلمة ذاتها تبرر لهذه الممارسات وتسوغ لارتكاب أعمال عدائية بدعوى أن مَن يقبل على هذه الممارسات مريض بالخوف من الإسلام، وعند البحث عن الأصل الاصطلاحى للمفهوم وردت كلمة (الفوبيا- (Phobia فى قاموس مريايم ويبستر (Merriam Webster dictionary) بمعنى الخوف المُبالغ فيه، غير المنطقى من شىء محدد أو مجموعة من الأشياء أو المواقف. وقد يبدو من الصعوبة بمكان، تحديد مَصدر هذا الخوف أو الاتصال به، ولكنه يظل موجودًا.

وتابع المرصد، بأن مفهوم «الإسلاموفوبيا» ظهَر فى أواخر القرن الماضى عندما قامت مجموعة يسارية بريطانية تطلق على نفسها اسم رينميد ترست (Runnymede trust) باستخدام هذا المفهوم لتأجيج مَشاعر الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، بشكل انعكس على معاناة المسلمين الممارسات التمييزية والإقصائية، وشاع استعمال المصطلح بشكل ملفت للانتباه مـــع هجمــــات 11 مــــن سبتمبر 2001، وتطور حتى تحوّل من مجرد مصطلح يتردد على الألسُن إلى ظاهرة خطيرة تعددت مَظاهرها وأشكالها وتعاظم أثرُها مع ترويج الإعلام لها بمختلف تطبيقاته الحديثة؛ حيث يتم إلصاق أى حادثة أو عملية عنـف مـادية أو معنوية تحدث فــى الغــرب، ومن دون تحــر بالجالية المســلمة. 

وشدد، أنه لو وضعنا هذا المفهوم فى حيز التفكير النقدى ودائرته نجد أن به العديد من التشوهات الفكرية، منها: - كلمة «فوبيا» تعنى رهابًا غير عقلانى، وهو مرض عقلى، وبالتالى مصطلح «الإسلاموفوبيا» مجرد مرض يصيب الأقلية من الناس. - إن تبسيط الظاهرة ووصم مرتكبيها بالجنون والمرض، قد يدفع الآخرين لتبنّى مواقف دفاعية أو منحازة بدافع التعاطف مع هؤلاء المصابين بهذه الظاهرة.