الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بسمة سالم سفيرة كوريا الرقمية لعام 2022 لـ«روزاليوسف»: دورى نشر الثقافة الكورية وتصحيح الصور المغلوطة

لم تيأس أمام سُخرية البعض التى قابلتها منذ صغرها بسبب حبها للثقافة الكورية، إلا أنها حوّلتها إلى دافع قوى للوصول إلى حلمها فى نشر الوعى والأمل للشباب المصرى فى تحقيق حلمهم، وأن تكون جسرًا وهمزة وصل بين بلدين يقعان فى قارتين مختلفتين هما مصر وكوريا.



«بسمة سالم»، الفتاة الثلاثينية، ابنة محافظة الإسكندرية، حاصلة على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية، حصلت على لقب سفيرة كوريا الجنوبية الرقمية لعام 2022، ضمن مسابقة تنافس خلالها 3000 شاب وفتاة.. عن المسابقة واللقب والمَهام المسئولة عنها تَحدّثنا عبر الهاتف مع بسمة سالم.

 

فى البداية.. لماذا «كوريا»؟

- أحببتُ كوريا منذ زمن. بدأت علاقتى بها من خلال مشاهدتى لمسلسل Winter Sonata أو «أغانى الشتاء» الذى أذيع على التليفزيون المصرى عام 2004، فُتنت باحترامهم لعاداتهم وتقاليدهم وهوّيتهم وتشابههم مع ثقافتنا العربية الشرقية، لم أشعر يومًا بالحرج والانزعاج من مشاهدة الدراما الكورية عكس المسلسلات الأجنبية التى تحوى المَشاهد والعلاقات المنفتحة.

كما جذبتنى تلك النهضة الصناعية والعلمية والاجتماعية التى حققتها كوريا بعد فترة وجيزة من سنوات الحرب العالمية الثانية وكذلك حرب الكوريتين وانفصالهما، فقدرة الشعب الكورى على النهوض ببلد مدمر حرفيًا، فاقد للبنية التحتية، لتُصبح فيما بعد من أكبر اقتصاديات العالم، كانت ملهمة لشابة تحلم بأن ترى مصر مثل كوريا؛ خصوصًا أننا نمتلك الإمكانات والموارد الضخمة والثروة السكانية لتحقيق ذلك.

وبدأت رحلة الشغف والبحث عن كل ما هو كورى، سواء من مصادر كورية وترجمتها للإنجليزية؛ نظرًا لنقص المَراجع العربية، وحضور الفاعليات الثقافية والفنية المختلفة التى كانت تنظم فى مكتبة الإسكندرية مثل عزف الفرقة البحرية الكورية، ورقص الكيبوب التقليدى الكورى، وكذلك مشاهدة الأفلام والدراما والقراءة فى التاريخ والحاضر الكورى.

 حدّثينا أكثر عن مسابقة «سفيرة كوريا الرقمية» مَن يُنظمها، وشروطها؟

- المسابقة تُنظم لأول مرّة هذا العام، تحت رعاية المركز الثقافى الكورى وهيئة السياحة الكورية لنشر الثقافة الكورية بمصر، وصاحب فكرة المسابقة هو سفير كوريا الجنوبية بمصر السيد /هونج چين ووك، فهو محب للثقافة المصرية جدًا، وشخص ودود للغاية ومنفتح على جيلنا، ويرغب فى توطيد العلاقات بين الشعبين ثقافيًا من خلال سفراء مصريين لكوريا يتحدثون عن ثقافتها وحضارتها؛ خصوصًا مع قوة العلاقات السياسية، الدبلوماسية والاقتصادية التى تشهدها مصر وكوريا الجنوبية مؤخرًا. 

تقدم للمسابقة 3000 متسابق/ ة، وفاز باللقب الفخرى 15 فردًا كنت واحدة منهم، وشروط الفوز كانت الإجابة على أسئلة كثيرة من لجان التحكيم تخص تاريخ كوريا، عاداتها وتقاليدها، المَعالم السياحية والتاريخية، وأسباب حبنا وشغفنا بكوريا؟، هل نعرف كوريا فقط من المسلسلات أمْ قرأنا عنها فى الكتب؟، ما هى أوجُه التشابه بين كوريا ومصر؟ وما هى أشكال التعاون الحالية بين البلدين؟، ومكانة كوريا الاقتصادية والصناعية.. وغيرها من الأسئلة التى تضمن للجان التحكيم وجود شخص سفير حقيقى يتحدث بلسان البلد ويُروّج له بشكل صحيح.

 وما هى مهامك كسفيرة رقمية لكوريا؟

- استخدام التكنولوچيا الرقمية مثل حسابى على الفيس بوك، التيك توك وقناتى على اليوتيوب من خلال بث محتوى عن الثقافة الكورية، التعريف بمَعالم البلد السياحية والتاريخية، طبيعة العادات والتقاليد الكورية، تصحيح الصور المغلوطة بين البلدين؛ مثًلا هناك اعتقاد شائع فى مصر أن الكوريين يأكلون الكلاب وهذا غير صحيح، وكذلك يعتقد الكوريون أن مصر لا تزال صحراء واسعة وجِمال! ولا يعرفون شيئًا عن النهضة التى تحدث الآن من مدن جديدة، وتلقيت تشجيعًا ودعمًا كبيرًا من السفير المصرى فى كوريا خالد عبدالرحمن؛ لتدشين صفحة نتحدث فيها للكوريين عن مصر والترويج لأشكال السياحة المختلفة والتعريف بمصر الجديدة التى نعيشها الآن، والمشروعات العملاقة التى تشهدها البلاد. ويهدف كل ذلك لتحقيق التبادل الثقافى المشترك ودعم روابط العلاقات بين البلدين.

 وماذا عن مكانة المرأة الكورية؟

- تحظى المرأة الكورية بتمكين سياسى سواء فى الحكومة أو البرلمان وتتمتع بحقوق ومساواة مع الرجل. وهناك احترام وتقدير للمرأة الكورية فى مواقع كثيرة، فمثلاً النساء الحوامل مخصص لهن كراسى بالحافلات والنقل العام. وتُطبق كوريا سياسات ناجحة لمكافحة التحرش الجنسى، لذا تعد من أكثر الدول أمنًا للنساء، وتستطيع أى فتاة تعرضت للتحرش حتى لو كان مجرد نظرة مزعجة لها أن تتوجه لأقرب قسم شرطة والإبلاغ عن الواقعة ومن ثم تتبع المعتدى عبر الكاميرات والقبض عليه، والعقوبة تكون مدة محددة من خلال سوار فى قدم المتحرش كأحد أشكال الوصم له، وكذلك يساعد السوار على تتبع حركته ولو حدثت واقعة تحرش أخرى فى محيط تواجده، يوجَّه له الاتهام وتُضاعَف العقوبة.

 وما أبرز الوجهات السياحية فى كوريا؟

- نجحت كوريا فى ترميم كل الأماكن التاريخية التى تضررت جراء الحروب الماضية كالقصور المَلكية مثل قصر «تشانغ دوكونغ» وقصر «غيونغبو كغونغ».. ويستطيع السائح الاستمتاع بجولة مميزة فى أماكن مختلفة من القصر تحتوى على عروض من الفنون الكورية التقليدية فى أماكن مختلفة فى القصر، وإعادة تمثيل مشهد قصير للملك والملكة، ويسمح للسائح ارتداء الزى الكورى التقليدى المسمى «الهانبوك» والتجول مجانًا داخل المعالم السياحية التاريخية. كما يوجد المتحف الوطنى الكورى، تُعتبر كوريا الجنوبية من أهم الوجهات للسياحة العلاجية؛ لإجراء عمليات التجميل والجراحات الدقيقة المختلفة. 

وتوجد منطقة «عالم لوتى» وهى أشبه بديزنى لاند أكبر مدينة ملاهى عملاقة فى كوريا، ووجهة للسياحة الترفيهية والتسوق من سلسلة مولات ضخمة. يتميز الكوريون بقدرتهم على استغلال كل مورد طبيعى لجذب السائحين، فمثًلا تلك المنطقة الفاصلة بين الكوريتين المنزوعة السلاح حوّلوها لمنطقة سياحية، ووضعوا بها خط قطار يقل السائح لزيارتها!

 نُلاحظ نجاحًا وتطورًا فى صناعة السينما والدراما الكورية؟

- هم خَلقوا هذه الصناعة من العدم فيما يُعرف بالموجة الكورية «الهاليو- Hallyu» عام 2004،، ونجحوا من خلالها فى الترويج لكوريا وما حققته من نهضة صناعية وعلمية واقتصادية عكس تلك الصورة الراسخة فى أذهان البعض أنها بلاد تعانى من الحروب، وذلك عبر ثلاث مسلسلات كورية تم توزيعها على حكومات دول العالم مجانًا، وبالفعل حازت المسلسلات بإعجاب جماهيرى وانتشار انعكس صداه بنشاط حركة السياحة والسفر لكوريا لزيارة تلك الأماكن التى ظهرت فى المسلسلات، ولم يعد تأثير الثقافة الكورية الجنوبية قاصرًا على آسيا ولكن اتسعت قاعدة معجبيها لتمتد لأمريكا والشرق الأوسط.

ومع الوقت واستمرار النجاح تحولت الدراما والسينما لصناعة تُحقق عائدًا اقتصاديًا ضخمًا للبلد؛ لتحظى بالدعم والتشجيع لما حققته فى الترويج لكوريا بين شعوب العالم، والذى نشهده فى فوز فيلم «باراسايت» (طفيلى) بأربع جوائز للأوسكار 2020، وما حققه مؤخرَا مسلسل «Squid Game» (لعبة الحبار) من نجاحٍ مدوٍّ وملايين المشاهدات ونأمل أن يحدث تعاون بين صناع السينما فى مصر وكوريا وتبادل الخبرات والإمكانات الحديثة.

 ما خططك المستقبلية كسفيرة رقمية لكوريا؟

- نجحت فى تأسيس أكاديمية «هانجل حورس»، (هانغل: تعنى الأبجدية الكورية) من خلال صفحتى على الفيسبوك، وهى تضم مجموعة من الفتيات الموهوبات فى صناعة الزى التقليدى الكورى «الهانبوك»مع إضافة الطابع المصرى، اللواتى نجحن فى التقديم لمسابقات كورية ويتهافت عليهن المستثمرون الكوريون، وهذه الأكاديمية تقدم ورش عمل مجانية أونلاين لكل محبى كوريا وثقافتها. كذلك الأكاديمية تُقدم طرُق طهى الأكلات الكورية وأوجُه التشابه بينها مع المطبخ المصرى، وبالمناسبة هناك أوجُه كثيرة كورق العنب، لديهم فى كوريا أعشاب بحرية يتم تجفيفها وحشوها بالفراخ والأرز، ومخلل «الكمتشى الكورى kimchi» يتشابه معه فى مصر مخلل اللفت والكرنب، وتم إدراج الكمتشى على قائمة اليونسكو، للتراث الثقافى غير المادى للبشرية عام 2015.

ونسعى خلال الفترة المقبلة إلى تنظيم فعاليات بالمراكز الثقافية المستقلة، نعرض فيها مهرجانًا للمسرح الكورى المصرى من خلال تمثيل نصوص مشتركة بين مصر وكوريا، والترويج للزى التقليدى والمأكولات الكورية، وعروضًا للرقص الكورى المسمى «الكيبو» وعزفًا للآلات المختلفة ليتعرف عليها الشعب المصرى. ويتوازى مع ذلك تعاون أكاديمية هانجل حورس مع طالبات كلية الألسن لتصوير فيديوهات مترجَمة بالكورى عن المعالم السياحية فى مصر، الجامعات، المدن الجديدة، المأكولات المصرية التقليدية وغيرها من الأنشطة الثقافية المختلفة.

 وماذا عن لقب سفيرة التنمية المستدامة لعام 2022؟

- هو خطوة جديدة، وفى رأيى تكمل عملى كسفيرة رقمية لكوريا، التحاقى بدورة التنمية المستدامة التى نظمتها وزارة التخطيط المصرية والمعهد القومى للحكومة، ومن ثم حصولى على لقب سفيرة التنمية المستدامة، أعطانى معلومات دقيقة وخبرة جديدة مدربة على التنمية المستدامة أستغلها مثًلا فى إلقاء الضوء على أوجُه الشبه فى خطة التنمية المستدامة 2030 لمصر وكوريا، والتوجه للشباب المصرى المُحب للثقافة الكورية وتعريفه بخطط مصر ودوره فى تحقيق أحد بنود التنمية المستدامة كأبسطها المناخ فيما يتعلق بفصل القمامة من المنبع، وخفض استهلاكه من البلاستيك وهكذا.

وركزت اهتمامى بالمناخ كسفيرة للتنمية المستدامة مع زملائى بتنفيذ نموذج محاكاة لمؤتمر المناخ COP27 أونلاين، يعقد فى الفترة من (10 -  18 سبتمبر 2022) تحت رعاية وزارة الزراعة المصرية، يُشارك فيه حتى الآن 1000 شخص من الخبراء والمتخصصين فى المناخ من 60 دولة حول العالم، ونجحت فى التواصل مع « Seongnam City Youth Foundation.» وهى منظمة كورية متخصصة فى تدريب الشباب على القضايا المناخية والتنمية المستدامة وكيفية مواجهتها، وسوف تشارك منظمة «سيونجنغام» فى نموذج المحاكاة وتستعرض جهود كوريا فى وضع حلول لتغيرات المناخ، وبعد الانتهاء من نموذج المحاكاة سيظل هناك تواصل مع المنظمة وعقد دورات عبر ZOOM للشباب من خلال صفحتى على الفيس بوك للشباب المهتم بقضايا المناخ. وهذا هو حلمى المستقبلى تكوين أكبر قاعدة محترفة من الشباب القادرين على التدريب فى مجال التنمية المستدامة، الذى يستلهم خبرات دول أخرى على رأسها كوريا ويُساهم فى نشر الوعى بها فى مصر من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.