الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

آلاء أحمد مُؤسِّسة منصة «دمج» لأولياء أمور ذوى الهمم للتواصل لـ«روزاليوسف»: كلنا ذوو همم وكلنا ذوو احتياجات خاصة

12 عامًا من الخبرة فى التدريس لذوى الهمم ممزوجة بالحب والشغف والرغبة فى المساندة والدعم بطريقة علمية وتربوية صحيحة، دفعت «آلاء أحمد عبدالفتاح» الحاصلة على ماچستير فى التربية الخاصة وباحثة الدكتوراه فى فلسفة التربية من جامعة القاهرة فى تأسيس منصة «دمج» لأولياء أمور ذوى الهمم للتواصُل، ورفع الوعى بينهم.



«آلاء» حصلت على اعتماد البورد الأمريكى للعمل كفنّى سلوك مُسجل، وهى الآن فى طريقها للحصول على اعتماد محلل سلوك معتمد؛ ولديها خبرة واسعة ببرامج التقييم ووضع البرامج للأطفال من ذوى الهمم.

أطلقت «آلاء» منصة «دمج» عام 2020، وهى منصة لدعم ومساندة الأسَر وأولياء أمور ذوى الاحتياجات عن طريق توفير مجموعة من البرامج والتدريب المجانى التى تهدف لتوعية الأمهات فى مصر والوطن العربى..

أهداف المنصة تتنوع بين «توفير مَصادر للتعلم للأمهات والإخصائيين، توفير استشارات مجانية لأولياء الأمور لدعم عملهم، دعم ورفع وعى الأمهات لتكون مشاركة فى عملية تدريب طفلها تحت شعار «الأم هى أفضل إخصائية وداعمة لطفلها».. من خلال اتصال هاتفى تحدثت «آلاء» لـ«روزاليوسف» عن فكرة «دمج» وأسُس التربية الصحيحة للأطفال ذوى الهمم فى المنزل والمدرسة وكل مكان.

 فى البداية.. حدّثينا أكثر عن دراستك وأسباب اهتمامك وتركيز مجهوداتك وخبرتك العلمية للأطفال «ذوى الهمم»؟

- حصلت على ليسانس آداب قسم علم نفس، ثم الماچستير فى التربية الخاصة عام 2020، وباحثة دكتوراه الآن فى فلسفة التربية بجامعة القاهرة. أمّا عن شغفى وعلاقتى بذوى الهمم، فبدأ بالعمل معهم فى إحدى المدارس بعد التخرج نحو عام 2011، ولاحظت أن هناك أطفالًا مختلفين، فرصهم محدودة، والإمكانات المتاحة لهم ضعيفة، والمدرسة لا تتفهم احتياجاتهم؛ خصوصًا أن فكرة الدمج لم تكن تطبق آنذاك. ومن هنا بدأت التفكير أن دورنا كمَدرسة وتربويين أكبر من هذه المسكنات المؤقتة كتمرير الأطفال من عام دراسى لآخر ونجاحهم! ولكن نحتاج إلى حلول جذرية تساعد على تطوير مهارات الطفل من ذوى الهمم، بالإضافة إلى تعديل السلوك، لما يواجهه الأطفال من ذوى الهمم من مشكلات كالتنمُّر سواء فى البيت أو من الأقران فى المدرسة أو النادى وغيرها من الأماكن. ومن ثم بدأت العمل وتركيز خبرتى العلمية فى خدمة الأطفال بصفة عامة و«ذوى الهمم» وكل طفل مختلف يحتاج لدعم ومساندة.

 «منصة دمج» لأولياء أمور ذوى الهمم للتواصُل.. ما الذى دفعك لتدشينها؟ 

- فكرة المنصة انطلقت من شعورى بحاجة أولياء الأمور لمزيد من المعرفة حول طرُق التعامل مع طفل من ذوى الهمم؛ خصوصًا من تلك الاستشارات والأسئلة التى كانت تصلنى من آباء الأطفال بالمدرسة أو الأصدقاء ودوائر المعرفة، كما لاحظت من خلال مجموعات السوشيال ميديا على الفيس بوك التى تخص الأطفال ذوى الهمم، حالة من التشتت وعدم المعرفة والأسئلة الكثيرة من أولياء الأمور مثل «هنتصرف إزاى مع الطفل؟، أى تخصص يحتاجه للعلاج ولتطوير المهارات، أية مدرسة يلتحق بها؟؟.. إلخ».

لذا فكرتُ لماذا لا تكون هناك منصة شاملة تصل لأكبر عدد من أولياء الأمور بطريقة سهلة، تقدم لهم المعلومات العلمية بطريقة بسيطة وواضحة، وتضعهم على بداية الطريق الصحيح لما يخدم مصلحة الطفل، وبالفعل بدأت الخطوة بإنشاء مركز «APEX» عام 2016 لدعم فكرة الدمج كمؤسَّسة تعليمية لدمج الأطفال ذوى الهمم، وعمل ورش عمل للأمهات، ودعم الأسر ورفع الوعى حول كيفية تقبُّل الأطفال من ذوى الهمم، والتعامل معهم وفق اختلافاتهم. وبعد المركز دشنت المنصة الإلكترونية(دمج) وبدأت العمل فيها بشكل منظم من بداية أغسطس 2021، للوصول لأكبر عدد من أولياء الأمور خارج النطاق الجغرافى والتيسير على آباء مثلًا يقطنون محافظات بعيدة ولا يستطيعون الانتقال للقاهرة.

 وهل ترين أن هناك فجوة ونقصًا حادًا فى المعلومات المقدمة لأولياء الأمور والمُعلمين فى التعامل مع «ذوى الهمم» بالأماكن المختلفة، مدارس، نوادى.. إلخ؟

- نعم هناك فجوة كبيرة جدًا، حتى لو المَدرسة تُطبق الدمج، التعامل يكون من خلال مُدرسى الدمج فقط بينما مدرسو الفصول لا يزال لديهم نقص فى المعلومات، لذا يجب أن يتم تدريب كل المعلمين بالمدرسة؛ لأن هناك إعاقات خفية مثل هؤلاء الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم، فهى إعاقة لا تندرج تحت بند فصول الدمج ولن يكون مع الطفل أيضًا مدرس دعم أو ما يُسمى «shadow teacher»، ولكن يظل هو طفل يُعانى ويحتاج لدعم أكاديمى وسلوكى، وهذا يتطلب معرفة من مُدرّسة الفصل، التى تُوفر له مناخًا ملائمًا لمشكلته وكذلك تعتنى وتلاحظ علاقته بزملائه؛ لأن غياب معرفة مدرس/ ة الفصل بهذه المعلومات يؤدى إلى شعور الطفل بفجوة كبيرة بينه وبين المَدرسة كلها والزملاء، ويترتب عليه سلوكيات عدوانية مثل؛ ضرب الأقران، سلوكيات غاضبة أو محاولات استفزاز للمدرسين من أجل الطرد من الفصل هربًا من حضور الدروس. 

لذا لن يحل هذه المشكلات سوى التوعية لأولياء الأمور والمعلمين والمدربين فى النوادى وهكذا. وكلما رفعنا الوعى المجتمعى باختلاف أطفال «ذوى الهمم» وحرصنا على تطبيق منهج الدمج فى كل القطاعات سيؤدى ذلك لرعايتهم بصورة أفضل وخلق بيئة صحية وآمنة لهم بعيدًا عن التنمر والنبذ، وتقبل الاختلاف وتدعم وتساند. 

 على ذكر حديثك لـ «shadow teacher»، انتشر هذا المصطلح مؤخرًا، ولا يعرف الكثيرون عن دوره وأهميته فى حياة أطفال ذوى الهمم.. هل تحدثينا أكثر عنه؟

- «الشادو تيتشر» أو مُدرس الدعم هى شخص مهم جدًا من فريق العمل مع الطفل، ولكن تُطبق كثيرًا بطريقة خاطئة فى بعض المدارس، ويتحول دورها لمجرد مُسكن مع الطفل لمنعه فقط من أى مشكلات أو سلوكيات داخل الفصل! بدلًا أن يكون دورها تعليميًا تربويًا يساعد على تطوير مهارات الطفل من خلال تطبيق برنامج فردى تعليمى للطفل بشكل محدد ودقيق.

ومن أبرز النصائح التى نوجهها للآباء من خلال المنصة عن معايير اختيار «الشادو تيتشر» بأن تكون لديها شغف بالمهنة، وتطور من مهاراتها وتحصل على تدريبات بشكل مستمر، كما يجب أن تكون على علم ودراية كبيرة بكل الخطوات مع فريق عمل الطفل الآخرين، أى تتعاون مع إخصائى تخاطب، إخصائى علاج وظيفى، إخصائى سلوكى وغيرهم حسب احتياج كل طفل، ويجب أن تكون جزءًا من فريق العمل وعلى تواصُل دائم معهم. 

كما نحرص على توعية الآباء أن «shadow teacher» ليست مجرد «نانى»، هى شخص متخصص يلازم الطفل طيلة يومه الدراسى وتبذل مجهودًا شاقًا جدًا معه، فهى مسئول عن تنمية مهاراته وتطويرها وتعديل بعض السلوكيات الخاطئة. 

 لنعود للمنصة.. ما آليات عملها؟ وهل تقدم ورش أونلاين لتدريب أولياء الأمور؟

- هناك أشكال مختلفة لدعم أولياء الأمور؛ من خلال تقديم تدريب شهرى مجانى تتم فيه مناقشة موضوع معين بُناء على كثرة عدد الأسئلة المطروحة حوله، بالإضافة إلى تقديمى فيديوهات بمحتوى لموضوعات متنوعة، ونصائح ومشكلات سلوكية تواجه الأطفال ذوى الهمم، مثًلا خلال الفترة الحالية مع اقترابنا من العام الدراسى الجديد، تركيزى فى تقديم الفيديوهات ينصب على أهمية الـ «shadow teacher» ومتى يلجأ له الآباء والمدرسة. هناك تدريبات أيضًا مجانية نُدعم بها ولى الأمر ولكن بطريقة غير مباشرة من خلال تدريب «الشادو تيتشر» ولكن المُعاينة من ولى الأمر؛ لأن لدينا نوعين، نوع مُعيَن من قِبل المَدرسة وآخر من ولى الأمر، ونسعى لمساعدة أولياء الأمور فى تدريب المدرسين المساعدين نظرًا للتكاليف والأعباء المادية الذى يتكبدها فى مصاريف المدرسة والـ«شادو تيتشر»، كذلك رغبته فى الوصول لأفضل مدرس مساعد لطفله يتمتع بخبرات ومهارات مختلفة ومتطورة، لذا نساعده فى المنصة على تدريبه ورفع كفاءته لأفضل مستوياتها.

 لو سألتك؛ ما الخطوة الأولى الذى يجب أن يأخذها أى أب وأم رُزقوا بطفل من «ذوى الهمم»؟؛ خصوصًا أن هناك عائلات تكون رافضة وناقمة على فكرة وجود طفل من «ذوى الهمم»؟ وكيف تساعدهم منصة «دمج»؟

- التقبل ثم التقبل هذه الخطوة الأولى؛ لأن هناك مراحل تحدث وفقًا لدراسات علم النفس هى الصدمة والمقاومة. لكن كلما تقبَّل الآباء هذا الطفل، وبدأوا يشتغلون على قدراته، نحن نمر بسلام كآباء وبالطفل. ودورنا فى المنصة مع الآباء فى هذه المرحلة يتم من خلال تقديم الدعم النفسى لهم وهو مهم للغاية، وتوعيتهم بأن ميلاد طفل من «ذوى الهمم» فى العائلة ليس نهاية العالم. سواء كان الطفل لديه توحد، متلازمة داون غيرها من أشكال الإعاقة الحركية أو السمعية. وتتم مساندة الآباء وتوعيتهم بأنه طبيعى أن نكون مختلفين، وأن كلنا «ذوى همم» وكلنا لدينا احتياجات خاصة، ولا يوجد شخص مثل الآخر، وكلما فَهم من حولنا احتياجاتنا الخاصة؛ نصبح أفضل نفسيًا، ويحدث العكس عندما لا يتقبل الآخر ولا يتفهم احتياجاتنا نتعثر فى التواصل بل ينقطع. 

لذا تكون أول نصيحة نقدمها لآباء أطفال من «ذوى الهمم» فى المنصة هو التقبل واحترام الاختلاف، وتقديم النماذج الإيجابية من أبنائنا من ذوى الهمم سواء على المستوى المحلى والعالمى، وإلقاء الضوء على قصص نجاحهم فى العمل، الدراسة، الرياضة وغيرها من المجالات. ومن ثم نحاول كمنصة فى الفترة المقبلة مساعدة أولياء الأمور من خلال توفير فرص عمل ومهن لأبنائهم؛ ليتم دمجهم بشكل حقيقى فى المجتمع؛ ليشعروا بالإنجاز والعمل والإنتاج فى المجتمع.

ما أبرز الأسئلة التى تأتى لك عبر منصتك من أولياء الأمور وأكثر المشاكل التى تواجههم فى التعامل مع أطفالهم؟

- الأسئلة تكون من أمهات وآباء حول سلوكيات مختلفة تصدر من الأطفال «ذوى الهمم»، ورغبتهم فى معرفة أسلوب التعامل التربوى الصحيح معها، مثل رفض المذاكرة، العند، العدوانية. وللأسف وصلتنى تجارب من آباء اضطروا وقف جلسات تعديل السلوك فى المراكز المتخصصة لذلك، لمَا تعرَّض له أطفالهم من عنف على أيدى المتخصصين؟! وهى ظاهرة خطيرة جدًا يجب مواجهتها من جميع الجهات المسئولة، العنف مرفوض ويؤذى الطفل.

 هل المنصة تستهدف ذوى «الهمم» من الإعاقة الذهنية فقط أمْ الحركية وغيرها؟

- المنصة تستهدف كل الأطفال المختلفين سواء لديهم مشكلات حركية، سلوكية، إعاقات خفية، أطفال توحد، ومتلازمة داون والاستشارات التربوية. نحن نقدم الدعم لجميع المشكلات السلوكية التى يعانى منها الأطفال ويحتاج الآباء لدعم وتوعية لها. 

 هناك آباء يلجأون للعنف فى معاملة وعقاب أطفالهم من ذوى الهمم... حدّثينا عن خطورة ذلك وكيف يتحكم الآباء فى سلوكياتهم تجاه الأطفال؟

- من خلال فترة عملى لاحظت تجاوزات كثيرة سواء من الآباء أو متخصصين أو مدرسين وغيره، وأحيانًا ولى الأمر يتخيل أن ما يمارسه مع الطفل ليس عنفًا؟! قالت إحدى الأمهات لى ذات مرة إنها تمالكت أعصابها بقوة حتى لا تهين وتذل طفلها؟! وكأن الإهانة وإذلال الطفل أمرٌ طبيعى؟! العنف فى الصغر هو دائرة لن تتوقف وتستمر مع الطفل حتى يصبح شابًا ناضجًا وتترك آثارًا سلبية ونفسية لا تمحى بسهولة ويحتاج الشاب أو الفتاة فيما بعد لدعم نفسى كبير. لذا هناك أشكال مختلفة من العنف سواء جسدى أو لفظى، ونحاول فى المنصة التوعية بخطورة استخدام العنف ضد الأطفال، لأنها تنعكس فى سلوكيات الطفل العدوانية ضد أقرانه فى المدرسة والنادى، أيضًا اللجوء للعنف يكسر المودة والثقة بين الأب والأم وطفلهما ويخلق فجوة كبيرة بينهم.

 فكرة «الدمج» بصفة عامة أهميتها للطفل من ذوى الهمم، سواء فى المدرسة أو النادى أو غيرها من الأماكن؛ خصوصًا أن التجربة فى مصر غير مكتملة، نرى قرارات من الدولة تقر بدمج الأطفال فى المدارس مع أقرانهم الطبيعيين لكن على أرض الواقع المدارس ترفض وتطلب من أولياء الأمور إلحاق أبنائهم بمدارس ذوى الإعاقة وغيرها؟

- الدمج فكرة مهمة وضرورة لذوى الإعاقة ولكن تظل قرارًا وليست قانونًا إلزاميًا، ومن ثم نجد تطبيقها فى بعض المدارس دون غيرها، وهناك مدارس كثيرة ترفض قبول الأطفال من ذوى الهمم، وهو ضد حقوق الطفل فى التعلم ويُعد شكلًا من أشكال التمييز وأن يكون فى البيئة الطبيعية، ودورنا كتربية وتعليم توفير فريق متخصص وداعم للطفل من ذوى الهمم فى المدارس، ولكن نحتاج أيضًا لتطبيق الدمج بصورة صحيحة، حتى لا يكون مجرد شعار من دون فائدة، وذلك على مستوى المناهج مثًلا، سواء الطالب العادى أو من ذوى الهمم يحصل على ذات المناهج والاختلاف يحدث فقط فى الامتحانات، فالطفل الطبيعى له الأسئلة المَقالية والموضوعية، بينما طفل ذوى الهمم تكون أسئلة الامتحان موضوعية فقط، وهنا السؤال؛ لماذا لا نراعى الاختلاف من الأساس ومنذ البداية؛ خصوصًا أن هناك أطفالًا لديهم صعوبة فى اللغات فلماذا لا يُعفَى منها الطفل؟، أيضًا بعض حالات التوحد يكون الطفل لا يفهم أو يتحدث سوى الإنجليزية فقط، ومن ثم إجباره على دراسة كل المواد باللغة العربية هى مسألة مرهقة وصعبة جدًا للطفل وتنفره من العملية التعليمية برمتها، لذا يجب أن نضع فى الاعتبار هذه الاختلافات بدلًا من الحشو غير المفيد، ونُعدل عليها المناهج حتى يتحقق دمج حقيقى للأطفال ذوى الهمم وتكون مناسبة لقدراتهم.