الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رئيس التحرير يحاور عددًا من الكُتَّاب والمتخصصيـن والسياسييـن كيف يواجه العرب الأزمات العالمية؟

بالحديث عن اللقاء الأخوى الذى جمع الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع أشقائه ضيوف مصر، قادة البحرين والأردن والإمارات والعراق، الأسبوع الماضي؛ لتناول جوانب التعاون المشترك، واستعراض وجهات النظر والرؤى بشأن تطورات القضايا الإقليمية والدولية. 



لا بُد أن نذكر أن التوقيت كان ضروريًا، فمواجهة التحديات العالمية غير المسبوقة، تحتاج إلى مرحلة جديدة من العمل العربى المشترك، واختيار العلمين الجديدة «مدروس»، فهو بمثابة تدشين سياسى للمدينة الذكية التى أصبحت وجهة دولية.. فمصر ستظل دومًا هى الرقم الأهم فى معادلة تنسيق المواقف العربية.

 

وفى نقاش حر ومفتوح حاور رئيس التحرير عددًا من الكُتَّاب  والمتخصصيـن والسياسييــن؛ لتحديد كم التحديات التى تشهدها المنطقة العربية، وكيفية التعامل معها، وإلقاء الضوء على مختلف الملفات، ومحاولة فهم طبيعة التنسيق العربى، والبحث عن الفرص التى يمكن استغلالها للحد من آثار الأزمات العالمية. 

حيث ضم النقاش: الكاتبة الصحفية  العراقية لينا مظلوم، والدكتور محمد فايز فرحات، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والنائب أحمد مقلد عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ونوران عوضين الباحثة بوحدة  الدراسات العربية  والإقليمية بالمركز المصرى للفكر والدراسات السياسية والاستراتيجية، والدكتور حسن المومنى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية.

تحالفات عربية قوية

قالت الكاتبة الصحفية العراقية  لينا مظلوم، إن العالم الآن أصبح يسمع مصطلحات مثل الحروب والتصعيد العسكرى وإمكانية حدوث حرب نووية، وكل هذا يهدد السلام الدولى، ويلقى بظلاله على المنطقة العربية.

وأضافت الكاتبة الصحفية العراقية، إن اللقاء الأخوى بين القادة العرب فى العلمين الجديدة صورة من صور التجمع العربى، ومغزاه مهم، فهو يسبق القمة العربية التى ستُعقد فى الجزائر.

وتابعت إن فكرة  التحالفات العربية هى نهج سياسى انتهجته مصر منذ عام  2014، وهى حكمة سياسية قريبة لطبيعة العصر، حيث وجدنا تقاربات عربية، اعتمدت على عنصر الاقتصاد وشراكات صناعية واتفاقات تجارية.

وأوضحت الكاتبة الصحفية العراقية، أنه من المرات القليلة التى نجد فيها البروتوكولات العربية تُنفَّذ فورًا، مشيرة إلى أن اللقاء الأخوى بين القادة العرب، بمثابة استجابة عرببة للدول المؤثرة بقيادة مصر للمتغيرات الدولية، وبحث مواقف الدول الكبرى من الدول العربية فى ظل عالم جديد متعدد الأقطاب، مؤكدة أن التحالفات العربية أثبتت قدرتها على التأثير، وأنتجت تقاربات تعتمد على الاقتصاد والشراكات الصناعية والاتفاقيات التجارية التى يتم تنفيذها على الأرض.

مشيرة إلى أن هذا التحرك العربى جاء فى ظل انتهاء عصر القوة الواحدة فى العالم وهى الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث أصبحت هناك رغبة لتحالفات عربية قوية، مؤكدة أن الأطراف العربية لم تعد مجرد رد فعل؛ بل خرجت من هذه الدائرة إلى إطار المبادرة والقدرة على اتخاذ قرارات لمصالح الشعوب، مشيرة إلى أن الرئيس السيسى كان له إشارة واضحة تجاه العراق ظهرت من خلال القمة الثلاثية ثم مؤتمر التنمية والشراكة، فكانت استشرافًا للواقع العراقى، فلم يكن مجرد رئيس عربى يلقى خطابًا فى مناسبة؛ بل كان يخاطب الشعب باستشراف واقع، وهذا كان له تأثير خاص لدى العراقيين.

لافتة إلى ما يراه البعض عن القمم العربية التقليدية بأن دورها محدود، فى حين أن مثل هذه اللقاءات الأخوية تظهر مدى التقارب والفاعلية المطلوبة بين الدول العربية. 

وأوضحت الكاتبة لينا مظلوم، أن مصر كذلك تتدخل باستمرار لإيقاف الضربات الإسرائيلية على غزة، فى ظل عدم تكافؤ فرص وعدم الالتزام بالقوانين الدولية التى أقرتها الأمم المتحدة منذ سنوات، متابعة: «مصر استعادت إشراقها بعد 2014 وهى الضامن الوحيد فى القضية الفلسطينية والتى ستوحد الصوت الفلسطينى».

حراك دبلوماسى له دلالاته

فيما كشف الدكتور محمد فايز فرحات، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن دلالات اللقاء الأخوى بين قادة مصر والأردن والعراق والبحرين والإمارات، قائلًا: «إن الفكرة الرئيسية لفهم حالة الحراك الموجودة هى أنها تتسم بدرجة كبيرة من الكثافة والاستقرار والاستمرارية». 

وأضاف إنه منذ فترة كانت هناك لقاءات مختلفة ولقاءات ثنائية ثم أصبحنا نتحدث عن لقاءات ثلاثية ثم أصبحت اللقاءات العربية فى إطار أوسع، موضحًا أن قمة جدة كان بها مشاركة عربية كبيرة من الكثير من الدول العربية.

وتابع مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية: أصبحنا نتحدث الآن عن لقاء أخوى بين قادة عرب خمسة رئيسيين فى المنطقة العربية، ومدينة  العلمين أصبحت وجهة دولية باستقبالها لهذه القمة، وأصبحنا فى حراك دبلوماسى عنوانه الرئيسى التنسيق العربى-العربى.

وأشار إلى أن نقطة الانطلاق التى وضعت هذا الحراك على المائدة وأمام المجتمع الدولى كانت فى جدة، لافتًا إلى أن إحدى النقاط الأساسية فى بيان جدة هو الحديث عن أنه إذا كان للقوى الكبرى أو للنظام العالمى أن يحقق الأمن فى هذه المنطقة، فإن الأمن يمكن تحقيقه بالقدرات الذاتية للقوى الرئيسية. 

مؤكدًا أن هناك مفردات جديدة فى العلاقات العربية - العربية، والأمن الغذائى العربى والحفاظ على الدول العربية، وتأمين مناخ إقليمى، مشيرًا إلى أن هناك مشروعًا لإعادة العراق مرة أخرى إلى الإطار العربى، وأكد أن هناك حرصًا من جانب رئيس وزراء العراق وتيارات سياسية عراقية للحفاظ على الطابع والهوية العربية للعراق، وهذا المشروع لن ينجح من دون إطار عربى.

وبشأن تأثير الصراع «الصيني- الأمريكى» على المنطقة، قال «فرحات» إن العالم يواجه خللًا فيما يتعلق بالمبادئ الأساسية وقواعد اللعبة الدولية والنظام الدولى، مضيفًا إنه فى حال حدوث مواجهة فى هذه المنطقة التى تعد مركزًا للتفاعلات العالمية، ويتركز فيها جزء  كبير من التجارة العالمية، وكذلك تدفقات الاستثمار للعالم،  والمضايق البحرية الرئيسية كمضيق تايوان، وبالتالى أى خلل بهذه المنطقة للمبادئ الأساسية المستقرة فى النظام الدولى سواء مبدأ صين واحدة ، أو ما يتعلق بحرية التجارة والملاحة، سيُحدِث خللًا ضخمًا فى النظام العالمى، خاصة فى ظل الأزمة «الروسية - الأوكرانية»، التى أحدثت تداعيات ضخمة على الاقتصاد العالمى.

متابعًا إن الصين رقم مهم فى الاقتصاد العالمى، وبالتالى بدء موجة من العقوبات ضد الصين سيكون له تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمى أشد من تأثير الحرب الأوكرانية، مضيفًا: «أى صدام فى تلك المنطقة سوف يتحول إلى حرب عالمية، لأن الصين وروسيا سيتعاملان مع هذا الصراع على أنه الصراع الأخير».

واختتم أن العنوان الرئيسى فى الوقت الراهن للعمل العربى المشترك، هو محاولة الإنجاز فى بيئة دولية وإقليمية مليئة بالأزمات، بأننا لن ننتظر تحسن البيئة الدولية، ولكن ننتهز حالة السيولة لخلق زخم عربى جديد، وكذلك الاستفادة من دروس العمل العربى السابقة.

إعادة مفهوم الأمن القومى العربي

فى السياق ذاته، قال النائب أحمد مقلد عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إنه قبل تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى لمقاليد الحكم، كانت مصر بعيدة عن الحاضنة العربية وثقلها الإقليمى فى المنطقة.

وأضاف عضو مجلس النواب، إنه خلال الفترة الماضية ومن خلال عدد ضخم من التحركات سواء الثنائية أو الجماعية استطعنا مجابهة التحديات التى تواجه الأمن القومى العربى.

ولفت «مقلد» إلى أن مصر استطاعت أن تعيد مفهوم الأمن القومى العربى لمائدة الحوار بعد أن غاب قليلًا بسبب الظروف التى مرت بها بعض الدول العربية فى عامِىّ 2010 و2011.

وتابع عضو مجلس النواب، إن التعاون العربى المشترك هو الحل والتكامل العربى يمكن أن يكون حلًا حقيقيًا، خاصة أننا نواجه تحديات دولية وإقليمية عديدة، لا سيما أن الأزمة «الروسية-الأوكرانية» لها تأثير على العالم أجمع.

مشيرًا إلى أن الإدارة الرشيدة التى اتبعتها الدولة المصرية أدت إلى استقرار للسياسة النقدية وبالتالى تقليل نسب التأثر بالأزمة العالمية، مؤكدًا أن قدرة الدولة على إدارة المنظومة الاقتصادية فى ظل التحديات الإقليمية، يعد نجاحًا بالغًا فى وقت شديد الصعوبة وتحديات عديدة.

وأشار «مقلد» إلى أن الأزمة «الروسية الأوكرانية» لها أثر مباشر على مصر وآخر غير مباشر، الأثر المباشر يتمثل فى ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية التى يتم استيرادها كالقمح والنفط، ما يؤدى إلى الضغط على موازنة الدولة والاقتصاد بشكل عام، وأثر غير مباشر كتأثر حركة التجارة العالمية، وسلاسل التوريد. 

متابعا إنه بالرغم من تلك التأثيرات؛ فإن الدولة راعت تمامًا البعد الاجتماعى للمواطنين، فأطلقت برنامج تكافل وكرامة، ووجهت بزيادة الدعم للأسر المصرية، وغيرها من الأمور لحشد قدرات الدولة لمواجهة التحديات.

تعاون عربى- إفريقي

بدورها، أوضحت نوران عوضين الباحثة بوحدة الدراسات العربية والإقليمية بالمركز المصرى للفكر والدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العالم كان يحاول التعافى من أزمة كورونا، فوجد نفسه يدخل فى حرب روسيا وأوكرانيا، الأمر الذى كان له آثار على أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية بالعالم أجمع.

وتابعت إن ما تشهده المنطقة العربية من أزمات اقتصادية وتداعيات التغيرات المناخية والحياد الكربونى كلها تحديات تواجه الدول العربية.

وأضافت الباحثة بوحدة الدراسات العربية والإقليمية بالمركز المصرى للفكر والدراسات، إن هذه الأزمات كانت لها تداعيات على المنطقة، وأثر اقتصادى سلبى، وتسببت فى تجدد نزاعات فى المناطق التى لم يكن قد توصلت لحلول بعد مثل الأزمة السورية.

وأشارت إلى أن ما يواجه العرب من تحديات يتطلب العمل العربى المشترك، لافتة إلى أنه منذ مارس 2022 وهناك كثافة فى اللقاءات المتتابعة بين الزعماء العرب، وهو ما يؤكد إدراك القادة العرب لأهمية تدعيم العمل العربى المشترك لتجاوز التحديات الإقليمية الراهنة.

وبشأن إمكانية حدوث تعاون عربى  إفريقى لمواجهة التحديات الراهنة، قالت إن مؤتمر cop27 الذى سينعقد بشرم الشيخ نوفمبر المقبل، يمكن من خلاله تقديم رؤية عربية إفريقية لما ينبغى على المتسببين فى التغيُّرات المناخية العالمية أن يقدموه، وذلك بأن يدعموا الدول العربية والإفريقية ليواجهوا تأثيرات أزمة المناخ العالمية.

وأضافت إن مصر خلال فترة رئاستها للاتحاد الإفريقى كانت من ضمن الدول الإفريقية التى سارت فى طريق إقامة  منطقة تجارة حرة إفريقية، وهذا مؤشر لما يدور فى العقل المصرى من محاولات لإحداث تعاون عربى إفريقي؛ الأمر الذى سينعكس بالإيجاب على مسار التنمية المشتركة ومسار الاستقرار عربيًا وإفريقيًا.

شراكات استراتيجية

ومن جهته، قال الدكتور حسن المومنى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية، إنه لطالما كانت هناك تحديات فى المنطقة، موضحًا أن التحديات التى تواجه المنطقة منذ عقد من الزمان تحديات غير مسبوقة فى ظل تحول فى موازين القوى فى العالم .

وأضاف أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية، أن هناك حالة عدم استقرار عالمى وهناك فى منطقتنا عدد لا يستهان به من الصراعات والأزمات التى أثرت وما زالت تؤثر على المنطقة، بجانب تداعيات الأزمات العالمية .

وأوضح أن هناك قدرة على التعاطى مع هذه التحديات التى فرضت نفسها خلال الفترة الماضية، خاصة أن أزمة التوتر الصينى الأمريكى والحرب الروسية الأوكرانية تنعكس على منطقة الشرق الأوسط والعالم.

وتابع أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية، أنه خلال الشهور الأخيرة وجدنا تحركات دبلوماسية وتعاونًا عربيًا عربيًا غير مسبوق خاصة الشراكات الاستراتيجية التى تجمع بين مصر والأردن والعراق ودول التعاون الخليجى خاصة الإمارات، مشددًا على أن هذا التنسيق يعيد الاستقرار إلى المنطقة العربية التى شهدت ثورات منذ سنوات فى عدة دول مع استمرار وجود دول متضررة حتى الآن مثل ليبيا واليمن.