الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عمليتان خلال 5 أيام الاغتيالات المتبادلة هل تغير وصف الحرب من «عالمية» إلى «قتال عصابات»

«هل دخلت الأزمة الروسية الأوكرانية فصلًا جديدًا من حرب الاغتيالات؟».. هكذا صارت النبرة التى يتساءل بها المحللون السياسيون حول العالم، بعد عمليتى اغتيال نفذت ضد الجانب الروسى فى أقل من خمسة أيام.



فقد نقلت وكالة «تاس» الروسية – يوم الأربعاء الماضى- عن عضو المجلس الرئيسى للإدارة العسكرية والمدنية لـ«زابوريجيا»، أن رئيس الإدارة العسكرية والمدنية لمنطقة «ميخائيلوفكا» فى «دونيتسك» بشرق «أوكرانيا» تم اغتياله فى انفجار عبوة ناسفة كانت مثبتة تحت مقعد سيارته، لتصبح ثانى عملية اغتيال ضد شخصيات روسية.

 

وبنفس الطريقة، نفذت عملية الاغتيال الأولى، والتى استهدفت الصحفية الروسية «داريا دوجين».. ففى مساء الـ20 من أغسطس الجارى، هز انفجار كبير إحدى ضواحى قلب العاصمة الروسية «موسكو». وذلك، بعد انفجار سيارة بالقرب من قرية «بولشى فيازيومى»، وبداخلها الصحفية الروسية «دوجين» ابنة الفيلسوف الروسى، المشهور بـ(عقل بوتين المدبر)، و(المرشد الروحى) «ألكسندر دوجين» فى عملية وصفتها السلطات الروسية بأنها عملية اغتيال دبرتها أجهزة المخابرات الأوكرانية.

من هما «داريا، وألكسندر دوجين»؟

نشأت «داريا» فى «موسكو»، ودرست فى جامعة موسكو الحكومية، حيث كان والدها رئيسًا لعلم الاجتماع والعلاقات الدولية فى ذلك الوقت. وبعد تخرجها، انخرطت فى «الحركة الأوراسية» لوالدها، وهى مجموعة سياسية، أسسها والدها فى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين بعد ترك الحزب البلشفى الوطنى.

وبالإضافة إلى عملها كمعلق سياسى للحركة، وسكرتيرة صحفية لوالدها، إلا أن «دوجين» ظهرت فى العديد من القنوات التليفزيونية الروسية، وعرفت بتأييدها للعملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا».

وفى أبريل الماضى، أُضيفت الصحفية الروسية إلى قوائم العقوبات فى «المملكة المتحدة» و«الولايات المتحدة»، وذلك بعد أن اتهمها الغرب بأنها «مساهم فى التضليل فيما يتعلق بأوكرانيا» على منصات مختلفة على الإنترنت. ومع ذلك تفاخرت «داريا»– علانية- بمكانتها ومكانة والدها فى قوائم العقوبات الغربية.

ويذكر أنها قبل أسابيع قليلة من مقتلها، زارت «ماريوبول، ودونيتسك» اللتين تقعان تحت السيطرة الروسية، من أجل إظهار دعمها للقوات الروسية.

أما والدها «ألكسندر» فقد شارك فى تأسيس الحزب البلشفى الوطنى فى عام 1993، بعد انهيار «الاتحاد السوفيتى»– سابقًا- فى عام 1991. لكنه، ترك الحزب ليؤسس الحزب الأوراسى. وفى عام 1997 نشر كتابًا بعنوان: (أسس الجغرافيا السياسية)، الذى وضع وجهة نظره العالمية «الأوروبية الآسيوية الجديدة»؛ داعيًا «روسيا» إلى استعادة أراضيها السابقة، بمساعدة بعض الحلفاء، وإنشاء إمبراطورية لمنافسة النفوذ الغربى. كما يشاع أن «ألكسندر» دعا- أيضًا- إلى ضم «شبه جزيرة القرم» منذ عام 2008، أثناء الأزمة الروسية مع «جورجيا». وعندما قامت «روسيا» بضم شبه الجزيرة فى عام 2014، دعا إلى حرب أوسع فى «أوكرانيا»، والتى- غالبًا- ما كان يشير إليها باسم «روسيا الجديدة».

 إفادة التحقيقات الروسية

قال فرع لجنة التحقيق لمنطقة «موسكو»، إن الانفجار نجم عن قنبلة زرعت فى سيارة «تويوتا لاند كروزر» كانت تقودها الصحفية الروسية المقتولة.

من جانبه، أكد جهاز الأمن الفيدرالى الروسى، أن امرأة أوكرانية تدعى «ناتاليا فوفك» من مواليد عام 1979، مرتبطة بالأجهزة الأمنية فى «كييف» وراء اغتيالها؛ مؤكدًا أنها انتقلت إلى «روسيا» فى 23 من يوليو الماضى مع ابنتها الصغيرة؛ مضيفًا أنها فرت بعد الجريمة إلى «إستونيا».

وأوضح الجهاز الروسى أن المرأة استأجرت شقة فى نفس مبنى «داريا» لمدة شهر استعدادًا للهجوم؛ مشيرًا إلى أنها تابعت هدفها عبر «موسكو» فى سيارة «مينى كوبر»، استخدمت ثلاث لوحات ترخيص مختلفة. 

ومن ثم، أصدر جهاز الأمن الفيدرالى الروسى مقطع فيديو يظهر سيارة المشتبه بها وهى تدخل «روسيا»، ثم دخولها مبنى «دوجين»، ومغادرة «روسيا»– فى النهاية- إلى «إستونيا».

ورغم الأقاويل التى انتشرت بأن والدها كان هو المقصود من هذه العملية، إلا أن مصدرًا فى جهاز إنفاذ القانون الروسى أفاد لوكالة «تاس» الروسية، بأن اغتيال الصحفية الروسية «داريا دوجين» كان مخططًا له مسبقًا؛ قائلًا إن: «أولئك الذين خططوا لقتل «داريا دوجين» درسوا روتينها اليومى، وعاداتها. وعندما فجروا العبوة الناسفة عن بعد، كانوا متأكدين من أن «دوجين» كانت بمفردها، إذ لم يكن والدها هدف القتلة». 

 رد فعل «موسكو»

منذ اللحظات الأولى لإعلان خبر مصرع «دوجين»، لم يهدأ للمسئولين الروسيين بال، مهددين ومتوعدين كل من شارك وساهم فى هذه العملية برد فعل عنيف.

من جانبه، بعث الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» رسالة تعزية إلى أسرة الصحفية الروسية. ووصف جريمة قتلها بـ«الدنيئة، والقاسية»؛ بينما كتبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية «ماريا زاخاروفا» أنه إذا تأكد التورط الأوكرانى فى الحادث فسيتعلق الأمر بسياسة إرهاب الدولة التى يطبقها نظام «كييف».

أما والدها «ألكسندر دوجين» فقد أشاد بابنته؛ قائلًا: «لقد ماتت من أجل «روسيا»، ومن أجل الشعب».. فيما وصفها النواب الروس بأنها «محاربة من أجل سيادة روسيا».

وبالنسبة لمندوب «روسيا» الدائم لدى «الأمم المتحدة»، فقد ندد برد الفعل الغربى على مقتل «دوجين»، خلال الاجتماع الأخير لمجلس الأمن الدولى، الذى عقد فى الأسبوع الماضى؛ قائلًا: «لم نسمع أى إدانات من الغرب حيال اغتيالها، كما لم نسمع أى إدانات للدعوات المقلقة من بعض المسئولين الأوكرانيين لقتل أكبر عدد من الروس».

وأدى مقتل «داريا دوجين» إلى تصاعد الدعوات الروسية برد قوى على «كييف»، فيما دعا والدها إلى اتخاذ خطوات أكبر من الانتقام لمقتل ابنته.

يذكر أنه جاءت المطالب الروسية بالانتقام فى الوقت الذى كانت فيه «أوكرانيا» تستعد للاحتفال بمرور 31 عامًا على الاستقلال يوم الأربعاء الماضى، والذى تزامن مع مرور ستة أشهر منذ بدء العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا»، وهو ما دفع وزارة الخارجية الأمريكية للتحذير من أن «روسيا» تكثف جهودها لمهاجمة البنية التحتية المدنية الأوكرانية، والمنشآت الحكومية. وقد دفعت المخاوف من هجوم روسى متصاعد على «كييف» إلى حظر الأحداث العامة، بينما فرضت مدينة «خاركيف» حظر تجول ليلى.

  نفى الاتهامات الروسية

فى مقابل الاتهامات الروسية، نفت «أوكرانيا»، و«إستونيا» تورطهما فى هذا الأمر.. حيث قال سكرتير مجلس الأمن والدفاع الأوكرانى «أليكسى دانيلوف»، إن «أوكرانيا» لا علاقة لها بالتفجير؛ ساخرًا أن لديهم مهام أكثر أهمية.

كما اتهم «دانيلوف» «موسكو» بأنها كانت تخطط لسلسلة من الهجمات داخل «روسيا»، فى محاولة منها لتعبئة الرأى العام والسكان، الذين كان دعمهم للعملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا» يتضاءل. 

من جانبه، اعتبر مستشار مكتب الرئاسة الأوكرانى «ميخايلو بودولياك» أن الدعاية الروسية تعيش فى عالم خيالى؛ مضيفًا أن تفجير السيارة كان جزءًا من صراع داخل الخدمات الخاصة الروسية.

أما «إستونيا» فقد رفضت الاتهامات الروسية، بأن قاتلة «دوجين» قد فرت عبر حدودها، ووصفت الاتهامات بأنها «استفزاز فى سلسلة طويلة جدًا من الاستفزازات من قبل روسيا».

على كل، اعتبر العديد من المحللين السياسيين، أن حادث «داريا دوجين»، ومن بعدها رئيس الإدارة العسكرية والمدنية لمنطقة «ميخائيلوفكا» فى «دونيتسك»، مجرد بداية لفصل جديد فى الأزمة الروسية الأوكرانية، إذ صار من المعتقد أن حادثتى الاغتيال قد تؤديان إلى تفاقم العداوات بين «روسيا»، و«أوكرانيا».