السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سؤال للعائدين إلى الساحة الغنائية: هل أنتم مستعدون لتحديات الجمهور الحالى؟

شاهَدنا فى الأيام الأخيرة عودةً ملحوظة لنجوم فترة التسعينيات إلى الساحة الغنائية من جديد بأعمال غنائية جديدة، ومن منهم لم يقدم أعمالاً جديدة؛ فشاهدناه فى الحفلات الجماهيرية وسط ترحيب كبير من الجمهور الذى استرجع ذكرياته مع نجومه المفضّلين الذين شاركوه فى وقت من الأوقات بالتعبير عن مشاعره.



 

أبرز هؤلاء هو الفنان «فارس»، وهذا التفضيل ليس له علاقة بقوة المحتوى الفنّى الذى عاد به نجم التسعينيات من جديد إلى جمهوره بأغنية (عصبى).

ولكن رُغْمَ ذلك؛ فلم يتوقف أحدٌ عند هذه الأغنية، ولكن الجدل أثير حولها بسبب أزمة حقوق المِلْكية، والتصريحات المتبادَلة بين الأطراف المتنازعة على حقوق العمل، ومن هنا يأتى السؤال: إلى متى سنجد تكرارًا لنفس هذه الأزمات بنفس التفاصيل على حقوق الأغانى؛ خصوصًا فيما يخص الألحان الموسيقية؟!

فقد جرى العُرفُ أن يقوم الشاعرُ بالذهاب إلى المصنفات، كى يعرض كلمات الأغنية، وعندما تتم الموافقة على كلماتها من الناحية الرقابية، وقبل التنازل عنها إلى الفنان المُغَنى، أو الشركة المنتجة، يقوم الملحن بإخبار الجهات المختصة بأنه قام بتلحين هذه الكلمات، ولكن تبقى الإشكالية هنا، أن الكلمات هى فقط ما يتم توثيقه؛ لأنها تكون «مكتوبة»؛ أمّا الألحان فلا!

لا تقوم هذه الجهات بتوثيق الألحان من الأساس، ولا يقوم الملحن بإرسال «نوتة موسيقية» للألحان التى ألفَها للأغنية، وهو ما يجعل بعض الملحنين قادرين على بيع نفس اللحن أكثر من مَرّة، ولأن حجم الإصدارات الغنائية كبير؛ فمن الصعب أن يكون كل مُغَنٍ على دراية تامة بكل الألحان والأغانى التى صدرت حديثًا أو حتى قديمًا، وبالتالى نجد أنفسنا أن الأغانى عليها بعض النزاعات!

أيضًا نجد أنفسنا من آن إلى آخر حول نزاعات على ألحان «تراثية»، ونجد كل طرف ينسب الحق لنفسه، وهو أيضًا ما يحتاج إلى تدخُّل بقوانين رادعة تلزم كل شخص يستخدم «الفلكلور» بأن يقول أنه استوحى هذا العمل من الفلكلور، بدلاً من أن ينسبه إلى نفسه من دون وجه حق.

وقبل ذلك كنا نجد أيضًا نزاعات على نفس الكلمات والألحان، بسبب أن الملحنين والشعراء يقومون بصناعة الأغانى، ثم توزيعها على بعض الفنانين، ومن ثم نجد بعد نجاح بعض الأغانى؛ نزاعات بين المطربين بأنهم يمتلكون نفس الأغنية، مثلما حدث أكثر من مَرّة مع أكثر من فنان.

وأتصور أن هذه الإشكاليات ستظل كما هى؛ طالما نقوم بصناعة الأغانى بنفس الطرُق، فمن المؤكد أننا سنحصل على نفس النتائج، ونفس الأزمات، وربما نعيد صياغة نفس المقالات كى نتحدث عن نفس الإشكاليات!

من ضمْن الوجوه التى عادت إلى الساحة الغنائية من جديد، الفنان الكبير «كاظم الساهر»، فى حفلتين جماهيريتين؛ الأولى فى الساحل الشمالى، والثانية فى دار الأوبرا المصرية!

وقدَّمَ «كاظم» فى الحفلتين مجموعة من أشهَر أغانيه، وبنفس الأداء القوى الذى عوَّدنا عليه كعادته قبل انقطاعه عن إقامة الحفلات فى مصر، حتى الجدل الذى كان يصاحبه أثناء فترة تألقه فى الماضى، حدث بنفس التفاصيل بعد ظهوره فى مصر، فرأينا إحدى المعجبات تقتحم المسرح لتحتضنه أمام الجميع، ورأينا أيضًا انبهار العديد من المعجبات بمجرد وصوله إلى مدخل استوديو من الاستوديوهات الكبيرة قبل إجراء حواره التليفزيونى!

ولكن هذه التصرفات الجماهيرية تجاه «كاظم الساهر»؛ لم تلق القبول لدى الأغلبية؛ حيث وجدنا مجموعة من الانتقادات الواسعة لمثل هذه التصرفات على مواقع التواصل الاجتماعى، وهذا ما لم يكن يحدث فى الماضى، فلم يكن موجودًا وقتها «السوشيال ميديا».

أيضًا الفنان «محمد فؤاد» هو الآخر كان من ضمْن العائدين إلى الساحة من جديد، صحيح أنه لم يقدم أغنيات جديدة؛ ولكنه عاد بحفلة جماهيرية فى الساحل الشمالى، ولكنه للأسف الشديد ظهر بمظهر لا يتناسب بأى حال من الأحوال مع حجم جماهيريته الكبيرة؛ حيث صعد إلى المسرح بجسد ممتلئ، وقام بالغناء على طريقة «البلاى باك»، مجرد تحريك للشفتين وكأنه يغنى! 

وهذا أمْرٌ غير مقبول على الإطلاق، فمثلاً «عمرو دياب» زميل مشوار «محمد فؤاد» يصعد على المسرح بكل حيوية ونشاط وبجسد رياضى ويقوم بالغناء والعزف أيضًا (لايف)، وحتى «محمد منير» الذى يُعتبر من جيل أكبر من «عمرو دياب» و«محمد فؤاد»، وأكبرهم سنًا حتى وإن تسبب المرض فى جلوسه على الكرسى أثناء الغناء؛ إلا أنه فى حفله الأخير بالإسكندرية كان حريصًا كل الحرص أن يغنى لجمهوره مباشرة، ويُسعدهم بتفاعُله المباشر معهم، حتى لو خانه صوته فى بعض الفترات، فيكفى شعوره وإحساسه وصدقه، ولذلك وجدنا مُظاهرة حب شديدة على مواقع التواصل الاجتماعى ابتهاجًا بعودته للغناء مباشرة، وهذا ما لم يحدث مع «محمد فؤاد»!

وبشكل عام؛ عودة أى فنان إلى الساحة الغنائية من جديد، تُعد مُخاطرة فنية كبيرة، ويجب أن يقوم الفنان بدراسة توجهات الجمهور، وأن يقف عند تفاصيل مشروعه الغنائى «إذا كان يمتلك مشروعًا من الأساس»، ثم يبدأ فى الوصول لنقطة اتفاق بين توجهات الجمهور حاليًا وبين ما يجوز أن يقدمه للجمهور بما يتماشى مع مشروعه الغنائى.

ويجب على أى فنان ألا يعتبر أول عمل بعد العودة الطويلة هو المقياس الحقيقى، فالجمهور وقتها يكون متشوقًا لرؤية فنانه المُفَضَّل من جديد، ولكن بعد زوال عنصر الحنين والمفاجأة، يبقى العمل الفنى، وإذا لم يكن مُعبرًا عن مشاعر الجماهير وقتها؛ فسيكون الفنان العائد إلى الساحة من جديد يكتب شهادة وفاته الفنية بيديه!

فمن كانوا مراهقين فى فترة التسعينيات أصبحوا الآن رجالًا ونساءً مسئولين عن أسَر كاملة، وأصبح مراهقو الجيل الحالى يستمعون إلى أغانٍ أكثر جرأة من حيث التناوُل فى الموضوعات العاطفية والاجتماعية واكتشاف الجنس الآخر بشكل متمرد، فى أغانى الراب والتراب والمهرجانات.

ومن هنا يأتى السؤال الحقيقى: كيف سينجح العائدون من جديد فى التعبير عن مشاعر الجيل الحالى؟!