الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

يرفع شعار المتعة للجميع ويخاطب الجمهور بكل أطيافه: مهرجان القلعة وليالى الفن الراقى

يَحيا بعضُ مُدّعى الفن على أكاذيب تتعلق بذوق الجمهور وميوله، لكن تلك الأكاذيب تثبت سريعًا عدم قدرتها على الصمود، وتنهار أمام وجود فن جيد، يرقى بأحاسيس الناس، ويخاطب وجدانهم، ومَن يشاهد ليالى الفن الراقى التى يقدمها مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء فى دورته الـ30، المستمرة حتى 31 من الشهر الجارى سيتأكد من صدق تلك المقولة؛ حيث جمع المهرجان أصحاب الفن الحقيقى، والأصوات العذبة.



 وقدمهم للجمهور الذى أتى من كل حدب وصوب متشوقًا لسماع فنانيه المفضَّلين، دون أن يحمل هَمَّ التكلفة؛ حيث لا يتجاوز سعر تذكرة الحضور العشرين جنيهًا، لكن نجاح هذا المهرجان لا يعود فقط للبرنامج المتميز الذى تم وضعه بعناية؛ ليناسب ذوق الجمهور على اختلاف أطيافه، ولا فى تكلفته المنخفضة التى تراعى ألا تثقل كاهل الأسرة المصرية بأعباء مادية حرمهم التفكير فيها من إدراج بند المتعة ضمن خطط يومهم؛ لكن لأسباب كثيرة منها مثلاً سحر المكان؛ حيث تزدان القلعة بالأضواء المبهرة، ويزدان مسرح المحكى بالأصوات الساحرة التى تعلو خشبته، والإبهار الناتج عن اللوحات الفنية التى تقدمها الفرق العالمية، التى من المؤكد أنها تخلق تنوعًا ثقافيًا وفنيًا كبيرًا، بالإضافة إلى أصوات الأوبرا الأصيلة التى يمنحها الغناء أمام هذا الكم من الجمهور فرصة للانتشار المستحق، الذى تأخر طويلاً بفعل عوامل عديدة.

لكن المتعة التى حققها هذا المهرجان لم تقتصر فقط على رُوَّاده؛ بينما امتدت أيضًا إلى الجمهور فى المنازل عبر النقل الحى الذى تقدمه قناة «الحياة» طوال ليالى المهرجان، والبث المباشر على الصفحة الرسمية للقناة، الذى كان قبلة رُوَّاد وسائل التواصل الاجتماعى، ولعل ما حدث فى الليلة التى قدَّم فيها الفنان «على الحجار» حفلته دليل حى على المتابعة الكبيرة التى حظيت بها ليالى المهرجان هذا العام؛ حيث تحوَّل «الحجار» فى ساعات معدودة إلى ترند رقم واحد فى مصر، وأرسل بصوته نسمات هواء باردة لطفت من قيظ أغسطس، الأمْرُ نفسُه حدث للفنان «مدحت صالح» بَعدها بأيام، والمُحلل لطبيعة تلك التغريدات، وطبيعة الجمهور الذى يحرص على الحضور إلى الحفلات، والتفاعل مع الفنانين الكبار، وترديد الأغانى خلفهم؛ سيفاجأ أن غالبيتهم شباب صغير السّن، الأمْرُ الذى يؤكد حقيقة مهمة بأن الفن الجيد عابر للأجيال، وقادر على إطراب الجميع، وأن الغث لن يستوى أبدًا بالسّمين، وأن الجمهور وذائقته بخير ما دُمنا أتحنا له هذا الإبداع وجعلناه فى متناول يده، وهى مسئولية اجتماعية بالغة الخطورة، حققها المهرجان هذا العام بنجاح كبير، وزاد عليها باستضافته يوميًا 25 طفلاً من أطفال مستشفى 57357 وأسَرهم، كنوع من الدعم النفسى بالغ الأثر، وإذا كان ما يقدمه المهرجان على مدار أيامه الخمسة عَشر قد يتسبب فى كل هذه البهجة للجمهور؛ فمن المفترض أن يخلق لدى كل فنان سؤالاً حول ماهية الفنان الحقيقى؛ هل هو ذلك الفنان الذى يذهب لمستمعيه أينما حَلوا، من أجل أن يحقق لهم المتعة دون أن يشعرهم بالعجز من عدم قدرتهم على الوصول إليه؟ أمْ هو الفنان الذى يفرض أسعارًا خيالية على تذاكر حفلته لا تتناسب سوى مع شريحة صغيرة من المجتمع، ويفرض على جمهوره زيًا محددًا يميزهم به عن بقية الناس؟