الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

توجيهات رئاسية ركزت على حسن الإدارة لتحقيق أقصى عائد ممكن وزارات «الأرباح» لذلك كان التغيير مطلوبا

مستهدفات ملحة للتعديل الوزارى الأخير، لا سيما فى 5 وزارات شهدت ضخ دماء جديدة تحمل فكرًا خارج الصندوق لها، معظمها وزارات ربحية مباشرة وأخرى وزارات تحقق عوائد مالية للاقتصاد الوطنى بشكل غير مباشر، الحاجة الوقتية الآنية على المدى القريب، متعلقة بتجاوز التعثر الاقتصادى والمالى المرتبط بأزمتين عالميتين أثّرتا على «جيب» رجل الشارع، هما على التوالى وباء «كورونا» وحاليًا «الأزمة الروسية- الأوكرانية»، وهما أزمتان ضربتا أعتى اقتصادات العالم فى مقتل، لذلك وجدت القيادة السياسية ضرورة التخفيف على المواطن من أزمات اقتصادية عالمية انعكست بالداخل، وأيضًا تعويض ما فقد من الاحتياطى النقدى، عندما تم اللجوء للخزينة الدولارية للدولة، لتوفير ما نقص من احتياجات الغذاء والطاقة والدواء وفقدان فرص العمل المتعلقة بتوالى «كورونا» ثم «أزمة روسيا وأوكرانيا»، فلم تكن الآثار المترتبة بنفس قسوة ما شهدته مجتمعات عشرات الدول فى شتى أنحاء العالم.



 

التعديلات التى شملت بعضها 5 وزارات متعلقة بهذا السياق، وهى: «السياحة»، «التجارة والصناعة»، «قطاع الأعمال»، «الهجرة والمصريين بالخارج»، «القوى العاملة»، تتعلق بمستهدفات أخرى تحقيقها ليس بالمدى البعيد على طريق رؤية الدولة مصر 2030، والعمل فى ظل 3 أهداف منها الارتقاء بجودة حياة المواطن وتحسين مستوى معيشته بالحد من الفقر بجميع أشكاله، والقضاء على الجوع، وتوفير منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، وإتاحة التعليم وضمان جودته وجودة الخدمات الصحية، وإتاحة الخدمات الأساسية، أما الهدف الثانى، تكوين اقتصاد قوى تنافسى ومتنوع وتحقيق معدلات نمو مرتفعة ورفع درجة مرونة وتنافسية الاقتصاد، وزيادة معدلات التشغيل وفرص العمل اللائق وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال، وتحقيق الشمول المالى، فى حين أن الهدف الثالث يتعلق بحوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع التى تحقق حوكمة مؤسسات الدولة والكفاءة والفاعلية لأجهزة الدولة الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدنى.

فلسفة ورؤية قريبة وبعيدة المدى، تضمن مجملها هذا السياق، خرجت واضحة من الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى تمنى التوفيق والنجاح للوزراء الجدد فى مهمتهم، بما يرقى لطموحات الشعب ويساهم فى تحقيق استراتيجيات الدولة وغايتها الكبرى وبذل أقصى جهد كمنهج إدارة ثابت لإعلاء مصلحة الوطن فى المقام الأول، وذلك لحجم المسئولية الكبيرة التى يتولونها فى ظل المتغيرات الدولية التى انعكست داخليًا على دول العالم ومنها مصر وفرضت العديد من التحديات التى تتطلب العمل الدءوب المتواصل بإرادة قوية وبلا كلل، موجهًا الوزراء بالوقوف بدقة على جميع أدوات وإمكانيات وزاراتهم والمؤسسات والهيئات التابعة لها وحسن إدارتها لتعظيم نتاج تلك الإمكانيات وتطوير أسلوب عملها بهدف تحقيق أقصى استفادة عائد ممكن، مع الانتباه جيدًا لكفاءة آليات التنفيذ كعامل حاسم فى نجاح التخطيط ليصبح واقعًا ملموسًا.

خبراء اقتصاديون تحدثوا عن أهم مستهدفات وفلسفة التعديل الحكومى على وزارات اقتصادية أو مرتبطة فى بعض جوانبها بالاقتصاد بشكل غير مباشر، موضحين أن قطاع السياحة الذى لا يوجد لدى دولة مثيل له فى العالم من حيث المقومات، متأثر وسط ظروف اقتصادية عالمية وصراعات دولية، ولذلك يحتاج إلى إدارة استثمارية تحقق الربح وتعتمد على الترويج والجذب بأفكار وعروض غير تقليدية بما يتناسب مع حجم مقومات وفرص هذا القطاع الذى يستطيع أن يدر دخلاً ماليًا خياليًا، فضلاً عما يوفره من فرص العمل واعدة، أما قطاع الأعمال العام، فهناك بعض الملفات، تحتاج إلى تحقيق أسرع لحجم مستهدفات الاستثمار فى تلك الوزارة سواء فى تطوير الشركات القائمة، فضلاً عن جذب استثمارات من القطاع الخاص لشركات قطاع الأعمال، وأيضًا وزارة «التجارة والصناعة» المطلوب منها زيادة وتيرة تذليل العقبات أمام المستثمرين وضرورة جذب استثمارات جديدة من الداخل والخارج.

تلك الرؤى والفلسفة بحسب الخبراء تتطلب أيضًا استقرار العمالة وتأهيلها بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل، ليتولى النقابى والعمالى «حسن شحاتة» وزارة القوى العاملة، وأيضًا وزارة الهجرة وشئون المصريين فى الخارج، التى تراعى مصالح ملايين فى الخارج يعتبرون من أهم مصادر العملة الصعبة وداعمين أساسيين للاقتصاد الوطنى.

يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، د.عمرو سليمان: إن التغيير الوزارى ذهب إلى الملفات الاقتصادية الأكثر إلحاحًا التى تحتاج تغييرًا جذريًا وحلولاً خارج الصندوق، حيث إن طبيعة الأزمات العالمية القائمة منذ عامين والمستمرة لـ3 سنوات قادمة على أقل تقدير، لا تقبل الحلول التقليدية غير الفعالة بالتالى كانت هناك ضرورة بنقل ملفات من التكنوقراط كعمل فنى إلى رؤية لها علاقة بالاقتصاد والمال وكيفية استغلال تلك الملفات والقطاعات بأشكال تدر أرباحًا، مشيرًا إلى أن قطاع السياحة متأثر وسط ظروف اقتصادية عالمية وصراعات دولية، ولذلك هناك حاجة فى أن يدار هذا القطاع بشكل استثمارى يحقق الربح وأن تركز فلسفة العمل على صناعة الترويج، مما يتناسب مع حجم مقومات وفرص هذا القطاع الذى يستطيع أن يدر دخلاً خياليًا مع إعادة تقييم هذا الملف بما يتناسب مع تأثيرات الظروف العالمية الحالية بأفكار مبتكرة بعيدًا عن التعامل بفكر تكنوقراطى فى هذا التوقيت.

ويتطرق «سليمان» إلى وزارة التجارة والصناعة بالقول أن هناك ملفات وفرصًا فى هذا القطاع لا سيما مع الأزمات الاقتصادية والتجارية العالمية فى الوقت الحالى يجب أن يكون هناك تعامل اقتصادى بأفكار خارج الصندوق، مشيرًا على سبيل المثال إلى ملف الطروحات العامة للشركات وحصص الحكومة فى الشركات الناجحة، الذى يحتاج إلى وتيرة عمل سريعة، فى ظل أهمية هذا الملف، وسط ظاهرة «المستريح» التى ظهرت، ومن الممكن أن تستغل أموالاً لمواطنين يريدون مجالات مربحة لاستثمار أموالهم، منتقدًا نسب الادخار المنخفضة للغاية فى مصر مقارنة بدول فى جنوب شرق آسيا، إذن هناك مشكلة فى آلية تجميع تلك المدخرات ووضعها فى الطريق الصحيح.

وشدد «سليمان» على ضرورة وجود سوق مالية قوية تديرها وزارة قطاع الأعمال، تدعم توجهات الدولة فى إقامة صناعات مهمة عالميا وبناء كيانات صناعية جديدة فى هذا السياق، ضاربًا مثالاً بما تقدم عليه الدولة بإنشاء أكبر مصنع للغزل فى العالم، فضلاً عن ضرورة وجود صناديق استثمارية وأوعية ادخارية تنعش السوق من جهه، ومن جهة أخرى، تقديم منتجات يفهمها المواطن البسيط يستطيع وضع أمواله للاستثمار فى الطريق الصحيح.

وأكد «سليمان» أن وزارات «التجارة والصناعة»، «السياحة»، «قطاع الأعمال» مطلوب منها فى الفترة المقبلة، صناعة آليات تنفيذية لحلول مبتكرة تساعد الاقتصاد على تحقيق معدلات نمو وتغيير هيكلى للاقتصاد ناحية التصنيع الذى يعتبر الملف الأكبر فى مصر، حيث يعتبر قطاع الصناعة ملفًا رئيسيًا من 3 ملفات للوصول إلى رؤية 2030، ولكن كل ذلك مرهون بمستجدات فى السياسة النقدية منها تحرير سعر الصرف مجددًا حتى نستطيع التصدير بشكل جيد والقدوم باستثمارات من الخارج وأن يكون ذلك بشكل تدريجى، وأن تكون هناك سياسة جمركية جديدة لا تقوم على المنع، ولكن تقوم على «دولار جمركى» يفصل بين السلع الأساسية والاستراتيجية من جهة، والسلع الترفيهية من جهة أخرى.

وتابع: «نحتاج دولارًا جمركيًا يختلف عما هو موجود الآن، السلع الاستفزازية يكون دولارها مختلفًا عن دولار السلع الأساسية والاستراتيجية.. أهلاً وسهلاً بالرفاهية، ولكن يكون بدولار جمركى محدد، لا نطالب بأن لا يشترى بعض القادرين سلعًا استفزازية، ولكن يدفع أكثر حتى يكون الدولار الموفر من الدولة موجهًا للسلع الأساسية.. الدولار الجمركى الذى يستورد به على سبيل المثال السكر والقمح هو ذاته الدولار الذى يستورد به الشيكولاتة والسيارات الفارهة، هذا غير مناسب ويجب تغيير هذه النظرة».

بينما يرى د. وليد جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية العامة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن الدولة ترغب فى تحقيق طفرة فى النشاط الاقتصادى والاستثمارى، وسط التحديات المحيطة بعد أن حققت طفرة فى المجال المالى والنقدى، واختيار هؤلاء الوزراء يوضح أن الدولة تريد أن تعبر العقبات الاقتصادية الحالية المتعلقة بظروف عالمية، بعمل مباشر على الأرض، والجانب الاقتصادى واضح فى التعديل الوزارى حيث ركز على أجنحة الاستثمار فى مصر، وهى: السياحة، قطاع التجارة والصناعة، قطاع الأعمال العام.

ويشير «جاب الله» إلى أن قطاع الأعمال العام شهد نجاحات فى الفترة الماضية من خلال الوزارة إلا أن هناك بعض الملفات كانت تحتاج إلى ضخ دماء جديدة فى عدة مجالات من بينها على سبيل المثال، مجال صناعة السيارات الكهربائية، وقد اختارت الدولة الوزير محمود كمال عصمت، الذى هو من داخل القطاع، حيث تولى قيادة عدد متنوع من شركات قطاع الأعمال، بالتالى لديه الخبرة فى دفع مسيرة العمل، مما يترتب عليه تحقيق أسرع لحجم مستهدفات الاستثمار فى تلك الوزارة سواء فى تطوير الشركات القائمة، فضلاً عن جذب استثمارات من القطاع الخاص لشركات قطاع الأعمال، حيث إن ملف الشراكة مع القطاع الخاص هو من الأعمال التى تحتاج إلى دفعة قوية.

ولفت «جاب الله» إلى أن المجىء بـ«أحمد سمير» كوزير للتجارة والصناعة، يعتبر اختيارًا دقيقًا، فهو رجل أعمال شغل عدة مناصب تتعلق بهذا المجال، منها نائب رئيس جمعية المستثمرين فى 6 أكتوبر، ويمكنه التعبير عن رؤية رجال التجارة والصناعة، وملم بمطالبهم ومشاكلهم، وهو أيضًا رئيس لجنة الصناعة فى الدورة البرلمانية السابقة لمجلس النواب من 2015 حتى 2020، وفى مجلس النواب الحالى تولى رئاسة اللجنة الاقتصادية وشارك فى صياغة العديد من التشريعات المتعلقة بالاستثمار والصناعة والتجارة، وبالتالى فهو وزير لديه خلفية متكاملة ما بين العمل الحكومى والقطاع الخاص بصورة تسمح له تذليل العقبات أمام المستثمرين وضرورة جذب استثمارات جديدة، الأمر الذى يعتبر عنوانًا بارزًا للتعديل الوزارى ظهر فى حقيبة مهمة وهى وزارة السياحة والآثار، باختيار الوزير أحمد عيسى، الذى جاء من القطاع المصرفى، عملاً على تكرار تجربة سابقة ناجحة عندما تولت الوزيرة رانيا المشاط التى كانت وكيلاً للبنك المركزى للسياسات النقدية، والتى شغلت منصب وزيرة السياحة وحققت نجاحًا بارزًا، الأمر الذى يبدو أنه شجع على تكرار التجربة بأن يتولى وزارة السياحة قيادى مصرفى له خبرة كبيرة فى مجال قطاع التجزئة، وكان عضوًا فى مجلس إدارة العديد من الشركات، له خبرة كبيرة فى مجال الاستثمار، مما سيساعده على جذب استثمارات كبيرة فى هذا القطاع الأسهل نسبيًا، فهو من القطاعات المرنة التى يمكن جذب استثمارات من الداخل والخارج تحققت قبل ذلك مع تجارب ترويج لمنتج السياحة المصرية التى تمتلك مقاصد وآثارًا، حيث إن لدينا المنتج، ولكن يحتاج المزيد من الترويج والتسويق، وأعتقد أن الوزير أحمد عيسى قادر على هذه المهمة.

ويؤكد «جاب الله» أن فى ظل فلسفة الدولة المستهدفة للنمو الاقتصادى وتحقيق إيرادات وأرباح من قطاعات ذهبية فى الأساس، كان النظر أيضًا إلى ملف العمالة، رغبة فى أن يتزامن مع تنشيط عجلة وزارات «السياحة»، «قطاع الأعمال»، «التجارة والصناعة»، أن يكون هناك استقرار فى بيئة العمل تحفظ حقوق العمال، فكان اختيار وزير القوى العاملة، حسن شحاتة، فهو يعتبر اختيار العمال أنفسهم، حيث شغل منصب رئيس اتحاد عمال مصر، واختياره كان من العمال، والدولة أكدت على اختيارهم ليكون معبرًا عن العمالة، مما يؤدى إلى تحقيق الصالح العام وتأكيد الدولة المصرية بأنها تنحاز إلى العمال واختياراتهم، مشيرًا إلى أن التغيير الذى جاء بالسفير سها ناشد كوزيرة الهجرة والعاملين بالخارج، كان مناسبًا لما تمتلكه من خبرات واسعة فى وزارة الخارجية لاسيما فى مجال التفاوض فى الكثير من الملفات تؤهلها لكى تقوم بدفعة كبيرة للعمل الوطنى بمساندة المصريين فى الخارج، فهم مصدر دخل مهم يدعم الاقتصاد المصرى بالعملة الصعبة.