السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جبران وميخائيل نعيمة

باستمتاع شديد أقرأ «جبران خليل جبران».. وهو اسم الكتاب الرائع للأديب والشاعر اللبنانى الشهير ميخائيل نعيمة.. أحد رواد شعر المَهجر.. الذى كان صديقًا مقربًا من الأديب والفيلسوف والمفكر والرسام جبران خليل جبران.. ارتبطا معًا فى صداقة حميمة.. وعندما حانت لحظة نهاية الرحلة.. رحلة جبران ليغادر الدنيا..



 

لم يكن بجواره سوى ميخائيل نعيمة فى إحدى ليالى شتاء نيويورك عام 1931.. «نعيمة» فوجئ بمكالمة تليفونية فى مَحل عمله الروتينى والمُمل.. المكالمة تخبره أن صديقه «جبران» يغادر الدنيا على فراش أحد المستشفيات الصغيرة بنيويورك.. يغادر الدنيا وحيدًا دون رفيق أو صديق.. وقد أصيب بمرض السرطان.. علاوة على إصابة رئتيه بالسُّل.. وقد قدّر الأطباء أن «جبران» يقضى ساعته الأخيرة.. ويكتب ميخائيل نعيمة واحدة من أجمل النصوص الأدبية واصفًا لحظات الاحتضار.. احتضار الصديق والرفيق توأم الروح.

الكتاب كما أسلفتُ اسمه «جبران خليل جبران».. صدرت الطبعة الأولى منه عام 1933 وصدرت منه ثمانى طبعات آخرها التى بين يدى عام 1978 عن مؤسَّسة نوفل الأدبية ببيروت.. والكتاب يحكى عن حياة جبران من لحظة تشريفه للدنيا حتى لحظة مغادرته لها.. وقد حكى الكتاب بأسلوب ميخائيل نعيمة الأدبى العميق كل ما استطاع أن يجمعه عن صديقه المغارب.. كان ميخائيل نعيمة مترددًا فى الكتابة عن حياة جبران.. فربما لم يشأ الصديق الراحل أن يحكى للآخرين عن تفاصيل حياته.. ولو شاء لرواها بنفسه.. لكن «نعيمة» يتغلب على مخاوفه وتردده الداخلى ويشرع فى الحَكى عن «جبران».. على أمل أن يطالع القارئ من خلال فصوله صورة عن جبران.. لا تاريخ حياته الذى لا يعرفه أحد.. مؤكدًا أن أجمل ما فى حياة جبران هو صراعه مع نفسه لينقيها من كل شائبة ويجعلها جميلة كالجَمال الذى لمحه بخياله وبثه فى سطوره ورسومه.

الكتاب فى ثلاثة فصول تمتد لأكثر من ثلاثمائة صفحة ويتضمن مجموعة من الصور النادرة لجبران بصحبة أصدقائه المقربين فى رحلة الغربة فى نيويورك؛ حيث اللقاء المنتظم والحوارات الحميمية لاكتشاف العالم واكتشاف الذات.. ونسيتُ أن أذكر أن دائرة جبران الضيقة من الأصدقاء ضمت ميخائيل نعيمة وعبدالمسيح جداد ونسيب عريضة ولهم الفضل جميعًا فى تحمل غربة المَهجر ولم شمل الأصدقاء المتفرقين.. فيما عرف وقتها بالرابطة القلمية.

كتاب ميخائيل نعيمة.. أو «ميشا» كما كان يحلو لجبران أن يسميه.. الكتاب يقع فى ثلاثة فصول هى الشفق والغسق والفَجر.. ثم مجموعة من الملاحق تتضمن الصور والمكاتبات والرسائل الخاصة ووصية جبران الأخيرة.

يبدأ الكتاب بلحظات الاحتضار فى نيويورك.. ثم يطير بنا إلى بلدته «بشرى» ليحكى لنا قصة الميلاد.. ثم يمضى مع جبران فى رحلته الإنسانية والإبداعية.. حتى يصل إلى عام 1923 بصدور العمل الأعظم «النبى» التى يؤكد ميخائيل نعيمة أن الفضل فى نجاحها وشهرتها يرجع إلى الأسلوب الاحترافى لجبران فى الدعاية للنبى وكتابه المقتطفات فى الصحف وحضور الندوات الكثيرة يتحدث فيها عن النبى.. وما أن صدر الكتاب حتى صار الكتاب الأشهَر إلى الحد الذى أكد فيه البعضُ أن نبى جبران قد حل فى كنائس أمريكا محل الإنجيل!

تحية إلى روح جبران.. وتحية لروح ميخائيل نعيمة الصديقين.