الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأزهر يقارن بين الظواهرى الإرهابى الإمام

مع مقتل أيمن الظواهرى زعيم تنظيم  القاعدة فى 2 أغسطس الجارى فى غارة بطائرة بدون طيار، تزايَد الحديث عن أيمن الظواهرى وعلاقته بشيخ الأزهر الراحل  الشيخ الظواهرى؛ حيث أكدت تقارير إخبارية تداولتها مواقع التواصُل الاجتماعى أن أيمن الظواهرى عَمّه أو جَدّه كان شيخًا للأزهر، وهو أمْرٌ قد يستغله البعض للزج باسم  الأزهر الشريف.



 

الأمْرُ الذى دفع مرصد الأزهر الشريف إلى إصدار تقرير يوضح المقارنة التى يُظلم فيها الشيخ محمد الأحمدى الظواهرى حين يوضع فى جملة واحدة مع هذا الإرهابى الدموى، فهذا ادعاء غير حقيقى ولا يمت للواقع بِصِلَة.

ووفقًا لتقرير الأزهر؛ فإن أيمن الظواهرى اسمه: أيمن محمد ربيع مصطفى عبدالكريم الظواهرى، وُلد عام 1951، فى حين أن الإمامَ الأكبر اسمه كاملًا هو: محمد الأحمدى إبراهيم الظواهرى مولود عام 1878م، وعلى ذلك يظهر أن الشيخ الظواهرى ليس عمّه قطعًا.

أضاف تقرير الأزهر أنه يظهر من الاسم أنه أيضًا ليس ضمْن أجداده؛ إذ لو كان جَدّه لوجد اسمه ضمْن أحد أجداد أيمن الظواهرى، بل إن الشيخ الظواهرى مات قبل ولادة أيمن الظواهرى بأكثر من خمس سنوات، إذ توفى الشيخ الأحمدى عام 1944م، أى ليس هناك اتصال زمانى ولا مكانى به من قريب أو بعيد، فقط مسمى العائلة، وهذا لا يسىء للإمام الظواهرى، فكم من عائلة صالحة خرج منها فرع عاق أساء إلى عراقتها وجعل اسمها وصمة فى جبين التاريخ. إن وجود «أبى لهب» لا يسىء إلى بنى هاشم وهم آل بيت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حتى وإن نشأ فى نفس البيئة التى تربَّى فيها أبو طالب وحمزة والعباس، غير أن عبدالعزى بن عبدالمطلب «أبا لهب» شذ عن قيم هؤلاء وقيم والده الحكيم عبدالمطلب، وهذا لا يسىء أبدًا إلى أسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن القرآن الكريم ضرب مثلًا لأزواج الأنبياء كيف أنهم كفروا بالله ورُسُله، وساعدوا على الكفر والفُحْش كما ذكر فى قوله تعالى: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ» [سورة التحريم: 10].

وأوضح أن الهدف هنا ليس الدفاع عن الشيخ الأحمدى الظواهرى أو تبرئة ساحة الجامعات المصرية من هذا الإرهابى فهى لا تحتاج إلى ذلك؛ إذ الإسهامات العلمية لذلكم الإمام وتلكم الجامعات شاهدة على الاعتدال والعالمية؛ وإنما المقصود هنا تسليط الضوء على منهجَيْن مختلفَيْن وإن اتّحدا فى المسمى إلا أنهما اختلفا فى الطريق والهدف.

 الظواهرى الإمام

وشيخ الأزهر الراحل محمد الظواهرى  تتلمذ على يد الشيخ محمد عبده، وقرأ أمّهات كتُب الفلسفة، حصل على شهادة العالمية عام 1899م، كان مالكىَّ المَذهب، أشعرىّ المعتقد، صوفى المشرب؛ حيث سلك الطريق الشاذلى، ثم تحول إلى النقشبندية على يد الشيخ جودة إبراهيم، كما تعلم على يد لفيف من علماء الأزهر الأفذاذ مثل الشيخ: أحمد الرفاعى الفيومى، والشيخ الأنبابي، والشيخ عبدالرحمن فودة الحنفى. 

ووفقًا لتحليل الأزهر؛ فإن هذا يُعَبر عن المنهج الأزهرى الذى يُخرج عالمًا وسطيًّا منضبطًا بوسطية الإسلام ومنهجه السمح بعيدًا عن العنف والإرهاب، إذ أشعرية العقيدة، ومذهبية الفقه، وصوفية السلوك، جعلت منه عالمًا ربانيًّا ينظر إلى الكون باتزان؛ فيلبّى احتياجاته الدينية، ولا يفتعل المشكلات أو يخترع المشاكل الفكرية أو العسكرية.

أضاف إن  هذا ما رأيناه فى سيرة الشيخ الظواهرى عام 1926م حين عقد مؤتمر الخلافة، إذ كان الشيخ الظواهرى جريئًا حين اقترح انفضاض المؤتمر على غير قرار؛ لأنه لم يتكامل فيه تمثيل الأمم الإسلامية، فانفض المؤتمر، ولم يقل بوجوب إقامة خلافة على النظام الذى أعلن عن سقوطها قبل عامَيْن فقط من انعقاد المؤتمر. فانظر كيف يتعامل العلماءُ الأفذاذ مع مسألة من أساسيات مسائل الفكر المتطرف؟! ولا يخفى على أحد النهضة العلمية التى حدثت فى الأزهر الشريف إبان توليه مشيخة الأزهر فى المدة من أكتوبر عام 1929م إلى شهر أبريل من عام أبريل 1935م؛ ففى عهده أنشئت جامعة الأزهر على النظام الحديث وأُصدرت مجلة الأزهر، وله العديد من المؤلفات التى تؤكد على قَدَمه الراسخة فى العِلْم ومنهجه المنضبط فى الإصلاح، منها: العلم والعلماء، ورسالة الأخلاق الكبرى، وخواص المعقولات، وصفوة الأساليب وغيرها. 

وشدد  تقرير الأزهر على أن العالم الأزهرى يسعى إلى التعمير والبناء والإصلاح الدائم، وتيسير الأمور على الناس، والمحافظة على ثوابت الدين ضد المغرضين الذين يريدون أن يسحبوه إلى السياسة سَحبًا، أو يجعلوه ركعات تؤدَّى فى المسجد وفقط.

 الظواهرى الإرهابى

واستنادًا لمقارنة الأزهر فإن أيمن الظواهرى وقبل حتى تخرُّجه فى الجامعة  قام بالانضمام  إلى جماعة الجهاد الإسلامى عام 1973م، فقد كان عضوًا فى خلية سرّية حتى قُبض عليه عام 1981م، وهذا مَكمن الخطر وبداية الانحراف لأى أحد، وهو أن ينضم إلى جماعة أو حزب له أفكار متطرفة أو رؤى هدامة، تقوم على الإفساد والتغيير بقوة السلاح.

وبَعد أن أُفرج عنه سافر إلى المملكة العربية السعودية للعمل بأحد المستشفيات، ولكنه تخلى عن تخصصه ومجاله، فترك الطب، وسافر إلى باكستان ومنها إلى أفغانستان؛ حيث التقى أسامة بن لادن، وأصبح أحد قيادات تنظيم القاعدة الإرهابى. وهنا لا بُدَّ أن نقف عند عامل مهم آخر وهو أن تخلى الإنسان عن تخصصٍ يجيده إلى تخصص آخر لا يجيده ولا يُحسنه كفيل بأن يجعله يخسر كلا التخصصين، ويضر أكثر مما ينفع، فالظواهرى الطبيب أراد أن يكون عالم دين، فتكونت لديه قناعات غير منضبطة، ومعلومات غير صحيحة، جعلت منه الظواهرى الإرهابى، الذى قال فى كتابه «الحصاد المُر»: «إن الحُكام الحاكمين لبلاد المسلمين بغير ما أنزل الله وبالقوانين الوضعية هم كفار مرتدون يجب الخروج عليهم وخلعهم..، وإن الديمقراطية شرك بالله». إن الكلام فى هذا الشأن ينبغى أن يكون من اختصاص علماء الدين الثقات من أمثال الشيخ الأحمدى الظواهرى، والشيخ محمد عبده، والمراغى، وشلتوت، والطيب؛ وليس الظواهرى ولا ابن لادن ولا البغدادى أولئك المتطرفين الذين ليس لديهم من التأهيل العلمى الصحيح ما يضمن لهم أن يقولوا: إن الإسلام لا يرضى الديموقراطية أو يُكفر العالم أجمع. 

وأوضح الأزهر فى تقريره عن أيمن الظواهرى،  أن الأمر الآخر شديد الخطورة هو قضية الأصدقاء والصحبة، فالظواهرى تغير كثيرًا بعد لقائه وصحبته لابن لادن، لذا فلا بُدّ من مراعاة قضية الصحبة بالنسبة لشبابنا وتفقد أصدقائهم، فالمَرءُ على دين خليله كما قال صلى الله عليه وسلم.

وشدّد  إن تلك المقارنة الظالمة التى ضمت عَلمًا من أعلام العلم والأزهر «الظواهرى الإمام»، وأحد الإرهابيين المجرمين «الظواهرى» من أصحاب الفكر المنحرف قد تطول لتشمل كل الجوانب الحياتية لشخصين يحملان نفس اسم العائلة.. ويبقى أن الهدف هو أن نستوعب الدرس ونستقرئ التاريخ ونحلل الأحداث حتى نستفيد مما سبق؛ فنغلق الطريق أمام كل ظواهرى إرهابى، ونفسح المجال لكل ظواهرى إمام.