الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ماذا بعد مقتل «الظواهرى» ؟ ردود فعل واسعة.... وإيران أمام الاختيار بين إيواء خليفته أو طرده

استيقظ العالم صباح الثلاثاء الماضى على إعلان الرئيس الأمريكى جو بايدن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى فى ضربة أمريكية فى أفغانستان.



أثار ذلك الإعلان ردود فعل واسعة، خاصة أن الظواهرى يعد من قيادات الإرهاب التى تزعمت التخطيط والتنفيذ لعمليات إرهابية مقيتة فى الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول.

واستهدف صاروخان من نوع «هيل فاير» شرفة المنزل الذى كان الظواهرى يقيم فيه فى كابول، وبحسب مسئولين أمريكيين، الصاروخان قتلا الظواهرى، وهو فى شرفته من دون حتى تدمير المنزل، أو قتل أى شخص آخر بداخله، بما فى ذلك أفراد عائلته أو أى مدنيين قريبين. 

ويعد «هيل فاير» صاروخ جو-أرض، موجه بالليزر، دون سرعة الصوت مع قدرة كبيرة مضادة للدبابات. كما يمكن استخدامه كسلاح جو-جو ضد طائرات الهليكوبتر أو الطائرات ذات الأجنحة الثابتة بطيئة الحركة.

تفاصيل العملية

وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تفاصيل مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهرى، فى غارة نفذتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بالعاصمة الأفغانية كابول، نهاية الأسبوع الماضى.

ونقلت الصحيفة عن مسئول أمريكى بارز، أن الغارة التى أودت بحياة الظواهرى جرى تنفيذها يوم السبت، الساعة التاسعة و48 دقيقة مساءً بتوقيت غرينتش.

وبحسب المصدر، فإن زعيم تنظيم القاعدة خرج إلى شرفة البيت فى كابول، فتم قصفه بصاروخين من طراز «هيل فاير»، فيما لم تسفر العملية عن إصابة أفراد عائلته الذين كانوا فى البيت بدورهم.

وقال خبراء: إن هذا النوع من الصواريخ يُتيح دقة أكبر فى بلوغ الهدف، بينما يساعد على تفادى ما يعرف بالأضرار الجانبية إلى حد كبير.

وجرى سماع دوى انفجار بعد قصف الظواهرى فى البيت الواقع بمنطقة «شربور» التى تعد من المناطق الراقية فى العاصمة الأفغانية.

وهذه المنطقة المملوكة لوزارة الدفاع الأفغانية من ذى قبل جرى تحويلها منذ سنوات إلى مكان لبناء بيوت فخمة يسكنها كبار المسئولين فى الدولة.

 خطة محكمة

وكانت الاستخبارات الأمريكية قد رصدت الظواهرى فى وقت سابق من العام الجارى، ثم ظلت تعكف طيلة أشهر على التحقق من هويته، من خلال رصد تحركاته وسلوكه.

وجرى إخطار مسئولين أمنيين كبار فى الولايات المتحدة، فى أبريل الماضى، بوجود الظواهرى فى بيت بالعاصمة الأفغانية.

ولم يكن أيمن الظواهرى يخرج من المسكن، فيما كان بايدن يتلقى إيجازات استخباراتية مستمرة بشأن زعيم تنظيم القاعدة، على مدى أشهر.

وإثر ذلك عرضت الاستخبارات خطتها على بايدن، موضحة أنها رتبت طريقة لتفادى سقوط ضحايا مدنيين فى الهجوم.

وفى مطلع يوليو الماضى، التقى بايدن بمسئولى المخابرات، بمن فيهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وليام بورنز.

وأعطى الرئيس بايدن الضوء الأخضر لتنفيذ الضربة فى 25 يوليو، بينما كان فى العزل بسبب إصابته بكوفيد حيث اجتمع بكبار مستشاريه وسألهم مرارًا عن طريقة التنفيذ وما إذا كانت ستودى بحياة مدنيين، وعندما نصحه المستشارون بمواقف مؤيدة، أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ العملية.

وهذه العملية التى أنهت حياة واحد من كبار المطلوبين لدى الولايات المتحدة، هى أول غارة تنفذها الولايات المتحدة فى أفغانستان منذ انسحابها من هناك فى أغسطس 2021.

 «بايدن» يعلن النصر

وعقب العملية، أطل بايدن فى خطاب تليفزيونى، قال فيه، إنه يأمل أن يساعد مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهرى عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر على «طى الصفحة». وأضاف الرئيس الأمريكى: «آمل أن يسمح لهم هذا الإجراء الحاسم بطى الصفحة» على هذه الهجمات التى خطط لها تنظيم القاعدة وزعيمه حينها أسامة بن لادن الذى خلفه الظواهرى.

وقال إن أيمن الظواهرى مسئول عن عمليات إرهابية استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية.

وأوضح أنه وافق على عملية قتل زعيم تنظيم القاعدة فى أفغانستان أيمن الظواهرى لدوره فى عمليات إرهابية ضدنا.

وأضاف جو بايدن، فى كلمة له: إن عملية اغتيال أيمن الظواهرى تمت بدقة عالية، متابعا: سنواصل ملاحقة الإرهابيين حيثما وجدوا.

وتابع الرئيس الأمريكى: سنواصل مراقبة تهديدات القاعدة من أى مكان أتت، وقدمت وعدًا للشعب الأمريكى بمواصلة مكافحة الإرهاب فى أفغانستان وخارجها وهذا ما نفعله.

وقال جو بايدن: إنه بعد الاطلاع على المعلومات أعطيت الإذن بالقضاء على أيمن الظواهرى، مشيرًا إلى أن زعيم تنظيم القاعدة كان يختبئ مع أفراد من عائلته فى العاصمة الأفغانية كابول.

واستطرد: سنواصل ملاحقة ومراقبة تنظيم القاعدة فى أفغانستان، ولن نسمح لأفغانستان أن تكون ملاذا للإرهابيين.

 سرية تامة

وتولت المخابرات الأمريكية العملية، لأسباب عديدة. وبحسب مسئول فى الوكالة، فإن الهدف من وراء تولى المهمة من قبل جهاز المخابرات هو الحفاظ على سريتها المطلقة.

ومن الأسباب أيضًا، هو أن الجيش الأمريكى لا يجرى عمليات على الأرض فى أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة التزامًا بالاتفاقات الموقعة مع طالبان فى الدوحة.

وأعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكى جو بايدن أصدر قرار استهداف الظواهرى فى الخامس والعشرين من الشهر الماضى.

وقال مسئول أمريكى كبير: إن مسئولين كبارًا فى طالبان كانوا على علم بوجود أيمن الظواهرى فى كابول.

وأضاف المسئول الأمريكى: إنه لا ضحايا فى صفوف المدنيين فى عملية قتل أيمن الظواهرى، موضحًا أن عملية رصد تحركات زعيم تنظيم القاعدة بدأت فى أبريل الماضى.

وتابع المسئول الأمريكى: رصدنا عائلة أيمن الظواهرى فى العاصمة كابول، موضحًا أن حركة حقانى قامت بإخلاء زوجة أيمن الظواهرى وابنته، لافتًا إلى أن وجود زعيم تنظيم داعش فى كابول «خرق واضح» للاتفاقات مع طالبان.

وأوضح المسئول الأمريكى: إن مقتل أيمن الظواهرى ضربة كبيرة لتنظيم القاعدة، لافتا إلى أن حركة حقانى مسئولة عن توفير ملاذ للظواهرى فى كابول.

 ردود الفعل

من جانبه قال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية: إن القوات الأمريكية استهدفت منزلا فى الحى الدبلوماسى وسط كابول بطائرة مسيرة، كما ندد المتحدث باسم الحكومة الأفغانية، بالهجوم الأمريكى واعتبره انتهاكًا صريحًا لسيادة البلاد.

كما أكد الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، إن مقتل أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة الإرهابى دليل على أنه من الممكن استئصال الإرهاب دون الدخول فى حرب بأفغانستان.

وكتب أوباما فى تدوينة على موقع «تويتر» قال فيها: «بعد أكثر من عشرين عامًا على أحداث الحادى عشر من سبتمبر، تم أخيرًا تقديم أحد العقول المدبرة لهذا الهجوم الإرهابى وخليفة أسامة بن لادن كزعيم للقاعدة - أيمن الظواهرى - إلى العدالة».

وقال: «إن الهجوم الناجح الذى استهدف الظواهرى فى أفغانستان يعد تقديرًا لقيادة الرئيس الحالى جو بايدن، ولعملاء المخابرات الذين عملوا منذ عقود لهذه اللحظة»، معربًا عن أمله فى أن يوفر مقتل الظواهرى قدرًا صغيرًا من السلام لعائلات الحادى عشر من سبتمبر ولكل شخص آخر عانى على يد القاعدة.

وأعلنت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بإعلان الرئيس الأمريكى جو بايدن عن استهداف ومقتل زعيم تنظيم القاعدة الإرهابى أيمن الظواهرى، الذى يعد من قيادات الإرهاب التى تزعمت التخطيط والتنفيذ لعمليات إرهابية مقيتة فى الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وعدد من دول العالم الأخرى قتل إثرها الآلاف من الأبرياء من مختلف الجنسيات والأديان بمن فيهم مواطنون سعوديون.

وبحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية «واس»، فقد أكدت حكومة المملكة على أهمية تعزيز التعاون وتضافر الجهود الدولية لمحاربة آفة الإرهاب واجتثاثها، مهيبة بجميع الدول التعاون فى هذا الإطار لحماية الأبرياء من التنظيمات الإرهابية.

من جانبه علق أنور قرقاش، المستشار السياسى لرئيس دولة الإمارات، على إعلان مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى فى ضربة أمريكية بأفغانستان.

وقال قرقاش، فى تغريدة على موقع «تويتر»: إن إعلان مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهرى بالتزامن مع ذكرى غزو الكويت فرصة للمنطقة للتأمل فى عبثية التطرف والإرهاب، المغامرات العسكرية المتهورة وكيف مزق كل ذلك نسيجها، الدروس والعبر حاضرة والأمل معقود على دول المنطقة معًا لضمان الأمن والتنمية المشتركة».

 الظهور الأخير

ومنذ عام إلا 6 أسابيع تقريبًا هى الفاصل الزمنى بين الظهور العلنى الأخير لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى ومقتله بغارة أمريكية بكابول.

والظهور الأخير العلنى للظواهرى كان عبر مقطع فيديو صدر فى الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر، فيما بدا أنه محاولة لدحض الشائعات حول وفاته بعد إطلالته بملابس بيضاء ولحية كثيفة.

وتولى الظواهرى قيادة تنظيم القاعدة فى عام 2011 بعد مقتل أسامة بن لادن على يد قوات العمليات الخاصة الأمريكية فى مخبئه فى باكستان.

ومنذ وقت طويل، عرضت وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة تصل إلى 25 مليون دولار للحصول على معلومات تؤدى مباشرة إلى القبض على الظواهرى.

وخلال احتفالات تنظيم القاعدة بالذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر 2001، خرج أيمن الظواهرى أمام إحدى الكاميرات محتفلا بذكرى الضربات التى استهدفت برجى التجارة العالميين.

رسالة بدت ساخرة وجهها الظواهرى للأمريكيين حين أطل بملابسه البيضاء ووعيده المعتاد بعد أكثر من شهر على سحب واشنطن قواتها من أفغانستان فى أغسطس الماضى.

حينها ضرب الظواهرى أكثر من عصفور بـ «حجر واحد» فبجانب ما سبق فإن ظهوره علانية أدحض شائعات وفاته بسبب المرض لأول مرة حينها.

وخلال الفيديو نفسه، تحدث أيمن الظواهرى عن «هجوم استهدف القوات الروسية على أطراف مدينة الرقة شمال سوريا فى 1 يناير 2021».

والمقطع المصور حمل اسم (القدس لن تهود) واستمر لأكثر من ساعة؛ حيث تحدث فيه الزعيم السابق للقاعدة عن عمليات نشطة وناجحة للتنظيم.

ليس هذا فحسب؛ بل إن ظهور الظواهرى علانية حينها كان تحديًا من «القاعدة» لتنظيم داعش الذى روج مرارًا لموته.

 خليفة «الظواهرى»

ومع الإعلان عن مقتل الظواهرى، بدأت التساؤلات تتصاعد حول من سيكون خليفته. ويُعتقد أن الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة المُلقب بـ«سيف العدل» كان فى إيران، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.

وكانت صحيفة «ديلى ميل» ذكرت تفاصيل عن الزعيم الجديد المحتمل للتنظيم، مؤكدة أنه «تعهد بإعادة التنظيم إلى سابق عهده كأيام زعيمه الراحل أسامة بن لادن».

وتتبع «سيف العدل»، العديد من وكالات الاستخبارات فى كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، التى وضعت مكافأة 10 ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات تؤدى لضبطه.

ويعتقد خبير بريطانى فى مجال الإرهاب أنه بالمقارنة مع الظواهرى، فمن المرجح أن يكون سيف أكثر فاعلية، وحتى أكثر من أسامة بن لادن.

وتورط سيف العدل فى أنشطة القاعدة منذ حوالى 30 عامًا، وقد رصدت مكافأة قدرها 7.5 مليون جنيه إسترلينى لمن يقتله بعد تفجيرات السفارة الأمريكية فى نيروبى ودار السلام عام 1998، والتى خلفت 224 قتيلًا.

كما كان عضوًا قياديًا فى وحدة الحماية المباشرة التابعة لبن لادن فى أفغانستان، وأطلق عليه اسم «الحرس الأسود».

ووصف مصدر الزعيم الجديد المحتمل لتنظيم القاعدة الإرهابى بالقول: «مقتل المدنيين لم يكن يحدث له أى نوع من تأنيب الضمير».

وتشير تقارير إلى أن «الزعيم الجديد الخطير يتطلع إلى بناء علاقات مع داعش وإيران وطالبان أفغانستان».

وقال عنه الكولونيل ريتشارد كيمب، الذى كان يراقب سيف للحكومة البريطانية منذ ما يقرب من 20 عامًا: «هناك تعاون بين مجموعات مثل هذه، لكن سيف يحظى باحترام كبير لدرجة أنه يمكن أن يشكل تعاونًا أكبر أو حتى اندماجًا».

وأكد كيمب، فى تصريحات سابقة، أن «القائد الجديد (المحتمل) يمكن أن يجعل القاعدة منظمة وأكثر فاعلية بكثير مما كانت عليه منذ بضع سنوات».

وقال مصدر لشبكة «سى إن إن» الأمريكية إن مقتل الظواهرى «أثار قضية ملحة بالنسبة للإيرانيين الذين يتعين عليهم الآن الاختيار بين طرد زعيم القاعدة الجديد أو إيواؤه».

بينما قال مصدر ثان، مسئول سابق فى الحكومة الأفغانية يتمتع بإلمام وثيق بمكافحة الإرهاب، إنه «سمع أن سيف العدل قد غادر إيران بالفعل إلى أفغانستان».

ورأى المصدر، أنه «كان من المستحيل أن يتواجد الظواهرى فى كابول دون دعوة وموافقة عدد صغير على الأقل من قادة طالبان، سواء كان ذلك من شبكة حقانى أو جزء آخر من المجموعة».

وقال المصدر: إن هذه الضربة كانت محرجة لطالبان التى زعمت أنه لا يوجد مقاتلون أجانب فى أفغانستان ولا للقاعدة. وأضاف: إن التصريحات الأخيرة للظواهرى أشارت إلى أن زعيم القاعدة يشعر براحة أكبر.

وأشار المصدر إلى أن تصريحات الظواهرى الأخيرة تناولت العديد من الأحداث الأخيرة، مضيفًا: إن هذا من المحتمل أن يكشف عن حالة من الارتياح ربما أدت إلى الضربة الناجحة.