الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى الذكرى الثانية لحادث انفجار «مرفأ بيروت»: لا يزال قلب لبنان ينزف

فى صباح الخميس الماضى، نكس القصرُ الجمهورى اللبنانى فى «بَعبَدا» الأعلامَ، حدادًا على أرواح الضحايا الذين سقطوا فى انفجار «ميناء بيروت» فى الذكرى الثانية لانفجار الميناء البحرى، الذى أدى إلى وفاة أكثر من 200 شخص، وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين.



فقد وقع انفجارُ «مرفأ بيروت»- الذى صُنِّفَ على أنه من أقوَى 10 انفجارات فى العالم- فى الساعة السادسة مساءً فى الرابع من أغسطس عام 2020، إثر انفجار كمية كبيرة من مادة (نيترات الأمونيوم) شديدة الانفجار، التى كانت مخزنة بالميناء، مُلحقًا دمارًا واسعًا بالمرفأ، والأحياء المجاورة، كما تسبب بانهيار وتصدُّع ما لا يقل عن 70 ألف وحدة سكنية فى محيط المرفأ، فضلًا عن الخسائر المادية، التى لا تعوَّض فى حرم المرفأ، وإيراداته المالية التى تقدر بمئات المليارات اللبنانية، وحجم الدمار الذى لحق به، وبصوامع القمح التى لم تعد صالحة للاستعمال.

 تنديد لبنانى

فى نفس صباح يوم الخميس الماضى، أكد الرئيس اللبنانى «ميشال عون» التزامَه بإحقاق العدالة فيما يتعلق بانفجار «مرفأ بيروت»؛ قائلًا فى تغريدة على موقع التواصل «تويتر»، إنه: «بَعد عامَيْن على فاجعة 4 أغسطس، أشارك أهالى الضحايا والجرحى حزنَهم، وعائلات الموقوفين معاناتهم».

وشدّد «عون» على التزامه بإحقاق عدالة مستندة إلى حقيقة كاملة، يكشفها مَسار قضائى نزيه، بعيدًا عن أى تزوير، أو ظلم؛ من أجل محاسبة كل مَن يَثبت تورطه. مضيفًا أن لا أحد فوق القانون.

ومن جانبه، طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية «نجيب ميقاتى» بمعاقبة المسئولين عن انفجار ميناء بيروت. 

ووصف «ميقاتى» يوم انفجار الميناء بالحزين. معتبرًا أن هذا اليوم لن ينجلى قبل معرفة الحقيقة الكاملة. أمّا البطريرك المارونى «بشارة الراعى» فقد دعا إلى تحقيق دولى فى انفجار «مرفأ بيروت»؛ لأنه قد يشكل جريمة ضد الإنسانية.

وبالنسبة للحكومة اللبنانية؛ فقد قرّر مجلس الوزراء اللبنانى إغلاقَ الإدارات العامة، والمؤسَّسات العامة، والبلديات، إذ أوضحت مذكرة الحكومة اللبنانية، أن: «الإدارات العامة والمؤسَّسات العامة والبلديات تقفل الخميس، وتُنَكس الأعلام على الإدارات والمؤسّسات العامة والبلديات، كما تعدل البرامج العادية فى محطات الإذاعة والتليفزيون، بما يتناسب مع ذكرى الفاجعة الأليمة، وتضامنًا مع عائلات الشهداء والجرحى».

ومن جانبها، أعلنت نقابتا الصحافة والمحررين فى «لبنان» توقفَ الصحف عن العمل يوم الخميس الماضى، موضّحين أنه بمناسبة إعلان الحداد الوطنى فى ذكرى فاجعة انفجار «مرفأ بيروت»، وتضامنًا مع عائلات الشهداء والجرحى؛ تتوقف الصحف اللبنانية عن العمل فى هذه الذكرى الأليمة.

 مطالبات دولية بالتحقيق

دعا خبراء من الأمم المتحدة، ومنظمات حقوقية، مجلسَ حقوق الانسان - يوم الأربعاء الماضى- إلى إطلاق تحقيق دولى سريع حول انفجار «مرفأ بيروت»، إذ دعت 11 منظمة حقوقية لإصدار قرار يقضى بإنشاء بعثة لتقصى الحقائق بشأن انفجار المرفأ اللبنانى، على أن يكون ذلك فى دورته المقبلة فى سبتمبر المقبل.

وقالت المنظمات - ومن بينها «هيومن رايتس ووتش»، ومنظمة العفو الدولية «آمنستى»- إنه: «بَعد مرور عامَيْن، لم يتقدم التحقيق المَحلى، وما من بوادر تقدُّم تلوح فى الأفق». 

من جانبهم، أكد ستة خبراء- فى بيان مشترك- أن هذه المأساة شكلت واحدة من أكبر الانفجارات غير النووية فى الذاكرة الحديثة. مضيفين إنه على الرغم من ذلك؛ لم يفعل العالمُ شيئًا لمعرفة سبب حدوثها.

وقالوا، إنه: «فى الذكرى الثانية للانفجار، نشعر بخيبة أمل؛ لأن الناس فى «لبنان» ما زالوا ينتظرون العدالة.. وندعو إلى فتح تحقيق دولى بلا تأخير».

وكان ضمْن الموقّعين على البيان: مقرر الأمم المتحدة الخاص المعنىّ بحالات الإعدام خارج القضاء أو تعسفًا «موريس تيدبال بنز»، ومقرر الأمم المتحدة المعنىّ بحقوق الإنسان والبيئة «ديفيد بويد»، والخبير المستقل المعنىّ بحقوق الإنسان والتضامن الدولى «أوبيروا أوكافور».

وفى سياق مشابه، أعربت مجموعة «الدعم الدولية من أجل لبنان»، التى تضم الأمم المتحدة، وحكومات «الصين، وروسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبى، وجامعة الدول العربية»، عن تضامنهم مع «لبنان» وشعبه؛ لا سيما مع عائلات الضحايا، وكل الذين تأثرت حياتهم جرّاء هذا الحدث، الذى هَزَّ «لبنان» والعالمَ.

ونَوَّه أعضاءُ المجموعة إلى عدم إحراز تقدُّم حتى الآن فى المسار القضائى المتعلق بالانفجار. داعين السُّلطات اللبنانية إلى بذل كل ما بوسعها لإزالة جميع العَقبات التى تَحُول دون إجراء تحقيق محايد، وشامل، وشفاف فى انفجار المرفأ.

وقالوا، إن: «أسَر الضحايا والشعب اللبنانى يستحقون معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، دون مزيد من التأخير».

ورأت دول المجموعة الغربية- العربية، أن متابعة المسار القضائى يُعَد متطلبًا ضروريًا؛ من أجل استعادة مصداقية مؤسَّسات الدولة اللبنانية، وضمان احترام سيادة القانون، وإرساء مبادئ المساءلة، وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب.

كما أفاد بيان المجموعة، بأن الدول الأعضاء يتابعون بقلق بالغ التأثيرات الحادة للأزمة الاقتصادية على جميع شرائح المجتمع اللبنانى، مُجَددين دعوتهم إلى السُّلطات اللبنانية لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات جوهرية، وإتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، من خلال تنفيذ التزامات «لبنان»، وسَنّ التشريعات اللازمة. مشدّدين على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية فى وقتها.

  انهيار الجزء المتبقى

على صعيد آخر، أشار مَصدر عسكرى لبنانى لشبكة (CNN)- يوم الأربعاء الماضى- إلى احتمالية انهيار صومَعتين للقمح تقعان فى «ميناء بيروت»؛ قائلًا، إن: «القوات الأمنية طوّقت المنطقة القريبة من الميناء؛ حيث تفككت صومعتا قمح بشكل كبير فى الساعات الأخيرة».

وأضاف المصدر العسكرى: إن الدخان تصاعَد من الصوامع المتضررة، ويتوقع الجيش اللبنانى أن يتسبب الانهيار فى إحداث سحابة غبار كبيرة، دون وقوع إصابات.

جاء ذلك التصريح، بَعد أيام من إطلاق السُّلطات اللبنانية تحذيرًا من خطر سقوط الجزء الشمالى المتصدع من صوامع الحبوب فى «مرفأ بيروت»، بَعد أسبوعين من اندلاع النيران فيه، إثر تخمُّر مخزون الحبوب مع ارتفاع درجات الحرارة، ونسبة الرطوبة.

يذكر، أن الحكومة اللبنانية كانت اتخذت فى شهر أبريل الماضى قرارًا بهدم الصوامع؛ خشية على السلامة العامة، لكنها علقت تطبيقه بَعد اعتراضات قدمتها مجموعات مدنية، ولجنة أهالى ضحايا انفجار المرفأ، التى تطالب بتحويل الصوامع إلى مَعلم شاهد على الانفجار.