الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد تكريمه فى المهرجان القومى للمسرح: المخرج مراد منير: المسرح غير موجود وتكريمى تأخر كثيرًا

يُعتبر المخرج القدير «مراد منير» من أبرز مخرجى المسرح منذ سبعينيات القرن الماضى، فهو شاهد على تطورات الحركة المسرحية الحديثة لمدة تزيد على أربعة عقود كاملة.. تم وصفه بالمتمرد الساحر الغجرى والشامان، كما وصفه «د.مصطفى سليم» فى كتاب تكريمه بالدورة الأخيرة لمهرجان المسرح القومى.



 

يفتح «منير» قلبه لـ«روزاليوسف» ليتحدث عن التكريم وعن أعماله التى تُعتبر علامة فى تاريخ المسرح الحديث، يتحدث عن أحوال المسرح وعودته له بعد غياب لسنوات.. وإلى نص الحوار.

 هل ترى أن تكريمك جاء متأخرًا؟

- تأخر جدًا.. ولكنى أحسست أنهم كالعائلة التى قاطعت ابنها بغربته لسنوات ثم تذكروه فجأة وقاموا بدعوته على العشاء، فلا يوجد ما يُقال سوى توجيه الشكر لهم.

 هذه الدورة مهداة لـ«المخرج» فكيف ترى حال مخرجى المسرح حاليًا؟ وهل بالفعل فقد المخرج هيبته؟

- المخرج المسرحى الذى لا يسيطر على عرضه يستحق ما يحدث له من فقدان هيبة.. المخرج ليس ديمقراطيًا، بل صاحب الرؤية الوحيدة للعرض وإذا لم يسيطر على العرض يترك المهنة، ولكننا للأسف مصابون بمخرجين ضعاف الشخصية لا يستطيعون السيطرة على الممثلين، خاصة النجوم، وقد عملت مع نجوم كبار فعندما عملت مع «أحمد بدير» مثلا قدم الشخصية بتوجيهاتى لأن المخرج يستطيع أن يخرج أفضل ما فى الفنان، بل ويتطرق لمناطق لا يعرف عنها شيئًا هو نفسه ليتوحد مع الشخصية التى يقدمها. 

 هل تقديمك للمسرحيات الشعرية والاستعراضية كان نوعًا من تمردك على المسرح السائد وقتها؟

- لا، ولكن فكرتى الرئيسية فى زيادة «سحر» المسرح، كان تقديم عرض مسرحى فقط لا يصيب الجمهور بالملل، لأن العروض الشاملة التى تحتوى على الغناء والأشعار والرقصات تكون أكثر إمتاعًا وسحرًا عن غيرها، فيجب أن يكون العرض «لينًا» نوعًا ما، مثلما فعلت فى مسرحية (الدخان) فهو عرض لا يوجد به أى مساحة لإدخال الغناء، لكنى قمت بدمج بعض المشاهد بجمل موسيقية من أغانى السيدة «فيروز» والشيخ «سيد درويش». فنحن شعب يحب «الرواقة» ولا يتقبل نصًا ثقيلا بدون خلطة تحببه فى العرض.

 ولكن البعض يرى أن تلك الفكرة لا تصلح لجمهور النخبة من المسرح.

- من هم النخبة؟ فأنا أقدم العروض للشعب المصرى العادى، والنخبة يمكنها إشباع ملاذها بالسفر لمسارح أوروبا وغيرها. أنا تعمدت منذ بداياتى أن أقدم مسرحًا شعبيًا، به غناء وتيمات شعبية.. فمثلا مسرحية (الملك هو الملك) بها «أغانى شوارع» مثل (على عليوة) وغيرها. لأن تلك الأغانى تدخل وجدان الشعب، والجمهور يعيشها.

وبالمناسبة أنا ابن الطبقة الفقيرة، وكان حلمى تقديم مسرح يصلح للغنى والفقير. وكنت أقدم تذاكر على حسابى الشخصى للشباب الذين لا يملكون نقودًا تكفى ثمن التذكرة.. ليس لأنى لا أجد جمهورًا لعرضى، ولكن لكى أتيح لهم فرصة المشاهدة.. هذه الفرصة التى كنت أتمنى أن يتيحها لى أحدهم عندما كنت فقيرًا. 

 أنت شاهد على حركة المسرح منذ السبعينيات.. فكيف ترى حال المسرح حاليًا؟

- هل هناك مسرح الآن؟ لا يوجد حاليًا مسرح والمسئولون الذين يدعون أنه لا توجد أزمة بالمسرح، يمازحوننا، ويحاولون تغطية فشلهم. هناك ضيق أفق والعمل يتم وفقًا للمصالح.. يكفى أننى أقول إن هناك مسئولًا ما عن أحد القطاعات يقوم سنويا بإنتاج عرضين يفتقران لأبسط الخطوط الإبداعية، والمدهش أنه يقوم بإعادة عرضهما طوال العام حتى وإن لم يحققا نجاحًا.

وما الحل من وجهة نظرك لإنقاذ المسرح؟

- الحل الوحيد يستحيل تحقيقه، فالمسرح مركزى السلطة وهذه المركزية جعلت التحكم فى العروض وفى كل ما يخص المسرح فى يد عدد قليل من الأشخاص. والمسئولون القلائل عندما يفتقدون للمهنية والإبداع يغرق المسرح بأكمله. فيجب أن يتم تغيير كل القيادات الحالية لأنها «تكلست» وحكمت المسرح لفترة طويلة جدًا بلا أمل وبلا فائدة وبلا احتمال تطور.. ويأتى مكانهم أشخاص أكثر تطورا فى الرؤية والإبداع وبميزانيات مختلفة، لأن مصر لاتزال بها مواهب، ولكن تلك المواهب تموت فى أيدى المسئولين الذين لا يقبلون التغيير والأفكار الجديدة.

 شاركت بعروض المسرح «اونلاين» وقت جائحة الكورونا.. فهل أنت مع فكرة استمرار التجربة؟

- تجربة جميلة، وكنت أتمنى استمرارها بشدة. فأنا مع فكرة صناعة أشكال مختلفة من المسرح.. تقديم تلك العروض القصيرة ذات المحتوى اللطيف الذى يصل للشباب عبر الإنترنت والمنصات لزيادة الثقافة المسرحية.. وأيضًا إنتاج عروض عالية المستوى بمفهوم المسرح العادى وتقديمها على خشبة المسرح. 

 وما ردك على من يتهمون «عروض الأونلاين» بأنها لم تكن بالمسرح بمفهومه المتعارف عليه؟

- من قالوا إنها ليست بالمسرح لا يفقهون شيئًا.. فهناك 10 تجارب قدمناها أنا وزملائى على خشبة المسرح القومى، كل منها تحمل رؤية وفكرة مكتملة الأركان ولكنها لمدة نصف ساعة فقط. ومن يقول إن شرط المسرح وجود جمهور يتفاعل مع العرض داخل الصالة، هذا الكلام لا يمكن تطبيقه لأن الوسائل تتطور والعرض وصل لأكثر من نصف مليون مشاهد وتفاعلوا معه فى ليلة واحدة. بينما لو كنا قدمناه على المسرح بمعدل يومى لمدة عام كامل لما شاهده سوى 200 ألف فقط.

  ألم تفكر بالإخراج السينمائى أو الدرامى؟

- توجهت بالفعل للتأليف الدرامى، لأننى لن «أشحت» العمل بالمسرح، فإذا لم تأت الأشياء بكرامة لا أريدها.. فكتبت 6 مسلسلات تعاقدت على اثنين منها مع الشركة المتحدة أولهما سيتم البدء فى تنفيذه خلال الأسابيع القليلة القادمة ويحمل عنوان (حلمى حلمك) إخراج «حامد سعيد»، وبطولة «هانى رمزى وحنان مطاوع وريهام عبدالغفور».بينما سيتم تنفيذ مسلسل (ضد) عقب شهر أكتوبر القادم. 

 عملت على مسارح محافظات كثيرة فأى منها كان يتمتع بحرية أكبر؟

- عملت على مسارح بورسعيد والإسكندرية والقاهرة، وعروضى فى قصر الريحانى بالقاهرة كانت أكثر فترة أتمتع فيها بالحرية، لأننى قدمت بها كل التجارب التى أعدت تقديمها بعد ذلك لأكثر من مرة وحققت نجاحًا كبيرًا، مثل (منين أجيب ناس) و(الملك هو الملك) وغيرهما.

 وكيف ترى مسرح المحافظات حاليا؟

- بدايتى كانت انطلاقًا من المحافظات، أنا ابن الثقافة الجماهيرية، وأنا سعيد بوجود عدة محاولات لاستعادة مكانة الثقافة الجماهيرية فى المحافظات، وإن هناك مجهودًا واضحًا لإقامة عروض هناك وانتقاء شباب وفرق موهوبة لإحياء المسارح فى مختلف أنحاء مصر.

 هل تحضر لعرض جديد؟

- نعم أحضر لعرض مسرحى جديد سيكون طفرة بعنوان (المغامرة) وهو عبارة عن إعادة عرض لمسرحية قدمتها من قبل على خشبة المسرح القومى من بطولة الفنان «أحمد بدير». وسأعيد تقديمه بشكل مختلف وكأنه نص جديد تمامًا على مسارح الثقافة الجماهيرية، بلا نجوم وبمشاركة مواهب شابة منهم أبنائى «يوسف وليلى».

 

هل رحبت بعمل أبنائك بالمسرح أم عارضتهم؟

- لم أعترض إطلاقًا فلهم مطلق الحرية فى العمل والحب. «ليلى» ابنتى لم تكن ترغب فى دخول الفن نتيجة معاناة والدتها الفنانة الراحلة «فايزة كمال»، وفجأة وجدت أنها تريد التمثيل بقوة. أما ابنى «يوسف» فهو من أقوى المواهب الشبابية فى الإخراج والتمثيل والذين سيحققون طفرة وتغييرًا فى عالم المسرح.