الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

70 سنة ثورة يوليو.. نقطة انطلاق التأسيس الثانى للجيش المصرى

كانت صفقة الأسلحة الفاسدة وتبعيتها فى حرب 48.. أحد أهم أسباب اندلاع ثورة 23 يوليو؛ حيث رفض رجال الجيش الممارسات غير المنضبطة والعشوائية من قبَل القصر الملكى وقتها فى التعامل مع القوات المسلحة؛ خصوصًا أنه تم وضع خطة لإعادة تسليح وتطوير المنظومة العسكرية بعد (48) ولكن كان مجرد كلام بلا أفعال وهو ما زاد من السخط الشعبى بشكل كبير وهو ما يفسر الترحيب بالثورة منذ البيان الأول لها.



بنجاح ثورة 23 يوليو والإعلان عن الجمهورية الأولى كان على رأس أولوياتها وضع قواعد واضحة للتأسيس الثانى للجيش الحديث (وكان التأسيس الأول على يد محمد على باشا ونجله إبراهيم باشا وتم فى شهر يناير 1823 تشكيل الآليات الستة الأولى من أول جيش نظامى مصرى).. وبسبب الظروف التى كانت عليها مصر عقب الثورة وقتها كان التأسيس والتسليح للجيش يتواكب مع طبيعة المرحلة.

 التصنيع العسكرى

وكان التصنيع العسكرى على رأس أولويات إعادة تأسيس جيش قوى يعتمد على صناعة حربية وطنية تمد هذا الجيش بالعتاد والسلاح توالى إنشاء وإقامة المصانع الحربية بهدف تصنيع الذخائر والمفرقعات والأسلحة المختلفة.

أنتجت أول طلقة مصرية فى مصنع 27 الحربى يوم 23 أكتوبر 1954 الذى اتخذ عيدًا للإنتاج الحربى، وتوالى استكمال وتشغيل معظم المصانع الحربية، وازدهرت الصناعة الحربية المصرية وتمكنت من تلبية مطالب القوات المسلحة، وزادت الطاقات وتعددت الأنشطة بين صناعة الطائرات والصواريخ والمعدات العسكرية الثقيلة وكذا المَركبات ذات الاستخدامات العسكرية.

وبدأت مصر مع الهند ويوغوسلافيا منذ بداية الستينيات مشروعًا طموحًا لتصنيع الطائرات والصواريخ والمحركات النفاثة والأسلحة، وحتى سنة 1967 كانت مصر متفوقة على الهند فى صناعة الطائرات والمحركات النفاثة، وتم صنع الطائرة النفاثة المصرية «القاهرة 300»، وصنعت مصر أول صاروخين من إنتاجها.

 البرنامج النووى المصرى

وفى عام 1966 كان الفارق بين البرنامج النووى المصرى، ونظيره الإسرائيلى عامًا ونصف العام لصالح البرنامج النووى الإسرائيلى، ورُغْمَ النكسة كانت مصر على وشك تحقيق توازن القوى فى المجال النووى بينها وبين إسرائيل بحلول سنة 1971، فقد كان حلم يوليو الصناعى هو تصنيع كل شىء «من الإبرة إلى الصاروخ» مع اهتمام خاص بالتصنيع العسكرى استجابة لروح التحدى العسكرية التى كانت تحيط بمصر فى ذلك الوقت.

وتم بناء العديد من المصانع الحربية، التى تتبع وزارة الإنتاج الحربى للعمل على تلبية متطلبات القوات المسلحة وكذلك المساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة والمشاركة فى تنفيذ المشروعات الصناعية والتنموية والقومية اعتمادًا على إمكاناتها التكنولوچية والتصنيعية والبشرية المتميزة فى إطار منظومة تؤمن بالتحدى وتكافؤ الفرص.

الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أيضًا أمَرَ بإنشاء سلاح الدفاع الجوى للتصدى لعدوان الطيران الإسرائيلى الذى كان متفوقًا على كل أسلحة طيران العالم، وقد فشلت محاولات إسرائيل تدمير هذا السلاح الذى دعمه عبدالناصر بكل المعدات الحديثة فى ذلك الوقت، وسلاح الصاعقة المصرية والذى يُعتبر أقوى الأسلحة بالجيش المصرى أسّسه أيضًا الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

التسليح بعد النكسة

وبَعد نكسة 1967.. لم يستسلم الجيش المصرى وبدأ على الفور فى إعادة ترتيب الصفوف ووضع خطط واضحة وعلمية لاستعادة الأرض فتم استحداث الجيشَيْن الثانى والثالث الميدانيَّيْن، وإعداد القيادات التعبوية الجديدة، وإعادة تشكيل القيادات فى السلاح الجوى، وإدخال نظم تدريب على كل ما هو أساسى للحرب، وكذلك التدريب على مسارح مشابهة لمسرح عمليات الحرب.

كما استعدت القوات المسلحة للحرب بكل ما هو حديث فى تكنولوچيا التسليح وقامت بتطوير أسلحة المشاه واستبدلت الدبابات القديمة بالجديدة وتم إحلال المدفعية القديمة بأخرى متطورة وتم الدفع بطائرات حديثة وإدخال طرازات جديدة من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، إلى جانب الصواريخ طويلة المدى وكذلك تطوير معدات المهندسين العسكريين وأجهزة الكشف عن الألغام وإدخال أسلحة غير تقليدية ابتكرها مهندسون مصريون مثل قاذفات اللهب المحمولة على الأكتاف ومسدسات المياه التى استخدمت فى هدم خط بارليف الرملى.

بَعد تحقيق نصر أكتوبر.. لم تتوقف القوات المسلحة عن التطوير والتسليح حتى تحافظ على مقدرات الشعب المصرى وتكون رادعة لكل من تسول له نفسه المساس بشبر واحد من الأرض، كما تم وضع خطة متكاملة لتدريب المقاتلين على أعلى مستوى قتالى وعلمى، علاوة على توفير بنية تحتية حديثة بجميع وحدات الجيش.

 ثورة 30 يونيو وطفرة التسليح

مع نجاح ثورة 30 يونيو، وبَعدها تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية إدارة البلاد، كانت القوات المسلحة على موعد لتأسيس جديد وطفرة غير مسبوقة على جميع المستويات، وهو الأمْرُ الذى تعهّد به الرئيس منذ اليوم الأول لتوليه الحُكم.

فقد حرصت القيادة العامة للقوات المسلحة على تنفيذ استراتيچية شاملة لتطوير وتحديث الجيش المصرى والقوات البحرية ودعم قدراتها على مواجهة التحديات والمَخاطر الحالية.

ولخدمة تمركزات وإدارة عمل الأسطوليْن «الجنوبى - والشمالى»، تم إنشاء عدد من القواعد الجديدة كـ «3 يوليو - وشرق بورسعيد»، كذلك تطوير عدد من القواعد والموانئ البحرية على رأسها «قاعدة برنيس الجو بحرية» العسكرية، وتزويد القواعد بجميع الاحتياجات الإدارية والفنية وأنظمة القيادة والسيطرة ومنظومات التعاون مع مختلف القوات العسكرية والأجهزة المدنية فى نطاقات العمل بالبحرين الأبيض والأحمر.

 القوات الجوية والدفاع الجوى

على مستوى القوات الجوية فقد تم إمدادها بمنظومات متطورة من الطائرات متعددة المهام والطائرات الموجهة المسلحة وطائرات النقل الكاسا وأيضًا طائرات الإنذار المبكر والاستطلاع والهليكوبتر الهجومى والمسلح والخدمة العامة من مختلف دول العالم، ومن ضمن الصفقات التى تمّت خلال الفترة الأخيرة على سبيل المثال الحصول على طائرات فرنسية من طراز رافال متعددة المهام، كذا التعاقد على عدد كبير من الطائرات الروسية المقاتلة والمتقدمة من طراز «ميج 29 أم 2 – mig29 m2».

وفى مجال تطوير وتحديث منظومة الدفاع الجوى؛ فقد راعت خطط التسليح أن يتم تدبير عدد كبير من الرادارات مختلفة الطرازات، والتى تؤمّن التغطية الرادارية للأجواء المصرية على مختلف الارتفاعات، كما راعت تدبير عدد من كتائب الصواريخ من طراز بوك / تور ام، وأعداد كبيرة من فصائل الصواريخ المحمولة على الكتف من طراز إيجلا إس؛ وذلك لزيادة قدرة الاشتباك مع الأهداف الجوية على الارتفاعات المختلفة.

 الدبابات القتالية

فى منظومة التطوير التى تتبعها القوات المسلحة؛ حظى التصنيع الحربى باهتمام كبير فى تلك الرؤية؛ خصوصًا فى مجال التصنيع المشترك والذى يتركز فى الدبابة إم 1 أ 1 للوفاء باحتياجات القوات المسلحة من الدبابات الحديثة. ويمتد التصنيع بشركات الإنتاج الحربى ليشمل كذلك العديد من الأسلحة الرئيسية والكثير من المعدات الفنية والصواريخ المضادة للدبابات والذخائر الثقيلة ولنشات المرور السريعة والطائرات الموجهة من دون طيار وكبارى الاقتحام وكبارى المواصلات ومَعديات العبور والمَركبات والجرارات الخاصة بحَمْل الدبابات وبعض المعدات الهندسية.

 القواعد العسكرية

فى ظل التطورات الأخيرة والخطيرة التى تحدث فى العالم من حولنا وتفرز العديد من التهديدات المؤثرة على أمن مصر القومى؛ فقد ارتأت القيادتان السياسية والعسكرية ضرورة تطوير التمركزات العسكرية فى مصر بإنشاء قواعد عسكرية متكاملة على مختلف الاتجاهات الاستراتيچية، تضم القوات البرية المتمركزة بها تجمعًا قتاليًا يشمل قواعد جوية وموانئ بحرية قوية وكافية للتعامل مع مختلف التهديدات الموجهة لمصر من كل اتجاه بسرعة وحسم وتوفير جميع عناصر التأمين القتالى والإدارى والفنى لتلك القواعد.

ومن أبرز القواعد التى تم إنشاؤها فى هذا الإطار هى قاعدة «الحمّام العسكرية» غرب الإسكندرية والتى أطلق عليها «قاعدة محمد نجيب العسكرية» تكريمًا لرمز من رموز الثورة المصرية عام 1952؛ حيث تُعَد أول قاعدة عسكرية متكاملة على أرض مصر يتمركز بها تجميع قتالى قوى يتوافر به المأوى الحضارى وميادين التدريب المجهزة لمختلف العناصر القتالية والتخصصية.