الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«اذهب يا بوريس» سوء اختيار أمْ فضائح «كوفيد» وراء استقالة رئيس الوزراء البريطانى؟

طريقٌ طويل إلى القمة استغرق 21 عامًا، كان رئيس الوزراء البريطانى، بوريس چونسون، شخصية مميزة وأكسبه سلوكه غير المألوف وعباراته غير التقليدية شعبية لدى البريطانيين قبل وقت طويل من وصوله إلى رئاسة الحكومة. ففى عام 2019، أثبت فوزه الساحق فى الانتخابات أنه قادر على استمالة قطاعات من الناخبين لم يتمكن غيرُه من المحافظين من استمالتها.



لم يكن يتوقع «بوريس چونسون» أن ينتهى فجأة وبضربة قاضية فى 48 ساعة.

أعلن چونسون استقالته من رئاسة حزب المحافظين، بعد سلسلة استقالات عصفت بحزبه وحكومته. وقال نواب فى حزب المحافظين فى البرلمان البريطانى إنه يجب استبدال چونسون على الفور، بدلًا من السماح له بتصريف الأعمال حتى الخريف.

 

تأتى استقالته بعد أن أعلن نحو 60 من أعضاء الحكومة استقالتهم الأسبوع الماضى وبينهم خمسة وزراء، فى حركة جماعية غير مسبوقة فى التاريخ السياسى البريطانى.

لكن الفضائح عادت لملاحقة چونسون؛ فمنذ نهاية العام الماضى يصارع السياسى اتهامات بـ«الكذب» و«الخداع» إثر استضافة مقر إقامته حفلات صاخبة فى وقت كان فيه الشعب يئن تحت إغلاق كامل وقت جائحة كورونا.

تلك الفضائح فجّرت عاصفة معارضة لچونسون داخل حزب المحافظين، انتهت بتقديم عشرات المسئولين بالحكومة استقالات متتالية، ودفعت السياسى إلى توديع فترة النجاح الساحق، والاستجابة للضغوط عبر الاستقالة من زعامة الحزب الحاكم.

 بداية الأزمة

تحوّل الدعم الاستثنائى لرئيس الوزراء البريطانى إلى رفض استثنائى، والأصوات المؤيدة إلى استقالات ودعوات للتنحى، بعد سلسلة من الأزمات على مدار عامَيْن ونصف.

ومن نهاية العام الماضى، واجَه چونسون سلسلة تقارير بشأن الحفلات فى داونينج ستريت؛ حيث عاش وعمل رؤساء وزراء بريطانيا، فى وقت كانت تطبق فيه إجراءات الإغلاق المرتبطة بكوفيد فى عموم البلاد، ما بات يُعرف باسم «بارتيچيت».

وفى مايو، وجد تحقيق داخلى طال انتظاره أن 83 شخصًا انتهكوا القواعد خلال هذه الحفلات، والتى ثمل فيها البعض وألحقوا أضرارًا بالممتلكات واشتبكوا مع بعضهم البعض.

وقالت شرطة لندن إنها فرضت 126 غرامة بسبب انتهاك قواعد التباعد الاجتماعى خلال هذه الحفلات.

وعلى إثر هذه الفضيحة، واجه چونسون تصويت حجب الثقة من حزبه؛ حيث قال حلفاء سابقون إن سلوكه فى عدة فضائح «يهين الناخبين».

وعلى الرغم من أنه نجا من حجب الثقة؛ حيث صوّت 148 نائبًا برلمانيًا من أصل 359 محافظًا ضده؛ فإن هذا يعنى أنه يحظى بدعم هش للغاية فى أروقة الحزب الحاكم. 

 الضربة الثانية

هذا الدعم الهش بدأ فى التآكل مع تفجُّر فضيحة جديدة، إذ أقر چونسون بارتكابه «خطأ» بتعيينه فى فبراير الماضى كريس بينشر فى منصب مساعد المسئول عن الانضباط البرلمانى للنواب المحافظين، قبل أن يستقيل الأخير الأسبوع الماضى بعدما اتهم بالتحرش برجُلين.

والأسبوع الماضى، أقرت رئاسة الحكومة بأن چونسون حصل على معلومات رسمية فى 2019 حول اتهامات سابقة طالت بينشر، لكنه «نسيها» عندما قرر تعيينه فى منصب مساعد المسئول عن الانضباط البرلمانى.

ولا يتوقف الأمْرُ عن الأخطاء الشخصية الجسيمة، إذ ذكر تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية فى وقت سابق، أن هناك أيضًا استياء عامّا أكثر من قيادة چونسون، تفاقم بسبب مشاكل أخرى فى بريطانيا، من بينها التضخم المتزايد بسرعة.

 «حافة الهاوية»

كل هذه الأمور، أوصلت الرجُل الذى كان يحظى بدعم استثنائى قبل عامَيْن ونصف إلى حافة الهاوية، مع استقالة 4 وزراء و40 مسئولًا أقل رتبة من حكومته خلال الأسبوع الماضى.

وبدأت موجة الاستقالات عندما أعلن وزيرا الصحة والمال ساجد جاويد وريشى سوناك من دون إنذار مسبق، استقالتهما من الحكومة ليليهما أعضاء آخرون فى الحكومة أقل رتبة.

واستقال براندون لويس من منصب وزير شئون أيرلندا الشمالية، وحذر چونسون من أن رئاسته للوزراء «تجاوزت نقطة اللا عودة».

وتابع لويس أنه «لا يمكن التضحية بنزاهتى الشخصية للدفاع عن الأشياء كما هى الآن»، وفق خطاب الاستقالة الذى نشره على «تويتر».

وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن وزراء من الصف الأول طالبوا چونسون أيضًا بالاستقالة بسبب صعوبة الوضع. ومن بين هذه الأسماء وزيرة الداخلية بريتى باتيل، بالإضافة إلى ناظم الزهاوى الذى جرى تعيينه قبل 24 ساعة فقط، وزيرًا للمال.

 رد فعل 

تباينت ردود فعل الصحف البريطانية بين التحفظ والاحتفال، وكتبت صحيفة «ذا صن» «بو - جو» (اذهب يا بوريس) فى صدر صفحتها الرئيسية على موقعها الإلكترونى.

وأضافت: «يحاول چونسون أن يعرج حتى أكتوبر مع مجلس الوزراء من (الزومبى)، لكن كبار المحافظين يطالبونه بالرحيل الآن».

ونشرت صورة للاجتماع بأعضائه الجُدد وعلقت أنه «اجتماع الزومبى».

وكانت صحيفة «ميرور» أكثر تحفظًا، واكتفت بعنوان رئيسى عمّن هم أبرز المرشحين لخلافة چونسون، وبالمثل تعاملت هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» التى اكتفت بعرض أهم الملفات الخاصة بالتطورات السياسية.

واعتبرت صحيفة «إكسبريس» أن رئيس الوزراء يحاول استغلال أى ثغرة للتشبث بالمنصب أطول فترة ممكنة.

«الجارديان» اتخذت منحنى مختلفًا؛ حيث التقطت أهم التطورات فى صور من بينها لأشخاص يجلسون فى مقهى ويتابعون أنباء استقالة چونسون، وأخرى لرئيس الوزراء، وهو يُقبّل زوجته ويحمل ابنه.

وعلى النقيض، مواقع التواصل الاجتماعى تناولت الاستقالة بالكثير من السخرية والاستهزاء من چونسون؛ حيث أثارت معركته للبقاء فى المنصب أطول فترة ممكنة موجة سخرية عبر عنها البعض بـ«كوميكس».

حساب باسْم «الحرب الباردة ستيف» الذى ينظر له على أنه ساخر مَحلى يهتم بكل ما يدور فى النظام السياسى البريطانى، نشر صورة لچونسون وهو يقاتل من أجل البقاء لكن بشكل ساخر.

ونشر مستخدم آخر مزحة يلقيها أحدهم بأنه فى إحدى المرات حصل على أغلبية بأكثر من 80 مقعدًا، لكنه انتهى به الحال مطرودًا خلال أقل من ثلاث سنوات.

كما نشر أحدهم صورة لچونسون «كوميكس» خلال كلمة سابقة بالبرلمان وأمامه طبق «فيشار».

وصعدت الأسهم البريطانية بعد قرار الاستقالة حيث وصل مؤشر FTSE 250 المركّز محليًا إلى أعلى مستوى له فى أسبوع واحد، بعد أن أعلن بوريس چونسون استقالته من منصب رئيس الوزراء البريطانى على خلفية فقدانه دعم وزراء حكومته بشكل كبير.

وزاد الجنيه الإسترلينى فى آخر مرة بنسبة 0.5 ٪ مقابل الدولار. بعدما سجلت العملة البريطانية أدنى مستوياتها فى عامَيْن مقابل الدولار، إذ تركت استقالة كبار الوزراء الحكومة قريبة بشكل خطير من الشلل.