السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تبرع لأخيك «اللاجئ».. أكبر عملية نصب «إخوانية» فى ألمانيا

ليس نوعًا من الافتراء أو التجنّى، رصد ما قامت به ولا تزال تنتهجه جماعة «الإخوان» فى أوروبا عبر تنظيماتها السّرّيّة والمؤسّسات والجمعيات العلنية التابعة لها؛ لا سيما فى دول نشط فيها التنظيم على مدار الـ50 عامًا الماضية، وعلى رأسها ألمانيا، بالقيام باستغلال اللاجئين القادمين من دول عربية وإسلامية إلى أوروبا؛ لتقوم تحت عنوان كاذب بحجة دعمهم بـ«أكبر عملية نصب» باسْم «الإنسانية» عندما تحركت الصناديق لجمع «التبرعات» لمساندة اللاجئ، ولكن فى النهاية فإن مَن حضر هاربًا من بلاده، لم يحصل على «يورو واحد» من تلك التبرعات التى جُمعت باسْمه عبر الشبكة الإخوانية.



بكل بساطة؛ الدول الأوروبية التى استقبلت اللاجئين، والتطرُّق بالتحديد هنا إلى ألمانيا، لم تترك هؤلاء اللاجئين جائعين أو عُراة أو من دون مأوَى، فهناك نظامٌ كان ولا يزال يتم العمل به مع اختلاف فى بعض التفاصيل مؤخرًا، تتعلق بكيفية استقبال وسكن وسُبُل الإنفاق على اللاجئ من يوم وصوله مرورًا بكيفية اندماجه فى المجتمع مع مرور الوقت وتأهيله مهنيًا والدخول فى سوق العمل مع الحصول على إعانات مالية وصولاً إلى حصوله على الإقامة ثم الجنسية، والأهم من كل ذلك، رعاية الأطفال أبناء اللاجئين لدرجة تصل إلى توفير إخصائيين اجتماعيين ونفسيين لهم عند وصولهم لإزالة أى آثار داخل نفوس هؤلاء الصغار، بسبب ما عاشوه فى بلدانهم ما بين مَشاهد حرب ودمار وأى مَتاعب تعرّضوا لها فى رحلة اللجوء.

ولكن جماعة «الإخوان» عبر مؤسّسات وجمعيات لها فى ألمانيا، بحسب شهود والأهم من ذلك كما جاء فى تقارير جهات أمنية واستخباراتية فى هذا البلد، جمعت من خلال التبرعات لنجدة اللاجئين مئات الملايين من اليوروهات، استخدمت من أجل دعم وتنشيط حركة الجماعة فى أوروبا وفى دول عربية وإسلامية ليصل الأمْرُ إلى تفعيل ميليشيات تخرّب فى بُقَع داخل دول عربية تشهد نزاعات أو صراعات يكون فى «الإخوان» العامل الفعّال بالدرجة الأولى، أو توجّه تلك التبرعات لبيزنس الجماعة الواسع ما بين المتاجر والمؤسّسات الاقتصادية وصولاً إلى شركات طيران وسياحة، العقارات، المواد الغذائية وشركات البرمجيات؛ ليكون التمويل مستمرًا وجاهزًا مع ثبات أو تغيُّر خطط أو نشاط التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية.

تضييق الرقابة من جانب أجهزة الأمن فى ألمانيا على مَصادر تمويل «الإخوان»، أثبتت الاعتمادَ على حملات «تَسَوُّل» بعنوان «تبرّع لأخيك المسلم» بحجة أن هذه الأموال ستذهب للاجئين، وهى حملة تنوعت أشكالها منذ منتصف العقد الماضى مع موجات اللاجئين من الشرق الأوسط الغالبية منهم سوريون وأيضًا عراقيون، ولكنها فى النهاية تتوجَّه إلى خزائن الجماعة لتعظيم تمويل التنظيم الدولى بَعد ضربات نالت الجماعة فى مصر، تونس، ليبيا وبعض دول الخليج، وتزامَن مع ذلك نشاط تمويلى جديد عبر ندوات ودروس دينية «أونلاين» للمسلمين الذين يعيشون فى أوروبا بمقابل مادى، مع تركيز استراتيچية «بيزنس» الجماعة فى ظل التبعات الاقتصادية لأزمة روسيا وأوكرانيا على الاستثمارات فى سوق العقارات والمواد الغذائية، كما وضح مؤخرًا فى طلبات إحاطة ضد أنشطة الإخوان داخل البرلمان الألمانى.

«سيدا عبدالله - مستشار اجتماعى بمدينة كولن الألمانية»، يوضح أن أكبر استغلال حدث للاجئين؛ لا سيما السوريين والعراقيين كانت من جانب التنظيم الإخوانى داخل أوروبا، فى وقت كانت تقيم فيه جمعياتهم داخل المراكز الإسلامية التى أسَّسوها منذ الرعيل الأول فى خمسينيات القرن الماضى عندما انقسمت الانطلاقة الرئيسية بين «ميونيخ» و«چنيف»، كانت منهجية جمع الأموال بالتبرعات التى فى ظاهرها موَجَّهة للاجئين فى السنوات الـ8 الأخيرة، من خلال مناسبات وتجمعات دينية ما بين إفطار جماعى لمسلمين وعرب يعيشون منذ عقود فى تلك البلْدان، صلوات التراويح، الجمعة، تجمُّع ليلة الإسراء، المولد النبوى، ليلة منتصف شعبان.. وهكذا، وكانوا يستغلون ابتعاد هؤلاء المقيمين الذين تجنسوا منذ عقود وأصبحوا ممثلين فى 3 أجيال على أقل تقدير عن أوطانهم بجمع تبرعات منهم بلغت ملايين اليوروهات فى ظل تفوُّق تلك الجمعيات فى اللعب على الوتر العاطفى العقائدى؛ لتجمع أموال صدقات وزكاة كما يدَّعون باسْم فقراء المسلمين فى العالم العربى، وأثبت أن هذه الأموال لا تذهب إليهم؛ بل لصناديق الجماعة.

ويقول «سيدا» إن هناك ما وصفه بـ«خزعبلات» تستخدم باسْم الدين ضد تجمعات عربية وإسلامية، تختلف مع «الإخوان» فى أوروبا، وألمانيا فى صدارة تلك الدول، مع عدة طرُق تستخدمها جمعيات ومؤسّسات تنظيم «الإخوان» متلاعبين بالقانون المنظم وروحه وملتفّين حوله، وفى الخفاء كانت تذهب هذه الأموال التى تجمُّع من خلال جمعيات تحاول عدم إظهار علاقتها بالجماعة، ولكن فى النهاية هذه الأموال تُجمَع تحت يد التنظيم الدولى للإخوان وقياداته ويذهب منها جزءٌ كبيرٌ لتمويل أعمال الجماعة «المتطرفة» سواء فى عمليات إرهابية أو تجنيد لما يُعرَف بـ«الذئاب المنفردة» أو تكوين صفوف لهم فى دول عربية مثل مصر، سوريا، بلدان شمال إفريقيا من خلال مساعدات اجتماعية وعلى رأسها تلك المؤسّسات الإخوانية «ميللى غوروش» التى كان يترأسها رئيس وزراء تركيا الأسبق والقيادى التاريخى فى التنظيم الدولى للإخوان «نجم الدين أربكان»، وهى أكبر حركة تنظيمية لـ«الإخوان» فى أنحاء أوروبا، بداية من المَساجد وعملها المالى مرورًا بالمَتاجر والمؤسّسات الاقتصادية وصولاً إلى شركات طيران وسياحة، العقارات، المواد الغذائية وشركات البرمجيات.

ولفت «سيدا» إلى أن أكبر فرصة فى جمُّع التبرعات كانت عبر نشاط أكبر شركة للقيام برحلات الحج والعمرة للمسلمين فى أوروبا؛ حيث إنه بجانب الأرباح التى تتحقق من هذا النشاط، كان أيضًا يجمع من الحجاج التبرعات وسط ادعاءات تكون تارة مساعدة الأيتام فى العالم العربى والإسلامى، وتارة أخرى للأسر المعيلة، وكان الصندوق الأكبر فى التبرعات بحجة مساندة اللاجئين المنهكين القادمين من سوريا والعراق ودول عربية وإسلامية إلى القارة العجوز، تحت ذريعة أن تلك التبرعات تحمى اللاجئ المسلم من العالم المسيحى المتطرف هنا فى ألمانيا ودول أوروبا على حد تصنيفاتهم المتشددة، ولكن فى النهاية بَعد جمع مئات الملايين من اليوروهات تحت هذا المسمى، لا يوجّه حتى يورو واحد إلى لاجئ؛ لأن بكل بساطة تلك الدول الأوروبية التى يصفونها بكل تطرف بـ«الكافرة» هى مَن استقبلت هذا اللاجئ المنهك ووفرت له المسكن والغذاء والدواء والمساعدات المالية والتأهيل المهنى للاندماج فى المجتمع؛ ليصبح عضوًا فاعلاً يكسب «قوت يومه» بنفسه.

فيما يؤكد مدير المركز الچيوستراتيچى للدراسات فى ولاية شمال الراين بألمانيا، إبراهيم كابان، أنه تحت العباءة الدينية تَجمع مؤسّسات جماعة «الإخوان» فى أوروبا التبرعات؛ ليتم إرسالها لفروع التنظيم فى مناطق صراع عربية تُعتبَر الجماعة نشطة تنظيميًا فيها، وأيضًا تستخدم تلك التبرعات فى تجنيد المئات من العناصر فى الداخل الألمانى الذين وصلوا إلى هنا كلاجئين، وهناك شخصيات ومَساجد تحولت فى فترة ما من 2014 إلى 2018 عندما كانت «داعش» نشطة، لإدارة حركة قدوم اللاجئين من تركيا، فكان يَعبر مئات الأشخاص من هؤلاء المرتزقة جاء بهم الإخوان إلى أوروبا من خلال فروع لتلك المؤسّسات الإخوانية فى مناطق شمال سوريا المسيطر على أجزاء كبيرة منها من جانب فصائل إخوانية وميليشيات تركية، عقب تجهيزهم كـ«ذئاب منفردة» تحركهم وتقامر بهم وتضغط أيضًا فى تعاملها مع أجهزة الأمن والاستخبارات فى الداخل الأوروبى، وكل تلك التجهيزات عبر جمْع التبرعات باسْم اللاجئين.

وأوضح «كابان» أن فى أوروبا بشكل عام وفى ألمانيا بشكل خاص، تحمل تنظيمات الإسلام السياسى التى تقودها جماعة «الإخوان» بالتعاون مع جمعيات تركية، نفسَ الفكر والغرَض، وتتحرك فى عملها بالدرجة الأولى على جمْع التبرعات وإقامة نشاط اقتصادى يمول عمل التنظيم، وضربة البداية فى سياق «التبرعات» فى حقب الخمسينيات والستينيات، وكان التحرك بشكل كبير من ألمانيا وسويسرا فى ظل عدم متابعتهم ومراقبتهم بالشكل المطلوب فى هذا التوقيت من قبَل أجهزة الأمن فى هذه الدول لأمور عدة منها حجج قام بتسويقها «الإخوان» بأنهم هاربون من ظلم وأنهم يقبلون الآخر وينشرون السلام، لكن فى الواقع كشفت الحقائق مع مرور العقود للأجهزة الأمنية فى دول أوروبية وعلى رأسها ألمانيا، حول أن تلك المراكز والمؤسّسات تابعة تمول مشاريع سياسية لتنظيم الإخوان فى المنطقة العربية وأنها تهدد السّلم الأهلى والمجتمعى لتلك الدول التى يعيشون فيها فى أوروبا.

ولفت «كابان» إلى أنه منذ عامَيْن تقريبًا، خرج تقريرٌ للمخابرات الداخلية الألمانية عن «المتطرفين» فى ألمانيا ووضح دور جماعة «الإخوان» بجمع الأموال فى ألمانيا بحجة الدعم الإنسانى للاجئين، ولكنها فى النهاية تُستخدَم لدعم الجماعات والحركات المتطرفة القائمة بالفعل فى أوروبا وأيضًا فى دول عربية، وعلى سبيل المثال، فى هذا الإطار عملت جمعيات إخوانية فى ألمانيا تحت اسْم دعم ما يسمونه «الثورة السورية»، وفى النهاية تذهب الأموال للجماعات المتطرفة سواء فى إدلب او مناطق الاحتلال التركى فى شمال سوريا، ويتم تحويل الأموال بطريقتين، تكون الأولى بغرض إنسانى من أوروبا ليُنفذ بها أعمالاً عسكرية إرهابية فى سوريا، وهذه معلومات معلنة وليست سرًا، ومصر نفسها فى وقت من الأوقات وجِّهتْ لها أموال لدعم الجماعة وتجنيد الشباب وتكوين ميليشيات مسلحة، ووضح ذلك فى فترة من 2011 حتى 2014، وكانت هناك طرُق متعددة لإرسال تلك الأموال، أمّا الطريقة الثانية فيكون عبر دمج تلك الأموال فى مشروعات تجارية وشركات ومصانع للجماعة فى أوروبا ليتم غسلها حتى تخرج من غطاء «التبرعات» وتحول تحت غطاء تجارى أو استثمارى لفروع الجماعة فى دول عربية وإسلامية.