الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«روزاليوسف» تدق ناقوس الخطر فى التعامل مع قضايا الانتحار المجلس الأعلى للإعلام أكد على محددات الكود الإعلامى لتغطية حوادث الانتحار

فى الفترة الأخيرة شاهدنا عددًا من حوادث الانتحار الغريبة على مجتمعنا المصرى، فمَهما كانت الأسباب والمبررات، فكل هذه الوقائع دخيلة على مجتمعنا؛ بل إنها تترك آثارًا بالغة على أهالى المنتحرين وأقربائهم، وكل من يعرف الضحية أو تشابهت أحوالهم وظروفهم مع مرتكبيها. كنا نسمع القليل عن هذه الحوادث ونبقى لسنوات تحت تأثير الواقعة ومندهشين، وأحيانًا غير مصدقين إمكانية حدوثها فى مجتمعاتنا وبين معارفنا وأصدقائنا.



أغلب معالجات التغطية الإعلامية لحوادث الانتحار كانت تجارية بحتة ليس لها علاقة بمهنة الإعلام؛ بل كانت قائمة على جمع المشاهدات وركوب «التريند» على حساب قضية اجتماعية حساسة.

فخلال الأسبوع الماضى فقط وقعت أكثر من حالة انتحار من سقوط شابٍّ من أعلى برج القاهرة لمروره بضائقة مالية، وإلقاء شاب نفسه من الطابق الـ 18 ببرج التطبيقيين بمنطقة العباسية لفشله فى الحصول على وظيفة، وآخرها شاب ألقى بنفسه فى النيل من أعلى كوبرى القطار بمحافظة المنصورة، ورُغم قسوة هذه الحوادث علينا ألا ننشرها حتى لا نكون سببًا فى تكرارها.

وهذا ما دفع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لمناقشة هذه الظاهرة وفهمها والتصدى لمواجهتها من خلال اقتراح كود إعلامى جديد لتنظيم تغطية حوادث الانتحار، وكما أكد كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن محددات الكود الإعلامى للتعامل مع قضايا الانتحار تستهدف تقديس الحق فى الحياة، والتعامل مع المنتحر على أنه مريض نفسى يحتاج إلى الاحتواء، إضافة إلى عدم الإسراف فى نشر فيديوهات المنتحر، وإضفاء البطولة على شخصه.

إن «الكود الإعلامى للتعامل مع قضايا الانتحار يستهدف الحفاظ على احترام آلام الأسر».

وشدد المجلس الأعلى للإعلام، على أنه يمتنع على وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية بث مقاطع الفيديو أو روابط التواصل الاجتماعى لحوادث الانتحار ومحاولاته كأصل عام، ويجب فى نهاية كل تغطية لحوادث أو محاولات الانتحار توضيح موارد وأماكن الدعم الطبى والنفسى والمجتمعى المتوافرة وذكر وسائل الاتصال وخطوط المساعدة الهاتفية والإلكترونية وغيرها لمواجهة مثل هذه الأزمات.

ولفت إلى أنه عند وجود ضرورة قصوى لتغطية حوادث الانتحار يتعين ضرورة وضع رسالة تحذيرية تنبه الجمهور للمحتوى شديد الحساسية، وعدم التشغيل التلقائى لمقاطع الفيديو أو روابط التواصل الاجتماعى؛ بل يجب الحصول على موافقة المتصفح قبل تشغيل المحتوى للتأكد من رغبته فى المشاهدة، وتقييد إمكانية نسخ أو مشاركة الخبر بأكبر قدر ممكن للحد من انتشاره، وعدم تكرار بث أو نشر الخبر دون داع، وعدم تثبيت الخبر. مشيرًا إلى ضرورة تجنب الضرر النفسى الواقع على ذوى أصحاب حالات الانتحار أو محاولاته وأسرهم من جراء التغطية الصحفية أو الإعلامية أو النشر، وتجنب نشر أى تعليق أو تصريح لهم دون إذن مسبق.

وهذا ما أكده دكتور عماد مكاوى، عميد كلية إعلام القاهرة الأسبق، قائلاً: إن كود المجلس الأعلى للإعلام يُعَد بديهيات للعمل الإعلامى والصحفى بشكل خاص، فهناك أمور محظورة مثل الإتيان بصورة المنتحرين والحديث عن حياتهم الشخصية بشكل تحليلى أو نشر فيديو الانتحار، وهذا شىء خطير وغير مهنى.

مضيفًا إن لدينا معايير وأكوادًا بالفعل فى تناول عدد من القضايا ليس الانتحار فقط؛ بل خاصة بتناول الإرهاب والمرأة والطفل والأمن القومى وغيرها، ولكنها غير مفعّلة ولا تتم محاسبة المخطئ عن الخروج عنها إلا إذا حدثت ضجة حول خبر أو تناول ما.

وأشار إلى أن صفحات السوشيال ميديا لعدد من المواقع الصحفية أو غير الصحفية، وبرامج التوك شو ترتكب يوميًا أخطاء كثيرة فى تناول عدد من القضايا الحساسة مجتمعيًا.

ونحن فى «روزاليوسف» نؤكد على ضرورة احترام الكود الإعلامى الذى أكد عليه المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى تغطية حوادث الانتحار التى نعتبرها فردية، فهى ليست أخبارًا طبيعية؛ وإنما مرفوضة ودخيلة على مجتمعنا المصرى؛ بل العربى ومضرة لتجنب تكرارها من الآخرين، ونحن من منبرنا هذا نطالب وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية بعدم بث مقاطع الفيديو أو روابط التواصل الاجتماعى لحوادث الانتحار مع ضرورة وضع رسالة تحذيرية تنبه الجمهور للمحتوى شديد الحساسية وعدم التشغيل التلقائى لمقاطع الفيديو أو روابط التواصل الاجتماعى؛ بل يجب الحصول على موافقة المتصفح قبل تشغيل المحتوى.

 تقديم الدعم للمرضى النفسيين

وتعمل الدولة على تقديم الدعم للمرضى النفسيين من خلال أكثر من جهة خط ساخن لمساعدة من لديهم مشاكل نفسية أو رغبة فى الانتحار، أبرزها الخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية، بوزارة الصحة والسكان، لتلقى الاستفسارات النفسية والدعم النفسى، كما خصص المجلس القومى للصحة النفسية خطًا ساخنًا لتلقى الاستفسارات النفسية 20818102.

 الانتحار كبيرة من الكبائر وجريمة فى حق النفس

وأكدت دار الإفتاء المصرية؛ أن الانتحار كبيرة من الكبائر وجريمة فى حق النفس والشرع، والمنتحر ليس بكافر، ولا ينبغى التقليل من ذنب هذا الجُرم وكذلك عدم إيجاد مبررات وخَلق حالة من التعاطف مع هذا الأمر؛ وإنما التعامل معه على أنه مرض نفسى يمكن علاجه من خلال المتخصصين.

«أنت غالٍ علينا»

وبعد تكرار هذه الحالات الفردية أطلق الأزهر الشريف مبادرة بعنوان «أنت غالٍ علينا» لتقديم الدعم النفسى للشباب ومساعدتهم على حل المشكلات وتجاوز التحديات؛ وذلك لمنعهم من التفكير فى التخلص من حياتهم بعد وقوع عدة حوادث انتحار لشباب مصريين الفترة الأخيرة.

ومن جهته أكد د. أسامة الحديدى رئيس مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، القائم على المبادرة، أن المركز تعامَل مع حالات كانوا يفكرون فى الانتحار ونجح فى إبعادهم عن تلك الأفكار؛ حيث إن المبادرة تم إطلاقها قبل عام ، ومستمرة فى تقديم خدماتها.

وأضاف: إن المركز يقدم هذه الخدمة بشكل مجانى، فى إطار تشجيعه لكل من يعانى من ضغوط ومشاكل نفسية للتوجه لأخذ المشورة الطبية النفسية.

وقال الحديدى: إن من بين أعضاء مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية أساتذة فى الطب النفسى وأساتذة علم اجتماع، كما أن أعضاء الفتوى بالمركز تلقوا العديد من الدورات التدريبية على يد هؤلاء الأساتذة وأصبحت لهم خبرات كافية لتقديم الدعم النفسى والدينى والمعرفى لكل الحالات التى تحتاج ذلك، وحققوا نجاحًا كبيرًا.