الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد بيع شقة المهندسين وانتهاء لجنة حصر المقتنيات من عملها: متحف أحمد زكى.. حلم تحول إلى سراب

قبل أكثر من عام، وتحديدا فى شهر فبراير من عام 2021 نشرنا فى مجلة روزاليوسف تحقيقا بعنوان (إرث الإمبراطور فى مهب الريح) حذرنا خلاله من ضياع تراث الفنان الراحل «أحمد زكى» بعد أن تم التعامل معه باستهانة شديدة بمجرد رحيل نجله «هيثم» فأصبح فى يد من لا يدرك قيمته الحقيقية، ويتعامل معه على أنه بضاعة تباع وتشترى لتدر حفنة من الدولارات لا جزءا من تاريخ هذا الوطن لا يحق لأحد التفريط فيه.



 

 قد تناولنا فى ذلك التحقيق تفاصيل العرض القطرى لشراء المقتنيات، والذى بلغت قيمته 2 مليون دولار، وصل لـ«بلال عبدالغنى» المحامى السابق لـ«رامى عز الدين» –شقيق «هيثم زكى» من جهة الأم، وتحدثنا أيضا مع مالك شقة الهرم النائب «عمرو هندى» الذى رفض من خلال حديثه معنا تسليم ما يمتلكه من مقتنيات إلى الوزارة، والتى كان من بينها ملابس فيلم (البيه البواب)، وملابس فيلم (شفيقة ومتولى) وغيرها من المقتنيات، أشرنا أيضا إلى اللجنة المشكلة من قبل وزارة الثقافة برئاسة المخرج «عمر عبدالعزيز» لجمع مقتنيات الفنان الراحل، والتى كانت الكورونا سببا فى تعذر إتمام مهمتها فى ذلك الوقت، وقد أنهينا تحقيقنا السابق ببارقة أمل متمثلة فى فرض الحراسة القضائية على شقة المهندسين بما بها من مقتنيات، وتحدثنا يومها مع «سامح توفيق» الحارس القضائى الذى تم تكليفه من المحكمة للقيام بهذه المهمة، والذى أشار فى حينها أنه لم يستلم مهامه بعد، لكن المفاجأة التى سنكشفها فى السطور التالية على لسان السيدتين «منى وإيمان» شقيقتا الإمبراطور، أن الحراسة القضائية لم تنفذ حتى الآن، وأن شقة المهندسين تم بيعها بمبلغ 2 مليون جنيه رغم الحراسة القضائية المفروضة عليها، وأن المقتنيات التى تم حصرها من قبل اللجنة المكلفة والتى هى بحوزة وزارة الثقافة الآن لا تخص معظمها الفنان الراحل!!

 العبث بالتاريخ

فى البداية تقول السيدة «منى» الشقيقة الكبرى للفنان الراحل: «لدى شعور بأن شقيقى قد غدر به، وبمشواره، وبتاريخه، وأذكر أننى فى المقابر عندما قمنا بدفن جثمان «هيثم» طلبت من نقيب الفنانين «أشرف زكى» أن يساعدنا فى الحفاظ على هذا التاريخ، ووضعه فى المكان الذى يليق به، وقد وعدنى بذلك، وقال لى بالحرف الواحد (تاريخ أحمد زكى ليس ملكا لكم، ولا ملك لرامى، لكنه ملك الوطن، والحفاظ عليه مسئوليتى)، لكننى انتظرت طويلاً وأنا أرى بعينى تاريخ أخى وهو يمتهن، وبعدها ظهر «أشرف زكى» ليقول (رامى والمحامى التابع له قاما بخداعى) وما لا يعلمه الجميع أن شقيقى أوصانى قبل رحيله بجمع مقتنياته فى متحف، وبعدم السماح بتقديم قصة حياته على الشاشة، ورغم القضايا المنظورة أمام المحاكم والخاصة بحقوقنا المادية فى الإرث، إلا أننا على استعداد أن نتنازل عن كل شىء فى سبيل عودة المقتنيات وجمعها فى مكان يليق بها، وما يحزننى أننى لا أجد أى موقف من زملائه الفنانين، كما أن لى عتابا على السيدة وزيرة الثقافة الدكتورة «إيناس عبدالدايم» والتى لم تتواصل معنا، وأود أن أعلمها أن ما تم حصره وتسليمه من مقتنيات معظمه لا يخص الفنان الراحل، فنحن شقيقاته، وأدرى الناس بمقتنياته، من جوائز، وتكريمات، ودروع، وأوسمة من ملوك ورؤساء، منها وسام منحه إياه الرئيس التونسى الراحل «زين العابدين بن على» وخنجر ذهب أهداه إياه السلطان «قابوس»، بالإضافة إلى ملابس الشخصيات، وسيناريوهات الأفلام، والصور، والبورتريهات، وجميعها كانت تصنع متحفًا مهمًا يليق بالراحل، لكنها ومع الأسف لا أثر لها».

وتشير السيدة «منى» إلى حزنها الشديد الذى لم يذهب أثره عندما رأت «بلال عبدالغنى» يعبث برسائل الراحل وأوراقه الخاصة، ويقرأها على الهواء أمام الكاميرات، مؤكدة أن هذه الفيديوهات الموجودة على الإنترنت لحلقات برامج تليفزيونية كان يتحدث فيها من مكتبه، ومن حوله مقتنيات الراحل هى دليل إدانه عليه، لأن المكتب كان يحتوى على مقتنيات، اختفت، ولم تتسلمها الوزارة.

استغاثة للرئيس

وتفجر السيدة «إيمان» الشقيقة الصغرى للراحل، مفاجأة أخرى تتعلق بشقة المهندسين، حيث تقول: «ننتظر منذ أشهر طويلة تنفيذ حكم الحراسة القضائية على ممتلكات شقيقى الراحل، لكننا فوجئنا ببيع شقة المهندسين لسيدة بمبلغ 2 مليون جنيه، رغم الحكم الصادر بفرض الحراسة القضائية عليها، وما علمناه بعد ذلك أن البيع تم من قبل المحامى السابق لـ«رامى عز الدين» رغم إلغائه للتوكيل، وما عرفناه من حارس العقار أن المحامى باع أمام عينه انتيكات متمثلة فى عربتين لتقديم الشاى بمبلغ بخس لا يتجاوز الألفين جنيه، رغم أن الراحل قد اشترى الواحدة منها بمبلغ يتجاوز الأربعين ألف جنيه، كما ذكر الحارس أيضا أن «رامى» قد حضر بنفسه بعد واقعة البيع بفترة، ووضع بابا حديديا على الشقة، مما قد يعنى أن البيع قد تم دون علمه، ومع الأسف لم نتمكن من معرفة تفاصيل الواقعة لأن رامى يرفض الرد على مكالماتنا، ولا ندرى كيف حدث كل ذلك فى ظل وجود حراسة قضائية على الممتلكات، كما لا ندرى كيف تشكل وزارة الثقافة لجنة لحصر مقتنيات الراحل دون وجود الفنانة «رغدة» فيها والتى صرحت من قبل أنها تعلم كل شىء عنها، وأنها قامت بترتيبها بنفسها، وأنا شخصيا كنت متواجدة عندما طلب «أحمد زكى» من والدتى أن تجمع له صوره وهو صغير، وصوره عندما كان يؤدى مسرحياته فى قصر ثقافة الزقازيق، وصور أخرى تجمعه بها وبخالتى وبعض أقربائى، وقال إنه يريدها فى أمر مهم، وبالفعل جمعنا له كل هذه الصور، وسلمناها له، لكنها لم تظهر إلى النور ضمن مقتنياته، والحقيقة أنا لا أعلم لماذا لم تتم الاستعانة بنا، ولماذا تتجاهلنا وزارة الثقافة فى هذا الأمر، لذلك نستغيث برئيس الجمهورية السيد «عبدالفتاح السيسى» أن ينقذ إرث «أحمد زكى» من الضياع.

وما أود أن أقوله فى النهاية أنه لم يتبق من أسرة «أحمد زكى» سوى أنا وشقيقتى «منى»، وسنظل ندافع عن حقه، ونسعى لتحقيق وصيته بإقامة متحف يليق به، وسنقيم من أجل ذلك عشرات الدعاوى القضائية إذا لزم الأمر، وإذا لم تستطع تحقيق ذلك، فتلك وصيتنا لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا، وأتمنى أن يحدث ذلك قبل أن نجد مقتنياته معروضة فى أحد المتاحف فى الخارج، ولا نستطيع إعادتها.

 حكم قضائى

ويوضح المحامى «محمد الأنور» المتابع لقضية الفنان «أحمد زكى» من قبل أسرته، سبب عدم تنفيذ حكم الحراسة القضائية حتى الآن حيث يقول: «هناك إجراء يسمى (دراسة أمنية) يتم قبل تنفيذ أحكام الحراسة القضائية بشكل عام، والمقصود به معاينة المكان، لمعرفة ما إذا كان التنفيذ سيتم من خلال قوة من القسم، أو يحتاج إلى قوة أكبر وتشكيلات أمن مركزى إذا كان العقار محل نزاع أو يسكنه أحد أو غير ذلك من الأسباب، وفى العادة تستغرق هذه الدراسة ستة أشهر على الأكثر، وبعدها تبدأ حملات تنفيذ الأحكام عملها، لكن هذا الأمر لم يتم حتى الآن، مع العلم أن الحراسة القضائية مفروضة على شقتى المهندسين والهرم، وأن أسرة الفنان الراحل قد حصلت فى 29 مايو الماضى على حكم قضائى بعدم نفاذ عقد بيع شقة الهرم، والذى يقتضى طرد وتسليم الشقة من قبل المالك الجديد، ونحن الآن فى انتظار تنفيذ الحكم».

أما بخصوص دخول اللجنة المكلفة من وزارة الثقافة إلى الشقق لجرد ما بها من مقتنيات رغم صدور حكم الحراسة القضائية، يقول: «علمت بالأمر لكن ذلك مخالف للقانون».

 ركن فى متحف

ومن جانبه قال المخرج «عمر عبدالعزيز» رئيس اللجنة المكلفة من قبل وزارة الثقافة بحصر ممتلكات الراحل: «أنهينا عملنا منذ ستة أشهر، وقمنا بحصر المقتنيات الموجودة فى شقتين، إحداهما تقع فى منطقة المهندسين والأخرى فى منطقة أغاخان بشبرا، وقمنا بنقلها جميعا إلى مكتب تابع لوزارة الثقافة بممر بهلر، وباشرنا عملنا هناك، مضيفا أن اللجنة مكونة من مستشارين، وخبراء، ومثمنين، وممثلين لوزارة الثقافة، بالإضافة إلى الفنان «أيمن عزب» و«محمد وطنى» مدير أعمال الفنان الراحل، والذى أصر على وجوده ضمن اللجنة لكونه من أقرب الأشخاص للفنان الراحل، مشيرا إلى أن تلك الخطوة هى خطوة تمهيدية لضم تلك المقتنيات فى متحف سينمائى كبير سيكون مقره فى مدينة السينما التى سيتم إنشاؤه بجانب معهد السينما، وسيكون لـ«أحمد زكى» ركن فيه، فالمتحف لا يخص «زكى» وحده، لأنه لا يخص أفراد، لكنه متحف سينمائى بشكل عام».

وعن طبيعة المقتنيات التى تم حصرها، ومزاعم الأسرة بأن هناك مقتنيات لا تخص الراحل، وأخرى مفقودة قال: «ما وصلنا قمنا بحصره، ومن الممكن أن يكون هناك أشياء لا تخص الراحل، أو ليست ذات قيمة، لكن الأكيد أن هناك أشياء كثيرة مفقودة، فلا يعقل ألا يمتلك أحمد زكى ساعة ذهبية واحدة ضمن مقتنياته، أما بخصوص ما تذكره شقيقتاه من مقتنيات، فأنا فى الحقيقة لم أر تلك الأشياء أثناء الحصر، لكن أود أن أقول أن أهم شىء بالنسبة لى كمخرج فى المقام الأول، وكمحب للفنان الراحل أننا وجدنا البدلة، والبيادة، والعصا التى استخدمها لأداء دوره فى فيلم (أيام السادات)، وبدلته فى فيلم (ناصر 56)». وأشار «عبدالعزيز» إلى علمه التام بأن هناك دولاً بلا تاريخ تحاول أن تصنع تاريخها بشراء مقتنيات فنانينا، وعلى الأسرة أن تلجأ للقضاء إذا كانت لديهم أى شكوك.