الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الفيدرالى الأمريكى يتجه لرفع الفائدة مجددًا إلى أين يتجه الدولار بعد وصول التضخم لأعلى مستوياته؟

مع زيادة موجة التضخم وتذبذب الأوضاع الاقتصادية فى الولايات المتحدة، أعلن البنك المركزى الأمريكى أنه بصدد رفع الفائدة للمرة الثالثة.. الأمر الذى ينذر بتطور خطير للأزمة الاقتصادية التى تضرب الولايات المتحدة منذ عدة أشهر، وما زالت الإدارة الأمريكية تعجز عن الوقوف أمام هذا التضخم القوى الذى ضرب البلاد شرقًا وغربًا.



وعلى مدار الأيام الماضية كان الرئيس الأمريكى جو بايدن يلقى بأسباب الأزمة نحو العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، إلا أن الأمر أصبح يتجه إلى منحى آخر.

 

 فثقة المستثمرين الأمريكيين أخذت فى الانخفاض بصورة قوية شهرًا تلو الآخر حتى وصلت لمستويات فاقت انخفاض الثقة إبان الأزمة المالية فى 2008، وفى الوقت نفسه تعجز الحكومة الديمقراطية عن مواجهة تداعيات هذه المرحلة الحرجة لتحافظ على ثقة الشعب قبل الانتخابات التجديدية للكونجرس نوفمبر المقبل، والتى حال فشل الحزب الديمقراطى فيها، سيواجه بايدن فترة حرجة من ضغوط الحزب الجمهورى للنيل منه والوقوف أمام تنفيذ أجندته السياسية.

 الفيدرالى والمعادلة الحرجة

 مع استمرار موجة زيادة التضخم صب الرئيس الأمريكى جو بايدن اهتمامه خلال الأيام الماضية لوقف هذا الانهيار الاقتصادى الذى أصبح وشيكًا وأمرًا لا مفر منه، لكنه يطمح فى وضع خارطة لتقليل الخسائر المتوقعة خاصة فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد بعدة أزمات داخلية، وأيضًا اضطراب سياسى عالمى يؤثر على اقتصاديات جميع الدول.

ويقول رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى فى سانت لويس جيمس بولارد: إن البنك فى خطر فقدان السيطرة على مقدار التضخم الذى تتوقعه الأسر.

ويقول بولارد، الذى كان أكثر مسئولى بنك الاحتياطى الفيدرالى تشددًا هذا العام، فى خطاب ألقاه أمام نادى ممفيس الاقتصادى الأسبوع الماضى، وفقًا لموقع MarketWatch: «أعتقد أننا على شفا فقدان السيطرة على توقعات التضخم».

وتابع: «لهذا السبب من المهم أن يتخذ الاحتياطى الفيدرالى إجراءً ذا مصداقية، والذى سيبقى توقعات التضخم منخفضة ومستقرة».

وخلال أيام يستعد البنك المركزى الأمريكى لرفع نسب الفائدة الرئيسية للمرة الثالثة، حيث تجتمع لجنة السياسة النقدية، وهيئة صنع القرار فى الاحتياطى الفيدرالى، خلال أيام لتقرير رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، أو 50 نقطة أساس، لكن وفق خبراء فإن فرضية زيادة الفائدة بصورة أكبر، بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية، أو 75 نقطة أساس، أمر متوقع لوقف نزيف التدهور الاقتصادى، لكن ربما هذه الخطوة قد تثير اضطراب الأسواق بصورة كبيرة. وستشكل هذه الزيادة سابقة من نوعها منذ عام 1994.

ووفق تصريحات للخبير الاقتصادى الأمريكى فى بنك «سكوتيا بنك» شون أوزبورن نقلته وسائل إعلام أمريكية أوضح أن «الأسواق بدأت تأخذ بعين الاعتبار مخاطر (ارتفاع) 75 نقطة أساسية فى اجتماع مجلس الاحتياطى الفيدرالى المقبل».، ومع ذلك، يبدو أوزبورن مشككًا فى فرضية الارتفاع الحاد الذى من المتوقع أن يثير الاضطراب فى الأسواق. لكنه حذر من أن «ذلك يمثل مخاطرة بالطبع».

ويعود السبب فى ذلك إلى التضخم. حيث واجهت واشنطن تباطؤًا خجولًا فى أبريل الماضى، مما أعطى الأمل فى أن الأسوأ قد انتهى، لكن وفق آخر إحصائيات فيدرالية لشهر مايو، فإن الأزمة قد عادت مجددًا حيث عاد التضخم مرة أخرى بوتيرة سريعة مسجلًا رقمًا قياسيًا منذ 40 عامًا، مع 8.4 % على أساس سنوى، و1 % على أساس شهرى، وفقًا لمؤشر الرقم القياسى لأسعار المستهلك.

ومن خلال رفع أسعار الفائدة الرئيسية، يشجع بنك الاحتياطى الفيدرالى المصارف على منح قروض أكثر تكلفة لعملائها الذين سيكونون، بالتالى، أقل ميلًا للاستهلاك.

وكان الاحتياطى الفيدرالى قد خفض معدل الفائدة إلى صفر فى مارس 2020 لدعم الاقتصاد، بينما أحدثت أزمة وباء كورونا اضطرابات واسعة فى الأعمال التجارية.

وتراوحت معدلات الفائدة بين صفر و%0٫25 لمدة عامين، قبل أن يتم رفعها بمقدار ربع نقطة فى مارس 2022، ثم بمقدار نصف نقطة فى مايو، وتتراوح الآن بين 0.75 و1 %.

 القادم.. الأسوأ

ويحاول الاحتياطى الفيدرالى بصورة قوية الانخراط فى عملية توازن دقيقة لإبطاء التضخم، دون أن يثقل كاهل النمو الاقتصادى كثيرًا.

وكانت يلينا مالييف، الخبيرة الاقتصادية فى شركة «جرانت ثورنتون» الاستثمارية قد حذرت، من أنه «كلما زاد إنفاق المستهلكين، زاد احتياج الاحتياطى الفيدرالى إلى تشديد السياسة، وهذا ما يزيد من مخاطر الانكماش».

ومن المرجح أن يلقى التباطؤ القسرى فى الاستهلاك بثقله على الاقتصاد الأمريكى، مما يزيد المخاوف من الانكماش أو التضخم المصحوب بركود اقتصادى، أى فترة طويلة من النمو الضعيف والتضخم المرتفع. كما من المحتمل أن يرتفع معدل البطالة من جديد.

 سوق الأسهم.. والاتجاه إلى الذهب

مع استمرار التضخم لفترة أطول من المتوقع، ومع رفع فائدة الاحتياطى الفيدرالى بشكل أكثر قوة، فقد يتسبب هذا فى بعض المخاطر الرئيسية للسوق خلال الأسابيع التالية.

والمفاجأة الأخيرة فى تضخم مؤشر أسعار المستهلكين هى أنها رياح عكسية لسوق الأسهم، حيث إن مخاطر انخفاض السيولة من البنك الاحتياطى الفيدرالى والتضخم المرتفع وتكاليف الاقتراض المتزايدة قد تلحق المزيد من الضرر بمعنويات المستثمرين وهوامش الربح.

وقد تجعل أسعار الفائدة المرتفعة الدولار الأمريكى أكثر جاذبية للمستثمرين، خاصةً مقابل اليورو والجنيه البريطانى اللذين يتعاملان مع توقعات اقتصادية بصورة قاتمة.

ومع ذلك، إذا بدأ المستثمرون فى الاعتقاد بأن التضخم لا يمكن السيطرة عليه من خلال ارتفاع أسعار الفائدة وأننا على وشك بداية مرحلة ركود جديد، فإن الطلب على الذهب سيرتفع، حيث أظهرت السبائك عوائد إيجابية بشكل تقليدى خلال فترات الركود، كما سيؤثر بالسلب على أداء العملة الأمريكية.

لهذا سيكون من الضرورى تتبع سلوك عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، والذى استعاد على الفور علامة 3 % بعد صدور مؤشر أسعار المستهلكين، حيث تميل العوائد المرتفعة فى الولايات المتحدة إلى توقع ارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالى تقوية الدولار.

ولا يشير تراجع التضخم فى أبريل بالضرورة إلى تغيير فى استراتيجية البنك الاحتياطى نحو مزيد من التشديد والتى كانت داعمة للدولار، حيث يشير المحللون إلى إنه من المحتمل أن تظل توقعات أسعار الفائدة كما هى، ومن المرجح أن تصل سعر الفائدة النهائية بالقرب من 3.25 % خلال 2023 .

 قلق أمريكى

أظهرت دراسة استطلاعية أجرتها مؤسسة جالوب، فى 31 مايو 2022 انخفاض مؤشر الثقة الاقتصادية عند الأمريكيين إلى مستوياتها أيام الأزمة المالية العالمية، فقد تراجع المؤشر من -39 فى شهرى مارس وأبريل إلى -45 فى شهر مايو الماضى.

وبحسب الاستطلاع، فإن 46 % وصفوا الأوضاع الاقتصادية الحالية بالسيئة، و77 % قالوا إن الاقتصاد يسير من سيئ إلى أسوأ. أما عن أسباب هذه النتائج، فقد كان التضخم سببًا رئيسًا إلى جانب سياسة الحكومة والأداء الاقتصادى.

 خطة بايدن للمواجهة

فى خطوة من الإدارة الأمريكية لمواجهة هذا الخطر الذى يهدد اقتصاد أقوى دول العالم، اتجه الرئيس الأمريكى جو بايدن لعرض خطة إنقاذ للدولار وتقليص العجز المالى فى البلاد موضحًا خلال عدة خطابات له، الأسبوع الماضى، أن مكافحة التضخم على رأس أولوياته الاقتصادية، وأن معدل التضخم الجوهرى لا يزال معتدلًا، وإن لم يكن ينخفض بالحدة والسرعة المطلوبتين، ملقيًا باللوم فى مسألة ارتفاع أسعار الطاقة على الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، وكما طالب بايدن من الكونجرس الأمريكى بتمرير قانون يعمل على تخفيض تكاليف الشحن، لما سيكون لهذا التخفيض من أثر فى أسعار السلع.

وطالب الرئيس الأمريكى أيضًا بتمرير قانون آخر لخفض فواتير الطاقة والأدوية. لغرض تخفيف الضغوط التضخمية، كما طرح على الكونجرس إقرار إصلاح ضريبى يطال الأثرياء والشركات الكبرى ليدفعوا نصيبهم العادل من الضرائب. من جهة أخرى، طالب بايدن شركات النفط والغاز والتكرير بألا تستغل عواقب الأزمة الأوكرانية لزيادة أرباحها ورفع الأسعار.

وذكر نائب وزير الخزانة الأمريكية، والى أديمو، أن الإدارة الأمريكية تدرس إلغاء بعض التعريفات الجمركية على البضائع الصينية لتخفيض الأسعار.

من جهة أخرى، طرح النائب الجمهورى، آندى بر، مقاربة مختلفة لمكافحة التضخم تمثلت فى إطلاق يد منتجى الطاقة وإقرار الكونجرس لسياسات تنظيمية وضرائبية فى مصلحة الشركات وتخلى بايدن عن فرض الضرائب وحزم الإنفاق والاقتراض.

ويواجه الرئيس الأمريكى الديمقراطى منذ توليه الرئاسة تحديات كبيرة ستظهر نتائج تعامله معها فى الانتخابات النصفية القادمة فى نوفمبر. وأشار المحرران فى صحيفة نيويورك تايمز، بلَيك هونشِل، وليا أسكارينام، إلى أنه حال خسر الديمقراطيون الانتخابات النصفية فأحد أسباب الخسارة سيكون التضخم.