الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

آخرها إساءة حزب هندى للرسول «روزاليوسف» ترصد أبرز الإساءات الدولية للإسلام

الإساءة للإسلام أصبح شعارًا منتشرًا بين العديد من الدول خارج العالم الإسلامى، وهو ما أكدته التصريحات الأخيرة للمتحدث الرسمى باسم حزب «بهاراتيا جاناتا» فى الهند على صفحته على «تويتر»، التى شملت تطاولًا وسوء أدب فى الحديث عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وزوجه أمّ المؤمنين الطاهرة المطهرة السيدة عائشة، والذى اعتبره الأزهر كاشفًا عن جهل فاضح بتاريخ الأنبياء والمرسلين وسيرتهم، وكيف أنهم كانوا يمثلون القمم العُليا للآداب والفضائل والأخلاق، وأن الله عصمهم من الوقوع فى الرذائل وما تكرهه النفوس الطاهرة المستقيمة.



 

الأزهر نبّه إلى أمر خطير فى تحوُّل الإساءة للإسلام إلى نهج سياسى لدى بعض السياسيين فى دول عديدة، قائلًا: «إن ما يلجأ إليه بعض المسئولين السياسيين مؤخرًا من إساءة للإسلام وإلى نبيه الكريم، نبىِّ العفة والأدب والطهارة؛ لكسب تأييدِ أصوات فى انتخابات الأحزاب، وتهييج مشاعر أتباعهم ضد المسلمين - هو دعوة صريحة للتطرف وبث الكراهية والفتنة بين أتباع الأديان والعقائد المختلفة، وهو أمر لا يصدر إلا من دعاة التطرف وأنصار الكراهية والفتنة؛ وأعداء سياسة الحوار بين أتباع العقائد والحضارات والثقافات المختلفة.

مرة أخرى؛ على العالم المتحضر اليوم أن يقف بالمرصاد لأمثال هؤلاء المتاجرين بالأديان والمقامرين بالقيم الإنسانية العليا فى بورصة الانتخابات والسياسة.

 الملف الثانى:

وقبل أن نرصد عددًا من الإساءات التى حدثت ضد الإسلام نشير إلى عدد من الدول التى ظهرت بها الإساءة للإسلام بصورة واضحة كان من بينها الدنمارك، التى اشتهرت ببداية الرسوم المسيئة للرسول، ويعتقد البعض أن أزمة الرسوم المسيئة للرسول محمد بدأت على يد السويدى لارس فيلكس عام 2007، لكن الحقيقة أن الدنماركى كورت فيسترجارد أشعل فتيل الأزمة أولًا برسوماته المسيئة عام 2005، ثم تشجع الرسامون على نشر أعمالهم المسيئة للرمز الإسلامى، ونشرت صحيفة «چيلاندس بوستن» Jyllands-Posten، أكبر صحيفة يومية فى الدنمارك، فى 30 سبتمبر 2005، نحو 12 رسمًا كاريكاتوريًا تحريريًا مسيئًا بعنوان «محمد أنسيجت» (وجه محمد)... وبررت الصحيفة، آنذاك، بأن «هذه كانت محاولة «للمساهمة فى الجدل الدائر حول نقد الإسلام والرقابة الذاتية».

بينما قاد الدنماركى كورت فيسترجارد المسيرة المسيئة للنبى محمد، إذ نشرت الصحيفة الدنماركية ذاتها فى 12 سبتمبر 2006 رسومًا مسيئة للرمز الإسلامى من توقيعه، بعد نحو عام من نشر رسومها الأولى التى أيضًا كان بعضها يحمل اسمه.

وتأتى فرنسا ضمن الدول التى شهدت موجات إساءة للإسلام كان أبرزها ما قامت به مجلة «شارلى إيبدو» الفرنسية الساخرة من نشر عدد مسىء للنبى صلى الله عليه وآله وسلم، وأعلنت عزمها عن نشر أعداد أخرى فى يناير 2015 ردًّا على الهجمات الإرهابية التى تعرضت لها المجلة.

وأكدت دار الإفتاء المصرية وقتها أن إقدام المجلة المسيئة على هذا الفعل هو استفزاز غير مبرَّر لمشاعر مليار ونصف المليار مسلم عبر العالم يكنون الحب والاحترام لنبى الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم، وسيتسبب فى موجة جديدة من الكراهية فى المجتمع الفرنسى والغربى بشكل عام.

ولم يكن الهجوم على الإسلام فى فرنسا مقتصرًا على مجلة شارلى إيبدو بل تخطاه إلى حديث الدولة عن الإسلام؛ حيث أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، عن خطط لسَنّ قوانين أكثر صرامة للتصدى لما سمّاه «الانعزال الإسلامى»، والدفاع عن القيم العلمانية.

وأضاف ماكرون إن أقلية من مسلمى فرنسا، الذين يُقدر عددهم بنحو ستة ملايين نسمة، يمثلون خطر تشكيل «مجتمع مضاد».

كما حذرت دار الإفتاء المصرية أيضًا من الإصرار المؤسّسى فى فرنسا للهجوم على المسلمين والإسلام وتعميم تلك الاتهامات على كل المسلمين، وكان من نتائجه الأولى استهداف أسرة مسلمة وطعن سيدتين فى العاصمة الفرنسية. وأكدت أن العنف والإرهاب من قِبَل اليمين المتطرف لا يقل خطورة عن إرهاب الجماعات التكفيرية، وأن ضحايا اليمين المتطرف سينقلب على قيم الجمهورية الفرنسية القائمة على التعددية والتعايش السلمى، وأن الدعم غير المباشر للنشاط العنيف سيؤدى إلى الإضرار بالجميع. 

 حملات إساءة 

ومن خلال الرصد لأشهَر حملات الإساءة للإسلام تبين أنه فى أغسطس 2014 انطلقت حملة مسيئة للإسلام فى مترو نيويورك، أعلنت عنها باميلا جيرلز؛ حيث تقول الحملة إن الجهاد فى الإسلام يساوى الإرهاب.

فيما أدانت الإفتاء تلك الحملة، وردت عليها بالقول إن دعوة القرآن جاءت سلمية وآيات الجهاد كلها إنما جاءت لردع المعتدى وليس للاعتداء على الغير. مؤكدة أن ادعاء تلك الحملة بأن القرآن يحض على الكراهية هو ادعاء كاذب، فالقرآن الكريم يدعو إلى المحبة والسلام فى مواضع كثيرة؛ بل دعا إلى التواصل مع الشعوب المختلفة من أجل خير البشرية، وبين الحكمة من جعل الناس شعوبًا وقبائل لكى يتعارفوا ويتبادلوا الخير والمعرفة فيما بينهم، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).

 وفى أكتوبر 2014 قامت هولندا ببث فيلم كارتونى إباحى يحتوى على مَشاهد فاضحة عن آل بيت وزوجات النبى صلى الله عليه وسلم؛ حيث احتوى الفيلم على سخرية من النبى صلى الله عليه وسلم، مما أدى إلى مطالبات بمقاطعة منتجاتهم الهولندية بصدق وجدية حتى يتراجعوا عن عرض هذا الفيلم المسىء للرسول وآل بيته.

وأوضح مستشار مفتى الجمهورية د. إبراهيم نجم ردًا عليه أن مزاعم الإعلامى الأمريكى بأن غالبية المسلمين يؤيدون أفكار «منشقو القاعدة»، وأن الإسلام يهدر حقوق المرأة ويصادر حرية التعبير هى مزاعم باطلة. مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية أكدت مرارًا وتكرارًا رفضَها لتلك الممارسات المتطرفة، وأن تلك الأفكار بعيدة كل البعد عن الإسلام، فالإسلام ضمن حرية الاعتقاد وحقوق المرأة.

 وفى أبريل 2015 أعلنت مديرية النقل العام بمدينة فيلادلفيا، جنوب ولاية بنسلفانيا الأمريكية، عن وضع ملصقات معادية للإسلام، فى حافلات النقل العام، العاملة فى الولاية.

وفى أغسطس 2019 شهدت الدنمارك إقامة ما يسمى بـ «حركة أوقفوا أسلمة الدنمارك» معرضًا للرسوم المسيئة للنبى صلى الله عليه وسلم، فى العاصمة الدنماركية كوبنهاجن.

وأكد الأزهر الشريف وقتها أن مثل هذه الممارسات من شأنها تأجيج مشاعر الكراهية بما تمثله من استفزاز للمسلمين حول العالم، فضلًا عن كونها تتنافى مع قيم الاحترام المتبادل والتعايش السلمى المشترك.

وشدد الأزهر الشريف على رفضه لهذه الرسوم العنصرية البغيضة التى تحول دون اندماج المسلمين فى المجتمعات الغربية، مطالبًا المجتمع الدولى بضرورة إدانة هذه الأعمال الاستفزازية التى لا تقل فى خطورتها عما تقوم به بعض الجماعات الإرهابية من تهديد للسلم العالمى.

 عام ملىء بالإساءات

ويعتبر عام 2020 الأبرز فى الإساءة للإسلام فى العديد من الدول، ففى 30 أغسطس حدثت واقعة حرق المصحف فى السويد؛ حيث حذر الأزهر من تأجيج مَشاعر الكراهية وارتفاع وتيرة الإسلاموفوبيا، بما يتنافى ومبادئ احترام حرية وحقوق الآخرين ومعتقداتهم؛ بما ينعكس سلبًا على وحدة وأمن المجتمعات التى نسعى جميعًا للحفاظ عليها. 

وفى 31 أغسطس تكررت محاولات الإساءة لـ المصحف بالنرويج، وفي2 سبتمبر قامت مجلة «شارلى إيبدو» الفرنسية، بإعادة نشر رسوم مسيئة للنبى محمد- صلى الله عليه وسلم- ما يرسّخ لخطاب الكراهية ويعرقل الجهود العالمية على طريق الحوار بين الأديان.

وفى أكتوبر أعرب شيخ الأزهر عن غضبه من إصرار بعض المسئولين فى دول غربية على استخدام مصطلح «الإرهاب الإسلامى»، رافضًا تداوُل هذا المصطلح ومطالبًا بتجريم استخدامه، لافتًا إلى أن هؤلاء السادة الذين لا يكفون عن استخدام هذا الوصف الكريه لا يتنبهون إلى أنهم يقطعون الطريق على أى حوار مثمر بين الشرق والغرب ويرفعون من وتيرة خطاب الكراهية بين أتباع المجتمع الواحد.

وفى 21 أكتوبر 2020 تم الاعتداء بالطعن والشروع فى قتل سيدتين مسلمتين بباريس، وأعرب الأزهر عن رفضه للازدواجية فى التعامل مع الحوادث الإرهابية طبقًا لديانة الجانى، ووصفه بالأمر المخزى والمعيب، ومطالبًا الجميع أن يتبنّى نفس مواقف الرفض والاستنكار لكل العمليات الإرهابية دون النظر إلى ديانة الجانى أو الضحية.

 أحدث الإساءات 

وكانت أحدث الإساءات بعد إساءة المتحدث الرسمى باسم حزب «بهاراتيا جاناتا» فى الهند للرسول والسيدة عائشة ما حدث فى رمضان 2022، حينما أقدم بعض المتطرفين الإرهابيين ممن ينتمون إلى اليمين المتطرف فى السويد، على حرق نسخ من المصحف الشريف، مما جعل الأزهر يعلن أن التعدى على المقدسات الدينية ليس من حرية التعبير لا فى قليل ولا فى كثير؛ وإنما هو رِدّة حضارية وهمجية تضرب بالقيم الإنسانية عرض الحائط، وتعود بالسلوك البشرى إلى عصور الظلام، وتغذى مشاعر العنف والكراهية، وتقوِّض أمن المجتمعات واستقرارها، مطالبا بضرورة سَن تشريعات دولية تمنع الإساءة للمقدسات الدينية وللأمم والشعوب وكفالة الضمانات اللازمة لحماية حقوق المسلمين فى ممارسة شعائرهم الدينية فى مجتمعاتهم التى يعيشون فيها. وشدّد الأزهر أن المصحف الشريف سيظل فى عليائه كتابًا هاديًا للإنسانية كلها، لا تنال من قدسيته أحقاد الصغار ولا تصرفات باعثى الفتن وبائعى الكراهية والمتاجرين بها فى بورصة المكاسب والأطماع الصغيرة التافهة.

تحركات مواجهة 

 ومع تكرار الإساءات للإسلام كانت هناك تحركات لوقف هذا العداء والإساءات للإسلام، منها فى 7 نوفمبر 2020 عندما أطلق مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عدة حملات باللغتين العربية والإنجليزية بعنوان: «النبى الذى لا يعرفونه»، «هذا نبينا» «Our prophet))؛ للرد على الإساءات الموجهة لنبى الإسلام ولتسليط الضوء على شخصية النبى صلى الله عليه وسلم الأخلاقية والإنسانية ودوره فى الدعوة المستمرة للتراحم بين البشر جميعًا وترسيخ مبادئ السّلم العالمى بين الناس بغض النظر عن لونهم أو عِرقهم أو دينهم.

وفى 8 نوفمبر 2020 خلال لقائه وزير الخارجية الفرنسى فى مشيخة الأزهر، وجَّه الإمامُ الأكبر عدةَ رسائل للوزير الفرنسى نصرةً للنبى الأكرم، التى من أبرزها: 1 - أنا أول المحتجين على حرية التعبير إذا ما أساءت هذه الحرية لأى دين من الأديان وليس الإسلام فقط. 2 - إذا كنتم تعتبرون أن الإساءة لنبينا صلى الله عليه وسلم حرية تعبير فنحن نرفضها شكلًا ومضمونًا. 3 - هل من الحكمة المغامرة بمشاعر ملايين البشر من أجل ورقة مسيئة.. لا أستطيع أن أتفهم أى حرية هذه؟! 4 - سوف نتتبع من يُسىء لنبينا الأكرم فى المَحاكم الدولية حتى لو قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الأمر فقط.  5 - أوروبا مَدينة لنبينا محمد ولديننا لما أدخله هذا الدين من نور للبشرية جمعاء ومحمد صلى الله عليه وسلم رحمة لنا ولكم. 6 - صدرى متسع للحوار والعمل معكم ومع الجميع؛ ولكنى أقول: إن الإساءة لمحمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة تمامًا. 7 - أنا وهذه العمامة الأزهرية حملنا الورود فى ساحة باتاكلان وأعلنا رفضنا لأى إرهاب. 8 - وددنا أن يكون المسئولون فى أوروبا على وعى بأن ما يحدث لا يمثل الإسلام والمسلمين؛ خصوصًا أن من يدفع ثمَن هذا الإرهاب هم المسلمون أكثر من غيرهم.

أمّا آخر التحركات البارزة لمواجهة الإساءة للإسلام فكانت فى نوفمبر 2021 حين أصدر مجلس حكماء المسلمين برئاسة شيخ الأزهر تقريرًا قانونيًا للتصدى للكراهية ضد الإسلام، شمل الموقف القانونى لمحاربة خطاب الكراهية ضد الإسلام، وإجراءات التقاضى فى أوروبا ممثلة فى فرنسا وألمانيا وإنجلترا وويلز، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويتضمن التقرير تعريف المسلمين بحقوقهم الدستورية فى كل دولة، وقائمة السلوكيات المحظورة قانونيًا، والإجراءات اللازمة لإثباتها والتعامل معها، وأحكام مكافحة الكراهية فى القنوات الفضائية والمنصات الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية، وسُبُل التصدى لجرائم النشر والتشهير والسّب والتحريض على التمييز والكراهية والعنف على أساس العِرق أو الدين، وأقر المجلس توصية بمناقشة التقرير مع الحكماء والمفكرين الغربيين.