الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

النسوية الإسلامية (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا): زواج الأطفال.. وبلوغ سن الرشد! "20 "

يرى البعضُ أن تعاليم الإسلام تنظر للأنثى نظرة دونية مقارنة بالذكر، وهى رؤية تأسَّست على فهم غير صحيح لآيات قرآنية، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف 19، (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) الطور 39، (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى) النجم 21.



تناول مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، عدة مواد منها ما هو خاص بشروط صحة عقد الزواج، ونصت المادة الخامسة من مشروع القانون أنه: «لا يجوز تزويج من لم يبلغ من الجنسين ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة».

 

وقد نص مشروع القانون على أن: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة كل من تسبب أو عقد أو وافق أو وثق أو شهد على عقد زواج قاصر دون السن المذكورة فى هذه المادة ما لم يكن ذلك بأمر القاضى المختص ولا يجوز التنازل عن العقوبة وفقا لأى قانون آخر».

ونصت المادة السادسة من مشروع القانون على أنه: «مع مراعاة ما ورد فى المادة الخامسة من هذا القانون، يثبت الزواج بوثيقة رسمية يصدر بتنظيمها قرار من وزير العدل».

وجاء مشروع القانون الذى يجّرم زواج الأطفال، متفقًا مع نص المادة 80 من الدستور: «يعد طفلًا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى».

وتعتبر الموافقة على القانون انتصارًا جديدًا لحقوق الطفل والمجتمع، لأن زواج الأطفال يعد اعتداء على حقوق الأطفال فى مصر، وجريمة يعاقب عليها القانون بسبب عدم اكتمال نموهم الصحى والنفسى المناسب لتحمل تبعات الزواج، سواء بالنسبة للطفل الذكر أو الأنثى.

ويعتبر زواج الأطفال ظاهرة موجودة فى المحافظات الحدودية، ثم انتشرت وأصبحت موجودة فى مختلف المحافظات، ووجود قانون يردع القائم بها أصبح ضرورة للقضاء على تلك الظاهرة التى تؤثر بالسلب على الناحيتين الصحية والنفسية للفتاة المتزوجة، وأيضًا من الناحية الإنجابية، والتى تمثل صعوبة فى هذه المرحلة العمرية الصغيرة.

 حقوق الأطفال

وزواج القاصرات يؤدى إلى ضياع حقوق الأطفال، فلا يتمكن الطفل من الحصول على التطعيمات الإجبارية ولا يتم استخراج شهادات ميلاد تكفل حقوقهم التعليمية والصحية، لذا تؤدى هذه الظاهرة إلى سلسلة من الجرائم المتعددة بحق الأم والطفل، وتسهم فى خلق جيل غير معترف به رسميًا فى نظر الدولة.

ويأتى مشروع القانون متفقًا مع نصوص مواد الدستور، وبما يساعد فى الحد من هذه الظاهرة السلبية، حيث يعتبر زواج الأطفال جريمة فى حقهم، فضلًا عن التأثير السلبى على المجتمع، وذلك نظرًا لعدم اكتمال نموهم الصحى المناسب لتحمل تبعات الزواج سواء كان ذكرًا أم أنثى فى هذه المرحلة العمرية، وباعتبارهم غير مؤهلين من النواحى النفسية، والثقافية، والعقلية، والجسدية، لكى يتحملوا مسئولية تكوين أسرة، وتربية أطفال، كما أن ذلك يعتبر اعتداءً على مرحلة الطفولة، وهو ما دفع المشرع للتدخل لمنع هذه الممارسات الضارة على المجتمع.

ويتسبب زواج الأطفال فى عدد من المخاطر، الصحية والنفسية والاجتماعية والقانونية، التى لها انعكاسات سلبية على حياة 14 مليون طفل يتزوجون قبل 18 عامًا سنويًا.

 سن السيدة عائشة:

أما الذين أجازوا الزواج من البنات الصغيرات، فيستندون لروايات تنسب للنبى عليه الصلاة والسلام زواجه بالسيدة عائشة وهى طفلة فى التاسعة من عمرها، وهى روايات لا يمكن الاعتماد على الأعمار أو التواريخ التى جاءت بها، فالعرب لم يكن عندهم وقتها توثيق للمواليد ولا للزواج.

وعن زواج النبى عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة، نجد فى بعض الروايات أن أم المؤمنين السيدة عائشة كانت مخطوبة لمطعم بن عدى، قبل أن يخطبها النبى عليه الصلاة والسلام، وأنها ولدت قبل بدء الرسالة فى مكة بعام واحد، وتزوجت بعد عامين من الهجرة، أى كان عمرها 16 سنة حين تزوجها النبى عليه الصلاة والسلام.

وفى روايات أخرى نجد أن أخت السيدة عائشة وهى السيدة أسماء كان عمرها عند الهجرة 27 عامًا، حيث توفيت السيدة أسماء فى عام 73 هجريًا عن عمر يقارب 100 عام، وكانت السيدة عائشة أصغر منها بـ 10 سنوات، أى أن عمر السيدة عائشة عند الهجرة كان 17 عامًا، وتزوجها النبى عليه الصلاة والسلام وعمرها 19 عامًا.

 شروط الزواج:

ويرى البعض أن البنات فى ذلك العصر كن يبلغن فى سن ست سنوات، مع أنه تعالى حدد الفترة التى يخرج فيها الإنسان من الطفولة بالبلوغ: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) النور 59، فوجوب الاستئذان دلالة على وصول الأطفال لمرحلة البلوغ والإدراك.

وفى قوله تعالى: (وَاللَّائِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِى لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ..) الطلاق 4، فالمطلقة جعل تعالى عدتها ثلاثة أشهر حتى يتم التأكد من عدم وجود حمل، أما قوله تعالى: (وَالَّلائِى لَمْ يَحِضْنَ)، فسره البعض خطأ على أن عدم الحيض مقصود به الفتيات الصغيرات غير البالغات مرحلة الحيض، مع أن الخطاب فى الآية عن المطلقات من النساء وليس عن الفتيات الصغيرات، فالآيات التى تتحدث عن الزواج والطلاق تذكر النساء ولا تذكر الفتيات أو الأطفال.

والآية تتكلم عن النساء اللاتى فقدن الأمل فى نزول الحيض حسب معرفتهن أو بسبب مرض، أما قوله تعالى: (وَاللَّائِى لَمْ يَحِضْنَ)، فهو خاص ببعض النساء اللاتى تجاوز عمرهن الفترة الزمنية المعروفة للحيض ولم يحضن بعد هذه الفترة، ولا يعنى الطفلة التى لم يبلغ عمرها فترة الحيض، ولو كانت الطفلة هى المقصودة لجاءت الصياغة مختلفة للعبارة مثل «واللائى لم يبلغن النكاح»، بما يشابه عبارة (بَلَغُواْ النِّكَاحَ)، فالصغيرات اللاتى لم يحضن هن لم يبلغن النكاح ولا زواج لهن. 

فالروايات مختلفة ولا يمكن الاعتماد عليها، فى الوقت الذى يوجهنا فيه تعالى إلى شرطين للزواج هما البلوغ وسن الرشد: (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا..) النساء6، الآية تدل على وجود سن معينة لبلوغ النكاح، ولا تبلغ الفتاة سن الرشد والزواج فى سن الـ6 أو الـ 9 سنوات، ولو كان الزواج جائزًا فى أى سن ما جاءت هذه العبارة (حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ).

فمن شروط الزواج أن يصل كل طرف إلى سن معينة، وفى تلك السن يكون قد بلغ النكاح ويجوز عقد الزواج له، أما قبل ذلك فلا يجوز، كما أنه تعالى يخاطب أزواج النبى عليه الصلاة والسلام: (يَا نِسَاء النَّبِيِّ) الأحزاب 32، فالخطاب موجه لنساء راشدات تجاوزن سن الطفولة.

وعن العقود قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ..) المائدة1، وعقد الزواج من العقود ومن شروطه الإيجاب والقبول، أى أن الزوجين يمتلكان الوعى والإدراك ببلوغهما سن الرشد للموافقة على الزواج والإقرار بمضمون العقد، فالعقد يلزم المتعاقدين بتنفيذ ما التزما به، ولذلك يجب أخذ موافقة المرأة فى عقد الزواج، أما الطفلة القاصر التى لم تبلغ سن النكاح، فلا يجوز الزواج منها لأنها ناقصة الأهلية فهى لم تبلغ ولم تصبح راشدة.

ولذلك فالزعم بأنه يجوز العقد على الطفلة التى لم تحض ولم تصل إلى فترة البلوغ والرشد هو ضد أحكام كتاب الله تعالى، ومثل هذه الروايات يستخدمها أعداء الإسلام فى الإساءة للنبى عليه الصلاة والسلام كمقدمة للإساءة للقرآن الكريم، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ) الأحزاب 53، ولذلك ينهانا تعالى عن توجيه أى أذى لرسول الله لا فى حياته، ولا بعد مماته. 

وتختلف الروايات عن القصص القرآنى الذى قال عنه تعالى: (إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ..) آل عمران62، فالقصص القرآنى تحدث عن أحداث عاصرت نزول الوحى فتم تسجيل الحدث مجردًا من الزمان والمكان والأشخاص ليكون موعظة وعبرة للناس فى كل زمان ومكان.

مع الوضع فى الاعتبار أن القصص القرآنى حق مطلق لأنه كلام الله تعالى، أما الحق فى الروايات التاريخية فهو نسبى لأنه كلام البشر، ولذلك فالقصص القرآنى يصحح لنا أخطاء الروايات التاريخية.

ويوجهنا تعالى إلى شرطين للزواج هما البلوغ وسن الرشد: (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا..) النساء6، الآية تدل على وجود سن معينة لبلوغ النكاح، ولا تبلغ الفتاة سن الرشد والزواج فى سن الـ6 أو الـ 9 سنوات، ولو كان الزواج جائزًا فى أى سن ما جاءت هذه العبارة (حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ).

ولذلك فالكلام بأنه يجوز العقد على الطفلة التى لم تحض ولم تصل إلى فترة البلوغ والرشد هو ضد أحكام كتاب الله تعالى، ومثل هذه الروايات يستخدمها أعداء الإسلام فى الإساءة للنبى عليه الصلاة والسلام كمقدمة للإساءة للقرآن الكريم، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ) الأحزاب 53، ولذلك ينهانا تعالى عن توجيه أى أذى لرسول الله لا فى حياته، ولا بعد وفاته.