الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كنوز آمال العمدة..بابا شارو: الراديو هو أهم القنوات الإعلامية! "2"

نطلق كلمة الرواد على الكثير من الشخصيات، لكن حينما نطلقها على محمد محمود شعبان أو (بابا شارو)، فإنها تنطبق بأقصى معانيها على هذا الشخص الذى كان بالفعل ريادة إذاعية صنعت أجيالاً من الإذاعيين الكبار وأثرت فى عقل الكبار والصغار، وقد كانت قدرته فى غرس القيم فى نفوس الأطفال خير معين للآباء والأبناء على تربية جيل عربى يشهد أفراده بأنهم تربوا على صوت بابا شارو العذب الذى خاطب فيهم الطفل الواعى، فنجح فى أن يصنع منهم الإنسان الواعى.. وهذا حوارى معه الذى أهديه لمجلة روزاليوسف..



 آمال: يمكن أن نقول إنك نجحت فى إطلاق العنان لخيال المستمع طوال مشوارك.. وأسألك أيهما أقرب إلى قلبك الراديو أم التليفزيون أم السينما أم المسرح؟

- بابا شارو: يحاول الباحثون والعاملون بعلوم الاتصال وغيرهم أن يعقدوا دائمًا هذه المقارنة التى قد يدخل فيها الكتاب فى بعض الأحيان، والحقيقة أنه لا مجال للمقارنة، فكل وسيلة منها لها حدودها وقدراتها وأداؤها وتأثيرها وروعتها، ولهذا فلم تستطع وسيلة منها أن تلغى الأخرى، فعندما ظهرت السينما ظن الناس أنها ستقضى على المسرح، لكن هذا لم يحدث، بل تطور المسرح وأصبح يستخدم أساليب كثيرة ومتقدمة ومعقدة فى فن الإضاءة والديكور وغيرها، وأيضاً حينما ظهر التليفزيون ظنوا أن السينما لن تجد لها مشاهد، حيث سيبقى الجميع فى بيوتهم لمشاهدة التليفزيون، ولكن حدث العكس وتقدمت السينما وأبدعت فى تقدمها، وأيضاً لم يقضِ التليفزيون على الراديو، بل أعتقد أنه هو الذى سيقضى على كل الوسائل لأنه وسيلة سهلة وميسرة وملك للمستمع وظروف العطاء فيه ميسرة إلى أبعد الحدود.

آمال: سأسأل سؤالاً آخر بصفتك نجحت فى إطلاق العنان للخيال من خلال أعمالك التى قدمتها فى الراديو.. أيهم أصعب فى توصيل المعنى من وراء العمل الفنى الراديو أم التليفزيون أم السينما؟

- بابا شارو: الراديو لأنك تستخدمين وسيلة واحدة وهى الأذن، أما فى السينما والتليفزيون والمسرح فنستخدم العين أيضاً.

آمال: إذن فإن بابا شارو قد نجح فى التوصيل من خلال أصعب القنوات وهى الراديو... 

- بابا شارو: هذا صحيح.. فالراديو هو أصعب القنوات، لذلك فإن التليفزيون ازدهر فى العالم كله على يد أبناء الراديو.. ففى مصر مثلاً كل النجوم الذين حملوا التليفزيون على أكتافهم هم أبناء الإذاعة ونفس الشيء فى العالم كله.

آمال: هناك نظرية أخرى تقول إن «التعصير» هو نظرة ورؤى جديدة وليس آلة جديدة.. فما رأيك فى هذا؟

- بابا شارو: هذا يعزز الكلام الذى قلناه من قبل. فأنا أعيش حياتى وأمارسها فى ظل ما يتيحه العصر لى، فأشاهد التليفزيون وأستقل السيارة والطائرة وأستخدم كل الأشياء التى فرضها العصر وأدخلها فى واقع الحياة.

آمال: بصفتك عايشت الراديو لعقود طويلة.. ما الذى يجعلك تدير مؤشر الراديو عن متابعة برنامج ما؟

- بابا شارو: البرنامج نفسه يطردنى، أى أن تكون فيه عوامل طرد، وهذا هو الخطر الذى إذا لم ينتبه له الإذاعى فإن المستمعين يعطون له ظهورهم، وهو أيضاً يكون كمن يعمل وهو يعطى ظهره للناس، فعوامل الجذب مهمة جداً، وأيضاً عوامل إثارة اهتمام المستمع.

عوامل جذب المستمع

 آمال: هذه فرصة لأتعلم فيها عوامل جذب المستمع وكيفية الإمساك بتلابيبه…

- بابا شارو: هذا أمر يطول شرحه، فعوامل جذب المستمع كثيرة جداً، تبدأ من الكتابة ثم الإخراج ثم من العناصر التى تؤدى، ثم من وسائل الإيضاح والتعبير مثل الموسيقى ومتى تستخدم ولأية درجة تستخدم، وأين تنتهى وأين تبدأ، وهناك عوامل أخرى متعددة.

آمال: لكن هل هى أشياء حرفية أو مهنية تكتسب عبر الزمن أم هى حس وموهبة؟

- بابا شارو: هى أساساً حس، والإذاعى أو الذى يعمل فى التليفزيون لا يجب أن تغيب عن ذهنه أبداً الأذن المتشبثة بسماعة الراديو ولا العين المتعلقة بشاشة التليفزيون، فإذا نسيهما فإنه ينسى نفسه وقد ينفصل عنها، لكن إن كان جمهورك دائماً فى حسابك فتتلمسين دائمًا السبيل الأقرب إلى السلامة فى الوصول والاتصال به.

آمال: كنا قد أثرنا قضية من فترة عن تغير ذوق المستمع عبر الزمن، خاصة المادة المقدمة للأطفال، وبابا شارو هو الوحيد الذى استطاع أن يجذب الأطفال فى حين كل العاملين فى برامج الأطفال عبر الخدمات المختلفة إذاعة وتليفزيون فشلوا فى استقطاب الأطفال حول الراديو وحينما سمعت الإذاعية فضيلة توفيق ذلك، قالت إنها تعترف بأنك أستاذها وأنها تعلمت على يديك كيفية تقديم البرنامج الناجح للأطفال، ولكن يجب ألا تنسى أن بابا شارو كان يعمل فى عصر مغاير تماماً عن العصر الحالى، وأنه لو قدم بابا شارو اليوم شيئاً للأطفال فسيحتار نفس حيرتها التى تحتارها الآن لأن الكُتَّاب هربوا من الكتابة للأطفال لأنها غير مجزية، وأيضاً لم يعد الأطفال الذين يستعان بهم فى التقديم منبهرين بالتقديم فى مصر وبدءوا الذهاب إلى حين الكسب الأكبر..

- بابا شارو: الابنة العزيزة فضيلة توفيق لا أعرف لم افترضت أننى سأحتار نفس حيرتها، وأنا لو لم ألتفت إلى تغير واقع الحياة ولما تفرضه حياة اليوم، وللأثر الشديد والفعال والواضح للتكنولوجيا والنقد العلمى الموجود اليوم، إذا نسيت كل هذا فسأحتار نفس حيرتها، لكن لو وضعت كل هذا أمام عينى فسيتضاءل أمام منجزات العالم الحديثة الحصان السحرى وبساط الريح والقمقم وافتح يا سم سم، وكل هذا الذى كان يضع فى القصة إثارة بلا أساس، أما الآن فيمكن أن أستخدم كل هذا بأساس علمى ملموس، فقد أصبحت الأشياء القديمة مجرد هلوسة خيالية موروثة من عصور قديمة بلا منطق يحكمها، ولا يجب أن استخدمها اليوم، بل أستخدم نظيرها وما هو أكثر فاعلية منها انطلاقاً من الواقع العلمى الذى نعيشه الآن، لهذا فلا أظن أننى سأحتار كما قالت فضيلة توفيق.  

خيال الماضى لا يصلح لتكنولوجيا اليوم

آمال: إذاً فقد كنت ستستخدم العلم فى إثارة خيال الأطفال لأنه ما عادت الخرافات تثيرهم...

- بابا شارو: الخرافات كانت تثير فى الماضى وتثير إلى جانبها الشك والتساؤل أيضاً، أما الآن فلا تثيرها الأجهزة العلمية التى يعرف الطفل من خلالها أن هناك ما يسمى بالطاقة والسيطرة على الطاقة، وغيرها مما يجب أن نتحدث مع الأطفال عنه من منطلق وجوده فى حياتنا.

آمال: هل ما تحدثت عنه من منجزات علوم العصر يثير الطفل القابع بداخلك؟

- بابا شارو: ويثير الكبار أيضًا.. فالعمل الفنى الناجح يشترك فى الإعجاب به الصغير والكبير والأمى والمتعلم إلى أقصى الدرجات، فتجتمع حوله الأذواق وهذه هى الناحية الوجدانية التى تسكن بالداخل والتى تبين الخطأ والصواب وما يعجبنا وما لا يعجبنا هى واحدة لدى الجميع.

آمال: حتى الآن حينما أذهب إلى حفل عيد ميلاد أجد أنهم يرددون عملك الرائع «عيد ميلاد أبو الفصاد» فما السر فى ذلك؟

- بابا شارو: هذا السؤال أسأله لك وللجميع، فأنا صنعت الأغنية وحققت هذا النجاح لدى كل الأجيال، وأعتقد أنه سيأتى يوم تتحول فيه إلى فلكلور فتردد دون أن يعرف أحد تاريخها ولا مؤلفها.

 آمال: متى خرجت هذه الأغنية للنور؟

- بابا شارو: أعتقد أنه كان فى أواخر الأربعينيات، ولا تزال تتردد بعد ثلاثين عاماً من تقديمها بنفس الحماس.