الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد نجاح (زقاق المدق وأفراح القبة) وانطلاق عرض (الحفيد): الروايات الأدبية تعيد للمسرح شبابه

بالتزامن مع حلول الموسم الصيفى وبدء الإجازات فى العديد من المراحل الدراسية، يشهد المسرح حالة لافتة من النشاط الفنى، حيث تضىء مسارح الدولة أنوارها بالعديد من العروض المسرحية الحديثة، أو التى حققت نجاحًا كبيرًا فى مواسمها الأولى، فضمن لها هذا النجاح الاستمرار لمواسم أخرى، لكن اللافت للنظر هو وجود أكثر من عرض مسرحى ناجح كانت السمة المشتركة بينها هى اعتماد تلك العروض على إعادة تقديم الروايات والنصوص الأدبية الشهيرة لكبار الأدباء والكتاب والتى شهدت نجاحًا كبيرًا عندما تم تقديمها من قبل فى السينما والتليفزيون.



 

 لكن هذا النجاح لم يقف حائلاً أمام رغبة الجمهور فى مشاهدتها مجددًا على المسرح برؤية جديدة مواكبة للعصر، وفى السطور التالية نستعرض بعض تلك الأعمال التى يستمر عرضها هذه الأيام بنجاح كبير، فى محاولة للإجابة عن السؤال، هل عدم وجود نصوص مسرحية جيدة هو ما أجبر صناع هذه العروض على العودة مجددًا إلى البحث فى تراثنا الأدبى؟ أم أن الإبداع الذى كتبت به هذه الروايات هو ما جعلها صالحة لكل زمان ومكان؟

 انتعاشة مسرحية

من العروض المسرحية الجديدة التى لاقت استحسان الجمهور عرض (خلطة شبرا) على مسرح الطليعة من تأليف وأشعار «يسرى حسان» وقد كانت أغنيات المسرحية آخر ما لحن الفنان «أحمد الحجار» قبل رحيله، ومن أهم المسرحيات التى تمت إعادة افتتاحها فى موسم مسرحى جديد (هاملت بالمقلوب) على مسرح السلام، من إخراج «مازن الغرباوى» بعد تحقيقه نجاحًا كبيرًا عقب افتتاحه فى شهر مارس الماضى، وإقراره على عدد من الجامعات والمعاهد المتخصصة، ليكون مقررًا دراسيًا على الطلاب هذا العام، وعلى المسرح العائم بالمنيل تعرض مسرحية (كاليجولا) من إنتاج فرقة مسرح الشباب، عن رائعة «البيركامو» بطولة محمد رزق وإخراج محمد عز الدين.

 المسرح الاستعراضى يسترد عافيته

فى عام 1963، قدم مخرج الروائع «حسن الإمام» فيلم (زقاق المدق) عن رواية الأديب الكبير «نجيب محفوظ» التى نشرت فى 1947، وتدور أحداثها فى فترة الأربعينيات، حيث تأثيرات الحرب العالمية الثانية على المصريين، ولا سيما على سكان (زقاق المدق) وعلى رأسهم «حميدة» التى لعبت دورها «شادية» وقد قدمت هذه الرواية مجددًا فى فيلم مكسيكى عام 1995 يحمل عنوان (Madaq Alley) وقد شاهده «محفوظ» وأثنى عليه، وعلى المسرح، تم تقديمها فى عام 1958، من بطولة «فاطمة رشدى، ومحمد رضا» ومن إخراج «كمال ياسين»، كما قدمها المخرج المسرحى الكبير «حسن عبدالسلام» عام 1985 من بطولة «صلاح السعدنى، ومعالى زايد» وقد أعدها للمسرح «بهجت قمر» ولحن أغنياتها «بليغ حمدى»، ورغم جودة عناصر تلك المسرحية تمثيلاً وغناءً وإخراجًا، إلا أن عدم تصويرها جعل منها مجرد ذكرى لا أثر لها، وعلى مسرح البالون، تقدم «دنيا عبدالعزيز» بمشاركة «مجدى فكرى، وكريم الحسينى وبثينة رشوان» الموسم الجديد من مسرحية (زقاق المدق) من إخراج «د.عادل عبده» رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، ورؤية درامية وأشعار «محمد الصواف» وقد لاقى العرض استحسان الجمهور، الجميل فى العرض أنه تم تقديمه برؤية عصرية حافظت على روح العمل الأصلى، لكنها تمردت على كل المعالجات التى قدمته من قبل، ولا سيما مع وجود مشاهد سينمائية فى الخلفية، جعلت منه عرضًا عصريًا برؤية بها حداثة على مستوى الصورة والإيقاع، وفى إطار موسيقى غنائى استعراضى، أعاد للمسرح الاستعراضى عافيته، وجعل من المقارنة بين المسرحية والفيلم الخالد أمرًا غير مطروح. 

أفراح القبة.. فلسفة مسرحية

فى عام 2016 قدم المخرج «محمد ياسين» مسلسل (أفراح القبة) من بطولة «إياد نصار، ومنى زكى» المأخوذ عن رواية «نجيب محفوظ» التى نشرت عام 1989، وتدور أحداث الرواية والمسلسل حول فرقة ‏مسرحية يكتشف أعضاؤها أن الأحداث التى يقدمونها على المسرح تتناول شخصياتهم الحقيقية، وأن المؤلف يعرض ‏أسرارهم التى حدثت بالماضى، مما يجعل أعضاء تلك الفرقة يسعون إلى إيقاف العرض، لكن صاحب الفرقة يُصر على استكمال العمل فيجدون أنفسهم مجبرين على الاستمرار فى لعب أدوارهم الحقيقية، وإذا كان تحويل هذه الرواية إلى مسلسل أمرا صعبا، نجح فى اجتيازه «ياسين» فإن تقديمها على خشبة المسرح أمر بالغ الصعوبة، وخلال 150 ليلة عرض، قدمها أبطال مسرحية (أفراح القبة) رفع المسرح العائم بالمنيل لافتة (كامل العدد) معظم الأيام، ولم يلتزم العرض بالتفاصيل الواردة فى النص الأصلى، بل اعتمد كاتبه ومخرجه «يوسف المنصور» على التوسع فى الشخصيات الفرعية مع وضع العديد من الخطوط الدرامية الإضافية لتعميق قصص الحب والكراهية والخيانة مع التركيز على اللوحات الاستعراضية الراقصة. 

 الحفيد وأم العروسة.. على المسرح القومى

على خشبة المسرح القومى بدأ الخميس الماضى عرض مسرحية (الحفيد)  والعمل عبارة عن دمج بين روايتى «عبدالحميد جودة السحار» (الحفيد) و(أم العروسة)  فى قالب كوميدى جديد، ويلعب بطولته « لوسى، وعابد عنانى، وتامر فرج» الجدير بالذكر أن المسرحية يعدها ويخرجها «يوسف المنصور» الذى يعرض له (أفراح القبة) مما دفعنا إلى سؤاله حول إذا ما كان إعادة تقديم روايات الكبار على المسرح مشروعًا يسعى إلى تنفيذه، أم أنها مجرد مصادفة، وعن ذلك يقول (لم أتبن إعادة تقديم الروايات الأدبية التى تم تقديمها من قبل عبر وسائط أخرى، لكننى عندما أقرأ أى نص، وأجد لدى رؤية جديدة له، أسعى لتقديمها، وتقديم نص لـ«نجيب محفوظ» ومن بعده نص لـ«عبدالحميد جودة السحار» هو مجرد مصادفة، والرابط بينهما أننى أردت أن أقول شيئًا مختلفًا، برؤية جديدة، ومعالجة مختلفة، وعن الجديد الذى يقدمه فى مسرحية (الحفيد) يقول (المسرحية عبارة عن «كولاج» بين روايتين، أطرح من خلاله رؤية معاصرة لقضايا لها علاقة بوقتنا الحالى، وبوجهة نظر استنبطها من الرواية قد تكون عكس ما تم تناوله فى الفيلمين، كما اعتمدت على تقديم شخصيات درامية جديدة لم يكن لها وجود فى النص الأصلى، كما استحدثت خطوطًا درامية جديدة أيضا، وفى النهاية سنكون أمام نص جديد تمامًا، لكنه مستوحى من النص الأصلى).