الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حكاية طبق الخير.. .. عبير أبو المجد رحلة نجاح أم مصرية من ماما إلى «بيسترى ماما»

يقول روبرت تى- كيوساكى فى كتابه الأب الغنى والأب الفقير «الفرق بين الأب الفقير والأب الغنى أن الأول كان يقول أحد أسباب عدم بلوغى الثراء هو أن لديّ أطفالًا، أمّا الثانى فكان يقول السبب الذى لا بُد لأجله أن أبلغ الثراء هو أن لديّ أطفالًا». وعلى هذا النهج تحركت بطلتنا، عبير أبو المجد عبدالعزيز، سيدة مصرية تبلغ من العمر 55 عامًا، وأم لثلاث فتيات شابات. كان لها حظ من اسمها وأخذت تصنع المجد لنفسها وتتسلق سُلم النجاح فى رحلة بدأتها منذ 22 عامًا مع طبق الخير. تحدثت السيدة عبير أبو المجد فى حوار لـ«روزاليوسف» عن رحلتها فى صناعة براند الحلويات خاصتها باسم «بيسترى ماما».



تحكى السيدة عبير قائلة «بدأت رحلتى على نحو الصدفة. لم أتخيل يومًا أن أفعل هذا الأمر سواء طهو الحلويات أو أن أكون سيدة أعمال صاحبة بيزنس؛ لكن كان لحماتى فضل كبير عليَّ فى هذا الأمر، فهى أساس تعليمى وحبى للحلويات. بعد أن تزوجت ببضعة أشهر هلَّ علينا شهر رمضان لم أكن أعلم شيئًا حينها عن صناعة الحلويات إطلاقًا، وذهبت فى أحد الأيام لحماتى التى كانت تُعِد الكعك استعدادًا للعيد، وعندما همت بالذهاب لإعداد الكعك عرضتُ عليها المساعدة وأنا لا أعلم مطلقًا ماذا أفعل؛ لكنها بخبرتها وحنكتها كانت على علم بذلك فأخذتنى معها للمطبخ وجلستُ بجوارها لتخبرنى بالمقادير والكميات. فى ذلك اليوم مساءً وبينما كنت عائدة لبيتى تولدت عندى رغبة فى التجربة فاتصلت بزوجى وأخبرته أن يُحضر معه بعض الأغراض لأقوم بإعداد كعك العيد، فلم يُصدق لأنه يعلم أننى لا أعرف شيئًا عن الأمر؛ لكنه أذعن لكلماتى وأحضر لى ما أردت. وبالفعل قمت بإعداده ونجحت؛ بل إن حماتى عندما تذوقته أخبرتنى «من النهاردة أنا مش هعمل كحك عشان عندنا أستاذة». وبمرور الأيام شغفنى حب المطبخ والطهو؛ خصوصًا طهو الحلويات؛ لكننى لم أكن أعمل، وبعد مرور 8 أو 9 سنوات قررت القيام بتجربة والحصول على رأى العائلة والأقارب والأصدقاء، وعندما تذوق الأشخاص المنتجات التى صنعتها نصحونى بالبدء فى مشروع خاص بى على نطاق صغير جدًا من البيت. فبدأت فى صناعة منتجات بسيطة وبيعها للأقارب والأصدقاء، ثم دخل العيد وبدأت أروج لمنتجات العيد بين أقاربى وأصدقائى فشجعونى واشتروا منّى وبدأوا فى الترويج لى بين معارفهم وأصدقائهم. وبدأت الأمور فى التزايد تدريجيًا.

فى ذلك الوقت كان لى اثنتان من أخوات زوجى تحضران دروسًا فى مسجد الصديق فى شيراتون مصر الجديدة، وعندها كان لدى المسجد فعالية فى درس يوم الجمعة تحت عنوان «طبق الخير»، وكانت فكرة طبق الخير أن يقوم الشخص بتقديم عيّنة من الطعام الذى يُعده فى المسجد. إذا تمت الموافقة عليها يشترى المسجد من مقدم الطعام طلبية مرة بالأسبوع وهو يوم الدرس، على أن يخرج جزء لا يُذكر من أرباح الطعام للخير، ولذلك سُمى بطبق الخير.

 كيف وازنتِ بين حياتك الزوجية وحياتك العملية؟ 

- عندما بدأتِ فى العمل كنت حاملاً فى ابنتى الصغيرة «منة» حتى إننى وضعتها أثناء عملى، عندها لم أكن أعمل بشكل واسع؛ لكن كنت أعمل مع «طبق الخير» يومًا واحدًا فى الأسبوع، وكنت على علم بمقدار العمل. فكنت أبدأ فى العمل بعد أن تذهب الفتيات إلى النوم، وعندما دخلن للمدرسة كنت أقوم بأمور البيت بعد ذهابهن ثم أبدأ العمل، وعند عودتهن أوقف العمل ونبدأ فى المذاكرة ثم أعشيهن وأنيمهن وأعود للعمل مرة أخرى. ومع الوقت زاد الطلب وبدأت الفتيات يَكبرن. كان المنزل دائمًا ممتلئًا بالعلب والأطباق وبدأت الفتيات تساعدننى فى كتابة الطلبيات، وأسماء الأشخاص، ورص الأوردرات وهذا زرع فيهن المسئولية منذ الصغر. مع زيادة العمل أصبحت الأمور أصعب، ففى شهر رمضان لا ننام تقريبًا حتى عندما كنت أعمل من البيت كان الوضع صعبًا جدًا. ففى رمضان الماضى كنا نعمل على مدار 24 ساعة ونقسّم العمل بيننا شيفتات. كنا نذهب للمصنع فى 6 صباحًا، ونعمل حتى موعد الإفطار ونأكل مع العمال، ثم تتسلم منة الشيفت منا من الساعة 12 وحتى صباح اليوم التالى. وبينما نحن فى طريقنا للبيت كنت أنام فى العربة، ومن ثم أعود للمصنع فى تمام السادسة من صباح اليوم التالى، فنحن جميعًا نعمل كأسرة واحدة لا ينسب فينا أحد الجهد لذاته. 

 هل حصلتِ على دورات فى فن طهو الحلويات، أمْ أنكِ اعتمدتِ على الجهد الذاتى؟

- فى الحقيقة اعتمدت على الاجتهاد الذاتى فى تعلم طهو الحلويات، فيرجع الفضل إلى حماتى فى البداية فى تعليمى كيفية إعداد الكعك والبسكويت والبتيفور، ثم بدأتُ أطور من ذاتى لاحقًا وأحضر كتب الطهو العربية والأجنبية لأتعلم منها، وكنت أعتمد أكثر على الكتب الأجنبية وأجربها لأن الوصفات الأجنبية دقيقة «على الشعرة»؛ وبالتالى حتى تلك اللحظة إذا أردت تجربة أى وصفة جديدة تكون وصفة أجنبية، فكنت أقرأ الكتب بلغتها الأم وأترجمها، وإذا تعثرت فى أمر كنت ألجأ لبناتى لمساعدتى. وعندى الكتب التى كنت أعتمد عليها حتى الآن أرجع لها عندما أريد. والنت الآن سَهّل علينا هذه الأمور إلى حد بعيد. حتى تلك اللحظة عندما أكون فى وقت فراغ أفتح الهاتف وأنظر على وصفات جديدة، وأبدأ فى التفكير فى أفكار جديدة للوصفات. 

مَن كان يدعمك فى رحلتك، وهل توقعتِ الوصول إلى تلك المرحلة عندما بدأتِ منذ 22 عامًا؟

- لم أخطط لأى شىء منذ بداية عملى، كل ما فكرت فيه هو أننى سأبدأ مشروعًا وأنوى أن يكبر خطوة بخطوة وتركت الأمر على الله. وبينما يرجع لحماتى الفضل فى تعليمى فنون طهو الحلويات، كان يدعمنى ويشجعنى منذ اليوم الأول كل من زوجى ووالدى أطال الله فى عمرهما. وكان زوجى الأستاذ «شريف» بمثابة الجندى المجهول وسبب وصولى لتلك النقطة، تعب معى كثيرًا لدرجة لا يمكن تخيلها، فكان يسهر معى الليالى لمساعدتى عندما يكون عندى طلبات كثيرة، وإذا أردت منتجات معينة لعملى كان يعاوننى بعد عودته من عمله بالنزول معى والتجوال على المحال، وكان يعمل حينها كمدير مبيعات فى الشركة العالمية للمحولات؛ لكنه استقال من مهنته منذ عشر سنوات عندما وجدنا أن المشروع يكبر. وهو من صمم على فكرة وجود محل كمنفذ بيع ثابت لمنتجاتنا، فأصبح المشروع بمثابة بيزنس عائلى. استطاعت الفتيات مؤخرًا الدخول فى تصنيع المنتجات والإدارة. وحتى اليوم زوجى يساندنى بقوة فمهما شكرته لن أوفيه حقه.

هل واجهتِ أى نوع من الإحباط من أى أشخاص حاولوا إبعادك عن المجال؟

- لم تواجهنى أى أنواع من الإحباط ممن حولى نهائيًا؛ وإنما كان كل من حولى داعمًا لى، وطالما أنكِ تقفين على أرض صلبة فى مهنتك لن يستطيع أى شخص تشويه عملك أو إثناءك عن طريقك.

 أيعنى هذا أنكِ لم تواجهى أى تحديات خلال رحلتك فى صناعة البراند؟

- بل واجهتنا العديد من التحديات خلال رحلة العمل. فمن الصعوبات التى واجهتنى فى البداية عدم توفر أى إمكانيات تساعدنى على العمل. فلم يكن عندى أى آلات تساعدنى. فكنت أقوم بعجن المكونات على يدى. وكان من الصعب جدًا القيام بكل تلك التفاصيل بيدى المجردة. ثم واجهتنا لاحقًا مشكلة التعبئة والتغليف فلم يكن متوفرًا فى الأسواق علب جاهزة للتغليف، ولم يكن من اليسير طباعة علب مخصصة لارتفاع أسعارها، فابتكرت حلاً للتغليف باستخدام الأطباق الفوم البيضاء، إذ قمت بوضع طبقين فوق بعض وفرغت دائرة فى الأعلى وأغلفتها بالأكياس البيضاء ليتسنى للمشترى رؤية المنتج. واستمر الوضع لفترة حتى بدأنا نفكر فى طباعة علب للتوريد من دون اسم؛ وصولًا لعام 2022 أصبح لدينا الآن علب تغليف باسم «بيسترى ماما»؛ لكن من أبرز التحديات التى واجهتنا أزمة السكر، فلقد أثرت على عملنا بشكل كلى، فكان اختفاء السكر مشكلة كبيرة جدًا بالنسبة لنا فى صناعة الحلويات، كنا نلف على المحال لجمع أكياس السكر من هنا وهناك، ومن اللطيف فى تلك الفترة معاونة أصدقائى لى فكلما كان يتواجد عِند أحدهم سكر زيادة كان يرسله لى. 

 هل خفتِ من اتخاذ خطوة العمل فى سوق ممتلئة بالذكور؟

- لا، لم أفكر فى الأمر من هذا المنطلق أبدًا، لم يخطر على بالى أساسًا أن تواجد الذكور أكبر من تواجد الإناث. ربما يكون التواجد الرجالى غالبًا كشيفات للمنتجات الحادقة، ولكن النساء يتواجدن بقوة فى سوق الحلويات مثل الشيف نيرمين هنو وغادة التلى، وسالى فؤاد وغيرهن الكثيرات، فللسيدات وجود كبير جدًا فى هذا المجال. كما أن تشجيع زوجى ووالدى لى كان بمثابة حائط يحمينى من الخوف، فلم أشعر بالخوف من الفشل مطلقًا.

 

 ما الأهداف التى كنتِ تطمحين إليها عندما بدأتِ مشروعك؟ 

- المشروع بدأ بالصدفة، وكنت أطمح فى إيصاله للناس، وأهدف إلى أن أقدم منتجًا يشعر من يأكله بالسعادة، ويكون على علم بأنه يتناول منتجا جيدا مصنوعًا بطريقة جيدة ومصنوعًا بحب.

 فى حياة أى صاحب مشروع هناك لحظة فارقة.. متى كانت تلك اللحظة؟ 

- لا أستطيع القول إننى وصلت لتلك اللحظة، فأنا لا أزال فى مرحلة السعى. أنا سعيدة وفرحة بوجود المحل؛ لكننى سأصل لتلك اللحظة عندما يعلو صيت هذا الفرع، وأكون على وَشَك افتتاح الفرع الثانى والثالث والرابع.

 هل تطمحين بالوصول للعالمية؟

- لقد وصلنا بالفعل للعالمية؛ حيث إننا قمنا بتصدير منتجاتنا لأمريكا العام الماضى. فلقد طٌلِب منا تصدير طلبية وبالفعل قمنا بإرسال شحنة والحمد لله انتهت بشكل سريع وأرسلنا بعدها شحنتين أخريين. ونسعى حاليًا لتصدير منتجاتنا لواشنطن فى الفترة المقبلة.

ما الطرُق التى تعتمدين عليها فى تسويق منتجاتك منذ البداية حتى تلك اللحظة؟

- قبل أن يكون عندى المحل كمنفذ بيع ثابت كنت أعتمد على صفحة الفيس بوك بشكل أساسى فى التسويق لمنتجاتى، وأيضًا على الإيفنتات أو المعارض التى أذهب إليها. فلم يتذوق أحد من منتجاتى فى تلك الإيفنتات إلا وقام بالشراء منا أو التعامل معنا بشكل مستمر.

متى وقع الاختيار على اسم «بيسترى ماما»؟ 

- عندما بدأنا لم نكن مهتمين بالاسم، فكان المنتج يُعرض باسمى فى المعارض، وفى حالة التوريد يكون باسم المحلات. وعندما بدأنا العمل على السوشيال ميديا اخترنا عددًا من الأسماء، ومنذ نحو 3 سنوات اختارت الفتيات اسم «بيسترى ماما» ونزلنا به المعارض وتجاوب معنا الناس. 

 فى رأيك ما هو أهم ما يميز براند بيسترى ماما؟ 

- أهم ما يميز براند بيسترى ماما هو نفس الأم، فهى منتجات صنعت بحب وكأنها منزلية الصنع صنعتها الأم فى البيت.

 إذن فما هى أكثـر لحظة مميزة لكِ فى عملك؟ 

- عندما أقوم بالعجن متعتى تكون فى التصنيع والعجين. وعلى الرغم من وجود فريق عمل معى فى الوقت الحالى؛ فإننى لا أستطيع الابتعاد عنه، وأيضًا تلك اللحظة عندما أبتكر منتجًا جديدًا ليخرج للجماهير.

 هل عملتِ فى وظائف أخرى قبل امتهان طهو الحلويات؟

- نعم، كنت أعمل فى الأشغال اليدوية وكنت أشارك بها فى المعارض. لم أستطع أن أواصل فيها نظرًا لضعف الإمكانيات فى تلك الفترة. فالخامات المتوافرة حينها لم تكن تساعدنى على العمل والإنتاج. لم يكن الوضع مثل الوقت الحالى بتوافر الخامات وتنوعها فى كل مكان، وعندما لم أشعر أننى قادرة على تقديم منتج متميز ابتعدت توقفت عن العمل بها.

ما الذى تغير فيكِ منذ بداية رحلتك حتى تلك اللحظة؟

- أصبحت أقوى. أصبحت قادرة على فهم الأشخاص بشكل أكبر. أصبحت أعرف إذا كان الشخص أمامى صادقًا أمْ لا. فإن التعامل مع العمالة المصرية أمرٌ ليس باليسير، ومن الطبيعى أن تصبح شخصيتك أقوى بما يتناسب مع الوضع كى تستطيعى إدارة الأمور. 

 ما خطة العمل التى وضعتيها لبراند بيسترى ماما مستقبلًا؟

- أطمح لعمل العديد من المنتجات الجديدة، وأفكر فى صناعة حلويات صحية. وبدأت بالفعل فى إدخال منتجات «معجنات حادقة» مخصصة لمرضى السكر وليس بها أى خوف إذا تناولها مريض السكر. وأيضًا للأشخاص الذين يسيرون على نظام صحى لفقدان الوزن ليس كيتو. تلك المنتجات من دون دهون ومن دون سكر ومن دون بيض مصنوعة بدقيق القمح الكامل مع دقيق الشوفان، ليس بها دقيق أبيض لأنه خطر بالنسبة لمريض السكر.

باعتبارك رائدة أعمال على ساحة العمل الحُر، بماذا تنصحين أى سيدة ترغب فى عمل مشروع لها؟

- أقول لها ابدئى، لا تخافى. ابحثى عن الشىء الذى يُميزك وتُبدعين فيه وابدئى لا تنتظرى. مَهما كانت سنّك ابدئى لا تجعلى الظروف حاجزًا بينك وبين بداية مسيرتك. ومتخليش حاجة توقفك.