الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إفريقيا جنوب الصحراء.. بؤرة إرهاب دولى جديدة «بوكو حرام» إعادة إنتاج وتدوير لـ«داعش» و«القاعدة»

«بعد سنوات من الخمول، بدأ الإرهاب العالمى يطفو على السطح من جديد، ورغم انخفاض الوفيات، إلا أن التفجيرات تتزايد، وتوفر العوامل القديمة، مثل: الفقر، والاضطرابات السياسية فى بعض الدول، مزيجًا قابلًا للاشتعال يمكن أن ينذر بعودة الإرهاب».. هكذا افتتحت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية تقريرها، الذى نشرت فيه أهم ما جاء فى أحدث إحصائية لمؤشر الإرهاب العالمى، الذى رصده «معهد الاقتصاد والسلام» الأسترالى. 



فقد أكد المؤشر أن منطقة «إفريقيا جنوب الصحراء» أصبحت بؤرة للإرهاب، بقيادة تنظيم «داعش» الإرهابى الذى يتوسع هناك، بجانب استمرار نشاط حركة «بوكو حرام»، فى الوقت الذى تتمزق فيه «أفغانستان» فى «آسيا» من الإرهاب.

وأوضح المؤشر أنه فى عام 2020، بلغت الوفيات الناجمة عن الإرهاب فى البلدان المتضررة من النزاعات 97.6 %، كان من بينهم نسبة 80 % وقعت فى نطاق 50 كيلومترًا من المناطق التى يدور فيها النزاع؛ مشيرًا إلى أنه مع زيادة حدة الصراع، تزداد خطورة الأعمال الإرهابية الأكثر فتكًا، حيث كانت الهجمات الإرهابية فى بلدان الصراع أكثر فتكًا بست مرات من الهجمات فى البلدان المسالمة.

 أبرز التغييرات فى المؤشر الجديد

كان من أبرز التغييرات فى مؤشر الإرهاب العالمى الجديد، هو زيادة فى عدد الهجمات الإرهابية، وسقوط عدد أقل من القتلى. ففى عام 2021، قُتل نحو 7 آلاف و142 شخصًا فى هجمات إرهابية، بانخفاض نسبته 1.1 % عن العام الأسبق 2020، وبانخفاض بمقدار الثلث عن الذروة فى عام 2015. 

وسجلت مناطق «الشرق الأوسط»، و«شمال إفريقيا»، و«أفريقيا جنوب الصحراء»، و«أوروبا، وروسيا، وأوراسيا، وأمريكا الجنوبية»، انخفاضًا فى الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 10 % على الأقل. ولكن، ما تسارع هو سرعة الهجمات، التى قفزت بنسبة 17 % لتصل إلى 5 آلاف و226 هجومًا نفذ خلال العام الماضى، ليصبح أعلى رقم منذ عام 2007، عندما بدأ مؤشر الإرهاب العالمى فى التسجيل. وأوضح التقرير أن هذا يرجع إلى حد كبير إلى العنف فى «منطقة الساحل»، وعدم الاستقرار فى دول مثل: «أفغانستان»، و«ميانمار».

 أسباب التطرف

كما هو الحال دائمًا، يرتبط انتشار الإرهاب بالظروف الاجتماعية، والاقتصادية وفقًا للتقرير، إذ تستغل المنظمات الإرهابية الحرمان والاغتراب لتجنيد أعضاءها؛ فعلى سبيل المثال، يَعد تنظيم «داعش» الإرهابى الشباب الأوروبى الساخط بحياة جديدة وفرص جديدة، بينما تقدم «بوكو حرام» رواتب هائلة فى «منطقة الساحل».

ثم تُستخدم الوحشية المتطرفة، مثلما أظهرها تنظيم «داعش» الإرهابى فى «العراق»، للاحتفاظ بالمجندين، الذين يخشون عواقب محاولة المغادرة، ومن أجل جذب أفراد عنيفين؛ وفى الوقت ذاته، يمكن للجماعات الإرهابية ـ أيضًا ـ توفير إحساس قوى بالانتماء للأفراد المحرومين، بمعنى أنها تعطى شعور للفرد أن يكون جزءًا من مجموعة يفضى إلى البقاء على قيد الحياة، لأنها توفر الحماية من التهديدات المحتملة.

علاقة جائحة كورونا بالإرهاب

ربط التقرير بين (انتشار فيروس كوفيد - 19، ونسبة الهجمات الإرهابية)، حيث أوضح أنه منذ إعلان منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا جائحة عالمية فى مارس 2020، كان من المتوقع ارتفاع معدلات الإرهاب. ومع ذلك، أكدت الأدلة أن الوباء كان له تأثير ضئيل للغاية على الإرهاب فى عامى 2020، و2021، رغم طرح الجائحة تحديات جديدة بمجال مكافحة الإرهاب، ومنها تأثر ميزانيات مكافحة الإرهاب لعدد من الدول حول العالم، نتيجة لزيادة العجز الحكومى الناجم عن زيادة الإنفاق العام أثناء الوباء.

وأشار التقرير إلى أن إنهاء القيود المتعلقة بجائحة فيروس كورونا بعد ثلاث سنوات من الاضطراب الاجتماعى والاقتصادى، يمكن أن يؤدى إلى مزيد من النشاط الإرهابى، مع تخفيف عمليات الإغلاق؛ مضيفًا أنه إذا لم تتم معالجة الظروف الأساسية التى تؤدى إلى التطرف، ومنها: عدم المساواة، والصعوبات الاقتصادية، والاجتماعية، وزيادة بطالة الشباب، ستزيد احتمالية انتشار التطرف.

 منطقة الساحل..بؤرة جديدة للإرهاب

على صعيد آخر، نوه التقرير إلى أن «منطقة الساحل»، التى تشمل كل من: «بوركينا فاسو، والكاميرون، وتشاد، وجامبيا، وغينيا، وموريتانيا، ومالى، والنيجر، ونيجيريا، والسنغال»، صارت تشكل مصدر قلق بالغ، خاصة بعد أن زادت نسبة الوفيات بسبب الإرهاب فى المنطقة بأكثر من 1000 % منذ عام 2007. كما بلغت نسبة الوفيات فى منطقة «أفريقيا جنوب الصحراء» حوالى نصف جميع الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم فى العام الماضى، ولا سيما «منطقة الساحل». كما كانت ثلاثة من الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب فى عام 2021 فى «منطقة الساحل» فقط، إذ سجلت «النيجر، ومالى، وبوركينا فاسو» زيادات كبيرة فى الوفيات الناجمة عن الإرهاب بلغت (81، و174، و74) على التوالى.

وأكد التقرير أن توسع الجماعات التابعة لتنظيم «داعش» الإرهابى، هو سبب تصاعد الإرهاب فى العديد من دول الساحل، فعى سبيل المثال: ارتفع عدد الوفيات بسبب الإرهاب فى «النيجر» إلى أكثر من الضعف فى عام 2020، عندما بلغ 588 حالة وفاة.

كما أدى انتشار الجماعات التابعة لتنظيم «داعش» الإرهابى، والجماعات المرتبطة بتنظيم «القاعدة» إلى تحويل «إفريقيا» إلى ملاذ للإرهاب، حيث جاء فى التقرير أن القتلى المنسوبين إلى الجماعات الجهادية المتطرفة، مثل: تنظيم «داعش» الإرهابى فى غرب «إفريقيا»، وجماعة «نصر الإسلام والمسلمين، وبوكو حرام، وحركة الشباب»، سجلوا 43٪ من «منطقة الساحل».

وأوضح التقرير أن هذا جاء فى الوقت الذى شجعت فيه «حركة الشباب»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، بانسحاب دول قوات حفظ السلام، والاتحاد الإفريقى العام الماضى، مدعومًا بعدم الاستقرار السياسى الذى أعقب قرار البرلمان الفيدرالى الصومالى بمد تفويض الحكومة إلى أجل غير مسمى؛ مضيفة أن «حركة الشباب» فى «إفريقيا»، مثلها مثل حركة «طالبان»، وفروعها فى «أفغانستان، وباكستان»، ملأت الفراغ الذى خلفه رحيل قوات مكافحة الإرهاب.

وأضاف أنه فى بيئات الصراع، تفضل الجماعات الإرهابية استهداف الشرطة، والجيش، والحكومة المحلية؛ فيما تعتبر مرافق المياه والغذاء، أو البنية التحتية الأهداف المفضلة للجماعات الإرهابية فى البيئات المسالمة، كما يقع معظم النشاط الإرهابى فى المناطق الحدودية حيث تكون الأنشطة الحكومية عند الحد الأدنى.

ووصف التقرير الدوافع الأساسية للعمليات الإرهابية بأنها (معقدة، ومنهجية)، وتشمل نقص المياه، والغذاء، والنمو السكانى القوى، وضعف بعض الحكومات؛ مؤكدًا أن 10 % أو أكثر من الشباب الذكور يعانون من مستويات عالية جدًا من النحافة فى ثمانية من البلدان العشرة فى «منطقة الساحل». 

 أعلى 10 دول تعانى من الإرهاب

رقد التقرير ـ أيضًا ـ الدول العشر الأكثر تضررًا بالإرهاب، وعلى رأسهم «أفغانستان» التى تتصدر القائمة اعتبارًا من عام 2019، يليها كل من «العراق، والصومال، وبوركينا فاسو، وسوريا، ونيجيريا، ومالى، والنيجر»؛ وبالنسبة «باكستان» فقد تراجع مركزها من الثامن إلى العاشر العام الماضى، رغم أنه من المتوقع أن يتغير ذلك، فى ظل تصاعد النشاط الإرهابى داخل «باكستان»، بعد سيطرة «طالبان» على «أفغانستان» المجاورة لها فى الصيف الماضى.

أما المفاجأة التى ظهرت فى قائمة الدول العشر، هو إدراج «ميانمار» فى المركز التاسع.. حيث كان الإرهاب بتصاعد فى الدولة الواقعة فى جنوب شرق «آسيا»، بعد فبراير 2021. وقد ارتفعت الهجمات من 25 عملية إرهابية فى عام 2020، إلى 750 عملية إرهابية عام 2021، مما أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص. كما كانت معظم الهجمات موجهة ضد أفراد الحكومة، وقوات الأمن.