الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فنلندا.. السويد.. لتوانيا.. لاتفيا جبهات محتملة لنشوب الصراع السيناريو الأخضر هل تندلع الحرب بين روسيا والناتو؟

«نحن فخورون بجيل النصر الأبى الباسل وواجبنا هو الحفاظ على ذكرى أولئك الذين سحقوا النازية».. الناتو بدأ يزحف نحو أراضى جوار روسيا عسكريًا، وكل الدلائل كانت توحى بأن «الصدام مع النازيين الجدد أمر لا مفر منه».. جاءت كلمات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تؤكد إصراره على الاستمرار فى خططه العسكرية وإتمام خطواته فى الداخل الأوكرانى والأراضى المحيطة بحدود روسيا، حيث أكد هذا بكل وضوح فى خطابه خلال العرض العسكرى الكبير الذى أقيم 9 مايو الماضى، فى الساحة الحمراء بموسكو بمناسبة الذكرى الـ77 للانتصار على النازية فى الحرب الوطنية العظمى.



وقد أيقن الجانب الغربى أن بوتين عازم على الاستمرار فى خططه لتأمين روسيا (وفق تصريحاته) أو لاستعادة أمجاد الاتحاد السوفيتى السابق، أو لفرض سيطرته على الغرب وإخضاعهم لسياساته.. الأسباب عديدة وتحليلات الموقف تتغير بين لحظة وأخرى فلا أحد يستطيع أن يتيقن ما هى مساعى الرئيس الروسى أو أين تذهب.. ولكن الأمر الذى يفرض نفسه على الساحة الدولية الآن هو استعداد دول حلف الناتو للمواجهة مع روسيا.. خاصة بعد محاصرة القوات الروسية مدينة ماريوبول الأوكرانية، وتسريع الغرب إرسال جميع أنواع الأسلحة لأوكرانيا من بوابة دول مجاورة، كذلك تسريع خطوات الغرب لضم دول قرب حدود روسيا لحلف الناتو، فتبدو الحرب بين موسكو وكييف فى طريقها إلى دول أخرى، فهل تندلع حرب بين روسيا والناتو؟

خطوات التدمير

«سندمر دول الناتو خلال نصف ساعة» كان هذا هو تهديد دميترى روجوزين، رئيس وكالة الفضاء الروسية «روسكوزموس» والمقرب من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، والذى أكد على منشور له على موقع «تويتر» أن بلاده قادرة فى حال نشوب حرب نووية على «تدمير دول الناتو فى غضون نصف ساعة» فقط، وهو الأمر الذى يذكرنا بتهديدات بوتين السابقة باستخدام أسلحة الدمار الشامل فى مواجهة الغرب الداعم لأوكرانيا إذا لزم الأمر، لا سيما بعد أن كشف الروس عن صاروخ سارمات الباليستى، سلاحهم الفتاك الذى يمنحهم حسب بعض المراقبين، أفضلية المباغتة الفتاكة والتملص من الرادارات والأقمار الاصطناعية. وهذه التهديدات ليست الأولى التى تصدر عن الجانب الروسى، فقد لوّح بوتين باللجوء إلى أسلحة الدمار الشامل منذ بدء العملية العسكرية فى أوكرانيا فى 24 فبراير. كما كرر مسئولون روس هذه التهديدات، منهم وزير الخارجية سيرجى لافروف الذى حذر فى أواخر أبريل من اندلاع حرب عالمية ثالثة، فيما يكتفى الغرب بالتأكيد مرارًا على أنه لا يرى أى تهديد بشن روسيا حربا نووية، وأيضًا التأكيد على أن الردع النووى ممكن من الجانبين، لكن اللجوء إليه يعنى أيضًا كارثة تطال الجانبين وتكون عواقبها غير مسبوقة.

التهديدات النووية ليست فقط المقلقة فى الصراع الروسى- الغربى، فالآن ليس هناك مجال للتحدث حول مفاوضات مرضية لأطراف الأزمة، وتتجه جميع السيناريوهات إلى لحظة المواجهة أو الانفجار، خاصة أن كل الأطراف قد تخلت عن لهجة التهدئة والبحث عن مخرج، وقد أكد مندوب روسيا بالأمم المتحدة، فاسيلى نيبينزيا، أن ما تشهده أوكرانيا «حرب بالوكالة» ضد بلاده، وأن الغرب كان ينتظر الفرصة لشن حرب اقتصادية على روسيا.

وعلى الجانب الغربى، أكد وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، أن الأسابيع المقبلة ستكون مصيرية، مشددًا على استمرار دعم الأوكرانيين فى دونباس وماريوبول.

ورغم تقديم واشنطن 40 مليار دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، فإن الرئيس الأمريكى جو بايدن تعهد باستمرار تقديم جميع سبل الدعم لحكومة كييف، كما أعلن المتحدث باسم البنتاجون، جون كيربى، تدريب السلاح الجوى الأمريكى للقوات الأوكرانية على الطائرات المسيرة الجديدة لديها، مؤكدًا تدفق السلاح الغربى لأوكرانيا.

وعلى الصعيد الأوروبى، صعّدت ألمانيا الحشد ضد موسكو، إذ قال المستشار الألمانى أولاف شولتس، إنه لا يمكن استبعاد مهاجمة روسيا دولاً أخرى، ورد وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو، بأن جميع وسائل نقل أسلحة الناتو لأوكرانيا هدف مشروع للتدمير.

وعلقت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية بأن موسكو تعيد صياغة معركتها مع كييف باعتبارها «حربًا أوسع مع الغرب».

أسباب التصعيد

تعتبر موسكو أن التدفق الكبير للأسلحة إلى كييف وإرسال كل أنواع العتاد الخفيف والثقيل والدقيق، والصواريخ والمدافع مثل مدافع هاوتزر وصواريخ ستينجر، يجعل الحرب تخرج عن نطاقها بين روسيا وأوكرانيا، وتصبح بين روسيا والناتو. ومن جهة أخرى، وفق مصادر إعلامية روسية، فإن موسكو قد كشفت عن وجود عناصر للناتو فى أوكرانيا للتدريب ومراقبة التحركات الروسية برًا وبحرًا وجوًا، وتسخير الأقمار الاصطناعية والقدرات السيبرانية لمساعدة كييف وإطالة أمد الحرب، بحسب مصلح.

وبالتزامن مع التصعيد العسكرى، يكثف الغرب حربه الاقتصادية، إذ قدمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الحزمة السادسة من العقوبات، وهى أشد عقوبات على موسكو منذ بدء الأزمة الأوكرانية.

وتشمل التخلص من إمدادات النفط الروسى خلال 6 أشهر والمنتجات المكررة بنهاية العام، وحظر خدمات الشحن والتأمين والتمويل التى تقوم بها شركات أوروبية لنقل النفط الروسى خلال شهر.

جبهات الصراع

ومع تعقيد المشهد، تزيد فرصة توسع الحرب، وتشير التوقعات إلى أن الجبهة الأولى ربما تكون بولندا، حيث تسعى روسيا بكل الوسائل لقطع مصادر الإمداد عن الأوكرانيين، بما فى ذلك توريد الأسلحة. لهذا السبب، لا يستبعد الجنرال كريستوف جومارت، مدير المخابرات العسكرية من 2013 إلى 2017، توجيه ضربة روسية إلى قاعدة عسكرية فى بولندا: «كل شىء يمر عبر بولندا» وأضاف الخبير الروسى أن موسكو حال لم يعد بإمكانها التقدم فى أوكرانيا وتحديدًا نحو العاصمة كييف، فقد يميل الروس إلى استهداف قاعدة عسكرية تقع على الجانب الآخر من الحدود. «سيكون أيضًا وسيلة لاختبار الناتو، لدفع الأمريكيين والأوروبيين إلى تحصيناتهم»، بحسب جومارت. للقيام بذلك، من المحتمل أن تستخدم روسيا صواريخ بعيدة المدى، يمكن إطلاقها من أوكرانيا. القاعدة الواقعة بالقرب من ياروسلاف، على مرمى حجر من الحدود وعلى بعد 110 كيلومترات من لفيف، من المحتمل أن تكون مستهدفة.

وهذه الضربة ستثير ردة فعل من حلف شمال الأطلسى، حيث يوضح كريستوف جومارت فى تصريحات لصحيفة «لإكسبريس» الفرنسية: «ماذا سيكون؟ سيواجه التحالف معضلة». تنص المادة 5 من معاهدة شمال الأطلسى على رد المنظمة بأكملها فى حالة هجوم من قبل أحد أعضائها، لكن النصوص لا تحدد الأشكال التى يمكن أن تتخذها هذه النسخة المتماثلة. «الذهاب إلى الحرب هو فتح الطريق أمام دوامة، لا نعرف إلى أى مدى يمكن أن تذهب. عدم خوض الحرب سيكون أيضًا معقدًا للغاية. فى الوقت الذى تطلب فيه السويد وفنلندا الانضمام إلى التحالف، لا يمكننا فى الوقت نفسه أن نقول إننا نحميهم ونترك أى عضو يتم مهاجمته دون القيام بأى شىء».

ويذكر أن المتحدث باسم الكرملين دميترى بيسكوف قد أشار سابقًا إلى أن بولندا تمثل تهديدًا محتملاً، ووفق خبراء عسكريين يرون أن بولندا ربما تصبح جبهة أخرى بإرسال قوات حفظ سلام لأوكرانيا، الأمر الذى تعتبره روسيا تدخلاً مباشرًا فى الحرب.

من جهة أخرى، يرى خبراء أوروبيون أن دولة الصراع القادمة ربما تكون مولدوفا، بسبب أحداث إقليم ترانسنيستريا المولدوفى الموالى لروسيا وبه قوات روسية، ولقربه من أوديسا الأوكرانية على البحر الأسود، والتى تسعى موسكو للسيطرة عليها كونها رئة أوكرانيا الاقتصادية.

وتعتبر فنلندا والسويد من بين الدول المرشحة لدخول أتون الحرب فى حال انضمامهما إلى حلف الناتو، الخطوة التى تعتبرها موسكو تهديدًا لأمنها القومى، لا سيما أن فنلندا تمتلك حدودًا كبيرة معها، كما أن هناك بعض المؤشرات الغربية تشير إلى مسعى روسى للوصول بريا إلى إقليم كالينجراد على بحر البلطيق، ويحتاج ذلك لاحتلال روسيا للتوانيا ولاتفيا، لذا تصبح الدولتان جبهتين للحرب أيضًا، وفى هذا الوقت تحديدًا يمكن أن نقول أننا سنشهد «حربًا عالمية ثالثة» بجميع الصور.