الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كلاكيت تانى مرة: الصين تواجه أشرس موجة لـ«كورونا» وشبح الإغلاق يهدد الاقتصاد العالمى

رُغْمَ تبنّى الصين فى محاربتها لفيروس كورونا سياسة «صفر كوفيد»، وكانت من أكثر الدول التى شددت إجراءات الحَجْر الصحى؛ فإنها تواجه الآن أسوأ موجة وبائية منذ ظهور الفيروس مع تسجيل معدلات إصابات قياسية. . وفرضت الصين الإغلاق على ملايين الأشخاص وتعتبر آخر حملة لفرض الحَجْر فى الصين الأكبر منذ اكتشاف تفشى فيروس كورونا لأول مرة فى ووهان فى نهاية عام 2019 رُغم قيام السُّلطات بتطعيم أكثر من 1.2 مليار شخص بجرعتين على الأقل من اللقاحات، أى نحو 90 بالمئة من السكان. ونتيجة لذلك، يجرى عزل آلاف الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس فى مراكز مخصصة أو مستشفيات.



 «الإغلاق» سيد الموقف

قررت سُلطات العاصمة الصينية بكين، إغلاق العديد من محطات المترو وخطوط الحافلات للحد من انتشار فيروس كورونا وارتفاع الحالات فى جميع أنحاء البلاد، معظمها فى منطقة تشاويانج، وفى أحد الأحياء المصنفة على أنها «عالية الخطورة».

وطلبت السُّلطات من المواطنين فى المناطق «الخاضعة للسيطرة» بالبقاء داخل حدود المدينة، والتى تشمل 12 منطقة تعتبر «عالية الخطورة» و35 منطقة تعتبر «متوسطة الخطورة»، وفقًا للإندبندنت، كما طلبت السُّلطات الصينية، من مواطنيها العمل من منازلهم تزامنًا مع فرض قيود لمنع انتشار فيروس كورونا، وإغلاق العشرات من محطات قطارات الأنفاق.

وأمرت مقاطعة شاويانج بشرق بكين، بعض الشركات التى تقدم خدمات غير ضرورية، مثل صالات الألعاب الرياضية ودور العرض السينمائى، بالغلق لمنع انتشار إصابات كورونا.

وقال مسئول إن مقاطعة شاويانج بشرق بكين، والتى تضم سفارات ومكاتب الكثير من الشركات متعددة الجنسيات مثل أبل وعلى بابا، أمرت الشركات «التى تقدم خدمات لا تشمل دعم سُبُل عيش السكان» بغلق أبوابها حتى إشعار آخر.

كما أكد يانج بيبى، نائب مدير مقاطعة شاويانج، أن من بين الجهات التى صدرت لها الأوامر بالغلق، حانات الكارايوكى ومقاهى الإنترنت والمتاحف والمعارض الفنية.

ووصف وو ليانغ يو المسئول فى اللجنة الوطنية للصحة بالصين وضع كورونا فى البلاد بأنه معقد وخطير. وأشار إلى أن مخاطر الانتكاسة لا تزال قائمة، وأن الصين بحاجة إلى تكثيف إجراءاتها للتعامل مع بؤر التفشى المحلية وتحسين تدابير السيطرة على المرض فى الوقت المناسب.

وقد قرر المجلس التنفيذى للمجلس الأولمبى الآسيوى تأجيل دورة الألعاب الآسيوية الـ19. وكان من المقرر إقامة الدورة فى هانجتشو فى الصين فى الفترة من 10 إلى 25 سبتمبر المقبل، وذلك بعد مناقشات مفصلة مع اللجنة الأولمبية الصينية واللجنة المنظمة لدورة الألعاب الآسيوية فى هانجتشو، وفقًا لما نقلت وكالة الأنباء الصينية، بأنه سيتم الاتفاق على المواعيد الجديدة قريبًا.

 وضع سيئ

يخضع ما يقارب 400 مليون شخص فى 45 مدينة فى الصين للعزل كجزء من سياسة الصين الصارمة لمواجهة انتشار كورونا. وفقًا لبيانات من نومورا القابضة، فإنهم يمثلون معًا 40 ٪، أو 7.2 تريليون دولار، من الناتج المحلى الإجمالى السنوى لثانى أكبر اقتصاد فى العالم.

ويقرع المحللون أجراس الإنذار، لكنهم يقولون إن المستثمرين لا يقيّمون بشكل صحيح مدى خطورة التداعيات الاقتصادية العالمية بسبب أوامر العزل المطولة.

وقال لو تينغ، كبير الاقتصاديين الصينيين فى نومورا : «ربما لا تزال الأسواق العالمية تقلل من شأن ذلك التأثير؛ لأن الاهتمام الأكبر لا يزال ينصب على الصراع «الروسى- الأوكرانى» ورفع أسعار الفائدة فى مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى».

ويُعتبر إغلاق شنغهاى لأجل غير مسمى مقلقًا للغاية، إذ يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة، وهى واحدة من أبرز مراكز التصنيع والتصدير فى الصين.

وأدى الحجْر الصحى هناك إلى نقص الغذاء، وعدم توافر الرعاية الطبية. إلى جانب ذلك يعانى أكبر ميناء فى العالم من نقص فى الموظفين.

 توقف التجارة

توقف ميناء شنغهاى، الذى تعامَل مع أكثر من 20 ٪ من حركة الشحن الصينية فى عام 2021، وقد تتعفن الإمدادات الغذائية العالقة فى حاويات الشحن دون تبريد. البضائع الواردة عالقة الآن فى محطات شنغهاى البحرية لمدة 8 أيام فى المتوسط ​​قبل نقلها إلى مكان آخر، بزيادة قدرها 75٪ منذ بدء جولة الإغلاق الأخيرة. فقد انخفض وقت تخزين الصادرات، ولكن هذا على الأرجح بسبب عدم وجود حاويات جديدة يتم إرسالها إلى الأرصفة من المستودعات.

كما ألغت شركات الشحن الجوى جميع الرحلات الجوية داخل وخارج المدينة، وأكثر من 90 ٪ من الشاحنات التى تدعم عمليات تسليم الاستيراد والتصدير متوقفة عن العمل حاليًا.

وما زالت مصانع موردى سونى وأبل فى شنغهاى وحولها معطلة. كما توقفت Quanta، أكبر شركة لتصنيع أجهزة الكمبيوتر المحمولة فى العالم وصانع MacBook، عن الإنتاج تمامًا. كما أغلقت تسلا مصنعها فى شنغهاى، الذى ينتج نحو 2000 سيارة كهربائية يوميًا.

بدأ التأثير يظهر فى كل أنحاء الصين؛ حيث يتزايد تأخير التسليم على منصات التجارة الإلكترونية؛ خصوصًا بالنسبة للمنتجات المستوردة. وتضطر بعض المصانع إلى إيجاد موردين جُدُد.

لكن الأثر يهدد بإثارة اضطراب دولى أيضا لأن ميناء شنغهاى يوفر وحده 17 % من الحمولة البحرية الصينية. وأى اضطراب يمكن أن يؤدى إلى إبطاء التجارة فى أكبر مصدر للبضائع فى العالم.

يؤكد صناعيون أن تكرار فرض إغلاق من جهة أو أخرى من البلاد يسىء بشكل خطير إلى نشاطهم.

وقال چيسون لى مؤسّس شركة كراسى نقالة Megalicht Tech التى توقف العمل فى مصنعها فى شنغهاى: «لا يمكن لكل المهن اعتماد العمل من المنزل».

وأضاف: «لا يمكن للعمال دخول المصنع، وبما أن المواد الخام تأتى من مقاطعات أخرى فلم يعد بإمكانها أيضًا دخول شنغهاى».

وبحسب بنك نومورا، فإن 23 مدينة كبرى تمثل 22 % من إجمالى الناتج الداخلى الصينى فرضت إجراءات عزل كامل أو جزئى.

 الجميع يترقب

قال مايكل هيرسون، رئيس قسم الممارسات فى مجموعة أوراسيا للصين وشمال شرق آسيا: «التأثير على الصين كبير، والآثار المترتبة على الاقتصاد العالمى كبيرة جدًا. أعتقد أننا فى طريقنا لمزيد من التقلبات والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية على الأقل للأشهر الست المقبلة».

يمكن أن تساعد الاضطرابات المطولة فى التصنيع والشحن فى الصين فى تسريع مبادرة إدارة بايدن الرئيسية التى تهدف إلى تقليل اعتماد الولايات المتحدة على المنتجات وسلاسل التوريد الصينية.

وحذرت منظمة التجارة العالمية فى تقريرها من أن السيناريو الأسوأ الذى ينطوى على فصل الاقتصادات العالمية، الذى حفزه الغزو الروسى لأوكرانيا، قد يقلل الناتج المحلى الإجمالى العالمى على المدى الطويل بنسبة 5 ٪.

هذا غير مرجح إلى حد كبير بالنظر إلى الروابط المالية العميقة بين الصين والولايات المتحدة. وقال هيرسون: «هذه اقتصادات متشابكة للغاية، هذا التكامل ليس شيئًا يمكن عكسه بسهولة لأنه سيكون مكلفًا للغاية بالنسبة للولايات المتحدة والاقتصاد العالمى».

وقال شو تيانشن، الخبير الاقتصادى الصينى فى مركز «وحدة المعلومات الاقتصادية»، إن اضطرابات سلسلة التوريد قصيرة الأجل، سيكون لها تأثير على اقتصاد الصين ككل.

وأضاف: «ستكون هناك أيضًا تأثيرات مضاعفة فى أماكن أخرى بسبب الترابط بين شنغهاى ومناطق أخرى فى الصين، لا سيما مركز التصنيع فى «دلتا نهر يانغتسى».

وقالت الخبيرة الاقتصادية الصينية بيكيان ليو لموقع «ناتويست ماركتس»: «لقد رأينا بيانات مؤشر مديرى المشتريات، والتى تظهر أن كلًا من قطاعَى التصنيع والخدمات قد تضررا بشدة. وهذا لم يشمل إغلاق شنغهاى. لذلك أعتقد من الناحية النوعية، أننا نشهد المزيد من الضغط السلبى للربعين الأول والثانى من بيانات الناتج المحلى الإجمالى».

ومع ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، قد تزداد المشاكل مستقبلًا، إذا فرض المزيد من الإغلاق، لا سيما بالنسبة لأصحاب الأعمال الصغيرة.

وقالت ليو: «ينصب التركيز بشكل أكبر على كيفية استمرار العمل فى حالة الإغلاق المطول أو الفترة الممتدة من عدم اليقين من الإغلاق بسبب تفشى المرض.

 الحلقة المغلقة

فى حين قررت بعض الشركات فى شنغهاى الإقفال خلال فترة الإغلاق، طبقت شركات أخرى فى صناعات مثل الخدمات المالية وتصنيع السيارات، ما يسمى بأنظمة «الحلقة المغلقة»، وفق ما قالت الخبيرة ليو.

وهذا يعنى بشكل أساسى، أنه يجب على الموظفين العيش والعمل فى مكاتبهم أو مصانعهم.

وتابعت قائلة: «تخيل ما حدث فى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية. لقد كانت أيضًا إدارة ذات حلقة مغلقة، فقط للتأكد من أن الأشياء داخل الفقاعة تعمل بشكل طبيعى عمليًا، وأنهم يعزلون الناس عن الخارج أو عن بقية الصين».

ومع ذلك، أشار الخبير شو تيانشن، إلى أنها ليست استراتيچية يمكن أن تستمر على المدى الطويل.

وقال: «هناك قلق من أنه إذا طالت فترة تدابير الإغلاق وامتدت الاضطرابات فى النقل إلى سلسلة التوريد؛ فلن تتمكن الشركات من توفير الإمدادات».

وأضاف: «لذلك هى تؤثر على النقل البرى. الخطر الواضح هو أن شنغهاى تفشل فى القضاء على تفشى المرض الحالى بسرعة».