الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«طالبان» تظهر وجهها المتشدد وتخفى وجوه النساء بـ«البرقع»

فى أعقاب استيلاء حركة طالبان على السُّلطة فى أغسطس 2021، أكدت طالبان أن المرأة ستحصل على حقوقها سواء فى العمل أو التعليم أو المجتمع ككل، وفى خطوة أثارت انتقادات شديدة، أمرت حركة طالبان النساء الأفغانيات بتغطية وجوههن فى الأماكن العامة. كما أعلنت الحركة عن فرض عقوبات على من لا يلتزمن بالقرار؛ تشمل الحبس والإحالة إلى القضاء، والفصل بالنسبة للموظفات الحكوميات.



وبررت حركة طالبان وجوب إخفاء المرأة وجهها بحضور رجُل لا ينتمى إلى أسرتها المباشرة وضرورة تجنب أى «استفزاز»، وفقًا لتفسيرها الصارم للشريعة.

ولتطبيق مرسومها الأخير، حرصت طالبان على عدم معاقبة النساء لكى لا يصاب المجتمع الدولى بصدمة، لكن ألقت بمسئولية فرض هذه الرقابة الاجتماعية على أسرهن، ورَب العائلة الذى لا يفرض ارتداء الحجاب، يعاقَب أولًا بالسجن ثلاثة أيام ثم يتعرض لعقوبات أشد.

 وسيُكتفَى بتوجيه إنذار عن أول مخالفتين، لكن من يرتكبن مخالفة للمرة الثالثة سيعاقبن بالحبس ثلاثة أيام، ومن يرتكبنها للمرة الرابعة ستتم إحالتهن إلى القضاء. أمّا الموظفات فى الدوائر الحكومية فسيتم تسريحهن فورًا إن لم يرتدين الحجاب الشرعى مع غطاء الوجه.

وحتى لا تظهر طالبان وجهها المتشدد الحقيقى، تمتنع إلى حد كبير عن إصدار مراسيم وطنية مكتوبة، وتركت للسُّلطات المَحلية إصدار مراسيمها الخاصة، فى بعض الأحيان شفهيًا.

حرمان من الحقوق

منذ عودة «طالبان» إلى الحُكم فى منتصف أغسطس الماضى، نشرت وزارة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر توصيات عدة بشأن طريقة لباس النساء، لكن هذا أول مرسوم بهذا الشأن يَصدر على المستوى الوطنى.

وكانت الحركة فرضت على النساء حتى الآن وضع الحجاب، الذى يغطى الرأس، لكن يترك الوجه ظاهرًا، لكنها كانت توصى بشدة بارتداء البُرقع، الذى سبق أن فرضته خلال فترة حُكمها الأولى بين 1996 و2001.

وخلال هذه الفترة، حرمت الحركة المتشددة النساء من حقوقهن كافة، بموجب تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية. وكان موظفون فى وزارة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يجلدون كل امرأة يجدونها لا ترتدى البرقع.

بعد عودتها إلى الحُكم إثر حرب استمرت 20 عامًا مع الولايات المتحدة وحلفائها، التى سبق أن طردتها من السُّلطة عام 2001، وعدت «طالبان» بأن تكون أكثر ليونة هذه المَرّة.

إلا أنها نكثت بوعودها سريعًا؛ فانتهكت مَرّةً جديدة الحقوق تدريجيًا، وقضت على الحريات التى اكتسبتها النساء خلال العشرين سنة الماضية.

وباتت النساء مستبعدات إلى حد بعيد من الوظائف العامة ومُنعن من السفر إلى الخارج أو لمسافة بعيدة داخل البلاد ما لم يكنّ بصحبة مُحرم.

وفى مارس، أثارت «طالبان» غضبًا دوليًا عبر إغلاق كل المدارس الثانوية المخصصة للفتيات بعد ساعات من السماح بإعادة فتحها للمرّة الأولى منذ استيلائها على السُّلطة.

وفرضت الحركة أيضًا الفصل بين النساء والرجال فى الحدائق العامة فى كابول، مع تحديد أيام الزيارة المسموح بها لكل من الجنسين.

وطلب مسئولون فى طالبان من المدرّبين فى مدارس تعليم قيادة السيارات، بالتوقف عن إصدار تراخيص للنساء، بحسب ما أكد متخصصون فى المجال لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال مدير معهد إدارة المرور فى هرات جان آغا أشاكزاى، الذى يشرف على مدارس تعليم القيادة، «تلقينا تعليمات شفهية بعدم إصدار تراخيص قيادة للنساء، لكن لم نتلقَّ تعليمات بمنع النساء من القيادة فى المدينة».

وخلال العقدين الأخيرين، اكتسبت الأفغانيات حريات جديدة، فعُدن إلى المدارس وتقدمن للحصول على وظائف فى كل القطاعات، على الرغم من أن البلاد بقيت محافظة اجتماعيًا.

 الأمم المتحدة تندد

وانتقدت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة فى أفغانستان (يوناما) إعلانًا أصدرته حركة طالبان، يأمر جميع النساء بتغطية وجوههن فى الأماكن العامة بالبلاد.

وقالت البعثة فى بيان «تعرب يوناما عن قلقها البالغ من الإعلان الذى أصدرته سُلطات الأمر الواقع التابعة لحركة طالبان بوجوب أن تغطى جميع النساء وجوههن فى الأماكن العامة وألا تغادر النساء منازلهن إلا فى حالات الضرورة وأن انتهاك تلك التعليمات سيؤدى إلى معاقبة أقاربهن الذكور».

وطبقًا للمعلومات التى حصلت عليها «يوناما»؛ فإن ذلك توجيه رسمى بدلاً من كونه توصية وأى انتهاك له سيؤدى إلى معاقبة أقاربهن الذكور.

وأضافت يوناما «يتعارض هذا القرار مع العديد من التأكيدات المتعلقة باحترام وحماية حقوق الإنسان لجميع الأفغان، بما فى ذلك حقوق النساء والفتيات، التى قدمها ممثلون عن طالبان للمجتمع الدولى، خلال مناقشات ومفاوضات على مدى العقد الماضى».

وأضاف البيان «ستطلب يوناما على الفور عقد اجتماعات مع سُلطات الأمر الواقع لدى طالبان للحصول على إيضاح فيما يتعلق بوضع هذا القرار». مشيرة إلى أن يوناما ستجرى أيضًا مشاورات مع أعضاء من المجتمع الدولى فيما يتعلق بالآثار المترتبة على أحدث مرسوم.

 المبعوثة الأمريكية

وقالت المبعوثة الأمريكية إلى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، فى مقابلة مع شبكة «سى إن إن»، إن قرار طالبان الجديد الذى يأمر النساء الأفغانيات بتغطية وجوههن «غير معقول».

وقالت غرينفيلد، تعليقًا على إعلان طالبان أنها ستسجن أو تقيل من العمل من لا ترتدى البُرقع أو أولياء أمورهن إن «الأمر يظهر مجددًا ما طالبان قادرة على القيام به. قلنا منذ اليوم الأول، سنحكم عليهم من خلال أعمالهم، وليس كلماتهم. وأعتقد أن هذه الأعمال- فى يوم الأم- تبعث رسالة تقشعر لها الأبدان للعالم».

وتابعت «قمنا بكل ما هو ممكن لدعم الأفغانيات، وسوف نستمر فى انتقاد طالبان لأعمالها، فى الولايات المتحدة وكدورى فى مجلس الأمن كرئيسة لمجلس الأمن. ما قاموا به اليوم لا يعقل وأنا متأكدة أن بإمكاننا توقع المزيد منهم، وهذا يضاعف التزامنا تجاه الأفغانيات».

 فرنسا: قرار صادم

كما أدانت فرنسا بأشد العبارات قرارَ حركة طالبان فى أفغانستان بإلزام النساء بارتداء النقاب فى الأماكن العامة، واصفة إياه بالصادم للغاية وغير المقبول.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن هذا القيد الجديد المُقلق للغاية جاء ليضاف للعديد من المحظورات التى فرضتها طالبان منذ استيلائها على السُّلطة بالقوة فى 15 أغسطس، لا سيما حظر التعليم الثانوى للفتيات الأفغانيات وحظر سفر المرأة بمفردها.

وأضافت: إن تلك الخطوة أثبتت مجددًا أن طالبان تواصل سياسة القمع والإقصاء المنهجى لنصف سكان أفغانستان، وهو ما يؤثر سلبًا على التنمية المستدامة وعلى العلاقات ببقية العالم.

وقالت إن بلادها ستواصل متابعة بأكبر قدر من الاهتمام حالة حقوق الإنسان المقلقة بشكل متزايد فى أفغانستان والوقوف بحَزم بجانب الشعب الأفغانى؛ خصوصًا النساء والفتيات اللواتى تتضامن معهن بشكل كامل.

 قَمع وحشى

انتقدت النساء هذا القرار وقال بعضهن فى تصريحات صحفية «لم تعد النساء كما كنا عليه قبل 20 عامًا»، عندما كن يرغمن بشكل منهجى على القيام بأشياء ضد إرادتهن. اليوم هن «على أتم الاستعداد للمقاومة دفاعًا عن حقوقهن».

وفى الأشهُر الستة الماضية تم اغتيال أربع نساء من أفراد الشرطة الأفغانية. وتتعرض السياسيات البارزات للتهديد بصورة متكررة أو يتم قتلهن من قبَل المسلحين. وفى العام الماضى، تم قتل رئيسة شئون المرأة فى شرق أفغانستان نتيجة وضع قنبلة فى سيارتها.

وبعد مرور بضعة أشهُر على ذلك، قُتلت المرأة التى حلت مكانها عن طريق إطلاق النار عليها وهى فى طريقها إلى العمل.