الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

توقعات بتحويل أوكرانيا ملاذ للمرتزقة والجماعات الإرهابية اللاجئون.. سلاح روسيا لـ«اغتيال» أوروبا

منذ بداية العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا.. وبدأت الدول الغربية بكمية هائلة من التعهدات لاستقبال الشعب المنكوب وفتح أبواب بلادهم مع إعطاء سياسة «حق الحماية» للأوكرانيين، لكن هل هذا بالفعل ما حدث؟ مع الأسف لم يتم تطبيق هذا القانون إلا على بعض من هم من ذوى «البشرة البيضاء» أمّا الباقية فواجهوا الكثير من المعناة سواء على حدود الدول المجاورة مثل بولندا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر ومولدوفا، أو فى طريقة التعامل داخل أوروبا وأيضًا الولايات المتحدة.. التى تعهد الرئيس الأمريكى جو بايدن باستقبال 100 ألف لاجئ أوكرانى داخل بلاده، مع إعطائهم الإقامة المؤقتة، لكن بعد رحلة شاقة من الروس المعارضين والأوكرانيين ووصولهم للحدود المكسيكية ليصدموا بالفصل 24 الذى يسمح للموظفين عند الحدود استبعاد طالبى اللجوء والمهاجرين لأسباب «صيحة»، فأصبحت المخيمات على الحدود الأمريكية- المكسيكية أو الحدود الأوروبية السبيل الوحيد للتعايش..



 الإذن بدخول المرتزقة

ومن جهة أخرى بدأت أوكرانيا فى استقبال العديد من المرتزقة بدعوة فى البداية من رئيسها فلاديمير زيلينسكى، فى 27 فبراير؛ حيث قال: «كل الأجانب الراغبين فى الانضمام إلى المقاومة، وحماية الأمن العالمى، مرحب بهم من قبَل القيادة الأوكرانية، للانضمام إلى صفوف قوات الدفاع الإقليمية»، تبعها دعوات من القوات المضادة وبخاصة من الشيشان وبيلاروسيا ببعث عدد من المقاتلين لأوكرانيا للوقوف بجانب القوات الروسية فى عمليتها العسكرية.

وفى ليلة وضحها أصبحت أوكرانيا ملاذًا للمقاتلين، وإذا صح القول فى بعض الأحيان الإرهابيين، وهو الأمر الذى نجح فيه الرئيس فلاديمير بوتين بتحويل أوكرانيا إلى مركز لتجميع المرتزقة وحاملى السلاح لتصبح تهديدًا قويًا لأوروبا من جانبها الشرقى.

وحذر التقرير الـ 14 للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من الجماعات الإرهابية فى المعركة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا- حيث أوضح التقرير الأممى- من التهديد الذى يشكله «داعش»، على سبيل المثال، من الأخطار الأمنية فى شأن المقاتلين العائدين إلى أوروبا من التنظيم من جهة، ومن جهه أخرى من أخطار تحول البلد الأوروبى إلى ملاذ آمن للنشاط الإرهابى فى المنطقة الأوروبية، التى عانت خلال السنوات الأخيرة هجمات مميتة «للذئاب المنفردة» المنتسبين إلى «داعش» الأكثر وحشية فى تاريخ الإرهاب العابر للحدود.

لم تكن بداية العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا هى بداية تقدم الإرهابيين فى الداخل الأوروبى، ففى صيف 2015 حذر تقرير للبرلمان الأوروبى من وجود مقاتلين لـ «داعش» وخلايا أصولية فى المناطق المتنازع عليها بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما كشفته آنذاك صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى تحقيق حول وجود «قوة شيشانية من المتطوعين المتعاطفين مع (داعش) فى المناطق المتنازع عليها من قبَل الانفصاليين الروس والقوات الأوكرانية»، وأشارت التقارير إلى أن السلطات الأوكرانية لم تنكر هذه المعلومات.

من جهة ثانية، زعمت الاستخبارات الروسية فى مارس الماضى، أن «الولايات المتحدة تجمع إرهابيى (داعش) فى سوريا لإرسالهم إلى أوكرانيا»، على حد قولها، فيما كان الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى الذى دعا إلى تشكيل «فيلق دولى» لقتال القوات الروسية، قد وصف الأخيرة «بأنهم يقاتلون على طريقة (داعش)».

ووفق تقرير لصحيفة «الإندبندنت» البريطانية، أوضح أن الوجود العسكرى الروسى فى سوريا ومحاربته للمعقل الأساس لتنظيم «داعش» هناك يعد فرصة للتنظيم لاستغلال الأزمة الروسية- الأوكرانية فى استنفار العناصر التابعة له من أجل التسلسل إلى روسيا، والإقامة على الحدود الأوكرانية بحثًا عن إقامة فرع أوروبى لـ «داعش»، فضلًا عن «استقطاب العناصر الناقمة على موقف مسلمى الشيشان المتناقض تجاه أطراف الصراع.

كما أنه فى حال استمرار الصراع ستتوافر فرصة للعناصر الإرهابية العائدة لأوكرانيا ولأوروبا للانتقال والتمركز فى المنطقة، كما سيمثل العداء لروسيا ونظام رمضان قديروف (رئيس الشيشان) فرصة للتنظيمات ذات التوجه الأممى مثل «داعش» لاستهداف وتجنيد العناصر التى تحمل هذا العداء فى وقت يبحث فيه التنظيم عن فرصة لتوسيع نفوذه وإثبات أنه ما زال على قيد الحياة بعد تهميشه لفترة ومقتل عدد من زعمائه على يد الغرب.

 أوهام الغرب

أزمة مواجهة الجماعات الإرهابية ليست الوحيدة التى ستواجهها أوروبا وحلفاؤها فحسب؛ حيث تبقى أزمة اللاجئين هى الخوف الأكبر لدول الغرب، فوفق تعداد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فقد فر نحو 5 ملايين نازح من أوكرانيا إلى الدول الأوروبية وأمريكا، وقد قرر الاتحاد الأوروبى فى خطوة غير مسبوقة، فى 4 مارس 2022 منح «الحماية المؤقتة» للاجئين القادمين من أوكرانيا، بما فى ذلك المواطنون والأجانب المقيمون بشكل دائم هناك. هذا القرار لا يشمل الجنسيات الأخرى المتواجدة فى أوكرانيا. 

ووافق أعضاء البرلمان الأوروبى وفقًا لصحيفة «يوروبول» فى 29 مارس 2022 على اقتراح المفوضية الأوروبية لعمل التماسك من أجل اللاجئين فى أوروبا (الرعاية) لإعادة توجيه الأموال المتاحة إلى دول الاتحاد الأوروبى التى تؤوى الأشخاص الفارين من العدوان الروسى. يمكن أن يشمل ذلك مبلغًا إضافيًا قدره (10) مليارات يورو من React-EU.

وفى 17 مارس، أعلنت الحكومة الألمانية، أن: كل الأشخاص الذين فروا من أوكرانيا بعد الـ 24 من فبراير2022 قبل وقت قصير من هذا الموعد، يمكنهم دخول ألمانيا من دون تأشيرة». هذا ينطبق على «المواطنين الأوكرانيين»، ومع ذلك فإن مرسومًا لوزارة الداخلية شمل كل «اللاجئين من أوكرانيا، بغض النظر عن جنسياتهم». ما يعنى أن كل اللاجئين القادمين من أوكرانيا يحق لهم البقاء فى ألمانيا حتى يوم 23 مايو 2022.

وفى فرنسا، أكدت رئاسة الوزراء الفرنسية أن لاجئى أوكرانيا سيتم منح إقامة لبعضهم، فيما اختار البعض الآخر العبور نحو إسبانيا والبرتغال أو المملكة المتحدة. وقد فتح مركز كبير لاستقبال اللاجئين فى باريس؛ لمساعدتهم على العيش أو البقاء فى فرنسا إثر انقضاء (90) يومًا، المدة القصوى التى حددت للأوكرانيين للبقاء فى هذا البلد. وتعبيرًا عن تضامن دول الاتحاد الأوروبى مع أوكرانيا، فقد تم منح الرعايا «للأوكرانيين» تأشيرة مؤقتة صالحة لمدة (6) أشهر، وتضمن لهم الحماية، وهى قابلة للتجديد لفترة تصل إلى (3) سنوات، وبالمثل فقد تعاملت دول فى شرق ووسط أوروبا مع لاجئى أوكرانيا.

من جانب آخر رأى محللون، أن الأزمة الأوكرانية تعتبر واحدة من أكبر الأزمات للقارة الأوروبية؛ حيث تسببت فى نزوح الملايين داخل حدود أوكرانيا وخارجها. وقد اختلفت إجراءات الطوارئ تجاه اللاجئين من أوكرانيا من قبَل الدول الأوروبية ومع ذلك، لم يحصل غير الأوكرانيين على نفس الحقوق أو الحماية القانونية. حتى الآن، لم تمتد الحماية التى يوفرها الاتحاد الأوروبى إلى جميع اللاجئين، بما فى ذلك الطلاب الأفارقة والمهاجرون فى أوكرانيا الذين لم يُسمح لهم بالعبور إلى بلدان أخرى أو واجهوا صعوبة فى ذلك.

ومع استمرار توافد الأوكرانيين إلى دول الجوار الأوكرانى، نشبت بوادر أزمات سياسية بين عدة دول أوروبية؛ فعلى سبيل المثال نشبت أزمة سياسية بين فرنسا والمملكة المتحدة؛ حيث أعلنت بريطانيا أنها لا تستطيع فتح أبوابها أمام اللاجئين الأوكرانيين، وهو ما دعا فرنسا إلى اتهامها بالافتقار إلى الإنسانية. ووفق تصريحات لوزير الداخلية الفرنسى جيرالد دارمانان، قال إن هناك نحو 150 أوكرانيًا حاولوا الدخول إلى بريطانيا للإلحاق بعائلاتهم، بعدما فروا من المعارك فى بلادهم ولكن طلبت منهم السلطات البريطانية العودة والذهاب إلى باريس أو بروكسل؛ للحصول على تأشيرات فى القنصليات، بحسب رسالة الوزير الفرنسى التى اطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية.

من جهة أخرى، تضع أزمة اللاجئين أوروبا تحت ضغوطات كبيرة، وقد تكلف إعادة توطين ملايين اللاجئين الفارين من أوكرانيا كذلك عمليات الاندماج، مليارات الدولارات فى العام الأول من الأزمة الأوكرانية، الذى من شأنه إعادة تشكيل اقتصاد أوروبا.

 الطريق للفصل «24»

فى 27 مارس الماضى، أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن عن استقبال 100 ألف لاجئ أوكرانى داخل الأراضى الأمريكية، وقال فى تغريدة على صفحته بموقع «تويتر»: «مساعدة اللاجئين الأوكرانيين ليست شيئًا يجب أن تقوم به بولندا أو أى دولة بمفردها، بل تتحمل كل ديمقراطيات العالم مسئولية المساعدة، ويمكن لشعب أوكرانيا الاعتماد على الولايات المتحدة للوفاء بمسئوليتها».

وفى الشهر نفسه قالت صحيفة «لا اكسبانثيون» المكسيكية إن العديد من اللاجئين الأوكرانيين فروا من الهجوم الروسى إلى المكسيك؛ حيث يأملون المرور عبر تيخوانا الحدودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة، فوفق شهادات بعض الفارين سواء من الجانب الأوكرانى، أو من الروسيين المعارضين لسياسات الرئيس بوتين، واجهوا العديد من الصعاب للعبور، وبعد رحلة طويلة يعبرها الآلاف من الفارين استمرت 40 ساعة من كييف إلى بودابست ومن ثم برشلونة ثم إلى بوجوتا ومكسيكو وصولاً إلى تيخوانا، قال مسئول فى المعهد الوطنى للهجرة فى المكسيك أوردت كلامه صحيفة «ميلينيو» إن بالرغم من توافد الآلاف من الأوكرانيين والروسيين وبعض من سكان بيلاروسيا إلى الحدود المكسيكية الأمريكية، إلا أن القليل منهم فقط هو من استطاع عبور الممرات إلى أمريكا «ما لا يزيد على 20 منهم يصلون يوميًا».