الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«روزاليوسف» قامت بجولة فى الحى للتعرف على سبل تأهيلهم لحياتهم الجديدة الأسمرات.. جهود رسمية وأهلية للتأقلم مع النقلة الحضارية

استطاعت الدولة بقيادتها الحكيمة توفير مسكن آمن وحياة كريمة لسكان المناطق العشوائية ونقلهم إلى حى الأسمرات، بالتوازى مع ذلك اهتمت مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى والجمعيات الأهلية بتغيير وتعديل سلوك سكان هذه المناطق بما يتواكب مع نقلهم وتحويلهم من العشوائية إلى التحضر، لأن نقل السكان من المناطق العشوائية إلى مدن جديدة يتطلب الانتقال أيضًا إلى فكر وثقافة جديدة وليس إلى مكان جديد فقط للإقامة والمعيشة. 



«روزاليوسف» قامت بجولة فى حى الأسمرات لمعرفة أحوال أهالى الأسمرات ودور المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية فى تأهيلهم لهذه النقلة النوعية والحضارية.

يقول د. كرم مورجان، مدير قطاع الأسمرات لجمعية خير وبركة والمرأة الجديدة: إن المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية لهما دور كبير إلى جانب الهيئات الحكومية للنهوض بالمجتمع، فالجهات الحكومية اهتمامها فى الجانب الرسمى والتشريعات والقوانين والتسليم والتسلم، ولكن علينا أن نكمل هذا الدور، فنحن نهتم بالأسرة نفسها ونبدأ بالطفل فلدينا حضانات تغرس القيم فى الأطفال للتصرفات والسلوكيات السليمة، فوظيفتنا بناء الطفل وبالتالى عندما يعود إلى البيت ويجد تصرفًا خاطئًا يستطيع أن يرفضه وأحيانا يعلم الطفل الأم السلوك الصحيح، فمثلا الأم التى تلقى القمامة فى الشارع نجد الطفل الصغير يقول لها: غلط يا ماما مينفعش نرمى فى الشارع حتى نحافظ على مظهره ولا تنتقل الأمراض إلينا.

ويضيف مورجان: نستهدف أيضًا أسر هؤلاء الأطفال ونقدم لهم برامج توعوية لكيفية التعامل مع الأطفال فى المنزل وعدم الضرب، ولدينا مكتب للاستشارات الأسرية حيث نجد العديد من المشكلات التى تواجه الأسرة سواء مشاكل اجتماعية، نفسية، أو اقتصادية ونقدم لهم دعمًا نفسيًا واجتماعيًا من خلال أخصائيين، كما ندرب البعض على حرف ومهن لعمل مشروعات صغيرة تساعدهم على المعيشة.

ويوضح: لدينا مركز لتنمية مهارات الطفل من سن 7 إلى 18 سنة يعمل على تنمية مهاراتهم الحياتية وقدرتهم على حل المشكلات وأيضا تعليمهم كيفية تقبل أنفسهم وتقبل الآخرين، بالإضافة إلى تنظيم الأنشطة الرياضية والحفلات لتحفيزهم، والأطفال التى تعانى من صعوبات التعلم نساعدهم على تخطى ذلك من خلال متخصصين. فلدينا 150 طفلًا حضروا 44 جلسة تدريبية ومعسكرًا تدريبيًا للقراءة والكتابة وبعد الجلسات أجرينا اختبارات لهم فوجدنا تحسنًا بنسبة 86 %.

 بناء أسرة جديدة

ويواصل: لدينا معمل للحاسب الآلى يلجأ إليه أى فرد من حى الأسمرات لعمل استمارة إلكترونية ومعرفة بيانات حكومية أو استخراج شهادة أو معرفة نتيجة، ولو محتاج استخراج بطاقة الطفل المعاق يأتى للمركز ونسجل له البيانات ونساعده حتى يستخرج البطاقة، كما يتم تدريب الراغبين فى تعلم الحاسب الآلى وكلها خدمات مجانية إلكترونية، ولدينا الآن دورتان لتعلم الحاسب الآلى كل دورة بها 16 فردًا.

كما يوجد لدينا مكتبة للتعليم بها العديد من الكتب فى مختلف المجالات ويأتى إليها الأطفال بعد المدرسة لقراءة القصص والكتب. وتوجد عيادة للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والفحص المبكر عن الأمراض، وأيضا نرتب دورات للمقبلين على الزواج لإعدادهم لبناء أسرة جديدة. ولدينا دورات محو امية استهدفنا من خلالها 110 أفراد جاهزين لاستلام شهادتهم بالتعاون مع الحى، لكن أهم ما يواجهنا فى الأسمرات هى مشكلة الدخل، حيث نجد الكثيرين ليس لديهم عمل فى المربع السكنى الحالى.

 9 حضانات 

فى السياق تقول نهى سيد، الأخصائية النفسية بمكتب التوجيه والاستشارات فى مجمع الخدمات المتكاملة بالأسمرات: اجتمعنا مع 500 أسرة لتحديد احتياجاتهم ومعرفة متطلباتهم فوجدنا أسرًا محتاجة لدعم اقتصادى وأخرى لدعم اجتماعى أو نفسى وأيضا البعض يحتاج دعمًا قانونيًا، ومن خلال المقابلات استهدفنا الأسر الأكثر احتياجا وبدأنا عمل جلسات دعم، ونعقد لقاءً شهريًا لأهالى الأسمرات نوضح فيه دور الجمعية وأن لدينا مكتبا للاستشارات سواء النفسية أو الاجتماعية، ولدينا 9 حضانات بها 1000 طفل ننقل لأسرهم دورنا فى الدعم النفسى أو الاجتماعى وبالتالى يقبل علينا الأهالى لإيجاد حلول لمشاكلهم ودعمهم ونتبع نظام إدارة الحالة، حيث يأتى إلينا الشخص فندرس هل يحتاج دعمًا نفسيًا، اجتماعيًا، اقتصاديًا أو قانونيًا.

 الإدمان

من جانبها تقول نور أبوشحاتة، مدير مكتب الاستشارات الأسرية بمجمع الخدمات المتكاملة بحى الأسمرات: أى شخص يأتى إلينا نضع له خطة علاجية إذا كان فى احتياج لأى نوع من الدعم أو نضمه إلى برامج توعية للتعامل مع الأسرة، فلدينا برامج للمقبلين على الزواج وبناء أسرة سليمة يعقد فى أشهر مايو، أغسطس، ونوفمبر، ولدينا برامج للأسرة لتنمية المهارات الحياتية، كما نعقد العديد من الندوات للتوعية تتناول العديد من الموضوعات مثل الإدمان والعلاقات الزوجية والتربية الجنسية والتوعية الذاتية ومهارات التواصل، ونعقد على الأقل ندوتين شهريا وأحيانا تصل إلى 4 ندوات شهريا.

مقاومة التغيير

وتضيف شحاتة: ننظر إلى المشاكل الأسرية ونحدد أكثر الموضوعات أهمية وتكرارًا وبناء عليه نعقد ندوة، وهذا بالتوافق مع الخطة العلاجية الفردية مع الحالة نفسها. وأثناء هذه اللقاءات والندوات يكون لنا لقاءات تعريفية باختصاصات المكتب وكيفية تقديم مساعدات لهم، ومن أكثر الموضوعات أهمية كيفية اكتساب مهارات للتعامل مع الضغوط الحياتية والتكيف معها. ولدينا نشاط الدمج وهو عبارة عن دمج الأسر معا، وذلك لتعليمهم كيفية التعامل وتقبل الآخر وترك فرص للنقاش والحوار والتعرف على تجارب وخبرات الآخرين مما يكسبهم القدرة على التعايش بشكل سلمى، ولدينا ورش تدريب على الحرف والأعمال اليدوية كالفوانيس والإكسسوارات ونعرض منتجاتهم من خلال معارض، فيكتسبون ثقة بالنفس.

وتروى شحاتة أن من أحد الطرائف أن الزوج يتشاجر مع زوجته إذا ذهبت لأى مكان ولكن عند علمه بأنها تحضر ندوة أو جلسة وتتدرب على حرفة نجده فرحًا حيث يرى تغييرها للأفضل سواء معاملتها معه أو مع الأولاد أو الجيران وأيضا بعد أن كانت الأم طول الوقت تتعصب وتضرب الأولاد بدأت تسمع وتحاور أبناءها.

وتضيف شحاتة أن معظم الناس لديها مقاومة للتغيير ولكن ما تقوم به الدولة من محاولات لتحسين أوضاعهم يجبرهم على التغيير. ومن مؤشرات التغيير إقبال الأسر على حضور اللقاءات والندوات التى ننظمها باستمرار.

 مهن خطرة

من جهتها توضح أمنية محمد، التى تعمل فى أسرة أنشطة تنمية مهارات الطفل العامل، نعمل مع الأطفال لتحقيق هدفين الأول وقائى والثانى علاجى، الهدف العلاجى للأطفال الموجوين بعمالة خطرة، نعمل دليل تنمية المهارات الحياتية للأطفال واكتشاف مواهبهم ونتبع آلية معينة حتى يصبحوا قادرين على معرفة ذواتهم ومهاراتهم والثقة بنفسهم وحب أنفسهم، كما نخلق لهم بيئة آمنة بعيداً عن البيئة الخطرة الموجودين بها بسبب العمل، والهدف الوقائى هو الأطفال المعرضون للتسرب من التعليم بسبب المشاكل الاقتصادية، وتوعية الأهالى بمخاطر عمالة الأطفال وقانون حماية الطفل وقانون العمل المصرى، وكذلك توعية أصحاب المحلات والورش حتى لا يتم تشغيل الأطفال لديهم، ونعمل على تعليم الأطفال حرفا يدوية بسيطة يستطيعون العمل من خلالها بعيدا عن المهن الخطرة إذا تطلب الأمر، أما الأطفال المتسربون من التعليم بسبب ضعفهم فى الدراسة فنضعهم فى فصول تقوية وبرامج لتعليم مهارات القراءة والكتابة، وإذا وجدنا الطفل يعانى من مشاكل نفسية نرسله إلى استشارى نفسى لمعالجته.

 أعباء اقتصادية

وتقول هدير شريف، مدير مركز استضافة وتوجيه المرأة بالأسمرات: تأتى السيدة إلينا لتلقى جلسات دعم نفسى أو إجتماعى أو قانونى، كما نقدم جلسات فردية أو جماعية حسب دراسة الحالة ومعرفة مشكلتها، نعمل على تفريغ الضغوط وإدارة المشاعر وإدارة الغضب واستراتيجية التعامل مع الأبناء، ونلاحظ إقبال السيدات على الجلسات الجماعية، حيث يستفاد كل منهم من خبرات الآخر.

وتضيف شريف يلجأ إلينا من 10 إلى15 سيدة يوميا لحضور جلسات فردية أو جماعية، أما الندوات فتعقد كل يوم خميس وتشمل العديد من الموضوعات المهمة مثل المخاوف الحياتية، واكتساب المهارات، اكتشاف الذات، كيفية التعامل مع الأبناء، فالسيدات كان لديهن مفهوم خاطئ فى التربية والتعامل مع الأولاد فنجد الأم تتعامل فى أى موقف أو مشكلة مع الأولاد بالضرب فنظمنا ندوات بها متخصصون لتوعيتهم بطرق التربية السليمة، وأيضا نجد العديد من الخلافات الزوجية بسبب الضغوط والأعباء الاقتصادية فتم عمل جلسات فردية وجماعية لتغيير نظرة المرأة للمشكلة واستيعابها ومحاولة إيجاد حلول وبدائل. وأن تقف بجانب زوجها وتسنده خصوصا إذا كان يعمل وهذه هى طاقته. وإذا كان لديها القدرة والرغبة فى العمل ندربها على بعض الحرف اليدوية التى تساعدها على العمل، ولدينا ورشة للخياطة وورشة كروشيه لتعليم السيدات. فبعض السيدات لديهن ماكينة خياطة بالمنزل تعمل من خلالها والبعض ينفذ أشغال الزينة للبنات والعرائس فى منازلهن، ولدينا معمل كمبيوتر للتدريب واكتساب مهارات الكمبيوتر.

 مفاهيم خاطئة

ومن جانبها تقول د. نسرين البغدادى أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وعضو المجلس القومى للمرأة: عندما تم إنشاء صندوق تطوير المناطق العشوائية فى عام 2008 عقب سقوط صخرة الدويقة كان يتم التطلع إلى بناء مساكن ونقل ساكنى المناطق الخطرة إلى أماكن جديدة وتحقق ذلك خلال عقد من الزمان، وجبل ساكنو تلك المناطق على ممارسة العديد من السلوكيات المتعلقة فى المقام الأول بالتعامل مع البيئة، وبعض السلوكيات التى تتصل مباشرة بالتعامل مع المرأة والفتاة، والبعض الآخر المتعلق بالسلوك الإنجابى من منطلق العديد من المفاهيم الخاطئة. وأظهرت العديد من البحوث التى أجريت على ساكنى تلك المناطق أن البعض منهم يعمل فى مهن هامشية، بل يفتقد إلى بعض من الأوراق الثبوتية، وربما يقبل البعض منهم على تعاطى المواد المخدرة، ومن ثم تتطلب النقلة المكانية نقلة نوعية مصاحبة تتعلق بضرورة التعامل مع تلك السلوكيات باستبدالها وحصر المشكلات وترتيبها حسب أولوية التعامل معها، ولقد قامت الدولة بالعمل على نشر الأنشطة الثقافية التى من شأنها أن تنشر الوعى وتعمل على تعديل السلوك.

وتضيف البغدادى، أن وجود العديد من الأنشطة المباشرة والتفاعلية مع الحرص على تكرارها ومتابعة تلك السلوكيات من شأنه العمل على استبدال الممارسات التى تعودوا عليها فى الأماكن القديمة إلى أخرى تعمل على النهوض بالخصائص العامة للمنطقة وفى الوقت نفسه بسمات الشخصية.

 الظروف الإنسانية

ويرى د. فتحى قناوى، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومى للبحوث الجنائية، أن المشكلة الحقيقية لهولاء هى ثقافة التغيير والتأقلم مع الوضع الجديد، فهم تعودوا على المعيشة من دون دفع أى مستلزمات حياتية من إيجار وكهرباء ومياة كما تعودوا على العمل فى المكان المقيمين به دون النظر إلى عواقب ذلك من تأثير على الآخرين، والأهم أن الدولة قامت بعمل دورات لهم فى البداية للتأهيل لكنهم يحتاجون وقتًا أكثر لأن ثقافة التغيير تحتاج وقت لقبولها والتعود عليها، وحاولت الدولة مرات قبل ذلك بنقلهم ولكن كانوا يعودون إلى مكانهم الأول لنفس الأسباب، فثقافة التغيير تتطلب فهمًا للواقع وللظروف الإنسانية. فالوضع فى العشوائيات من ثقافة ومظاهر وبراثن للامراض كان صعبًا لذا فكر سيادة الرئيس فى حل المشكلة فأقام لهم سكن آمن آدمى ولكن الفكر لم يتغير لديهم، فهم يعيشون بنفس المفهوم من عدم دفع فواتير الكهرباء والماء والغاز، ويعملون دون تعب. لكن عليهم تقبل الأمر والتفكير فى العمل لتسديد احتياجاتهم واحتياجات أسرهم. فالدولة وفرت لهم السكن بإيجار بسيط والخدمات من مدارس وملاعب ومكتبات وأسواق كل شىء متاح ولكن لابد لهم من تقبل الأمر. ومن الضرورى عمل ندوات ودورات تساعدهم على التغيير.