الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لندن تلجأ إلى «التكسير المائى» لمواجهة ارتفاع الأسعار.. والشركات تستغل الأزمة للتربح من جيوب المواطنين بريطانيا تتخلى عن سلامة البيئة من أجل الطاقة

شهد سعر الغاز فى أوروبا بصورة عامة ارتفاعات قياسية، زادت حدّتها فى المملكة المتحدة بصورة خاصة، منذ بداية العام الماضى؛ بسبب انخفاض مستوى التخزين، نتيجة سَحب كميات كبيرة منه لتجنّب برودة الشتاء الماضى القارسة، إضافة إلى ارتفاع الطلب على الطاقة من آسيا، وتراجع معدلات هبوب الرياح، ما هبط بالكهرباء المولدة، ودفع إلى إفلاس نحو 30 شركة كهرباء.



 

كما ازدادت حدّة الأزمة فى المملكة المتحدة وأوروبا، بعد الغزو الروسى لأوكرانيا، خصوصًا أن تلك الدول تعتمد بصورة رئيسة على نفط وغاز موسكو، وتسعى إلى استبدال مصادر أخرى بهما؛ للضغط على روسيا لوقف ضرباتها إلى كييف.

وشهدت المملكة المتحدة ارتفاعًا هائلاً بنسبة 54 % فى سقف أسعار الطاقة المنزلية فى أبريل، وقد يرتفع بشكل كبير مرة أخرى فى أكتوبر عندما تتم مراجعته فى المرة المقبلة. وكان وزير المالية ريشى سوناك قد أعلن الشهر الماضى عن العديد من الإجراءات الضريبية؛ لا سيما على الوقود، بعد دعم القوة الشرائية الذى تم الإعلان عنه فى فبراير  بتسعة مليارات جنيه.

 شتاء كارثى

وقد حذر خبراء فى الطاقة، وفقًا لوكالة الصحافة الفرنسية، من أن ارتفاع أسعار الطاقة الشتاء المقبل سيكون كارثيًا، وقد يدفع 30 إلى 40 % من المستهلكين البريطانيين إلى الفقر فى مجال الطاقة.

وقد استمعت لجنة الطاقة فى البرلمان البريطانى إلى العديد من قادة شركات الطاقة الذين حضوا الحكومة على بذل مزيد من الجهد للتعامل مع الارتفاع العالمى فى الأسعار الذى تفاقم بسبب الحرب فى أوكرانيا.

 استغلال الأزمة

وحذرت هيئات الرقابة البريطانية شركات الطاقة من استخدام أزمة الفواتير لرفع أسعار مدفوعات الخصم المباشر للعملاء. وأكدت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، أن هناك أدلة على أن بعض الشركات ضاعفت فواتير الخصم المباشر الشهرية من أجل التربح من الأزمة.

وأضافت إنه يبدو أيضًا أن بعض الشركات تمارس ضغوطًا على العملاء القلقين للتسجيل فى تعريفات طويلة الأجل ستجعلهم يدفعون فواتير باهظة لفترة أطول من اللازم.

وأشارت إلى أنه فى الوقت نفسه هناك مخاوف من أن شركات الطاقة لديها ملايين الجنيهات فى مدفوعات زائدة من عائلات تكافح لدعم أعمالها.

وأوضحت أن منظم الصناعة «أوفجيم» حذر تجار التجزئة فى مجال الطاقة من أنه يخطط لمعالجة الفضيحة ويهدد بغرامات تقدر بملايين الجنيهات.

وترتفع فاتورة الطاقة السنوية النموذجية بما يعادل نحو 700 جنيه استرلينى إلى 2000 جنيه استرلينى تقريبًا، إلا أن بعض الشركات تضغط على العملاء لدفع المزيد.

 التحول للاستيراد

وحذّرت شركة «إينيوس» من أن ارتفاع سعر الغاز بمقدار 7 أضعاف فى بريطانيا مقارنة بأمريكا، يهدد قدرة صناعة الكيماويات التنافسية، فى مواجهة الولايات المتحدة.

وأشارت إينيوس، التى تُعدّ عملاق صناعة الكيماويات البريطانية، إلى أن أسعار الغاز أعلى بهذه النسبة فى المملكة المتحدة وأوروبا أيضًا، ما دفع منتجى الكيماويات إلى دائرة من المعاناة.

وأرجعت الشركة سبب رخص سعر الغاز فى أمريكا مقارنة ببريطانيا، إلى استخراج الأولى الغاز الصخرى، الذى زاد الإمدادات وهبط بالسعر.

قال مدير شركة إينيوس البريطانية، توم كروتى - وفقًا لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية: «إن ارتفاع سعر الغاز ومواد الطاقة فى بريطانيا، مقارنة بأمريكا والشرق الأوسط، سيدفع المستهلكين بعد وقت قليل إلى المطالبة بإنتاج الكيماويات فى تلك الدول، والاستيراد منها».

 التكسير المائى

كما حثّت شركة إينيوس حكومةَ بريطانيا على السماح مجددًا بنشاط التكسير المائى (الهيدروليكى)؛ لتعزيز إنتاج البلاد من الغاز، وتجنّب ارتفاع الأسعار الحادّ.

وأوقفت بريطانيا أنشطة التكسير المائى عام 2019؛ لما تمثّله من مخاطر على البيئة والسلامة، إلّا أن الغزو الروسى لأوكرانيا، ومحاولات تجنّب نفط وغاز موسكو، طرحَ احتمالات السماح به مجددًا.

وفى شهر مارس الماضى، قال وزير الدولة لشئون الأعمال والطاقة البريطانى كواسى كوارتنغ: إن هناك تغييرًا محتملًا فى موقف الحكومة البريطانية من التكسير المائى.

وقد فتح المتحدث باسم رئيس الوزراء، بوريس جونسون، الباب أمام تحوّل فى موقف بريطانيا بشأن التكسير المائى، قائلًا: إنه سيُنظَر فى جميع الخيارات قبل إنجاز استراتيجية الطاقة المقبلة.

ويرى معارضو التكسير المائى أنه ضارّ بالبيئة وسلامة المجتمعات المحيطة، كما إنه لن يكون حلًا سريعًا لأزمة سعر الغاز، إذ سيستغرق العمل وقتًا طويلًا حتى تستطيع بريطانيا إنتاج كميات مؤثرة فى سوقها.

 استراتيجية أمن الطاقة

ومن المقرر أن تشهد استراتيجية الطاقة الجديدة فى بريطانيا تسارعًا كبيرًا فى الطاقة النووية، مع طموح يصل إلى 24 جيجاوات بحلول عام 2050، لتأتى من هذا المصدر الآمن والنظيف والموثوق للطاقة.

وسيمثّل هذا الأمر ما يصل إلى 25 % من الطلب المتوقع على الكهرباء، مع مراعاة الجاهزية التكنولوجية من الصناعة، إذ ستشكل المفاعلات المعيارية الصغيرة جزءًا رئيسًا من المشروع النووى.

كما تقضى الاستراتيجية بإنشاء هيئة حكومية جديدة، «الطاقة النووية فى بريطانيا العظمى»، لطرح مشروعات جديدة مدعومة بتمويل كبير، فى حين سيُطلق صندوق التمكين النووى المستقبلى بقيمة 120 مليون جنيه إسترلينى هذا الشهر.

بالإضافة إلى ذلك، تحتل الرياح البحرية فى الاستراتيجية، بطموح جديد يصل إلى 50 جيجاوات بحلول عام 2030، وهو رقم أكثر من كافٍ لتشغيل الكهرباء ومنحها إلى منازل بريطانيا كافّة.