الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ضغوط عائلية!!

الحمد لله.. توقفت تمامًا عن التدخين طوال الشهر الكريم.. تمهيدًا للإقلاع النهائى عن العادة الضارة جدًا بالصحة.. فى حين توقفت المدام عن متابعة المنوعات التليفزيونية التى هى بلا لون أو طعم أو رائحة.. وبدلاً منها راحت تتابع البرامج الإخبارية.. وقد اكتشفت فى نفسها ميولاً سياسية كامنة!!



صارت نشرة الأخبار هى برنامجها المفضل.. وتصريحات الوزراء تحفظها عن ظهر قلب.. وجلسات البرلمان أحب إليها من تمثيلية السهرة.. والمصيبة أنها شكلت مع صديقاتها وجاراتها حكومة ظل بالمنزل.. يناقشن القضايا العويصة.. ويتوصلن لحلول عبقرية لها.. أفضل كثيرًا من تلك الحلول المتسرعة التى تتوصل لها الحكومة!

قالت المدام تختبر معلوماتى الاقتصادية.. هل تعرف أن تعويم العملات المحلية.. أفضل كثيرًا من المكابرة والدعم المستتر لها.. فى مواجهة العملات الأجنبية؟!

قلت لها مضبوط!!

قالت.. إنها تفكر فى تعويم مصروف البيت.. أسوة بما تقوم به حكومتنا الرشيدة.. من تعويم لعملاتنا المتواضعة.. من حين لآخر..  وتعويم المصروف يجعله خاضعًا لقوانين السوق وللعرض والطلب.. يعنى مرة يزيد.. ومرة ينقص.. تبعًا للظروف.. لمواجهة إخواننا التجار.. الذين يرفعون أسعار كل شىء.. من الإبرة للصاروخ.. دون مراعاة لأحوال الموظفين من محدودى الدخل!

لعبت الفئران فى صدرى.. والمدام تطالب بوضوح بزيادة مصروف البيت.. لكنها تتكلم كما رجال السياسة المحترفون.. الذين لا يستخدمون الألفاظ الواضحة للتعبير عن المسائل والأمور.. فيقولون تحريك الأسعار.. أو تعويمها.. بما يعنى بصريح العبارة زيادتها وارتفاعها!

كشرت عن وجهى.. قلت لها أننى لا أحب الهزار.. وأننى لا أخلط مصروف البيت بشغل السياسة وموضوعات الاقتصاد!

فألقت زوجتى بالقنبلة  فى وجهى.. وطالبتنى بدفع مصروف البيت بالدولار الأمريكى.. أو الفرنك السويسرى.. أو الجنيه الاسترلينى.. أو حتى اليورو الأوروبى.. ولا مانع من الين اليابانى!!

قاومت رغبة جامحة فى إشعال سيجارة.. وعددت فى سرى من واحد لعشرة.. حتى لا أفقد هدوئى النفسى.. فأخسر المعركة كما هى العادة.. وقلت لزوجتى أحاورها: إن تعويم العملات يتم لأسباب كونية عميقة.. منها الارتباط بالسوق العالمية.. ورياح التضخم وضعف الإنتاج.. وفى حالتنا بالذات.. علينا بمضاعفة الإنتاج من صوانى البطاطس والمكرونة بالبشاميل.. وأتوقع أن تنصلح الأحوال.. وعلينا بالصبر.. الذى هو مفتاح الفرج! قالت المدام.. أنها لا تمانع فى الصبر الجميل.. بشرط أن تتوقف عن استلام مصروف البيت بالأسلوب التقليدى.. وأنها تقترح أن تتسلم بدلاً منه بضائع تموينية.. خضار ولحمة وأرز وعيش وصابون وسمنة.. وكسوة الصيف ومصاريف المدارس!!

وضعت السيجارة فى فمى دون أن أشعلها.. كنوع من العادة.. وعددت فى سرى من واحد لعشرة.. قلت للمدام أن محاولاتها لفرض الأمر الواقع مرفوضة.. ومن الأفضل لها أن تتوقف عن الحديث فى السياسة.. وأن تتفرغ لشغل البيت.. وأن تعاود مشاهدة برامج التليفزيون.. حتى وإن كانت سطحية ومن الدراما سابقة التجهيز.. فهذا أفضل للأزواج.. وحماية للسلام الاجتماعى.. والصفاء العائلى.. والهدوء المنزلى!

ردت زوجتى.. بأنها حسمت أمرها بالفعل.. وأنها تعلن الإضراب العام.. ولا تنوى التراجع أو التفريط والمساومة.

أمسكت بالسيجارة.. وبدأت بالعد من واحد لعشرة.. قبل أن أشعلها.. لأعود من جديد.. وتحت ضغوط المدام.. لممارسة فضيلة التدخين!!