الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أسوأ موجة منذ 30 عامًا كيف يواجه العالم «الغـلاء»؟

تتجه حكومات العالم إلى اتخاذ تدابير طارئة وعاجلة للتخفيف من حدة موجة الغلاء التى يواجهها المواطنون فى جميع أنحاء العالم، ولقد كان قرار الحكومة الأوكرانية بتحجيم صادراتها من السلع والحبوب بما فيها القمح والذرة والزيوت، وإلزامها التجار الحصول على ترخيص للتصدير، قرارًا مؤثرًا جدًا بالنسبة للأسواق العالمية نظرًا لما تمثله أوكرانيا من حجم تجارة العالم فى بعض السلع وأبرزها الحبوب، مما يهدد ارتفاع الأسعار.



 

حسب الـ «فاو»، فإن الأسعار سجّلت ارتفاعًا قياسيًا فى فبراير، وقفزت بنسبة 24.1 % على أساس سنوى، وفى مقدمتها الزيوت النباتية ومنتجات الألبان، وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، ارتفاع الأسعار طال جميع أنواع الغذاء على مستوى العالم.

كما حذرت الأمم المتحدة فى تقرير لها من حدوث مجاعة وسوء تغذية بسبب ارتفاع أسعار الغذاء.

وعبّر صندوق النقد الدولى عن مخاوفه من تأثر الاقتصادات العالمية من النزاع الراهن، إذ قال فى بيان «بينما يظل الموقف الراهن على درجة كبيرة من التقلب، فإن العواقب الاقتصادية ستكون بالغة الخطورة بالفعل».

وأشار الصندوق إلى حدوث طفرة فى أسعار الطاقة والسلع الأولية بما فى ذلك القمح، مما زاد من الضغوط التضخمية الناشئة عن انقطاعات سلاسل الإمداد والتعافى من جائحة كورونا.

 أوروبا مهددة بالفقر

تواجه الدول الأوروبية موجة غلاء غير مسبوقة فى الأسعار وتعتبر هى الأسوأ منذ عقود طويلة مما أدى إلى تسجيل معدلات تضخم خطيرة أرهقت القدرة الشرائية للمواطنين وأدخلت الكثير من السكان تحت خط الفقر. 

وبلغت نسبة التضخم فى الدول الغنية مثل النمسا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا أعلى مستوى لها لم يحدث منذ 30 عامًا، ويقدر بحوالى 7 % مع بداية العام الحالي، أما بالنسبة للدول الفقيرة، فتزداد سوءًا، كما هو الحال فى دولة ليتوانيا حيث تصل نسبة التضخم إلى  12 ٪.

ألمانيا التى تعتبر الاقتصاد الأكبر فى القارة الأوروبية كانت تتوقع نسبة التضخم بالنسبة لها لعام 2022 فى حدود 3٫7 ٪ قبل أن ترتفع إلى 5٫1 ٪ وهو أعلى رقم يتم تسجيله منذ 3عقود، وهذا الوضع ينطبق ذاته على النمسا التى كانت توقعاتها تشير إلى تسجيل نسبة التضخم فى حدود 2٫8 ٪ قبل أن ترتفع بداية العام 2022 إلى 5٫3 ٪.

وأشارت المؤسسة الوطنية للإحصاء النمساوية إلى أن هذا التضخم تجلى فى ارتفاع 3 مكونات أساسية، الأكل والوقود وفاتورة الطاقة، وتتوقع النمسا ارتفاعًا لفاتورة الطاقة بنسبة 50 ٪ بحلول إبريل المقبل والارتفاع رجع لوجود نسبة تضخم فى بداية العام إلى جانب الحرب الحالية بين روسيا وأوكرانيا التى زادت من الارتفاع للفاتورة لاعتماد النمسا على 30 ٪ من الغاز المستورد من روسيا.

ويهدد الفقر ملايين الأوروبيين، فوفقًا لأرقام إحصائيات مكتب (يورو ستات) التابع للمفوضية الأوروبية، حوالى 35 مليون مواطن أوروبى لم يعودوا قادرين على دفع فاتورة التدفئة فى منازلهم، وأن هؤلاء بات عليهم الاختيار بين الأكل أو دفع فاتورة الغاز، ونفس الأرقام تظهر أن ربع السكان فى دولة مثل بلغاريا باتوا غير قادرين على توفير التدفئة لمنازلهم.

وبسبب موجة الغلاء هذه فإن 15 مليون أوروبى يستفيدون من بنك الأغذية التابع لصندوق المساعدات الأوروبية، وهو رقم لم يتم تسجيله منذ أكثر من عقدين.

وتظهر أرقام المفوضية الأوروبية أن الوضع الحالى أسهم فى زيادة أعداد الأوروبيين المهددين بالنزول تحت خط الفقر، ففى بلغاريا بلغت نسبة الفقر 11٫5 ٪ وهى أعلى نسبة مسجلة فى الاتحاد الأوروبى، وفى اليونان بلغت النسبة 10 ٪ مما يعنى أن مليون يونانى تقريبًا يعانون من الفقر.

أما فى الدول الغنية مثل النمسا وألمانيا فهى حوالى 2٫8 ٪ مليون ألمانى ونمساوى يعيشون تحت خط الفقر وفرنسا يعيش مليون ونصف المليون منها تحت خط الفقر، أما المهددون بالنزول تحت هذا الخط فيتجاوز عددهم 3 ملايين فرنسى، وفى إيطاليا يعانى 3 ملايين مواطن من الفقر، وهذا العدد بات مهددًا لكثير من الأسر الأوروبية بالنزول تحت عتبة الفقر.

 تخوفات

من جانبه، قال إيثان هاريس، كبير الاقتصاديين فى بنك أوف أمريكا: «إذا أوقف الغرب معظم صادرات الطاقة الروسية فسيكون ذلك صدمة كبيرة للأسواق العالمية».

كما حذر هاريس من أن فقد الأسواق خمسة ملايين برميل من النفط الروسى قد يؤدى إلى ارتفاع أسعار النفط إلى المثلين، أى أن يصل 200 دولار للبرميل وانخفاض النمو الاقتصادى على مستوى العالم.

وقالت فيليبا سيغل غلوكنر، المسئولة السابقة فى وزارة المالية ومديرة مركز أبحاث «معهد المستقبل للتمويل الكلى» الذى يقع مقره فى برلين: «يبدو أن هناك عالمين الآن: العالم العادى الذى ما يزال فيه ادخار المال هو الملك، وعالم الطوارئ الذى يكون فيه الإنفاق الكبير جزءًا من الاستجابة القوية.. سيستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى يعود العالم إلى طبيعته».

 مواجهة الغلاء

ونظرًا للظروف العالمية المتقلبة، تحاول الحكومات،التى استنفذت ذخيرتها المالية فى جائحة كورونا التخفيف عن المواطنين، ففى النمسا على سبيل المثال أعلنت الحكومة النمساوية أنها سوف تقوم بدفع مبلغ 150يورو إضافى لكل أسرة محدودة الدخل، حتى يتمكنوا من مواجهة الارتفاع المرتقب فى فاتورة الطاقة.

كما تدرس الحكومة الألمانية إقرار تسهيلات على فواتير الطاقة والضريبة على القيمة المضافة، وإصدار مساعدات فورية للأسر الفقيرة، والإعفاء الكامل من الضرائب على اشتراكات تأمين المعاشات التقاعدية سيتحقق فى 2023.

واقترحت إسبانيا رفع أوروبا الحظر عن واردات الحبوب المعدلة وراثيًا من أمريكا وأمريكا الجنوبية كبديل لمساعدة المزارعين، كما اقترحت استخدام الأراضى البور وتعزيز إنتاج الحبوب من خلال الحد من تناوب المحاصيل.

وفى فرنسا، هناك اتجاه للتنازل عن السلع الزراعية التى تحتوى على آثار لمبيدات الأعشاب لزيادة المخزونات والبحث عن موردين بديلين للذرة بشكل أساسى، وهو أمر أساسى لإنتاج الأعلاف الحيوانية.

وفى إيطاليا، يضغط المعارضون فى البرلمان على الحكومة للتحرك بشكل عاجل لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الخام الغذائية الزراعية بسبب الحرب فى أوكرانيا.

ووضع خبراء منهم جوزيف جلوبر، باحث بالمعهد الدولى لبحوث السياسات الغذائية سيناريوهات قاتمة للفترة المقبلة حيث أكد أن حوالى 276 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم فى خضم أزمة جوع، منهم 44 مليونًا «على بعد خطوة واحدة من المجاعة».

ومع ذلك، رأى أن هناك إجراءات ملموسة يمكن أن يتخذها العالم لضمان عدم حدوث الأسوأ منها أن تحاول الحكومات دعم المزارعين المتضررين من الارتفاع الحالى فى الأسعار خاصة فى الأسمدة.

وقال إنه إذا تمكنت الحكومات والجهات المانحة الأخرى من سد الفجوة بين ما يستطيع الناس دفعه والسعر الجديد الأعلى، لن يجوع الناس.

وفى بريطانيا، تستعد الحكومة وفقًا لوكالة «بلومبرج» لرفع أسعار فواتير الغاز والكهرباء للمنازل بنسبة 54 % اعتبارًا من إبريل المقبل.

أما الولايات المتحدة الأمريكية، فهى تقوم بدراسة تعليق ضريبة البنزين مع تجاوز الغلاء كل التوقعات.

عربيًا يعتزم الرئيس التونسى إصدار مرسوم جديد لمواجهة غلاء الأسعار، حيث أعلن قيس سعيد، أنه سيتم فى قادم الأيام إصدار مرسوم يهدف إلى الحد من ارتفاع الأسعار، وذلك بعد ورود شكاوى من غياب بعض السلع عن الأسواق التونسية وارتفاع غير مسبوق فى الأسعار.

وفى العراق، شدد رئيس الوزراء العراقى،مصطفى الكاظمى، على ضرورة تأمين الخزين الاستراتيجى للمواد الغذائية الأساسية وتحقيق الأمن الغذائي.

وفى لبنان، شدد وزير الاقتصاد والتجارة اللبنانى على أن الحكومة لن تسمح بالاحتكار والتلاعب بالأسعار.