السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هل ينجح الغرب فى إسقاط اقتصاد موسكو؟

مع بداية العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا وتتوالى عملية فرض العقوبات على موسكو من جميع الدول الغربية، والتى طالت الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجى لافروف بالإضافة إلى عدد من الكيانات الاقتصادية والشخصيات الروسية، وعلى الرغم من تنديد الدول قبل بداية العملية العسكرية بفرض عقوبات «ليست مسبوقة» على روسيا فإن هذا لم يردع بوتين واستمر فى تنفيذ خطته ضاربًا كل هذه العقوبات عرض الحائط، مؤكدًا أن لا شيء سيردع موسكو عن خطتها فى تأمين بلادها من وصول دولة الحدود الأوكرانية لحلف الناتو أو الانضمام للاتحاد الأوروبى، والذى تعتبره موسكو خطرًا يهدد أمنها القومى ستستمر فى محاربته حتى إذا تطلب الأمر للوصول إلى استخدام قوات الردع النووية.



 «الاقتصاد الحصين»

منذ عام 2014 ومع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، عملت موسكو فى تحصين نفسها وفى بناء دفاعات مالية عملاقة، لكن من غير المرجح أن يصمد اقتصادها أمام حملة عقوبات منسقة من الغرب. ويتوقع مراقبون أن تكون العقوبات فعالة وموجعة للاقتصاد الروسى ولو بعد حين.

وصبت أوروبا والولايات المتحدة جام غضبها وانتقامها على روسيا بعدما دفع رئيسها فلاديمير بوتين بدباباته إلى أوكرانيا، حيث تعهدتا بفرض عقوبات قاسية جدا على موسكو ردا على قرارها الاعتراف باستقلال منطقتين انفصاليتين فى أوكرانيا.

وقال كريستوفر جرانفيل، المدير بشركة تى.إس لومبارد للاستشارات وهو مراقب مخضرم للأوضاع فى روسيا «وجهة النظر التى تقول إن روسيا لن تتأثربالعقوبات خاطئة. قد لا تشعر روسيا بالآثار السلبية مباشرة لكن العقوبات ستعيق قدراتها على المدى الطويل».

وشملت الإجراءات الغربية فرض عقوبات وتجميدا لأرصدة المزيد من البنوك ورجال الأعمال الروس ومسئولين كبار حتى الرئيس بوتين ووزير خارجيته سيرجى لافروف، حيث انضمت الولايات المتحدة للاتحاد الأوروبى وبريطانيا وغيرها من الدول مثل كندا واليابان وأستراليا وحتى سويسرا (الحيادية) بفرض عقوبات على الجانب الروسى. كما شملت العقوبات الغربية وقف جمع الأموال فى الخارج، وتعليق مشروع خط الغاز نورد ستريم2 الذى يمتد إلى ألمانيا وتبلغ تكلفته 11 مليار دولار، والحد من قدرة روسيا على الحصول على المواد ذات التقنيات الفائقة مثل أشباه الموصلات.

 سلاح «سويفت»

مع تصاعد وتيرة الحرب الروسية على أوكرانيا، برز اسم «سويفت» كنظام مالى عالمى بين العقوبات الغربية المطلوب فرضها على موسكو، والتى طالتها جزئيًا مع عزل عدد من البنوك الروسية الكبرى عن هذه الشبكة الرئيسية الدولية. واتفق الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة وحلفاؤهما على عزل عدد من البنوك الروسية عن نظام الدفع «سويفت». وذكر تحالف القوى العالمية فى بيان مشترك نشر على موقع البيت الأبيض، إنه بالتنسيق مع المفوضية الأوروبية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وكندا، تؤيد الولايات المتحدة استبعاد «بنوك روسية مختارة» من سويفت «خلال الأيام المقبلة بهدف زيادة عزل روسيا عن النظام المالى الدولى.ويعنى هذا الإجراء الانتقامى الكبير أن البنوك الروسية لن تكون قادرة على التواصل بشكل آمن مع نظيرتها خارج حدودها، كما سيتعين عليها تنفيذ معاملاتها مع شركائها الأجانب بالطريقة القديمة، أى عن طريق الفاكس، وهو أمر يستغرق وقتا طويلا للغاية. ومن جانبها أعلنت جمعية الاتصالات العالمية المالية «سويفت» أنها تستعد لتنفيذ العقوبات المالية على المصارف الروسية. وذكرت فى بيان، أنه تجرى محادثات مع السلطات الأوروبية من أجل تحديد الكيانات والمصارف الروسية التى ستخضع للإجراءات الجديدة.

ويعتبر نظام «سويفت» المالى الذى أنشئ عام 1973، جمعية تأسيسية تشمل الاتصالات العالمية بين البنوك، ومقره فى بلجيكا.

ولا يتركز عمل سويفت على تحويل الأموال، ولكنه يعمل كنظام تراسل آمن يربط أكثر من 11000 مؤسسة مالية فى أكثر من 200 دولة.

وتكشف أرقام سويفت عن إجراء 42 مليون رسالة يوميا فى عام 2021، وفى 2020 استحوذت روسيا على نحو %1.5 من الحركات المالية عبر سويفت.

ويشير تقرير نشرته شبكة «سى إن إن» الإخبارية إلى أنه فى حال عزل روسيا عن نظام سويفت، سيصبح من المستحيل للمؤسسات المالية إرسال الأموال إلى داخل أو إلى خارج البلاد، ما يجعل الشركات الروسية الكبرى فى حالة صدمة، خاصة لمشترى النفط والغاز.

وأضاف تقرير الصحيفة الأمريكية، أنه فى سابقة دولية تم عزل إيران عن نظام سويفت فى 2012 بعد أن فرضت عليها عقوبات بسبب برنامجها النووى، وخسرت طهران ما يقرب من نصف عائدات تصدير النفط، وتضررت %30 من حركة تجارتها الخارجية.

 البديل الروسى

بعد إعلان الدول الغربية من إمكانية عزل روسيا من نظام «سويفت» العالم، أعلن حاكم البنك المركزى الروسى: أن «لدينا بديلاً عن نظام سويفت ويمكن للمتعاملين داخليا وخارجيا استعماله، موضحا أن «البنية التحتية المالية الروسية ستعمل بدون أعطال».

ويسمى النظام الروسى البديل SPFS، والذى تم إنشاؤه فى العام 2014، على خلفية تهديدات واشنطن، بطرد موسكو من نظام سويفت المالى، بعد اندلاع أزمة شبه جزيرة القرم مع أوكرانيا.

وفى العام 2015 أنشأت روسيا فى شبه جزيرة القرم نظاما بديلا خاصا بها وحلفائها، كون القرم كانت عرضة لعقوبات غربية واسعة، وثمة أيضا نظام صينى مشابه لهذا الروسى.

ووفق خبراء، فإن حال إخراج روسيا من نظام سويفت، ستخسر دول الاتحاد الأوروبى خاصة بتعاملاتها فى قطاعات الطاقة كثيرا، وستتشكل صدمة حتى للاقتصاد العالمى، وبلا شك روسيا أيضا ستتأثر سلبا، لكنها لن تكون ضربة قاصمة للاقتصاد الروسى، وصغر حجمه نسبيا هنا نقطة تصب فى صالحه، حيث سيتمكن من التكيف مع خروج موسكو من سويفت.

ويرى د.عمار قناة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، فى جامعة سيفاستبول فى القرم: أنه «لا يمكن أن ننسى قوة العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية بين روسيا والصين التى يمكنها أن تلعب دور الوسيط فى هذه المعادلات والمعاملات المالية والاقتصادية، فالاقتصادان الصينى والروسى مترابطان بشكل قوى على مدى العقدين الماضيين، من خلال مختلف الصفقات التجارية خاصة فى مجال الغاز».