الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

النفط والقمح والتغيرات الاستراتيجية تأثير الأزمة (الروسية - الأوكرانية) على «الشرق الأوسط»

منذ اللحظات الأولى للعملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا»، وعكف الباحثون والمحللون من كل المجالات على التنبؤ بالخطوات المقبلة فى المستقبل القريب والبعيد على حد سواء..وكان ضمن التحليلات المهمة التى أثيرت حول هذا الموضوع، هو تأثير الأزمة (الروسية-الأوكرانية) على منطقة «الشرق الأوسط».



يعتقد الباحثون أن آثار العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا.  التى بدأت فى 24 فبراير الماضى، ستؤثر على منطقة «الشرق الأوسط»، وقد تكشف الأزمة تحالفات جيوستراتيجية جديدة، إذا استمرت المواجهة بين «روسيا» و(الغرب) لفترة طويلة. ولكن، الآثار الأكثر خطورة قد تكون على المدى الطويل، بدلًا من المدى القصير. وكان ضمن التساؤلات المهمة حول تأثير الأزمة على المنطقة:

 كيف ردت دول «الشرق الأوسط» على العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا؟

رصدت الباحثات فى (معهد واشنطن)، «مارجريت دين، وهانا لابو، وكارول سيلبر هن» ما أصدرته الحكومات والقادة فى أرجاء «الشرق الأوسط» من بيانات متفاوتة، ردًا على تحركات «روسيا» ضد «أوكرانيا» خلال الأسبوع الماضى، بدءًا بقرار «موسكو» فى 21 فبراير الماضى بالاعتراف بمنطقتى «دونيتسك، ولوهانسك»، وصولًا إلى العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا».

وزارة الخارجية المصرية أصدرت بيانًا، جاء فيه أنها تتابع بقلق التطورات فى «أوكرانيا»، ودعت إلى إيجاد حل دبلوماسى لتجنب الأزمات الإنسانية. ومن جانبه، أوضح رئيس الوزراء «مصطفى مدبولى»، أن «مصر» تعتمد على القمح المستورد من «روسيا»، و«أوكرانيا»، وأن الأزمة ستواصل تأثيرها على أسعار الطاقة، مضيفًا أن الحكومة المصرية ستنوع مصادرها، وتلجأ إلى الدعم، من أجل المساهمة فى استقرار الوضع. وبعدها بأيام، دعت «مصر» إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، وذلك للتباحث حول التطورات الجارية فى «أوكرانيا».

أما «المغرب»، فقد أوضح المتحدث باسم الحكومة المغربية «مصطفى بايتاس» فى بيان صادر فى 24 فبراير الماضى، أنه رغم تأثير النزاع على الأسواق المغربية، إلا أن الحكومة لديها احتياطيات كبيرة من المنتجات الضرورية، لإبقاء الوضع تحت السيطرة.

فيما أشارت الحكومة الأردنية فى 24 فبراير الماضى إلى متابعتها التطورات فى «أوكرانيا» بقلق، ودعت المجتمع الدولى، وأطراف النزاع إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووقف التصعيد.

كما اتخذت «إيران»، و«سوريا» مواقف معادية للغرب..حيث أعلن الرئيس السورى «بشار الأسد» أن بلاده ستعترف باستقلال منطقتى «دونيتسك، ولوهانسك» فى شرق «أوكرانيا»، فيما قال وزير الخارجية الإيرانى إن الأزمة متجذرة، بسبب استفزازات حلف شمال الأطلسى (ناتو).

بينما أدانت «لبنان» العملية العسكرية الروسية؛ فى الوقت الذى أشار فيه «مقتدى الصدر» إلى تجارب «العراق» الخاصة فى صراعات لم تكتسب منها سوى الخراب، والضعف، والتشتت. فى حين لم تتخذ حكومات «الجزائرـ والبحرين، وعمان، وتونس، واليمن، وغيرهم» مواقف علنية بشأن الأزمة (الروسية-الأوكرانية).

اعتبرت الباحثات الثلاثة أن رفض إدانة العملية العسكرية الروسية، من قبل بعض دول المنطقة، يمثل انعكاسًا صارخًا لاستراتيجية القوى الإقليمية الجديدة المتمثلة فى التحوط وتجنب المواجهة، أى تتطلع العديد من دول «الشرق الأوسط» إلى موازنة علاقاتها مع «الولايات المتحدة»، و«روسيا».

  كيف سيؤثر الصراع على الأمن الغذائى بمنطقة «الشرق الأوسط»؟

قال مدير برنامج الشرق الأوسط فى (مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية)، «جون بى. ألترمان»، إن أسعار السلع العالمية قفزت بنسبة كبيرة، وذلك لتشكيل «روسيا»، و«أوكرانيا» حوالى ربع صادرات القمح العالمية.

ونوه إلى أن الوباء، والتحديات اللوجستية الناتجة عنه أديا إلى زيادة أسعار القمح بنسبة %80 منذ أبريل 2020، بالإضافة إلى إيقاف «روسيا» صادرات سماد نترات الأمونيوم. لذلك، فإن العديد من البلدان فى «الشرق الأوسط» معرضة - بشكل خاص- لارتفاع الأسعار، وتعطل الإمدادات.

ومن ثم تطرق «ألترمان» للحديث عن «مصر»، باعتبارها أكبر مستورد للقمح فى العالم، وتأتى العديد من وارداتها من منطقة «البحر الأسود».

ومع ذلك، استطاعت «مصر» أن تؤمن شحنة القمح الخاصة بها، رغم اشتعال الأزمة (الروسية-الأوكرانية) خلال الأسبوع الماضى..حيث كشفت الهيئة العامة للسلع التموينية، أن سفينة الشحن المصرية «وادى العرب»، خرجت من ميناء «يوزنى» فى «أوكرانيا»، وهى تحمل شحنة من القمح المتعاقد عليها، مؤكدة أنها فى الطريق إلى «مصر»، موضحة أن شحنة القمح المتعاقد عليها، تزيد على 60 ألف طن قمح أوكرانى بسعر 361.25 دولار للطن، مشيرة إلى أن هذه الشحنة تأتى ضمن ما تعاقدت عليه الهيئة العامة للسلع التموينية يوم 29 ديسمبر2021، ضمن مناقصة عالمية لتوريد 300 ألف طن قمح لوصولها إلى «مصر» من 15 فبراير الماضى إلى 3 مارس الجارى.

هذا، بالإضافة إلى أن الحكومة المصرية، حاولت تنويع إمداداتها من القمح خلال الفترة التى سبقت العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا»

وبالعودة لرأى «ألترمان»، فقد أشار إلى أماكن أخرى من شمال «إفريقيا»، التى تتزامن فيه الزيادات فى الأسعار، واضطراب الإمدادات، مع موجات الجفاف الشديدة..حيث تأتى التحديات الاقتصادية فى وقت صعب بالنسبة للدولة التونسية، التى تبذل جهودًا لتحسين الوضع الاقتصادى.

وأضاف أن نقص القمح سوف يصيب بعض دول المنطقة بشكل أشد..حيث قوضت الأزمة الاقتصادية فى «لبنان» -بالفعل- قدرة سكانه على شراء المواد الغذائية، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة ٪1000 فى أقل من ثلاث سنوات، ويستورد «لبنان» القمح لتلبية معظم احتياجاته، حيث يأتى %60 منه من «أوكرانيا». كما أن «ليبيا»، و«اليمن» اللتين يعيشان فى وضع مضطرب معرضتان بشكل مماثل لنقص القمح.

 كيف ستؤثر أسعار النفط المرتفعة على دول الخليج؟

فى اليوم الأول للعملية العسكرية الروسية قفز سعر النفط فوق 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ عام 2014. بالنسبة للدول المصدرة للنفط فى منطقة «الشرق الأوسط»، ستوفر الأسعار المرتفعة تخفيفًا مرحبًا بالميزانية على المدى القصير، وذلك بعد الضربة الاقتصادية التى تعرضت لها تلك الدول جراء الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشى جائحة كورونا.