الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قيادى بالحزب الاشتراكى الحاكم بألمانيا لـ«روز اليوسف»: أزمة أوكرانيا غيرت الوضع العسكرى الذى فُرض على ألمانيا من ربع قرن

يرى نائب رئيس الأمانة العامة للهجرة والتنوع فى الحزب الاشتراكى الديمقراطى الحاكم فى ألمانيا، حسين خضر، أن المشكلة الأوكرانية «مسألة حياة» للاتحاد الأوروبى، وذلك لحماية مبادئه ومصالحه وهيبته مشيرا فى حوار لمجلة «روزاليوسف»، أن الأزمة الأوكرانية غيرت وستغير الوضع العسكرى والتسليحى الذى فرض على ألمانيا مع نهاية الحرب العالمية الثانية.



 

واستبعد «خضر» تنفيذ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لتهديده باستخدام السلاح النووى، وأكد على عدم تأثر ألمانيا بوقف خط «نورد ستريم 2» الذى سيمد ألمانيا بالغاز الروسى مشيرا إلى أن «برلين» اتخذت قرارا بتنويع مصادر الطاقة، وتجهيز محطات تسييل وتخزين للغاز، للتعامل مع الدول التى تمتلك «غاز» وليس لديها محطات تسييل، وأيضا من المحتمل الاتجاه لدول حوض البحر المتوسط، التى أصبحت كيانا قويا فى الطاقة عبر الغاز الطبيعي.

فى البداية.. كيف تستوعب ألمانيا اللاجئين القادمين من أوكرانيا ؟

هناك أمران، الأول لا بد من معرفة أن حاملى الجنسية الأوكرانية يستطيعون دخول ألمانيا لمدة 90 يوما دون تأشيرة، وبعد ذلك لا بد من التقديم على تأشيرة، والسفارة الألمانية فى «كييف» مغلقة، الأمر الذى يجعلهم فى حالة تجاوز الـ3 أشهر، معفيين من شرط الحصول على التأشيرة، وهنا من يستطيع الدخول ويستوفى شروط الإقامة، يعفى من التأشيرة، أما الأمر الثانى، وهو من المتوقع العمل به، أن هناك مادة بالقانون الأوروبى تنص على أن الدول الأوروبية مجتمعة، من الممكن أن تعطى الحماية واللجوء لضحايا الحرب، وهذا ما سيحدث مع الأوكرانيين، على الرغم أن هذه المادة لم يتم تفعيلها من قبل، إلا أنها الأقرب فى هذه الظروف للعمل بها، لذلك من الناحية القانونية لا يوجد أى عائق فى استقبال المواطنين الأوكرانيين القادمين من وطنهم فى ظل تلك الحرب.

ماذا بعد تفعيل هذه المادة الأقرب إلى التنفيذ كما ذكرت؟

بتفعيل هذه المادة، سيتم توزيع اللاجئين الأوكرانيين على دول القارة الأوروبية بشكل عادل، وفى ظل استمرار هذا الوضع، من المتوقع أن يأتى نصف الأوكرانيين إلى أوروبا.

ألمانيا من أكبر دول الاتحاد الأوروبى بعد خروج بريطانيا وتقود القارة اقتصاديا وسياسيا.. فهل تضع عمليات الإيواء هنا أعباء على برلين؟

ألمانيا تعاملت مع كوارث إنسانية أكبر من ذلك، واستطاعت تحمل ثقلها والتعامل معها وذلك بتعاون الحكومة والمجتمع المدنى، والعبء هنا لن يقع على ألمانيا فقط، حيث سيتم الاستقبال والإيواء من جانب الدول الأوروبية، وذلك عبر التقسيم بنسب مئوية يتم إقرارها «نسبة وتناسب» لسكان كل دولة فى الاتحاد وأيضا مساحتها، لأن الأزمة ليست فى استقبال وإيواء فقط، فهناك أمور أهم من ذلك كثيرا، فهم لا يتحدثون بكفاءة لغات الدول الأوروبية والاندماج يتطلب فى المقام الأول تعلم اللغة واستخدامها، وأيضا معادلة شهاداتهم الأمر الذى سيستغرق المزيد من الترتيبات والوقت بعد وصولهم، فضلا عن أن تسكين القادمين وتوزيعهم يأخذ وقتا لاسيما أن ألمانيا تعانى من مشاكل فى توفير المسكن ولكن هناك مساكن الإيواء فى المدن، أما بالنسبة لما هو متعلق بالعادات والتقاليد فلا يوجد اختلاف كبير فى هذا السياق بين الأوكرانيين والأوروبيين فى العموم أو ألمانيا على وجه التحديد، لاسيما أن ألمانيا استطاعت عمل اندماج داخل مجتمعها للاجئين قدموا من الشرق الأوسط، فسيكون أمر الأوكرانيين أسهل فى اندماجهم.

وهل ذلك لا يضع أعباء ثقيلة على دول الاتحاد الأوروبى فى ظل ظروف عالمية تتعلق بـ وباء كورونا والتضخم؟

مهما كان العبء، فالأمر هنا مسألة حياة لأنه بقدر ما لم يستطع الاتحاد الأوروبى حماية مبادئه ومصالحه، بقدر ما تكون الأعباء.

ألمانيا تعتمد على أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز الروسى وكان يتبقى خطوة أخيرة لتفعيل خط «نورد ستريم - 2» الذى أوقفته برلين.. هنا كيف ستتعامل ألمانيا مع أزمة الغاز وما البدائل هنا؟

سواء سيكون هناك سلام أم لا، ألمانيا اتخذت قرارا بتنويع مصادر الطاقة، بمعنى أنها لن تعتمد على روسيا فقط، وفى الفترة القادمة ستجهز محطات تسييل وتخزين للغاز، للتعامل مع الدول التى تمتلك «غاز» وليس لديها محطات تسييل، وفى إطار تنويع مصادر طاقتها ستتجه أيضا إلى الدول التى تنتج وتصدر «غازا مسيلا»، والاتجاه هنا لدول حوض البحر المتوسط، التى أصبحت كيانا قويا فى الطاقة عبر الغاز الذى يتم تسييله وتصديره للعديد من البلدان فى العالم، وهنا ألمانيا لن تقف على روسيا فى الغاز.

ولكن الشركة الألمانية المستثمرة فى خط «نورد ستريم - 2»  القادم من روسيا تحدثت عن أنها ستغرم الطرف الذى أوقف الاتفاق سياسيا والمقصود هنا الحكومة الألمانية.. كيف ترى ذلك؟

هذا الأمر سيخضع للقانون ولا يوجد هنا أحد فى ألمانيا فوق القانون وما سيخرج من أحكام عبر القضاء سينفذ، سواء لصالح الشركة أو لصالح الحكومة.

إلى أى مدى ترغب ألمانيا فى تحقيق انتصار سياسى فى هذه الأزمة والتخلص من وصمة اتهامات مازالت تلاحقها بـ«النازية» بانعكاس تلك الصورة على الدولة التى قامت بهزيمتها فى الحرب العالمية الثانية والمقصود هنا روسيا ممثلة فى «بوتين»؟

هذا الكلام غير صحيح، ألمانيا من أكثر دول العالم التى تضررت من «النازية» والشعب الألمانى عانى من ذلك، «النازيون» كانوا ضد الشعب الألمانى والأمر ليس ثأرا من «الروس» بسبب الهزيمة التى لحقت فى الحرب العالمية الثانية، «النازية» دمرت ألمانيا والشعب نهض بنفسه ودفع الثمن غاليا، للوصول إلى هذا الوضع الاقتصادى القوى، ما يحدث حاليا هو أن الناتو والاتحاد الأوروبى فى اختبار مصيرى، والسؤال: «هل هم قادرون على حماية شعوبهم ومصالحهم أم لا؟»، من سيخسر الآن هذه المواجهة سيدفع الثمن، وهذا ما تسبب فيه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.

هل ورطت أمريكا الاتحاد الأوروبى فى هذه المواجهة؟

لا بالطبع، تصرفات «بوتين» هى التى أوصلت الأمر لتلك الوضع، كل دولة وشعبها أصحاب سيادة على أراضيهم، ومن حق كل شعب ودولة اختيار المصير، لا يصح أن تجبر دولة على شيء لا يريده شعبها، هذا عدوان واحتلال، وروسيا طبقا للأعراف الدولية احتلت أوكرانيا بعيدا عن فرعيات أخرى، هناك اعتداء مسلح وبنية تحتية تدمرت ومدنيون قتلوا، والأمر الآن بعد أوكرانيا يتحول إلى تهديد السويد وفنلندا رسميا، من حق هذه الدول حماية نفسها

هل الألمان يرون أن «بوتين» يحاول إحياء الاتحاد السوفيتي؟

نعم وأيضا إحياء الامبراطورية القيصرية، ذلك واضح جدا للجميع، الأمر ليس الناتو أو أوكرانيا، هو يرى أن الدول التى انفصلت عن الاتحاد السوفيتى مازالت ملكا لروسيا ولكن هذا الزمن تغير، لذلك كان لا بد من إظهار موقف من جانب الاتحاد الأوروبى والمجتمع الدولى ولكن هذا الأمر تأخر كثيرا، والرغبة الواضحة فى إحياء الاتحاد السوفيتى يعتبر «احتلالا».  

ولماذا لم يكن موقف الاتحاد الأوروبى وألمانيا بنفس الشكل عندما قامت أمريكا باحتلال العراق التى لا تهدد أمنها كما ذكر البعض؟

من موقعى أستطيع فى هذا الصدد الحديث عن ألمانيا فقط، والرد على هذا السؤال هو أن المستشار الألمانى الأسبق، جيرهارد شردور، كان من أكثر الرافضين لهذه الحرب، ومن المعارضين للتدخل العسكرى الأمريكى فى العراق.

إلى أى مدى استغلت ألمانيا الأزمة الأوكرانية الحالية للتخلص من التابوهات العسكرية التى فرضت عليها بعد الهزيمة فى الحرب العالمية الثانية لزيادة قوتها التسليحية؟

نعم، أزمة أوكرانيا غيرت وستغير الوضع العسكرى والتسليحى فعليا فى ألمانيا، وكان هناك جلسة استثنائية بالبرلمان الألمانى «البوندستاج» لتقوية القوات المسلحة وزيادة موازنة التسليح، وزيادة الدعم للناتو، وزيادة ميزانية الدفاع بـ 100 مليار يورو، وذلك من خلال تخصيص صندوق للجيش الألمانى وتطويره.

هل فقد العالم فى هذه الأزمة المفاوضة «ميركل»؟

لا، لأن فعليا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والمستشار الألمانى أولاف شولتز، اتخذا قرارات مهمة فى المفاوضات وكان من الوارد الوصول إلى حل سلمى ولكن ظهرت نية «بوتين»، المستشارة السابقة أنجيلا ميركل كانت حكيمة للغاية ولكن لا نستطيع القول أنها كانت ستمنع  حدوث هذا الموقف أم لا، «بوتين» لم يعتد بسبب حلف الناتو، لأن ذلك لم يكن مطروحا على طاولة الحوار قبل ذلك.

فى النهاية.. كيف ترى التهديد الروسى باستخدام القوة النووية؟

إن احتمالية استخدام الأسلحة النووية ليست عالية، وأعتقد أن «بوتين» حاليا ينتظر أن يطرح الغرب اقتراحا فحواه أنه إذا أعاد الرئيس الروسى، الوضع إلى ما كان عليه سابقا، فسيتم رفع العقوبات المفروضة على البنك المركزى والأمور المتعلقة بنظام «سويفت» حتى يكون لـ«بوتين» فرصة لحفظ ماء الوجه عند الانسحاب، هناك أسلحة نووية تكتيكية ليست مدمرة، لكن ما تشترك فيه جميع القنابل الذرية هو بالطبع الغبار النووى، لذا فإن الإشعاع والرماد الأسود يتساقطان مما يجعل جزءا من المنطقة المصابة غير صالح للسكن.