الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

علقة واحدة.. لا تكفى..!!

فاضَ بها الكيل فذهبتْ إلى المحكمة تشكو زوجَها وتشرح القضية.. فهى تتعرض للضرب يوميًا على يد حضرة الزوج الذى لا يعرف وسيلة أخرى للتفاهم والحوار.. قالت الزوجة الستينية إنها تطالب بتقنين الضرب.. بأن يحصى زوجها جميع الأخطاء التى ترتكبها على مدار الأسبوع.



 

ثم يضربها علقة واحدة «مُجَمَّعة» كعقاب مُرَكز  عن جميع الأخطاء.. بدلاً من أسلوب الضرب القطاعى بضربها صبحًا وظهرًا وعصرًا وفى المساء والسهرة.. ضرب بطريقة العرض المستمر.. قبل الأكل وبَعده كما يقول الدكاترة..!!

قالت الزوجة للمحكمة إنها لا تطالب بتقنين الضرب حماية لنفسها من الإهانة والذل والإهمال والتسلط وسوء الحال فقط؛ وإنما هى تطلب ذلك لحماية زوجها المريض من التوتر والتعب وبذل المجهود الإضافى.. على اعتبار أن علقة واحدة أسبوعيًا تُصلح الحياة الزوجية.. ثم إنها مفيدة لصحة الزوج رب الأسرة!!

قالت الزوجة للقاضى إن زوجها عنيد بامتياز.. لا يستمع لنصيحة الأهل والأبناء والأقارب والجيران.. وإنه عندما يبدأ سيمفونية العقاب فإنه لا يتوقف حتى تخر المَدام مغشية عليها.. ولهذا اضطرت للذهاب إلى المحكمة لحمايتها من زيادة جرعة الضرب والقسوة والتنكيل..!

مسحتْ الزوجة دموعَها وهى تؤكد أنها تحملت الضرب فى بداية مشوار الزواج على اعتبار أنها شرقية وثقافتها والتراث والتاريخ يبيحون للرجل أن يستعرض عضلاته فى مواجهة المرأة.. وعلى أساس أن إحدى مسئوليات الرجال فى مجتمعاتنا هى تأديب النساء.. وقد تزوجها زوجها فى سن مبكرة وتولى تأديبها وتهذيبها وتعليمها أسرار الحياة.. وقد شاهدتْ فى الماضى والدَها يضرب أمَّها دون أن تشكو وتعترض.. وسمعتْ عن جدّها الذى كان يستقبل زوجته بعلقة ويودعها بعلقة.. وهى تدرك إذن أن الضرب هو أسلوب ووسيلة لتربية وردع الزوجات..!!

ولكن عندما فاضَ الكيل أرادت أن تشكو فلم تجد سوى الصديقات اللاتى أكدن لها أنه لا كرامة لزوجة فى مواجهة زوجها.. وأن ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب.. وأن الضرب مفتاح الفرج.. وأن عليها أن تكون مسحوقة وذليلة مادام ذلك يرضى الأستاذ.. وحتى تستمر مَركب الزوجية دون عواصف أو أنواء..!!

قالت الزوجة إن زوجها قد تعَوَّد فأدمَن مسألة الضرب اليومى.. وأنها عندما أرادت الاعتراض والخروج عن النص.. وقف الجميع فى وجهها؛ الأهل والصديقات والجارات والأقارب.. وحتى أبناؤها وقفوا يضربون كفًا بكف.. على اعتبار أن أمَّهم العجوز تسعى لتدمير العش وهدم المَعبد.. وهل من المعقول أن تعترض زوجة لمجرد أن زوجها رفيق المشوار يضربها كل يوم علقة ساخنة!!

قاضى المحكمة الأوروبية قبل أن يأمر باستدعاء الزوج لسماع شهادته سأل الزوجة: «وهل يكتفى زوجك بالضرب فقط أمْ إنه يمارس طقوسًا أخرى»؟! ثم سألها: «ولماذا الشكوى الآن وقد تحمَّلتِ أربعين سنة كاملة؟!».

أجابت الزوجة بأنه فى دراما العنف لا يجوز العزف المنفرد.. وأثناء طقوس الضرب اليومية يُسمعها زوجُها سيمفونية الإهانة والشتم والسخرية وكسر الخاطر.. ومع كل هذا قالت الزوجة إنها لا تزال تحب زوجَها الرجل الوحيد فى حياتها.. كانت تشعر بضعفه وقهره وهو يضربها.. كان يُحدثها عن ضرورة العودة إلى بلادهم من جديد؛ حيث الجذور والتراث وقد سأم العيشَ فى بلاد الخواجات التى تعامله كمواطن من الدرجة الثانية!

قاضى المحكمة أرسل فى طلب الزوج لسماع شهادته.. لكن حضرة الزوج لم يحضر أبدًا.. وقد فضَّل العودة إلى مجتمعه الشرقى بعد رحلة فى بلاد الخواجات استمرت ثلاثين عامًا.

قالت الزوجة للمحكمة إنها لن تعود مع حبها لزوجها رفيق المشوار.. إلا أنها ستواصل وحدها المشوارَ فى بلاد الخواجات!!