الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى ذكرى ميلاد «أديب الجاسوسية» الـ 97: صالح مرسى.. راوى البطولات السرية

تتشارك الكاتب الكبير صالح مرسى، الذى مرت ذكرى ميلاده قبل أيام، ملامحه البسيطة مع الملايين، لكنه عرف كيف يصنع من حكاياتهم بطولات ليوثقها ويرويها، وكأنه ولد فى 17 فبراير عام 1929 ليصبح رائد أدب الجاسوسية، كان كاتبًا وروائيًا مصريًا له العديد من الأعمال المتميزة، وهو أشهر من كتب فى أدب الجاسوسية العربية. وطبعًا صاحب العمل الأشهر فى الوطن العربى خلال الثمانينيات «قصة رأفت الهجان».



 

والمفاجأة أن صالح مرسى رفض لقب «رائد أدب الجاسوسية» رغم استباقه بالكتابة فيها على مستوى الوطن العربى، معتبرًا «الأدب أدب» لا يمكن تصنيفه، فليست المشكلة مَن أول من كتب عنها، لكن من يستطيع أن يصنع أدبًا بالمعنى العلمى لكلمة أدب، بصرف النظر عن موضوعه.

شجعه الأديب يوسف السباعى، ثم يوسف إدريس على نشر محاولاته الأولى فى مجموعة قصصية، والتحق بمجلة «صباح الخير»، ونشر فيها مجموعته الأولى «الخوف»، ورغم أنه كتب القصة والسيناريو والحوار فى البداية لعدد من المسلسلات الإذاعية والأفلام السينمائية البعيدة عن الجاسوسية، ومنها «ثورة اليمن»، و«السيد البلطي»، إلا أن بدايته مع الجاسوسية كانت من خلال قصة «الصعود إلى الهاوية» التى كتبها كمسلسل إذاعى، ثم أعاد تقديمها للسينما عام 1978 فى فيلم قام ببطولته محمود ياسين ومديحة كامل وأخرجه كمال الشيخ، وكتب عام 1980 مسلسل «دموع فى عيون وقحة» وعرض فى رمضان ولعب بطولته عادل إمام، ومعالى زايد، وأخرجه يحيى العلمى، وقدم فى رمضان العام التالى مسلسل «صيام صيام» ليحيى الفخرانى، وفردوس عبدالحميد، ثم «المنعطف» عام 1986 لمحمد وفيق، ودلال عبدالعزيز.

بعد المجموعة القصصية الأولى، اتجه صالح مرسى للكتابة عن البحر، من خلال الاستماع إلى حكايات الميناء وأساطيرها، وكتب رواية «زقاق السيد البلطى»، التى نالت إعجاب نجيب محفوظ، كما نشر رواية بعنوان «البحار مُندى»، لكنه لم يستمر بالكتابة فى هذا العالم، لينتقل إلى عالم القاهرة المزدحم، ليعمل كجرسون فى مقهى بحى السيدة زينب، لكتابة رواية «الكذاب».

شكلت البيئة الريفية التى عاشها الكاتب والروائى صالح مرسى، خيًالا قويًا لديه وانعكست على رواياته، حيث يُعتبر من أشهر كتّاب أدب الجاسوسية العربية، ورائدًا لهذا النوع من الأعمال الأدبية فى مصر، من خلال أعماله الخالدة التى نقلت بطولات وملاحم القوات المسلحة المصرية ورجال المخابرات إلى المواطن العادى، وأبرز تضحيات أبطال دافعوا عن الوطن فى أصعب لحظاته، حتى تحقيق الانتصار.

اقتحم «مرسى» عالم أدب الجاسوسية فى أواخر السبعينيات، وبدأ بكتابة مسلسل للإذاعة عن جاسوس مصرى كان يعمل لصالح إسرائيل بسكرتارية المؤتمر الأفروآسيوى من واقع ملفات المخابرات، ثم نشر رواية «دموع فى عيون وقحة» كقضية فى مجلة المصور، بعدها عرض عليه كتابة عملية «الحفار» كرواية، فأثار ذلك مخاوف «مرسى» بحسب تصريحات صحفية له قبل وفاته، وعلل ذلك بأن أغلبية كتابات الجاسوسية إما وقائع تسجيلية، أو خيال مطلق، ولكنه قرر خوض التجربة، وكانت شاقة جدًا خصوصًا بعد مقابلته لأبطال العملية الحقيقيين، والتحدث معهم عن تفاصيل العملية الحقيقية .

ليعود لدراما الجاسوسية عام 1988 من خلال الجزء الأول من «رأفت الهجان» لمحمود عبدالعزيز، ويسرا، ويوسف شعبان، وإخراج يحيى العلمى، وقدم الجزء الثانى منه عام 1990 والثالث عام 1992. كما كشف فى حوار سابق له أن «رأفت الهجان» نُشر كحلقات مسلسة فى مجلتى المصور والشرق الأوسط قبل أن تتحول لمسلسل تليفزيونى، معربًا عن ترحيبه جدًا بتحويلها لمسلسل حتى تصل للجميع، وكان سعيدًا جدًا بحالة الوطنية التى أثارها المسلسل. فيما أوضح الكاتب الراحل د.نبيل فاروق أن صالح مرسى كتب 3 أجزاء عن قصة «رأفت الهجان» من 3 صفحات فقط أخذها من المخابرات، تضم المحاور الأساسية للقصة، وبنى عليها من خياله بقية الرواية.

وكشف «مرسى» أنه قابل «عزيز الجبالى» ظابط المخابرات الحقيقى المسئول عن تجنيد رأفت الهجان للحصول على أكبر معلومات عنه، وأضاف أنه قرأ كثيرًا فى أدب الجاسوسية حتى يستطيع إظهار الأعمال بتلك الحرفية، وأكد أنه شعر من خلال قراءته لقصة رأفت الهجان الحقيقة بحبه الشديد لمصر، وأيضًا لمس نقاط القوة فى شخصيته، ونقاط الضعف بها، وكان أبرز نقاط ضعفه حبه الشديد للنساء، وكشف مرسى، أنه غير راضٍ على إطلاق لقب كاتب أدب الجاسوسية عليه لأن الأدب هو أدب عام فى جميع المواضيع.

وحول بشير الديك بعد وفاة صالح مرسى، مباشرة قصته «الحفار» إلى مسلسل لحسين فهمى ولبلبة، فيما حول محمد الباسوسى عام 2002 قصته «البحار مندى» إلى مسلسل لأحمد عبدالعزيز، ونرمين الفقى، وإخراج هانى لاشين، وحول مجدى صابر عام 2009 كتابه عن ليلى مراد إلى مسلسل «أنا قلبى دليلى» لصفاء سلطان، وعزت أبو عوف، وفى العام نفسه حول بشير الديك روايته «حرب الجواسيس» إلى مسلسل لهشام سليم، ومنة شلبى، وأخرج نادر جلال.

توفى صالح مرسى فى أغسطس 1996 وهو يقضى إجازة فى الساحل الشمالى، متأثرًا بأزمة قلبية مباغتة، وخلف وراءه تراثًا يستحق المزيد من الدراسة والاهتمام، فى الأدب والتليفزيون والسينما.

ولم يقتصر نقل إبداعات «مرسى» بعد رحيله على إنتاجاته الخاصة بالمخابرات العامة وعالم الجاسوسية، بل تنوعت إبداعات مرسى الباقية، فقام السيناريست محمد الباسوسى عام 2002 بتحويل قصة «البحار مندى» إلى مسلسل بطولة الفنان أحمد عبدالعزيز، وقام مجدى صابر باستخدام كتابه عن الأيقونة ليلى مراد، إلى مسلسل «أنا قلبى دليلى».