الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عشرات حالات الابتزاز اليومية لفضح ستر بناتنا ونسائنا عبر المواقع الإلكترونية! ضحايا الابتزاز الإلكترونى ينتظرن قانون عقوبات رادعًا لمبتزهن!

سؤال يتبادر إلى الأذهان عند سماع أحكام السجن التى خرجت بها محكمة جنايات الزقازيق فى قضية انتحار الطالبة هايدى 16 سنة بعد تعرضها لابتزاز إثر فبركة صور مخلة لها والتعدى على حرمة حياتها الخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعى لإخضاعها وإذلالها هى وأهلها، أحكام تراوحت بين العشر والست سنوات على المتهمين فى هذه القضية الكبيرة، ليتبادر سؤال بات ملحًا اليوم: هل هى أحكام رادعة كافية لمثل هذه القضايا التى تكررت مع بسنت فتاة الغربية



 

والتى أيضًا ذهبت روحها إلى خالقها منتحرة بعد أيام قضتها فى اكتئاب شديد وبذات الطريقة وذات حبة الغلال تنهى حياتها ومستقبلها لتسطر قصة تنضم إلى قصص من الابتزاز تتكرر كل يوم فى ظل وجود متغير حياتى جديد يعبث بحياة الفتيات ويفتح الباب على مصراعيه لتشويه السمعة وإذلال النفس، بل تشويه أخلاق مجتمع بأسره لاسيما سمعة البنات والنساء!

الغريب فى الأمر أن أى متهم من المتهمين لو قرر أو حتى جميعهم رفع دعوى نقض وهو أكيد حدوثه قد تفضى هذه الأحكام إلى ثلاث سنوات أو ربما البراءة للبعض؟!

ملابسات كل قضية تتعرض فيها الفتيات والنساء للابتزاز والتخويف والتهوين والذل مختلفة وإن كانت النهايات باتت واحدة لدى المنتحرات منهن هى حبة غلال لا يتجاوز ثمنها جنيهًا واحدًا تقتل روحًا وتزهق نفسًا حاصرتها الألسنة وسجنتها النظرات ووقف مصير مستقبلها مهددًا عاجزًا على إثبات حقيقة تخالف شيطنة مبتزيها وحقارتهم!

باتت مثل هذه القضايا هى قضايا رأى عام، ورغم من ذلك لم نجد أحكامًا مغلظة باتة نهائية تحمى بناتنا ونساءنا فى مجتمع السماوات المفتوحة والتكنولوجيا الغاصبة لأنه ببساطة غفل المجتمع أو تغافل تغليظ العقوبة فى فضح أى امرأة لتصويرها دون إرادتها أو دون علم منها عندما تدخل شريكة فى علاقة حب بملء إرادتها ليقف المجتمع كعادته وقفة المزمجر الحانق لمجرد إحساسها بمشاعر الحب وتبادل هذا الحب مع رجل.. ديوث قام بتصويرها رغما عنها من المؤكد لم يحبها يومًا!

غفل المجتمع أو تغافل عندما تم القبض على فتيات المخرج الشهير بعد ظهورهن فى أفلام إباحية جمعتهن والمخرج العنتيل تم تصويرها بعلمهن، بينما خرج المخرج بريئًا لم تنل منه إلا بعض النكات والهمهمات هنا وهناك لم يقض يومًا واحدًا مسجونًا بسبب فعلته التى اهتز لها الرأى العام مصدومًا فى فتيات صغيرات يبحثن عن فرصة للتمثيل والعمل يقتنصنها بعلاقات جنسية مع مخرج كان ذلك شرطه ليفتح لهن الباب لأحلامهن وفرصة يرضين فيها أن يتم تصويرهن لينلن سخط المجتمع وينال المخرج فرصة أخرى كأحد التنويريين فيه، بل ما زال وجيهًا من وجهائه! ليكيل المجتمع بمكيالين، بل يمنح الجانى فرصة ويفضح الضحية لأنها ببساطة امرأة تحمل على رأسها ميراث شرف وتدفع فى قهر ثمن كل عوار فى هذا المجتمع!

لم يعد مقبولاً على الإطلاق أن يقبل المجتمع ابتزاز فتياته لأى سبب كان ولم يعد مقبولاً أن تنهى بنات فى أجمل سنوات العمر حياتهن لمجرد وجود نفوس شاذة قذرة تعيش بيننا تلهث وراء انتقام أعمى على حساب أى شىء، أو بحثًا عن دخل مادى ثمنًا للابتزاز، أو إرغام الضحية على الزواج من المبتز.. وإن كان القاتل الفعلى يأخذ أقصى العقوبة على جريمته فالقاتل المعنوى لا يختلف إطلاقًا عن من ضغط على الزناد أو ذبح بسكين وكيف يكن الاختلاف وكلاهما أفضى عملهما إلى الموت؟! بل أى سكين أقصى من تشويه السمعة وفضح امرأة على مسمع ومرأى جميع من تعرفهم!

حبة غلال واحدة كفيلة بإنهاء حياة فتيات الابتزاز اليوم وكأنهن اخترن أن يمتن فى صمت سريعًا دون أدنى فرصة لهن للعودة عن قرارهن أو النجاة!

لا سن تحديدًا لمن يتعرضن للابتزاز فمن الممكن أن تكون الضحية من عمر الثالثة عشرة وحتى الستين وتشير بعض الإحصاءات إلى أن النساء اللاتى يتعرضن للابتزاز ممكن أن يصل عددهن إلى 700 حالة يوميًا سواء ابتزاز من قريب أو غريب! والحقيقة أن الكثيرات منهن يواجهن هذا المبتز، خاصة إذا ساندتها عائلتها فى ذلك.

تتحدث المحامية ولاء على المحامية بالنقض والإدارية العليا ونقيب محامىّ عين شمس معلقة على هذه القضايا قائلة: إنه رغم سرعة خروج حكم فى قضية الضحية هايدى فإن الأحكام أجدها صادمة. أنا هنا لا أريد انتقاد أحكام القضاء، ولكن هذه الأحكام ممكن جدًا أن تخفف وإذا لم يخرج المشرع بأحكام مغلظة الفترة القادمة بخصوص مثل هذا النوع من الابتزاز الإلكترونى الذى بات يهدد فتياتنا ونساءنا فسيكون هناك العشرات مثل هايدى وبسنت، لابد من تشريع يتناسب مع الابتزاز الذى يفضى إلى الموت والتعامل مع فاعله والمحرض عليه على أنهم قتلة فعليون.

الأمر الآخر أطلب من كل أم وكل أسرة أن تستمع إلى بناتها وتتفهم ما لديهن من مشكلات طرأت على حياتهن بتعقل وحكمة عوضًا عن فقدهن إلى الأبد.

كذلك عند نشر صور لفتاة بعد إقامة علاقة ولتكن زواجًا عرفيًا مع رجل فهذا يندرج تحت مسمى هتك العرض والذى لا تتجاوز عقوبته السجن عشر سنوات فى أقصى عقوبة، لذا لا أجد أنها عقوبة رادعة أيضًا.

مقاومة المبتز الإلكترونى لن تأتى إلا بعد تكاتف كل المجتمع بكل الطرق وأن يكون لدينا منصات ومؤسسات تقف بجانب البنات والنساء عند تعرضهن لمثل هذه القضايا ومحاولة حل الموضوع بمساعدة الفتاة وتقديم لها الدعم، وأنا هنا أطلب من كل فتاة تتعرض للابتزاز أن تتوجه للإبلاغ عن هذا المبتز ولا تنتظر أسرتها حتى تتحول إلى جثة هامدة لتصل القصة إلى المحاكم!

وتكمل المحامية ولاء على حديثها قائلة: «لماذا يتم بيع حبة الغلال حتى اليوم فى الوقت الذى منعتها بلاد كثيرة، أطالب بحظر بيع هذه الحبة وإن تم البيع يكون من خلال نقاط مراقبة وأن يتم معاملتها معاملة بيع المخدرات وتجريم بيعها لمن لا يعمل فى الزراعة ويكن البيع فى أضيق الحدود».

فى النهاية.. إن انتشار حالات الانتحار الناتجة عن الابتزاز الإلكترونى هو مؤشر خطير تتعرض له بناتنا وأبناؤنا أيضًا، والتعامل معه باستهانة سيفضى بالمجتمع إلى كوارث يختلط بها العاطل بالباطل وتهون أمامها الكرامة والشرف وتهدم الأسرة وتشتت الجمـع ونحـن اليـوم نبـنى مصرنـا إذن لا بد أن نمنع، بل نقطع كل يد تسعى للخراب فى كل أشكاله.