الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

السفير الإسبانى بالقاهرة فى حوار لـ«روزاليوسف»: مصر دولة محورية وقوة إقليمية فعالة فى استقرار الشرق الأوسط

على مدار عقود، ترتبط العلاقات المصرية الإسبانية بروابط عديدة.. جمعهما تاريخ الأندلس وثقافة شعوب لم تتغير على مر السنين.. ومع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد منصبه اتجهت العلاقات بين القاهرة ومدريد إلى مزيد من العمق والشراكة والتوافق خاصة فيما يتعلق بأمن وسلامة منطقة البحر المتوسط، وقد عكست زيارة الرئيس السيسى إلى إسبانيا عام 2015 مدى عمق وترابط العلاقات الثنائية بين البلدين، كذلك جاءت زيارة رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز ديسمبر 2020 لتعكس مدى توافق الإدارة المصرية والإسبانية وأهمية زيادة العلاقات بين الدولتين على جميع الأصعدة أمنيًا، عسكريًا، اقتصاديًا وغيرها، كذلك اتجاه الدولتين للمضى قدمًا فى زيادة التعاون المشترك لضمان أمن وسلامة منطقة شمال إفريقيا ودول البحر المتوسط.



وعن زيارة رئيس الوزراء الإسبانى إلى القاهرة وانعكاساتها على ترابط العلاقات بين الدولتين وتأثيرها على القضايا الإقليمية والتعاون الاقتصادى كان لـ«روزاليوسف» هذا الحوار مع السفير رامون خيل كاساريس سفير إسبانيا إلى القاهرة:

 كيف ترى زيارة رئيس وزراء إسبانيا للقاهرة وأثرها على العلاقات بين البلدين؟

- الزيارة هذه قد عكست الكثير من التوافق بين الدولتين، فهذه تعتبر أول زيارة لرئيس وزراء إسبانيا منذ عام 2009، وعلى الرغم من تحدث الرئيس السيسى ورئيس الوزراء بيدرو سانشيز عبر الهاتف عدة مرات ولقاءاتهما السابقة فى العديد من المحافل الدولية، فإن هذه الزيارة تعتبر داعما للعلاقات الثنائية بين البلدين وتعكس مدى التوافق بينهما فى العديد من القضايا الدولية والإقليمية التى تهتم بها إسبانيا خاصة فيما يتعلق بالقضايا المؤثرة على أمن واستقرار منطقة البحر المتوسط.

مصر وإسبانيا لديهما اتفاق واضح فيما يتعلق بأزمات الشرق الأوسط، هل تتوقع المزيد من التعاون بين البلدين سواء على الصعيد الأمنى أو العسكرى لضمان استقرار المنطقة؟

- أمن الشرق الأوسط يعتبر من الأمور التى تهتم بها الإدارة الإسبانية، وخاصة فيما يتعلق بالأزمة الليبية واستقرار الأوضاع فى السودان، وغيرها من الأمور التى تعتبرها مدريد من القضايا المهمة للمنطقة والتى تؤثر على جميع دول البحر المتوسط، كما تم التحدث على صعيد وزراء الخارجية وخلال زيارة رئيس الوزراء الإسبانى إلى القاهرة مع الإدارة المصرية لأننا نؤمن أن مصر لديها دور فعال وقوى فى عملية استقرار المنطقة، وقد رأينا مدى قوة وفاعلية الدور المصرى فى ضمان الاستقرار فى قطاع غزة، كذلك مشروعات تعمير قطاع غزة التى اهتمت الإدارة المصرية أن تقدم يد العون لضمان استقرار الشعب الفلسطينى وسكان القطاع، وأيضًا الجهود المبذولة والمساهمة فى ضمان استقرار الأوضاع فى ليبيا وغيرها من دول الشرق الأوسط والوطن العربى والذى تهتم الإدارة الإسبانية باستقرار أوضاعه وأمن وسلامة شعوبه.

وخلال زيارة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إلى القاهرة، ديسمبر الماضى، تمت مناقشة العديد من القضايا المتعلقة بتعزيز سبل التعاون بين الدولتين لضمان الاستقرار فى منطقة البحر المتوسط سواء على الصعيد الأمنى أو العسكرى أو التعاون الاقتصادى وغيرها، فكل ما تتمناه مدريد هو أن يرجع الهدوء والازدهار مرة أخرى فى الدول التى ما زالت تعانى من اضطرابات أمنية.

لمصر تجربتها الناجحة فى مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، كيف ترون سبل التعاون بين البلدين لمواجهة هذه الأزمة، خاصة أن العديد من دول البحر الأبيض المتوسط لا تزال تعانى من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى بلادهم؟

- دعينى أوضح أمرًا مهمًا. هناك فرق بين الهجرة العادية، وهى أمر قانونى ومفيد لبعض الدول، والهجرة غير الشرعية وأنا أفضل أن أطلق عليها «هجرة غير نظامية»، وأعتقد أن ما هو أهم هو تكثيف جهودنا الدولية لمحاربة تجار البشر الذين يتاجرون بمعاناة المواطنين وأزمات الشعوب.

وبالطبع الإجراءات التى اتخذتها مصر لمحاربة هؤلاء تعتبر بمثابة مثال يحتذى به فى العديد من الدول الأوروبية التى ما زالت تكافح بكل السبل لمواجهة هذا النوع غير القانونى من التجارة وأصحابها، وقد عملت إسبانيا بالتعاون مع مصر على الصعيد الأمنى فى مواجهة هذه الظاهرة بصورة جيدة، فيمكن أن نقول إن القاهرة ومدريد يعدان بمثابة «الخط الحاجز» والمنيع لوقف هذا النوع من التجارة غير القانونية وغير الآدمية أيضًا.

 نرى تعاونا كبيرا بين مصر وإسبانيا فى مجالات الطاقة والغاز. هل هناك اتفاقيات تم عقدها خاصة المشاريع الخضراء والحفاظ على البيئة خاصة أن العالم الآن يتجه لهذا النوع من المشروعات بصورة ضرورية؟

- هناك بالفعل تعاون قوى بين مصر وإسبانيا فى مجالات الطاقة وليس فى الغاز فقط، فهناك مشاريع السولار وغيرها من المشروعات البترولية، لكن ايضًا هناك تعاون فى مشروعات الطاقة النظيفة مثل مشروعات طاقة الرياح وقد دعمت حكومات البلدين لدخول رجال الأعمال والشركات الخاصة فى هذه المشروعات، وأتوقع مزيدا من التعاون فى مجالات الطاقة النظيفة فى المستقبل، حيث إن مصر وإسبانيا لديهما نفس الاستراتيجية المتجه للتحول إلى المشروعات النظيفة والطاقة المستدامة.

كيف ترى اختيار مصر لعقد قمة المناخ المقبلة COP27 وما هى خطوات الدول الأوروبية وخاصة إسبانيا لمواجهة أزمة المناخ العالمية؟

- لدينا تطلعات كبيرة من خلال قمة المناخ القادمة، خاصة أنها المرة الأولى التى تقام فى إفريقيا وفى مصر تحديدًا، وهو ما يعكس دور مصر الريادى فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بصورة عامة، كما أن خلال القمة الأخيرة قدمت مصر الكثير من الدعم والاهتمام الخاصة بأزمة تغير المناخ، لذلك فأنا أعتقد أن دول الاتحاد الأوروبى جميعًا بالتعاون مع مصر ودول شمال إفريقيا سيستطيعون تقديم المزيد من الخطوات الفعالة لمحاربة هذه الأزمة العالمية.

وأعتقد أن قمة COP27 سيتم خلالها تفعيل بعض الخطوات الجادة للحد من أزمة انبعاثات الكربون، فوفق القمة الأخيرة ظهر سبل التعاون الدولى لاتخاذ خطوات للحد من انبعاثات التلوث إلى 55 % حتى عام 2030 والتوجه إلى مشروعات الطاقة المتجدة، لذلك يجب العمل بشكل تكاملى بين جميع الدول بعضها ببعض وأعتقد أن القمة القادمة ستكون فى غاية الأهمية لعرض المزيد من المجهودات الدولية للحد من هذه المشكلة التى يواجهها العالم أجمع ويأتى تأثيرها أيضًا على أجيالنا القادمة.

خلال عام 2020 شهدنا عدة مناورات عسكرية مشتركة بين مصر وإسبانيا خاصة مع القوات البحرية.. هل هناك أى خطط لزيادة التعاون العسكرى والأمنى بين البلدين خاصة فيما يتعلق بأمن البحر المتوسط ومكافحة الهجرة غير الشرعية؟

- مصر وإسبانيا لديهما تعاون كبير على المستوى الأمنى سواء عسكريًا أو شرطيًا، فأمن وسلامة منطقة الشرق الأوسط من أهم القضايا التى تخص البلدين وأيضًا تخص جميع الدول المشرفة على منطقة البحر المتوسط، كما أن تبادل المعلومات والخبرات بين الحكوماتين والأجهزة المختصة تسير بصورة جيدة وقوية لضمان سلامة هذه المنطقة من أى تهديدات، وأتوقع مزيدًا من التعاون بين مدريد والقاهرة ولكن حتى الوقت الراهن لم يتم التأكيد بصورة واضحة عن هذا التعاون.

خلال زيارة رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز إلى القاهرة قال فى خطابه «إن حجم التبادل التجارى بين مصر وإسبانيا لا يزال أقل من المتوقع» فما هى السبل لزيادة التعاون المتوقعة بين الدوليتن فى المستقبل؟

- نتوقع زيادة التعاون بين القاهرة ومدريد من خلال إبرام المزيد من العقود التجارية الخاصة بالدولتين وبالطبع تعاون القطاع الخاص ورجال الأعمال أمر فى غاية الأهمية، ولهذا كان دور «منتدى رجال الأعمال المصرى الإسبانى» لتشجيع التبادل التجارى والمشروعات بين الدولتين، فمصر تعتبر من أهم الدول والأسواق العالمية بالنسبة لإسبانيا ويوجد بها العديد من الفرص والاستثمارات المهمة وعلى مدار الاعوام الماضية رأينا العديد من المشروعات المحفزة للاستثمارات الأجنبية وتشجع عليها الإدارة المصرية.

وحتى الآن يوجد نحو 193 شركة إسبانية تعمل فى عدد مختلف من المشروعات فى السوق المصرية، كما يوجد استثمارات إسبانية بأكثر من 200 مليار يورو ونتمنى أن تزداد الاستثمارات الإسبانية بصورة أكبر قريبًا، كذلك نتمنى أن نرى زيادة فى المشروعات المصرية داخل إسبانيا، فهناك الكثير من البيئة المشتركة بين الدولتين والتى يمكن استثمارها بصورة أكثر ممن هى عليه الآن.

حدثنى عن «منتدى رجال الأعمال المصرى الإسبانى» وكيف سيسهم فى دعم التعاون بين البلدين على المستوى الاقتصادى؟

- يعتبر هذا المجلس إحدى الخطوات الداعمة والقوية من قبل الحكومتين المصرية والإسبانية لتشجيع رجال الأعمال ورجال الاقتصاد على الاستثمار المتبادل بين الدولتين، حيث إن وزارة التجارة والصناعة والوزارات المختصة من قبل الحكومتين يقوم بدعم رجال الأعمال لفتح آفاق جديدة للتبادل التجارى ومعرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات المطلوبة لتشجيع المستثمرين، وأنا أرى أن هذا المجلس يعتبر من أحد أهم الخطوات التى تم اتخاذها لدعم القطاع الخاص للدخول فى أسواق جديدة سواء فى مصر أو إسبانيا.

شاركت مصر فى معرض «فيتور للسياحة والآثار» الذى أقيم فى مدريد الشهر الماضى فهل من المتوقع أن نشهد زيادة فى عدد السياح الإسبان إلى مصر خلال الفترة المقبلة؟

- كان من دواعى سرور الإدارة الإسبانية مشاركة مصر خلال فعاليات هذا المعرض، خاصة مع زيارة وزير الآثار د.خالد العنانى الذى قدم الكثير من الاهتمام لتعريف الشعب الإسبانى وضيوف المعرض بالثقافة والحضارة المصرية العريقة، وأعتقد أن ما قدمه الوزير العنانى والفريق المصرى المشارك كان له تأثير كبير وقوى على زوار المعرض من جميع الجنسيات.

وأنا أعتقد أن بعد ما مرت به الشعوب الأوروبية وخاصة الشعب الإسبانى من معاناة الإغلاق خلال فترة تفشى وباء كورونا سيجعل مصر واجهة جاذبة للسياح من جميع أنحاء أوروبا تحديدًا بسبب موقعها القريب وتميزها بالأماكن السياحية الجاذبة وكذلك المجهودات المبذولة من قبل الإدارة المصرية لتقديم صورة مشرفة لحضارتها وأيضًا تفعيل عدد كبير من المشروعات التراثية التى رأها العالم أجمع وانبهر بها.

وخلال الفترة الماضية زادت الرحلات الجوية بين مصر ومدريد وبرشلونة، كذلك قدمت شرطة الطيران الإسبانية «أيبريا» رحلات مباشرة إلى الأقصر، وبالطبع هذه الرحلات تسهتدف فى الأساس السياح الإسبان الذين يتشوقون لرؤية المناطق الأثرية فى الأقصر وأسوان، وأتوقع زيادة عدد السياحة الإسبانية إلى مصر خلال الفترة المقبلة خاصة بعد تخفيف قيود السفر الخارجية ونتمنى أن تصل هذه المستويات إلى فترة ما قبل 2019.