الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

25% منها عن العبادات: المؤشــر العالمـى للفتــوى يحــلل تساؤلات ذوى الهمم

أصدر  المؤشر العالمى للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم  تحليلاً هو الأول من نوعه للفتاوى المتعلقة بذوى الهمم؛ حيث أكد أن الشريعة الإسلامية قد حثت أفراد الأمة كلها على ضرورة توفير الرعاية الكاملة لفئة «ذوى الهمم وأصحاب الاحتياجات الخاصة»، والعمل على قضاء حوائجهم؛ بل إنها أعطت الأولوية لتلك الفئات فى التمتع بكل الحقوق المادية والمعنوية، فقضاء حوائجهم مقدَّم على قضاء حوائج غيرهم.



 

كما لا يوجد أدنى لون من التفرقة بينهم وبين غيرهم فى المجتمع، إذ إن حُسن رعايتهم والاهتمام بشئونهم يُعدُّ واجبًا دينيًّا ووطنيًّا على حدٍّ سواء.

وفى هذا التقرير، وقف المؤشر العالمى للفتوى على مجموعة من الفتاوى المتعلقة بذوى الهمم واضعًا إياها فى ميزان التحليل الموضوعى والشرعى، ومركزًا على مجالات الفتاوى الخاصة بهم وأدلتها وقواعدها الفقهية والأصولية المتعلقة بأحكام تلك الفتاوى.

 مجالات فتاوى ذوى الهمم

ولقد رصد مؤشر الفتوى أكثر من «500» فتوى رسمية وغير رسمية، متنوعة المصادر والجنسيات، قديمة وحديثة، خاصة بأصحاب الهمم وذوى الاحتياجات الخاصة، وتوصل إلى أن مجال «العبادات» كان أكثر مجالات الفتوى الخاصة بتلك الفئة والذى جاء بنسبة « %25» من جملة الفتاوى المرصودة، تلاها فتاوى «المعاملات المالية» و«المجتمع والأسرة» بنسبة 

«%20» لكل منهما، وأخيرًا مثلت فتاوى «الآداب والأخلاق» و«الجنايات والأقضية» نسبة « %10» لكل منهما. وشملت مجالات فتاوى ذوى الهمم آداب وأخلاق %10، جنايات وأقضية %10،  وعبادات %10، ومعاملات مالية %25، ومجتمع وأسرة %20، وشئون وعادات %20، وفتاوى العبادات الخاصة بذوى الهمم %15.

وأوضح مؤشر الفتوى، أن موضوعات فتاوى العبادات الخاصة بفئة ذوى الهمم تنوعت بين «الطهارة والوضوء» بنسبة 

«%37» والصلاة بنسبة «%23» والزكاة بنسبة «20 ٪» والحج بنسبة «%13» والصوم بنسبة «%7».

وضرب مؤشر الفتوى أمثلة لفتاوى الطهارة الخاصة بذوى الهمم والتى تكررت فى أكثر من دولة عربية وأجنبية، منها: «كيفية الوضوء لمعاق حركى لا يشعر بقدميه، وكيف يتوضأ من كان فاقدًا لأحد أعضاء الوضوء، وهل يجوز المسح على الجوارب الخفيفة للمعاق الحركى، ومتى ينتقض وضوء المعاق حركيًّا الفاقد السيطرة على نفسه من الأسفل، والمعاق الذى لا يستطيع الوضوء بنفسه كيف يتوضأ، وحكم دخول الحمام بالكرسى المتحرك ثم دخول المسجد به.. وهل يأخذ حكم النعال؟ وحُكم نجاسة ثياب المعاق بصريًّا وعدم رؤيته للنجاسة على ثوبه وقت الصلاة، وحكم المسح على الأطراف الصناعية عند الوضوء.. إلخ».

كما أوضح مؤشر الفتوى، أن أكثر فتاوى الصلاة الواردة بذوى الهمم هى: «هل على الصم والبكم صلاة؟ وحكم إمامة الأعمى ومقطوع اليد أو جزء منها، وحكم صلاة من لا يقوى على الحركة، وحكم صلاة العاجز عن القيام، وحكم إمامة المُقعد للناس فى الصلاة إذا كان أحفظهم لكتاب الله تعالى، وما كيفية متابعة الأعمى «المأموم» للإمام فى الصلاة، وحكم استخدام الصور لتعليم الصم أداء الصلاة.. إلخ».

أمّا عن فتاوى الزكاة والحج والصوم المتعلقة بذوى الهمم؛ فقد أشار مؤشر الفتوى إلى أن أبرزها خلال الأقطار الجغرافية المختلفة هى: «هل يدخل المعاقون ضمن الفئات المخصصة للزكاة، وحكم صرف الزكاة فى شراء حافلة للمعاقين، وحكم أداء فريضة الحج لذوى الاحتياجات الخاصة والإعاقات الذهنية والجسدية، وحكم ارتداء حذاء طبى للمُحْرِم المعاق، وحكم صيام المعاق عقليًّا وهل على ذويه إخراج كفّارة بسبب إفطاره فى رمضان؟».

فتاوى المعاملات لذوى الهمم 

وانتقل مؤشر الفتوى للحديث عن فتاوى المعاملات المالية وفتاوى المجتمع والأسرة المتعلقة بذوى الهمم، مبينًا أن أكثر فتاوى المعاملات المالية تكرارًا عبر العينة المرصودة هى: «حُكم إعطاء الأخ المعسر جزءًا من مال أخته التى تعانى من قصور عقلى، وهل تصح كفالة الأخرس فى الديون؟ وحكم التصدق من مال المختل عقليًّا.. إلخ».

أمّا عن فتاوى المجتمع والأسرة المتعلقة بذوى الهمم؛ فأوضح مؤشر الفتوى، أن أبرزها وأكثرها حضورًا فى الفتاوى الرسمية وغير الرسمية هى: «حُكم زواج ذوى الهمم وإنجابهم، وحكم الوصية للمعاق ذهنيًّا، وارثًا كان أمْ غير وارث، وحكم تصرف ذوى الهمم فى التركة حال الحياة، وحكم زواج المعاق عقليًّا، وحكم أن يوصى الأب بجزء معين من تركته لولده المعاق، وحكم كشف وجه المرأة وشعرها عند الأعمى، وحكم زواج المضطرب نفسيًّا، وحكم فسخ النكاح بالإعاقة البدنية، وحكم شهادة الأعمى على الطلاق، وأقوال العلماء فى نكاح وطلاق الأخرس والأبكم، وحكم طلاق المضطرب بالوسواس القهرى».

 فتاوى الشئون والعادات الخاصة بذوى الهمم

وألقى المؤشر العالمى للفتوى الضوء على فتاوى ذوى الهمم المرتبطة بمجال الشئون والعادات، مشيرًا إلى أن أكثرها جاء فى موضوعَى «الطب والتداوى» و«أحكام المولود» مثل حكم إجراء عملية لتعقيم الأشخاص المصابين بأمراض وراثية خطيرة ثبت انتقالها من السلف إلى الخلف، وحكم إسقاط الحَمْل إذا قرّر الطبيب أن الجنين سيولَد معاقًا، وكذلك حكم علاج المرأة المعاقة جسديًّا من قِبل رجل، وحكم علاج الذكر المعاق من قبل امرأة، وحكم سحب أجهزة العناية المركزة عن مولود قال الأطباء إنه لو عاش سيصبح شبه معاق، وسيكون حجمه أقل من الطبيعى، ما أدى إلى وفاته، وحكم علاج شخص معاق غير مسلم، وحكم عمل غير المسلمين وغير المسلمات مع المعاقين والقيام برعايتهم، وحكم ارتكاب بعض المحظورات بحجة المرور بحالة نفسية «حلق شعر المرأة مثلًا»، وحكم الاحتفال باليوم العالمى لذوى الهمم والذى يوافق الثالث من ديسمبر من كل عام.. إلخ.

ولفت مؤشر الفتوى إلى أن أكثر فتاوى ذوى الهمم المرتبطة بمجالى «الآداب والأخلاق» و«الجنايات والأقضية» كانت: حكم استخدام بعض العبارات التى قد يقولها أحد والدَى الطفل المعاق للاحتجاج على هذا القدَر، وحكم الاستعانة بمترجم الإشارة أو بالكتابة لذوى الهمم فى إجراءات التقاضى، وحكم التنمُّر والسخرية من ذوى الهمم، سواء جسديًّا أو لفظيًّا أو بالإيحاءات.

وفى هذا السياق، أشاد المؤشر العالمى للفتوى بموافقة مجلس النواب المصرى على تعديل قانون «الأشخاص ذوى الهمم» بتغليظ عقوبة التنمر ضدهم، لتصل إلى الحبس 5 سنوات؛ لمحاربة تلك الظاهرة السلبية، وضرورة حماية ذوى الهمم والمجتمع عمومًا منها.

وحول القواعد الفقهية والأصولية المستخدمة فى فتاوى ذوى الهمم فى مختلف المجالات الشرعية السابق ذكرها، أكد مؤشر الفتوى، أن أبرز تلك القواعد هى: «المشقة تجلب التيسير»، «الأمر إذا ضاق اتَّسع»، «الضرورات تبيح المحظورات»، «الضرورة تَقَدَّر بقَدْرِها» «الإشارة المعهودة للأخرس كالبيان باللسان» «ما جاز لعذر بطل بزواله» «التصرف على الرعية منوط بالمصلحة» «إذا زال المانع عاد الممنوع» «إذا بطل الأصل يصار إلى البدل».

 نتائج وتوصيات

وفى نهاية التقرير، قدّم المؤشر العالمى للفتوى عددًا من النتائج والتوصيات الخاصة بفتاوى ذوى الهمم وأصحاب القدرات الخاصة أكدت أن الشريعة الإسلامية ضمنت منذ الأزل الحقوق الفردية والجماعية للأشخاص ذوى الهمم وأصحاب الاحتياجات الخاصة، بهدف حصولهم على كل مستحقاتهم فى الحياة، كما انسجمت التكاليف الشرعية الخاصة بتلك الفئة مع قدراتهم الخاصة، ما يبرهن على أن الدين الإسلامى كان له السبق فى ضمان حقوق الإنسان، أى إنسان.

وطالب المؤشر بإطلاق منصات تواصل تفاعلية تُعنى بهذه الفئة؛ بهدف الاندماج فى المجتمعات وعمارتها كما أمر الدين الإسلامى الحنيف، ومراعاة فقه ذوى الهمم والبحث فى القضايا المتعلقة بهم خاصة والمتعلقة بالنوازل والمستجدات.