السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الاستراتيجية الأوروبية تجاه الإخوان.. داعش.. القاعدة.. التعاون الأمنى بين أوروبا والشرق الأوسط لمكافحة الإرهــاب

اتجهت الاستراتيجية الأوروبية لمكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة، خاصة جماعات ما تعرف بـ«الإسلام السياسى» إلى اتباع نهج جديد من التعاون خاصة بعد تزايد المخاوف لدى أجهزة الاستخبارات الأوروبية من إمكانية تنامى العمليات الإرهابية وزيادة معدلات التطرف بسبب ما تتبعه جماعات «الإسلام السياسى» من نشر مبادئ الكراهية والتطرف.



وعلى مدار العام الماضى اتجهت بعض الدول الأوروبية لوضع هذه التنظيمات على قوائم الارهاب خاصة تنظيم جماعة «الإخوان» الإرهابية، كما عملت الدول الأوروبية على تعزيز التعاون الأمنى والاستخباراتى مع دول الشرق الأوسط خاصة مصر ودول الخليج، كما أعلنت دول الاتحاد الأوروبى منذ أيام عن استراتجيتها لعام 2022 والمتجهة لزيادة التعاون بين الدول العربية وشمال إفريقيا فى كبح توغل التنظيمات المتطرفة واتخاذ خطوات جادة لتضييق توغلها داخل الدول الأوروبية التى اتخذت تنظيمات «الإسلام السياسى» مقرًا لها خاصة فى بريطانيا بعد هروبها من البلدان العربية ومحاولات نشر أجندتها بين أبناء الجاليات فى أوروبا وشمال الولايات المتحدة.

التعاون الأمنى

فى 5 يوليو 2021، أعلن الفريق أول سير نك كارتر، رئيس أركان الجيش البريطانى عن «استعداد بلاده لمساندة شركائها فى الخليج والشرق الأوسط للتصدى للتهديدات المشتركة، وذلك  خلال اجتماع عسكرى مشترك عقد فى بريطانيا بمشاركة رؤساء أركان 9 دول عربية (مصر، والبحرين، والأردن، والعراق، والكويت، وسلطنة عمان، وقطر،

والسعودية، والإمارات) وشدد سير نك كارتر على إن «بريطانيا على أهبة الاستعداد للوقوف إلى جانب شركائها فى الخليج والشرق الأوسط للتصدى للتهديدات المشتركة لأمن المنطقة والأمن العالمى».

وفى 19 نوفمبر 2021 بحث الرئيس عبدالفتاح السيسى وولى عهد بريطانيا الأمير تشارلز، بالقاهرة جهود مكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الثنائى بين مصر وبريطانيا فى عدد من المجالات؛ أبرزها ملف مكافحة الإرهاب والتطرف.

من جهة أخرى، قدم المكتب التنفيذى لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب «AML / CTF» برنامجا أوليا مع هيئة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك فى المملكة المتحدة «HMRC»، تقريره الذى يهدف إلى ضرورة تعزيز البروتوكولات المصممة لتحديد ومعالجة ممارسات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع إيقاف تدفق الأموال والسلع بالطرق والوسائل غير المشروعة فى 21 يونيو 2021. وشارك فى البرنامج، ممثلون من وكالات تطبيق القانون والإشراف فى دولة الإمارات والمملكة المتحدة. وأشار كيفن نيوى، وهو أحد ممثلى هيئة «صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك فى المملكة المتحدة»، إلى أن جهود المكتب التنفيذى لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب «عزز دور دولة الإمارات فى التصدى ومواجهة التدفقات المالية غير المشروعة». 

من جهة أخرى، استقبال الفريق الركن حمد محمد ثانى الرميثى، رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، ومطر سالم الظاهرى وكيل وزارة الدفاع، كبير مستشارى رئيس أركان الدفاع البريطانى لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الفريقجوى مارتن سامبسون فى يوليو 2021. وبحثت الإمارات وبريطانيا، تعزيز التعاون الثنائى فى المجالات الدفاعية والعسكرية وتنميته. وناقش الجانبان خلال اللقاءين علاقات الصداقة ومختلف جوانب التعاون الثنائى والتنسيق بين الإمارات والمملكة المتحدة.

وبحثت دول مجلس التعاون الخليجى، وبريطانيا، القضايا ذات الاهتمام المشترك فى إطار تعزيز علاقات التعاون والأمن بمنطقة الشرق الأوسط. وقد عقد هذا الاجتماع فى 21 ديسمبر 2021، فى تشيفنينغ بلندن، مع إليزابيث تروس وزيرة الخارجية والتنمية البريطانية وأيرلندا الشمالية، وضم لانا زكى نسيبه مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولى للشؤون السياسية والمندوبة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة.

وتتجه بريطانيا حاليًا لاتباع نهج جديد لتحديد معالم العلاقة ما بينها وبين الاتحاد الأوروبى ودول الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة. وتحت مسمى «بريطانيا العالمية» نجد أن بريطانيا تريد تغيير استراتيجيتها وتنشيط شراكتها مع بقية دول الشرق الأوسط.

وترى السلطات البريطانية أن تزايد قدرات تنظيم داعش وتنظيم القاعدة والتنظيمات الأخرى المتطرفة من أهمها تنظيم «الإخوان» الإرهابى، كذلك استمرار طهران فى التصعيد النووى يؤدى إلى تقويض الأمن الإقليمى والدولى. لذلك عززت السلطات البريطانية من دعمها لدول المنطقة فى مجالات الاستخبارات والأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب. بالإضافة إلى تطوير الشراكات الأمنية والدفاعية والسيبرانية. لا سيما بعد تصاعد الهجمات الإرهابية فى دول الشرق الأوسط.

اتخاذ التدابير

وفق الاستراتيجية الأوروبية لمكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة لعام 2022، والتى نشرها «المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات» اتجاه دول الاتحاد الأوروبى وبريطانيا لاتخاذ بعض التدابير التى من شأنها تقويض قدرات التنظيمات المتطرفة، ومن شأن تقويض تلك التنظيمات أن يقلل من احتمالية رعاية الدول للإرهاب واللجوء للحروب بالوكالة.

ووفق الدراسة المنشورة تحت عنوان: «التعاون الأمنى ما بين بريطانيا والشرق الأوسط»، فإن المملكة المتحدة تعتبر ملاذًا آمنا لجماعة الإخوان المصنفة إرهابية فى عدد من الدول العربية والأوروبية، وتتخذ من لندن مقرًا رئيسيًّا لها بعد الهروب من مصر فى عام 2013، لذلك فإن إجراءات التعاون الأمنى بين بريطانيا ودول الشرق الأوسط تمثل ضربة قاصمة للتنظيم.

وشرَّعت المملكة المتحدة منذ أواخر عام 2020، بالتزامن مع استراتيجية العمل الموحد لدول أوروبا لمواجهة الإرهاب والتطرف، حزمة من الإجراءات، فى مسعى لتطويق تيارات ما يعرف بـ«الإسلام السياسى».

وتهدف الإجراءات البريطانية إلى التصدى للآلة الدعائية والإعلامية لدى تنظيم الإخوان، فضلًا عن وضع قيود صارمة على نشاطه الاقتصادى ومصادر تمويله.

وفى السياق ذاته، أشارت الدراسة الأوروبية، إلى الإجراءات البريطانية فى 4 مايو 2021 بتوقيع عقوبات على جماعة الكيانات الليبية المسلحة، وأكدت أن من ينتهكون القانون الدولى فى ليبيا سيواجهون العواقب، حيث تفرض المملكة المتحدة عقوبات تشمل تجميد أرصدة، ومنع دخول أعضاء الميليشيا وقادتها.

كما دعت الحكومة البريطانية إلى تعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك، كذلك مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة. بالإضافة إلى إجراء مراجعات استراتيجية لخططها وسياستها الخارجية. ومهدت لندن لتكوين فريق من الخبراء الأمنيين من أجل التفكير الاستراتيجى فى مجالات الدفاع والأمن. فبات من المتوفع أن تؤدى الإجراءات والتدابير التى اتخذتها بريطانيا إلى تقويض قدرات التنظيمات المتطرفة. ومن شأن تقويض تلك التنظيمات أن يقلل من احتمالية رعاية الدول للإرهاب واللجوء للحروب بالوكالة.

الاستراتيجة الأوروبية للوقاية من «التطرف»

تعمل الحكومات الأوروبية على تبنى استراتيجيات جديدة، تهدف إلى الوقاية من الفكر التطرف بأشكاله المختلفة، وذلك من خلال برامج وقائية وحملات تشمل إعادة التأهيل ومنع التطرف منذ بدايته. وتسعى حكومات الدول الأوروبية إلى تطوير برامج الوقاية من التطرف وتدريب العاملين فى مختلف القطاعات والمؤسسات فى مجال مكافحة التطرف.

ففى ألمانيا بلغت ميزانية الوقاية من التطرف (162.5) مليون يورو فى عام 2021. حيث حافظت ألمانيا فى عام 2019 على تمويل برامج الوقاية من التطرف وخصصت ما مجموعه (255) مليون دولار للبرامج التى تستهدف جميع أنواع الإرهاب، بما فى ذلك (118) مليون دولار استراتيجية للوقاية من التطرف الإسلاموى وبرامج خاصة تتعلق بعودة المقاتلين الأجانب وعائلاتهم.

وفى أبريل 2021 قدمت الحكومة الألمانية أول تدريب للأئمة المسلمين باللغة الألمانية، بمشاركة ما يصل إلى (30) داعية. ويتم التدريب الذى يستمر لمدة عامين بجمعية الرعاية «إسلام كوليج دويتشلاند» (كلية الإسلام فى ألمانيا)، وبدعم من وزارة الداخلية ووزارة البحث العلمى فى ولاية ساكسونيا السفلى. يقول «إسناف بغيتش» رئيس مجلس إدارة الجمعية، إن تأسيس الجمعية يهدف إلى توفير عرض إضافى، لأن الأئمة القادمين من الخارج غالبًا ما يتعرضون فى خطبهم «لمواضيع لا تتعلق بسياق حياتنا». وأضاف بغيتش أن الأجيال الجديدة للمهاجرين المسلمين أيضًا لا يمكنها فى الغالب فهم خطبة بلغة موطن الوالدين بنسبة مائة فى المائة.

وتوجد عدة برامج أخرى منها برنامج «المرشد» للوقاية من التطرف تم تطبيقه بالتعاون مع مراكز استشارات فى العديد من المدن بولاية شمال الراين ويستفاليا. برنامج «الحوار المركز» مع المتشددين والبرنامج الوطنى لمنع التطرف الإسلاموى (NPP) الذى تمت الموافقة عليه فى عام 2017.

وفى فرنسا، أطلقت الحكومة برنامجها «Stop Jihadism» (أوقفوا الجهاد) فى أواخر يناير 2015، لمواجهة تهديد التطرف الإسلاموى فى جميع فرنسا. اتخذت فرنسا برامج وقائية لمكافحة الفكر المتطرف داخل أنظمة التعليم والسجون، وخصصت موارد إضافية لوكالات مكافحة الإرهاب وأعلنت فرنسا عن خطط لاستثمار (45) مليون دولار فى إنشاء برامج لمكافحة التطرف فى جميع أنحاء البلاد. وتبنت وزارة التعليم فى فرنسا سلسلة من الإجراءات لمكافحة التطرف وتعزيز القيم الفرنسية. وفى سبتمبر 2016، افتتحت الحكومة الفرنسية (12) مركزًا لمكافحة التطرف فى جميع أنحاء البلاد. وهذا جزء من خطة بقيمة (45.5) مليون دولار أعلنها رئيس الوزراء السابق مانويل فالس فى مايو 2016 لمواجهة الخطر الذى يشكله المتطرفون فى فرنسا.

وفى سويسرا كشفت الحكومة عن خطة عمل وطنية تهدف إلى الوقاية من التشدّد والتطرّف العنيف. وتتركّز هذه التدابير على الإنذار المبكّر، وإعادة إدماج المخالفين، وتدريب مكوّنات المجتمع المحلّى مثل المدرّسين والمشرفين على الأنشطة الرياضية. تعدّ خطة العمل هذه جزءً من نهج ذى ثلاثة محاور يهدف إلى مكافحة انتشار التطرّف العنيف فى سويسرا.

أما بريطانيا، وفق ما ذكرت وزيرة الداخلية البريطانية بريتى باتيل فى 23 مايو 2021، شددت الحكومة البريطانية الرقابة على الوافدين إليها بوضع نظام رقمى، حيث تهدف الحكومة لجعل عبور الحدود رقميًا بالكامل بحلول نهاية 2025». ولفتت وزارة الداخلية إلى أن القادمين بدون تأشيرة أو وضع هجرة سيتعين عليهم التقدم بطلب للحصول على تصريح سفر عبر الإنترنت. كما استحدثت الحكومة فى المملكة المتحدة بنود قانون مكافحة الإرهاب والأحكام الجديد (2021) ورفض احتمالية الإفراج المبكر عن أى شخص مُدان بارتكاب جريمة إرهابية خطيرة ويُجبرهم على قضاء فترة عقوبتهم بأكملها فى السجن، والتى تصل العقوبة فيها إلى 25 عامًا مع إشراف أكثر صرامة. وسيضع هذا التشريع الإرهابيين الخطرين وراء القضبان لفترة أطول للحفاظ على الأمن العام، كما يعزز الأدوات المتاحة لشرطة مكافحة الإرهاب والأجهزة الأمنية لإدارة المخاطر التى يشكلها مرتكبو الجرائم الإرهابية والأفراد الذين تعنى بهم خارج الحجز.