الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

روزاليوسف مهدت لثورة 1952

كان هناك فساد.. وكانت هناك أسلحة فاسدة



 

صدر الحكم فى قضية الأسلحة الفاسدة بالبراءة، وتغريم اثنين من المتهمين كل منهما مائة جنيه.

ولا تعليق على حكم القضاء: فقد كان دائمًا- إلا فى بعض الحالات الفردية- قضاء عادلاً جريئًا محصنًا من الفساد والظلم والطغيان، ونحن اليوم- وفى كل يوم يعطل فيه الدستور وتوقف الحياة النيابية- فى حاجة أشد إلى هذا القضاء العادل الجريء المحصن المعتز بكرامته وبواجبه.

ولكن هذه القضية لم تكن كلها قضية جنائية يحكمها قانون العقوبات ويحكم فيها القضاء؛ ولم يكن المتهمون فيها كلهم هم هؤلاء الثلاثة عشر الذين قدموا إلى المحاكمة.. ولكنها كانت منذ اليوم الأول الذى أثيرت فيه قضية سياسية هامة، يحكمها الشعور القومى والغيرة القومية، ويحكم فيها الشعب، وكان المتهم عهدًا من عهود التاريخ المصرى،ونظامًا  من نظم الحكم فى مصر.

وكانت وقائع القضية سلاحًا حادًا باترًا فتحنا به ثغرة كبيرة فى ستر الفساد، تدفق منها الشعور القومى تدفقًا جارفًا عارمًا لم تستطع جميع القوى أن تصده أو تخفف منه، إلى أن اقتلع العهد واقتلع النظام، وقامت حركة الجيش.. لم تكن قضية عادية تنتظر حكم القضاء.

بل كانت قضية عامة تنتظر حكم الشعب.

وقد حكم الشعب قبل أن يحكم القضاء! فعزل الملك، وعزل رجاله، وعزل جيلاً كاملاً كان يحكم مصر.

وقد كنت حريصًا قبل أن يصدر حكم الشعب، أن تبقى هذه القضية حية مثيرة أمام عينيه، تحضه على الثورة وتدفعه إلى الانتقام، فكانت كلما خفتت أو بردت أثرتها من جديد: أو فتحت فيها بابًا لم يفتح من قبل، وكلما انتهت أزمة من الأزمات السياسية التى ثارت حولها تمنيت أن تثور أزمة أخرى، وكلما أمسكت بواحد مددت ذراعها إلى آخر.. وكنت خلال كل ذلك معتمدًا على مستندات فى يدى تحمينى من القانون، فتحديت بهذه المستندات وقامرت بشخصى وبحريتى وانطلقت أصرخ وأندد وأطالب، حتى أصبحت القضية قضية الصحف كلها لا قضية «روزاليوسف» وحدها، وقضية مصر كلها لا قضية الجيش وحده، وقضية الفساد كله لا فساد الأسلحة فحسب.

وإذا كانت العقبات الشاذة التى وضعت فى طريق تحقيق هذه القضية قد أضاعت الكثير من أدلة الاتهام وفتحت الباب أمام الكثيرين للإفلات من يد القانون، إلا أنه كان لهذه العقبات فضل إحياء القضية مدى ثلاث سنوات كاملة، وربما اختلف الناس خلال ذلك أو بعد ذلك فى الحكم على تصرفات النائب  العام وقتئذ الأستاذ محمد عزمى، ولكن هذا الرجل مهما كانت تصرفاته ومهما كانت أهدافه كان له الفضل الأول- سواء عن قصد أو عن غير قصد- فى إثارة الرأى العام حول القضية بما كان يبيح نشره فى الصحف، وبما كان يتخذه من إجراءات عنيفة مثيرة.

ولو أن القضية كانت مجرد قضية جنائية، ولم يعتبرها المسئولون فى ذلك الوقت قضية سياسية خطيرة فيتدخلوا فيها، ويضعوا العقبات فى طريقها، ويثيروا من حولها أزمات فى الوزارة، وأزمات فى مجلس الشيوخ، وأزمات فى القضاء، وفى الجيش.. لو أن القضية سارت سيرًا جنائيًا عاديًا، فانتهى تحقيقها بسرعة وبلا ضجة وحكم على المتهمين فيها بالبراءة أو الإدانة.. لو أن هذا حدث لما كانت قضية الأسلحة الفاسدة، بل لكانت مجرد قضية صحفية، ولما أدت الغرض منها.

وقد بدأ تحقيق هذا الغرض، عندما بدأت أبخرة الثورة تتجمع، وعندما انطلقت الأقلام جريئة ثائرة، وعندما تكون الرأى العام بين ضباط الجيش، وعندما صدرت منشورات الضباط الأحرار، وعندما بدأ كل ثلاثة يفكرون فى مؤامرة، وكل عشرة يفكرون فى انقلاب.

وعندما صدر حكم الشعب وتحقق له النصر، انتهت القضية..

وأسقطتها من حسابى بعد ذلك فلم أشر إليها بحرف، وعندما دعيت إلى المحكمة لأؤدى الشهادة احتميت بحقى فى الاحتفاظ بسر المهنة، ولم أقل فى القضية جديدًا أو قديمًا، فإنى لا أنظرأ أبدًا إلى الوراء، ما دمت قد انتهيت منه! وما دام المستقبل فى حاجة إلى كلتا عيني!

وبعد.. فقد برأ القضاء ساحة المتهمين الذين قدموا إليه.. ولكن ليس معنى ذلك أن ليس هناك متهمون قد أدينوا فعلاً، وليس معنى ذلك أنه لم يكن هناك فساد! وليس معنى ذلك أنه لم تكن هناك أسلحة فاسدة.  

 

مشروع قنال مصرى لمنافسة قنال السويس

تقدم أحد المهندسين المصريين الذين يعملون فى المقاولات العامة للحكومة المصرية بمشروع حفر قنال جديدة تنافس قنال السويس الحالية وتكون ملكًا لمصر وحدها..

وقد جاء فى مقدمة هذا المشروع «أن قنال السويس ودوليتها هى سبب البلاء الذى نزل بمصر منذ الاحتلال، ولهذا فأنا أتقدم بهذا المشروع راجيًا أن تعمل الحكومة على تنفيذه.».

ويتلخص المشروع فى حفر قنال جديدة إلى الغرب من قناة السويس فتبدأ من السويس وتسير غربًا مخترقة البحيرات المرة وبحيرة المنزلة حتى دمياط، على أن يقوم بتنفيذ هذا المشروع مصريون ويحصر بيع الأسهم للمصريين فقط!

ويؤكد صاحب المشروع أن هذا الطريق سيكون أقصر من طريق القنال الحالية إذ أن أى ضلع فى المثلث أقصر من الضلعين الآخرين، ولذلك فستجد البواخر التى تريد الانتقال من البحر الأبيض إلى البحر الأحمر نفسها مضطرة إذا ما وصلت إلى دمياط إلى سلوك القنال الجديدة بدلا من أن تسير حتى بورسعيد ثم تعبر قنال السويس الحالية!

ويقول صاحب المشروع أن حفر هذه القنال لن يجد صعوبات كثيرة فى تنفيذه، إذ أن هذا هو الطريق القديم الذى شقه قدماء المصريين عندما فتحوا قنالًا بين البحر الأبيض والبحر الأحمر أيام النهضة المصرية.. ثم غمرته الرمال!

أما مدينة دمياط، فهى ميناء عظيم كما يؤكد المهندسون والمؤرخون على السواء وقد قدمت المدة الأخيرة عدة اقتراحات ترمى إلى إصلاحها وإعادة بناء مينائها.

وتكاليف إصلاحها وتوسيعها لن يكلف الدولةكثيرًا.

أما الفوائد التى سوف تجنيها مصر من حفر هذه القنال، فيلخصها صاحب المشروع بما يلى:

أولًا: استغلال رؤوس الأموال المصرية فى مشروع دولى، مضمون الفوائد والأرباح.

ثانيًا: ستتخلص مصر من الشرور التى تهددها من جراء سيطرة شركة القنال الحالية على أهم مرفق من مرافق البلاد.

ثالثًا: تقدم مصر بهذا المشروع خدمة دولية كبيرة، إذ أن القنال الجديدة ستكون أقصر كثيرًا من القنال الحالية وبذلك تقل نفقات السفن العابرة وتوفر عليها وقتًا ثمينًا.

رابعًا: سيكون هذا المشروع سببًا فى إيجاد العمل لآلاف العمال المصريين وستجنى الدولة من إيراداته مبالغ كبيرة جدًا تستطيع أن تستغلها فى المشاريع القومية الأخرى!

 

هاتوا فلوسنا.. أو الثورة!

لعمال ورش الوابورات التابعة لمصلحة السكة الحديددد، تسويات طال عليها الأجل فى إدارة المستخدمين بالمصلحة، وقد راجع العمال الموظفين المختصين أكثر من مرة، فكانوا يتلقون الجواب التقليدى المعروف: لم تتم الإجراءات بعد!!

وأخيرًا اجتمع العمال، وتشاوروا فيما بينهم عن الطريقة المثلى لإنهاء التسويات وإتمام الإجراءات الحائرة بين إدارتى الحسابات والمستخدمين، فاستقر رأيهم على خبر الوسائل، وهى جمع مبلغ معين يدفعونه للمختصين، لإتمام الإجراءات.

وبدأ العمال فى جمع المبلغ المطلوب وبلغ المجموع نحو 70 جنيهًا، استلمها ثلاثة من زعمائهم - زعماء العمال - وذهبوا لمقابلة المختصين وإتمام عملية الدفع توطئة لإنجاز التسويات وإتمام الإجراءات سريعًا.. ولكن الموظف الذى قبض المبلغ، رفض تقديم القواعد الجديدة التى وضعها للكادر الجديد إذا لم يدفع له العمال ثمانين جنيهًا - وهو المؤخر الذى اتفق عليه مع زعماء العمال.. وانتظر العمال شهرًا.. وشهرين.. وثلاثة شهور، والتسويات لاتزال حائرة والإجراءات لم تتم، عندئذ عقدوا اجتماعًا ثم توجهوا إلى الإدارة العامة للمصلحة وهات يا هتاف.

وهاتوا فلوسنا.. تسقط الرشوة، الفلوس أو الثورة!! وكان الهتاف غريبًا استرعى انتباه المسئولين، فاتصل بهم سعادة سيد بك عبدالواحد، وكل مصلحة السكة الحديد، وبعد أن طمأنهم وأقسم لهم بشرفه على أن يتم لهم التسويات والإجراءات فورًا، إذ أخبروه بالحقيقة كاملة، فقصوا عليه قصة المبلغ الذى دفعوه لإنجاز مطالبهم وبدأ التحقيق وكان تحقيقا سريًا دقيقًا وقد أسفر - حتى الآن - عن إيقاف ثلاثة موظفين: إدارة ا لمستخدمين من بينهم أحد حضرات رؤساء الأقسام المحترمين!!

وقد ادعى الموظف الذى قبض الرشوة أن العمال هددوه بالقتل، واتفق مع أحد مساعديه على أن يبلغ البوليس بأن العمال ألقوا عليه قنبلة لأنه تأخر فى وضع الكادر لهم، ولكن تبين أن هذه التهمة ملفقة، فقبض على مساعده وهو موظف بدرجة ساع وقائم بأعمال كتابية مع موظف الحسابات المتهم.  

 

 

 

حول تأميم شركات الأتوبيس العمومية

فى لجنة المواصلات بمجلس الشيوخ معركة باردة يتسع نطاقها يومًا بعد يوم، وسبب هذه المعركة أن وزارة المواصلات عرضت على اللجنة طلبًا كانت بعض شركات الأتوبيس تقدمت به طالبة مد أو تجديد امتيازها الذى ينتهى فى الأشهر المقبلة.

وانقسم أعضاء لجنة المواصلات إلى قسمين قسم يرى أنه يجب تأميم هذه الشركات باعتبارها تؤدى خدمة عامة، والرأى الآخر يرى أن تقوم الحكومة بتأليف شركة كبيرة تساهم فيها بخمسة وعشرين فى المائة من أسهمها وتساهم شركة الترام وشركات الأتوبيس بالثلاثة الأرباع الباقية.

وتتلخص حجة أصحاب فكرة إنشاء شركة تساهم فيها الحكومة فى أن التأميم غير مربح وأن التجربة التى تمت فى الإسكندرية فى تأميم الأتوبيس قد أسفرت عن خسارة، وهذا ما حدث فى فرنسا عندما أممت الحكومة الفرنسية مواصلات مدينة باريس فاضطربت خطوط المواصلات وتعرضت الحكومة لهجمات الصحف والبرلمان مما جعلها تعيد الشركات إلى وضعها الأول.

ويضيفون إلى هذا أن التأميم فى مصر سيؤدى إلى زيادة عدد الموظفين والعمال علاوة على حرمان خزينة الدولة من الضرائب التى تجنيها من الشركات ويعارض أنصار فكرة التأميم هذا الرأى. فيقولون أن الأتوبيس خدمة عامة لاينبغى أن يكون المكسب المادى غرضها الرئيسى وأنه لا يصح اعتبار ما حدث فى الإسكندرية قاعدة أساسية فإذا كانت الحكومة قد خسرت فى أتوبيس الإسكندرية فليس معنى ذلك أنها ستخسر فى أتوبيس القاهرة. فذاك إن كان قد حصل فعلًا- فلابد أنه قد حدث نتيجة لأخطاء معينة وإذا كانت فرنسا قد أعادت الشركات ونبذت فكرة التأميم فإن اقتصادنا القومى يختلف اختلافًا كبيرًا عن وضع الاقتصاد الفرنسى، ثم إن أرباح السكك الحديدية فى مصر لا تكاد تذكر!.. فإن أرباحها ضئيلة جدًا ولكن ليس معنى هذا أن نسلمها لشركة يكون هدفا الأول هو الربح.

- أما الخسارة التى تحدث فى أتوبيس الإسكندرية فيعوضها الترام.

ويضيف أنصار فكرة التأميم أن سياسة الحكومة الحاضرة تتجه إلى تأميم جميع المصالح العامة التى تؤدى أو تستغل خدمة عامة، كما حدث أخيرًا فى تأميم شركة النور «ليبون» وغيرها، فالشركات عندما تقوم باستغلال الأتوبيس فإنها تضع نصب عينها الأشياء الثلاثة الآتية:

أولًا: استغلال الجمهور.

ثانيًا: استغلال العمال وتشغيلهم أكبر مقدار من الوقت وبأقل أجر ممكن.

ثالثًا: استغلال العربات إلى أقصى حد.. أو على الأقل إلى الحد الذى نشاهده فى ثورنيكرفت من قذارة العربات وتعطلها فى منتصف الطريق.

أما الحكومة فسيكون هدفها إذا أممت الأتوبيس ثلاثة أشياء هي:

أولًا: المحافظة على أموال الجمهور.

ثانيًا: الحرص على وقته.

ثالثًا: العمل على راحته أثناء ركوب العربات.

ويبذل أصحاب فكرة التأميم جهودًا جبارة فى إقناع الطرف الآخر.

ويبدو أن عضوية بعض حضراتهم فى مجالس إدارة شركات الأتوبيس لها تأثير خاص فى الموقف!

أما الحكومة فقد أحالت هذا الموضوع لمعالى مصطفى مرعى بك ومعالى محمود باشا حسن لدراسته وإبداء الرأى فيه تمهيدًا لمناقشته فى اللجنة.

وقد اجتمع طراف على باشا. عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة ترام القاهرة وعضو لجنة المواصلات بمجلس الشيوخ بإبراهيم ودسوقى أباظة باشا وزير المواصلات وتحدثا فى هذا الموضوع طويلًا، ولكن لم ينتهيا إلى رأى حتى الآن!