الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عادل حمودة من قاعة المحاكمة

شهدت أولى جلسات محاكمة قتلة أنور السادات.



صباح يوم الجلسة الأولى.. كل شىء «غير هادئ بالمرة فى أرض المحكمة العسكرية العليا.. محطة «الجبل الأحمر» العسكرية شرق القاهرة.

سيارات الشرطة العسكرية المصفحة تسد منافذ الدخول إلى مدينة نصر.. حواجز الأمن ونقاط التفتيش زرعت فى تقاطعات الطرق والشوارع الرئيسية.. مرور السيارات «الملاكى» تحول عن المنطقة.. شبكة دقيقة وحساسة من أجهزة اللاسلكى تربط بين أفراد ومعدات وأسلحة خطة الحراسة.. وطائرات هليكوبتر تحوم «أحيانًا» فى السماء. وفى مدخل المحطة العسكرية، بدأت قبل ساعتين بالضبط، من بدء المحاكمة إجراءات الأمن من الذين سيشهدونها من صحفيين، ومصورين، ومحامين، وشهود، وأقارب المتهمين.

 

روجعت أسماؤنا على البوابة. وروجعت مرة أخرى داخل المحطة. وروجعت مرة ثالثة أمام مدخل المحكمة، وفى المرة الأخيرة استبدلت بطاقات تحقيق الشخصية المدنية بتصاريح الدخول، وكان لكل فئة من هذه الفئات تصريح خاص، وانتهت الإجراءات الأمنية معنا بتفتيش نهائى استخدمت فيه أجهزة الكشف عن الأسلحة.

وكانت أجهزة الأمن العسكرى قد استقرت على هذه الإجراءات وعلى خطة التأمين والحراسة فى صورتها النهائية قبل أربعة أيام من ساعة صفر المحاكمة، وعرف كل مسئول فيها دوره وموقعه منذ ذلك الوقت.

وكانت عملية نقل المتهمين من السجن الحربى إلى المحكمة، أخطر وأهم جزء فى الخطة.

فقد تم نقل المتهمين منذ الفجر فى سيارات متعددة، وتحت حراسة مشددة إلى المحكمة.

وصاحب إجراءات الأمن إجراءات طوارئ أخرى، خاصة بسيارات الإسعاف، والخدمات الطبية.. وحضرت بعض مجندات السكرتارية العسكرية لتفتيش الصحفيات وأقارب المتهمين من النساء.

وعمومًا لم تتعرض هذه الخطة. ولا هذه الإجراءات لأية متاعب ولا لأية مفاجآت.

أنا .. خالد الإسلامبولى:

لم يكن الصحفيون ومصورو الصحف والتليفزيون يدخلون قاعة المحكمة، حتى فوجئوا بخالد الإسلامبولى يخرج يده اليسرى من القفص وهو يمسك مصحفًا صغيرًا له غلاف من اللون الأحمر ويصرخ فى صوت مسرحى قوى: «أنا خالد الإسلامبولى.. أنا قاتل أنور السادات».. وأسرعت كاميرات الدنيا التى جاءت تبحث عنه تصوب عدساتها إليه بعد لفت انتباهها إليه.

كان خالد الإسلامبولى استعراضيًا طوال الوقت.. وحاول فى كل لحظة أن يسرق الكاميرات من باقى زملائه! عندما دخل أقارب المتهمين القاعة صرخ: «مفيش حد من قرايبى جه».

وعندما انشغلت عدسات المصورين عنه قليلاً تحول إلى «مايسترو» وراح يغنى ومن خلفه «كورس» من المتهمين: «فى سبيل الله قمنا نبتغى رفع اللواء لا لحزب عملنا نحن للدين فداء.. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله عليها نحيا وعليها نموت.. فى سبيلها نجاهد وعليها نلقى الله».

وكان خالد الإسلامبولى فى صحة جيدة تمامًا.. الدماء تكاد تقفز من وجهه.. جسده لا يتوقف عن الحركة.. ورغبته فى الاستعراض والزهو بنفسه لا ينافسه فيها أحد غيره من المتهمين وطوال الجلسة كان يسأل كل من يقترب من القفص «إنت مين.. بتعمل إيه هنا .. شفت أنا عملت إيه».

وبدا خالد الإسلامبولى فى القفص أقل حجمًا من حجمه فى الصور التى نشرت له بعد الحادث.. كان يرتدى بلوفرًا رماديًا وقميصًا أزرق من تحته وبنطلونًا من القماش الرخيص.

وكان أكثر المتهمين أناقة فقد ارتدى أغلبهم الجلباب بألوان مختلفة أبيض وأزرق وبنى فاتح.. وارتدوا تحته البلوفرات والقصمان وارتدوا فوقه الجاكيت والبالطو.

وتميز عبود الزمر وسط المتهمين بملابسه ورتبته العسكرية وإن كان لم يضع أى شىء على رأسه.

وحضر المتهم د. عمر عبدالرحمن مفتى التنظيم الجلسة وهو يرتدى الملابس التقليدية للشيوخ.. الجبة والقفطان.

وظل محمد عبدالسلام رئيس التنظيم وعقله المفكر معظم الوقت جالسًا على أرض القفص لأن ساقه اليسرى فى الجبس، وكان محمد عبدالسلام قد تعرض لحادث قبل شهرين من وقت تنفيذ الجريمة وضعت أثره ساقه فى الجبس ولم يمنعه لا الحادث ولا الجبس من الحركة ومن وضع خطة الاغتيال.

وقبل أن تبدأ المحاكمة حاول أغلب المتهمين الظهور فى صورة اللامبالين المزهوين بأنفسهم المستخفين بكل شىء وجوههم النحيلة تمتزج فيها السذاجة بالبلاهة. ابتساماتهم الباهتة تمتزج فيها الثقة بالهيستيرية عيونهم غير مستقرة.. حركتهم عصبية مضطربة حولوا قفص المحكمة إلى ما يشبه قفص القرود - ولكن الصورة تغيرت إلى حد كبير بعد بداية المحاكمة وشيئًا فشيئًا بدأت ملامح أغلبهم ترتبك.. وشيئًا فشيئًا بدأ الهم يسيطر عليهم.. وشيئًا فشيئًا أحسوا أن الجريمة التى ارتكبوها ليست بهذا الاستحقاق الذى يتظاهرون به.

محكمة:

فى التاسعة و 28 دقيقة بالضبط صفق الرقيب أول إبراهيم زين العابدين وصرخ بأعلى صوته: محكمة. فى التاسعة والنصف من صباح يوم السبت 21 نوفمبر 1981، بدأت محاكمة قتلة أنور السادات.. بدأت محاكمة العصر.

وهى بالفعل محاكمة العصر

فالمجنى عليه رئيس جمهورية له مكانته وشهرته العالمية.

والجريمة شهدها العالم كله لحظة ارتكابها والجناه مجرمون غير تقليديين.. غير محترفين.. أعمارهم تتراوح ما بين 18 و 28 سنة باستثناء المقدم عبود الزمر (25 سنة) والدكتور عمر عبدالرحمن (42سنة).

عائلاتهم باستثناء عائلة الزمر من العائلات الفقيرة البسيطة والكادحة، كلهم بلا استثناء ريفيون لا تزال رائحة الريف تسيطر عليهم، وعدد كبير منهم تخرج بتفوق فى الجامعة.. ولا أحد يعرف بالضبط ماذا يريدون أو الدوافع الحقيقية وراء جريمتهم.

والذين يراهم وجهًا لوجه لا بد أن يصدم لا يمكن أن يصدق أن الرجل الذى طلب العديد من الخصوم الأقوياء رأسه، يمكن أن يقتل برصاص أولئك الصغار.

ولأول مرة فى تاريخ الجريمة السياسية فى مصر بعد الثورة نجد أنفسنا أمام جريمة حقيقية لا تقبل الشك.. فكل الجرائم السياسية التى سبقتها كانت تندرج تحت جرائم «الشروع» أو «المحاولة» الشروع فى قتل رئيس الجمهورية.. محاولة قلب نظام الحكم.. أو جرائم أخرى من هذا الطراز الشهير فى تاريخ المحاكم المصرية.. أما هذه الجريمة فهى الأولى من نوعها.. نفذت بالفعل.. ضبط الجناة فى حالة تلبس.. واستكملت أجهزة الأمن مهمة القبض على باقى الشركاء.

ولأول مرة أيضًا فى تاريخ الجريمة السياسية فى مصر بعد الثورة يحاكم المتهم أمام قاضيه الطبيعى دون الحاجة إلى إجراءات استثنائية.

ولا فضل فى هذا الانقلاب القانونى لأحد سوى أنور السادات.

فقد كانت المحاكم العسكرية قبله فى الواقع مجالس عسكرية تشكل من ضباط عاديين من مختلف أسلحة الجيش ولا علاقة لهم بالقانون، وكان رئيس الجمهورية هو الذى يصدر القرار بتشكيل هذه المحاكم وكان من سلطته أيضًا التصديق على أحكامها أو تعديلها وكان أشهر قضاة هذا النوع الفريد من المحاكم «الدجوى».

لم تكن القضايا التى تنظر أمامها تخضع لقانون الأحكام العسكرية ولا لأى قانون آخر، وإنما كانت تخضع لسلطان رئيس الجمهورية ولسلطاته المخولة له وفقًا لقانون الطوارئ.

ورفض أنور السادات هذا الأسلوب..

وعدل قانون الأحكام العسكرية وعدل طريقة تشكيل المحاكم العسكرية أيضًا.

وأصبح القضاة العسكريون قضاة طبيعيين دارسين للقانون ومتخصصين، لذلك لم يكن غريبًا أن يشيد المتهمون بالمعاملة الحسنة التى تلقوها من النيابة العسكرية ومن المخابرات الحربية.

ولم يكن غريبًا أيضًا أن يكون قاضى المحكمة اللواء محمد فاضل واسع الصدر لكل طلبات المتهمين والدفاع حتى لو كانت طلبات شخصية من أجل راحتهم مثل مزيد من الطعام والسماح لأقاربهم بالزيارة والكشف الطبى عليهم ونقل المتهم عاصم عبدالماجد من مستشفى الشرطة إلى مستشفى السجن الحربى.

واللواء محمد فاضل حاصل على درجة الدكتوراه فى القانون، ومنذ كان ضابطًا صغيرًا وهو يخدم فى سلك النيابة والقضاء العسكرى وتولى منصب رئيس نيابة شرق القاهرة، ثم أصبح نائبًا للمدعى العسكرى فنائبًا لمدير المحاكم العسكرية.

وليس صحيحًا ما قيل من أن المتهمين من غير العسكريين كان يجب محاكمتهم أمام محكمة جنايات مدنية لأن القانون يفرض المحاكمة العسكرية على كل من ارتكب أو شارك فى تنفيذ جريمته على أرض عسكرية أو ضد شخصية عسكرية.

ولا أحد فى حاجة إلى تكرار القول بأن الجريمة ارتكبت ضد القائد الأعلى للقوات المسلحة وفى أرض طابور العرض العسكرى.

ورطة الدفاع:

على أن هذه القضية على أهميتها وعلى خطورتها ليس بها أسماء لامعة فى عالم المحاماة باستثناء عبده مراد وإبراهيم صالح.

خلت قاعة المحكمة من المحامين الذين تعودت المحاكمات السياسية على أن تشهد مرافعاتهم.

وكان لاختفائهم فى هذه القضية ما يبرره، فهى كما قال لى ممدوح عبده مراد المحامى قضية حساسة جدًا المحامى الذى يترافع فيها يضطر إلى أن يقف فيها ضد مشاعر وأحاسيس الرأى العام وهو عادة مستفز وغير متعاطف مع المتهمين.

وهذا الكلام لا ينقصه الصدق. إذ إننى أحسست بالغيط عندما وقف أحد المحامين يقول فى عبارات منسقة ورنانة: «إن ما تعرض له المتهمون شىء يندى له الجبين» فقد رفضت قبول هذا الكلام بسهولة خاصة لمتهمين ارتكبوا جريمة أبشع مليون مرة من أية جريمة أخرى يندى لها جبين الإنسانية!

وقال لى عبده مراد أشهر المدافعين فى القضية أنه قبل القضية دفاعًا عن المتهمين من عائلة الزمر لأنهم «بلديات» من ناهيا، وسبق له أن دافع عنهم فى قضايا أخرى جنائية وأنه قبل أن يقبل القضية استخار الله واستشار أصدقاءه.

وعبده مراد كان أول مدع عسكرى فى عهد الثورة ثم خلع بدلته العسكرية ليصبح محاميًا فى أشهر القضايا السياسية التى كانت الثورة طرفًا فيها مثل قضية خميس والبقرى بكفر الدوار وسلاح الفرسان وقضايا الإخوان السابقة على هذه القضية وقضية على عبدالخبير، ولعل هروب المحامين الكبار من هذه القضية يرجع أيضًا إلى أن أتعابهم تتخطى فى مثل هذه الأحوال العشرة آلاف جنيه عن المتهم الواحد وهو مبلغ لا تستطيع أسر كل المتهمين مجتمعة أن تدفعه لواحد منهم.

بل إن بعض المحامين كان موكلاً للدفاع عن أكثر من متهم فى وقت واحد حتى يخفف عبء الأتعاب عن كل منهم. واضطرت نقابة المحامين فى النهاية أن توكل العدد الأكبر من المحامين عن المتهمين.

ورغم أن عددًا كبيرًا من المتهمين لم يوكلوا محامين للدفاع عنهم بحجة: «أن الله يدافع عن الذين آمنوا» فإن القانون يفرض إجبارياً أن توكل المحكمة محامين يتولون هذه المهمة.

ولا يجوز أن تستمر وقائع المحاكمة دون أن يكون لكل منهم محامٍ يدافع عنه.

ملف القضية

فى استراحة ما بين الجلستين قال لى العقيد بحرى محمود عبدالقادر رئيس النيابة العسكرية:

- إنها المرة الأولى فى تاريخ القضايا السياسية فى مصر التى يعامل فيها المتهمون بهذه الصورة الحسنة التى شهدوا بها علنًا أمام العالم.

كم يومًا استمرت تحقيقات النيابة العسكرية؟

- 10 أيام كل يوم 10 ساعات على الأقل..

كيف ضم المتهمين الذين قبضت عليهم مباحث أمن الدولة إلى المتهمين الذين تم القبض عليهم عسكريًا؟

- كان المتهمون الأربعة الأوائل الذين قبض عليهم فى أرض الحادث تحت سيطرتنا من اللحظة الأولى، أما المتهمون الآخرون فكانوا يرسلون إلينا من مباحث أمن الدولة للتحقيق معهم، ثم يعودون إليها مرة أخرى حتى تم ضم المتهمين الأصليين وأصبحوا جميعًا منذ 10 أيام تحت سيطرتنا كاملة وانتهت التحقيقات كاملة معهم.

ومن مصادر مختلفة عرفت أن التحقيق الذى يقع فى 754 صفحة طبعت منه نسخ محدودة بالفوتوكوبى وكتب كل محام حصل على نسخة منه مقابل 75 جنيهًا تعهدًا كتابيًا بعدم اطلاع أحد غيره عليه.

وأقوال المتهمين فى التحقيق، ليست مرتبة حسب ترتيب قرار الاتهام وإنما حسب حالتهم الصحية بعد الحادث. فالمتهم الأول مثلا خالد الإسلامبولى لم يحقق معه إلا بعد التحقيق مع المتهمين الثلاثة التالين له، لأنه كان فى حجرة الإنعاش ويخضع لعناية طبية مكثفة حتى يستطيع الكلام.

وأول متهم حققه معه كان المتهم الثانى عبدالحميد عبدالسلام الذى أصاب السادات بأول رصاصة وهو لا يزال فوق السيارة اللورى.

ثم جاء دور المتهم الثالث عطا طايل حميدة فالمتهم الرابع حسين عباس ثم الإسلامبولى.

فقد اعترف الإسلامبولى أنه هو الذى وضع خطة اغتيال السادات فى العرض العسكرى قبل تنفيذها بعشرة أيام وساعده فى ذلك خبرته السابقة فى العرض العسكرى، حيث إنه سبق أن اشترك فيه ثلاث مرات متتالية.

وكان أمير التنظيم محمد عبدالسلام حاضرًا لكل اجتماعات وضع الخطة وتحسن رغم إصابته فى ساقه.. لأن يحضر الذخائر وإبر ضرب النار اللازمة للمهمة.. وكان يرافقه دائمًا ويساعده على الحركة والتنقل، المتهم عبدالناصر عبدالعليم.. أصغر المتهمين سنًا.. وكان عبدالسلام يثق فيه ويحبه ولا يفارقه.

وعندما تسلم الإسلامبولى خزائن الرصاص والقنابل اليدوية الأربع وضعها تحت «الأوفرول» ودخل بها أرض الطابور بعد أن أعطى ثلاثة من جنود طاقم السيارة الأصلى إجازة قبل أسبوع من العرض، وأدخل بدلاً منهم المتهمين الثلاثة التالين: عبدالحميد عبدالسلام وعطا طايل حميدة وحسين عباس قبل ثلاثة أيام من العرض.

وعندما اقتربت السيارة - اللورى من المنصة وكانت على بعد 25 مترًا فقط ألقى الإسلامبولى وعبدالحميد أول قنبلتين وهما لا يزالان فى اللورى ولم يحسنا إلقاء القنبلتين بسبب الارتباك الذى أصابهما فسقطت الأولى بالقرب من اللورى وسقطت الثانية بالقرب من المنصة.. وأسرع عبدالحميد فى التنشين على السادات وأصابه بالرصاصة الأولى، بينما نزل خالد من السيارة بعد أن اختطف المدفع الرشاش من السائق ونزل بعده عبدالحميد بعد أن أفرغ عددًا آخر من رصاص بندقيته الآلية.. وخلال هذه الثوانى كان عطا طايل يطلق الرصاص من اللورى ويستعد للقفز منه وأفرغ حسين عباس كل رصاص بندقيته، وهو لايزال فوق السيارة، حتى إنه ترك بندقيته واندس وسط الجنود العاديين ونجح فى الهروب إلى بيت شقيقته، حتى قبضت عليه المخابرات الحربية ومباحث أمن الدولة.

ومن حسن الحظ أن ثلاثًا من القنابل لم تنفجر، ومن حسن الحظ أيضًا أن كل واحد من الجناة كان يحمل خزانة رصاص واحدة، ولا يحمل خزائن احتياطية، وإلا كانت فرصتهم أكبر فى التخلص من المسئولين والقادة فى المنصة.

وعندما فرغت أسلحتهم من الرصاص، وقف الجناة وهم يصوبون بنادقهم بميل، كما ظهر فى معظم الصور، دون أن يكون بها ذخيرة، استعدادًا لتحين الفرصة الملائمة للهرب، وهذا ما يفسر نجاة الرئيس حسنى مبارك من محاولة اغتياله، رغم أن بندقية أحد الجناة كانت مصوبة نحو رأسه.

وفى التحقيقات، أنكر الدكتور عمر عبدالرحمن أنه أفتى باستباحة دم السادات.

وعندما سئل بعض المتهمين عن ذلك قالوا إنهم فهموا منه ذلك.

وأثناء التحقيق، طلبت النيابة العسكرية من المتهمين «تمثيل» الحادث كما وقع، وبالفعل نفذوا ما طلب منهم. وما طلبته النيابة العسكرية من المتهمين يختلف عن تمثيل الحادث الذى قامت به لجنة فنية خاصة، فى أرض العرض، مستخدمة نفس الأسلحة ونفس السيارة، بعد أن استبدلت شخصيات المنصة بهياكل خشبية.

خالد لروزاليوسف:

وفى استراحة المحكمة نجحت فى الوصول إلى قفص المتهمين، وطلبت من خالد الإسلامبولى أن يتكلم، وبالفعل تكلم، وتدخل فى الحديث معه المتهم الثانى عبدالحميد عبدالسلام.

سألنى خالد الإسلامبولى:

هو فيه حد من مباحث أمن الدولة هنا؟

- لا أعرف.

أنت صحفى!

- أيوه.. وعايز أسألك إزاى فكرت فى اغتيال السادات؟!

- لأنه كان يضطهد الجماعات الإسلامية.. ويعتقل رجال الدين.

من قال لك هذا الكلام؟

- محدش!

كيف وضعت الخطة؟ وكيف نفذتها؟

- وقبل أن يرد الإسلامبولى أسرع عبدالحميد عبدالسلام ليقول لى:

- أنا أقولك إزاى.

قول.. بسرعة!

- دخلنا أرض الطابور قبل ثلاثة أيام من العرض، ولم يشك أحد فينا، وهربوا لنا الذخيرة، واحتفظت بإبر ضرب النار كلنا ضربنا الرصاص فى وقت واحد من العربية، ونزلنا جرى لنلتف حول المنصة.

خالد.. هل شفت السادات وهو يسقط؟!

- خالد ينتبه ويرد:

- ما أخدتش بالى!

وأنت يا عبدالحميد!

- عبدالحميد يرد:

- ما أعرفش!

 

هل أفتى الدكتور عمر عبدالرحمن بإباحة دم السادات؟

- خالد يرد:

- مكناش محتاجين لأى فتوى.

عارف مصيرك إيه دلوقتى؟!

- الله أعلم، المهم دلوقتى إنى أشوف قرايبى.

ولم يزد الحديث بينى وبين الإسلامبولى وعبدالحميد عن هذا القدر، فقد صرخ أمين السر: محكمة! ودخل القاضى ثم عضوا اليمين واليسار.

وبعد أن قرأ القاضى ما توصلت إليه المحكمة من قرارات رفعت الجلسة.