الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جامعـــة أســيوط فى ذمــــة الجماعــات الإسلاميـــة.. البداية خناجر الاتحاد الاشتراكى..والنهاية سيـادة الأمراء!

ما يحدث فى جامعة أسيوط يحتاج لأكثر من وقفة.



أحكمت الجماعات الإسلامية قبضتها تماما على الجامعة.. وأصبح أمراؤها هم أصحاب الكلمة العليا فى مواجهة الجميع، ابتداء برئيس الجامعة وانتهاء بالطلبة والطالبات.

لقد قرروا بالفعل منع الاختلاط والحفلات وسائر الأنشطة.. وأدبوا من حاول الخروج على القرار، مرة بالتى هى أحسن، ومرات بالضرب ولو باستخدام السكين والجنزير!

الطلبة خائفون.. والأساتذة يفضلون الصمت.. وإدارة الجامعة تتراجع أمام مطالبهم وضغوطهم.

وطلبة الجماعات الإسلامية يردون: نحن نصلى ونصوم ونذاكر، فماذا تستفيدون من حفلات الرقص والموسيقى.. اتركونا نعتصم بديننا حتى لا ننفجر من ضغوط المجتمع!

 

وحتى لا تختلط الأمور، ويظل استقرار الطلاب مهددا بمناسبة وبدون مناسبة.. فتحت «روزاليوسف» باب الحوار مع الجميع حول الاختلاط والأمن والمسموح والممنوع داخل الجامعة.

ونبدأ بالأحداث الأخيرة التى شهدتها مدينة أسيوط.. والجو الملبد بالشائعات الذى سيطر على أحاديث الناس.

فى أعقاب حادث إطلاق النار على المرحوم «شعبان» طالب كلية التجارة بجامعة أسيوط.. اجتمع أمراء الجماعات الإسلامية بالجامعة وقرروا الاعتصام وتعطيل الدراسة لمدة أسبوع.. وبالفعل تم تنفيذ القرار، وتسلم الطلاب مهام الأمن فى الجامعة. وانسحب الحرس الجامعى فى هدوء شديد!

وقعت إدارة الجامعة فى حيرة شديدة هل تبلغ النيابة العامة أم لا؟.. وبعد مداولات وبحث، قرر مجلس الجامعة إبلاغ النيابة بالواقعة.

لم يتحرك أحد.. وتردد أن طلبة الجماعات الإسلامية ذهبوا لرئيس الجامعة وهددوه بسحب البلاغ، أو تردى الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. ووعدوه بفض الاعتصام وعودة الدراسة بعد سحب البلاغ!

وبعد وفاة الطالب قرر الأمراء إقامة صلاة الغائب فى مسجد ناصر أكبر مساجد المدينة الذى يقع بالقرب من محطة السكة الحديد بأسيوط، وتجمعت أعداد كبيرة ملأت الجامع وأيضا مسجد أبوالجود القريب منه، وقبل الصلاة تجول اثنان من أمراء الجماعة فى شوارع أسيوط يدعون الناس لصلاة الغائب بالميكروفون يحيط بهما زملاؤهما باللحى والجلابيب البيضاء فى شكل دوائر تحكم الحماية حولهما.

أثناء الصلاة فى وقت المغرب، سمع الناس صوت أعيرة نارية تطلق فى الهواء، ففروا فى الشوارع مختبئين فى منازلهم أو فى المنازل القريبة وقال لى طلاب الجماعات الإسلامية إن البوليس هو الذى أطلق الأعيرة النارية فى الهواء، على سبيل التخويف وأن بعضهم أسرعوا وأحضروا الخناجر والسكاكين لمواجهة الموقف!

وتطورت الأحداث بعد ذلك بيومين فى صلاة يوم الجمعة قبل الماضى التى كان يحضرها المحافظ ومدير الأمن والمسئولون بالمحافظة، ونقلتها إذاعة القاهرة على الهواء مباشرة، حيث أنهى إمام المسجد الخطبة الثانية بسرعة وقطعت الإذاعة إرسالها فور انتهاء الصلاة.

يقول شهود العيان إن قوات الأمن حاصرت الطرق المؤدية إلى المسجد منذ الصباح الباكر، وأن هذا لم يمنع طلاب الجماعات الإسلامية من الحضور بأعداد كبيرة.. وأنهم شاهدوا أمير الجماعة يطلب من مدير الأمن سحب قواته وتأمين خروجهم وأن هتافات هائجة «لا إله إلا الله» خرجت من الحناجر وأن كثيرا من المصلين فضلوا الجرى بسرعة بعد الصلاة.

ويقول بعض طلاب الجماعات الإسلامية، الذين حضروا الصلاة لم يحدث شىء كان بالمسجد شخص مختل عقليا أخذ يصيح فأخرجوه، ثم عاد فحاولوا إخراجه مرة ثانية فحدثت بعض الفوضى.

وقالت لى مهندسة زراعية تسكن فى منزل بالقرب من مسجد ناصر إنها شاهدت المصلين يسرعون عقب الصلاة، ثم عربة المحافظ والأمن، وأن ابنها الصغير يخاف من النزول إلى الشارع، وكلما سمع صوت ميكروفون أصابته حالة خوف، بعد أن رأى طلاب الجماعات الإسلامية، يدعون الناس لصلاة الغائب فى مشهد حزين، وبعد ذلك سمع الأعيرة النارية وشاهد الناس تجرى.

وإذا كان هذا هو الموقف خارج الجامعة.. فماذا يحدث داخل الجامعة؟

الضرب بالجنزير!

أمام مدرج «المسرح» بكلية التجارة طلب منى «إيهاب..» طالب بالسنة الثانية أن نتحدث فى مكان بعيد، بعد أن تأكد من إثبات شخصيتى.

قال بصوت هامس: منذ ثلاثة شهور اعتدى طلاب الجماعات الإسلامية على ثلاثة طلاب بكلية التجارة أمام الأمن.. وأشبعوهم ضربا بالأحذية و«البونيات» و«بلبطوهم» فى المياه والطلاب المعتدى عليهم هم ناصر صموئيل وأيمن الشبلى وممدوح السبوتى.. والسبب أن ناصر كان يجمع حوله الطلبة النصارى، وساعده أيمن وممدوح لمواجهة الجماعات الإسلامية، فانتهزوا الفرصة واعتدوا عليهم بعد مناقشة حامية بالألفاظ.

أما فی كلية التربية التى تقع بجوار مصنع الكوكاكولا بشارع الجمهورية.. فقد حدثت خناقة غريبة بين الجماعات الإسلامية واثنين من الطلبة.

كان طالب من البدارى اسمه طارق يقف فى الكلية مع أخته فحضر له ثلاثة من الجماعات الإسلامية وقالوا له: «ده حرام» وحدث تشابك بالكلام، بعدها بثلاثة أيام اتفق «حميدة» بلديات طارق على مواجهة طلبة الجماعات الإسلامية، وحدثت معركة بينهم فى المدرج، وبعد انتهاء المحاضرة وخروج الطلبة، انتظر طلاب الجماعات الإسلامية طارق وحميدة على الباب واعتدوا عليهما بالمطاوى «طارق» «مصرينه طلعت» وأصيب بجرح نافذ فى الحجاب الحاجز.. وحميدة أصيب بثلاث طعنات فى كتفه.

ملحوظة: ذكر لى الطالب أسماء طلاب الجماعات الإسلامية الذين قاموا بالاعتداء.

 هل الضرب هو الأسلوب الوحيد الذى تعتمد عليه الجماعات الإسلامية؟

- هم فى البداية منعوا إقامة الحفلات والرحلات والأنشطة المشتركة.. يعنى منعوا الاختلاط بأى صورة من الصور.. وعندما يشاهدون أى طالب يقف مع فتاة يذهبون إليه ويطلبون منه الانصراف، وإذا لم يستجب يضربونه.. لدرجة أن الطلبة والطالبات هربوا من الجامعة خوفا منهم.. وذهبوا للجلوس فى نواد أخرى قريبة من الجامعة.

 هل يتبعون نفس المسلك مع الجماعات الأخرى كالناصريين والشيوعيين؟

- أيام الانتخابات فى شهر نوفمبر الماضى طلبت الجماعات الإسلامية من المرشحين الآخرين التنازل لهم، بمن فيهم الشيوعيون والناصريون، وهددوهم وتنازلوا بالفعل.. واكتسحت قوائمهم كل الانتخابات دون منافسة.

والأكثر من هذا أن الشيوعيين عندما أقاموا معرضا لمناصرة شعب فلسطين، طلبت منهم الجماعات الإسلاتمية إنهاءه، وعندما رفضوا كسّروا لهم المعرض.

ولا يستطيع أى أحد أن يعارضهم، وإلا يدخل معهم فى معركة سينتصرون فيها لأنهم يستعملون المطاوى والجنازير فى الضرب.. حتى إن أحدهم صفع دكتورا على وجهه اسمه «...» فى كلية التجارة، لأنه حاول منعه من الخطابة قبل بداية المحاضرة.. بل ذهب أميرهم إلى رئيس الجامعة فى الأحداث الأخيرة وقال له: اسحب البلاغ الذى قدمته للنيابة، وأنا أفتح لك الجامعة!

هم أصحاب القرار!

على الباب الرئيسى للجامعة بالوليدية، قابلت الدكتور عبدالرازق حسن رئيس الجامعة وأمين عام الحزب الوطنى بالمحافظة.

بادرنى د. عبدالرازق قائلا: معلهش.. مش فاضى.. أنا مسافر لن أتحدث فى هذا الموضوع.

حاولت أن أستوقفه، فربت على كتفى وأسرع قائلا:

أنا مسافر مساء اليوم خارج مصر، عندك الدكتور يسرى حامد نائب رئيس الجامعة، ورئيس الجامعة بالإنابة.

قال لى الدكتور يسرى فور دخولى مكتبه: خيرا.. قلت: جئت لأعرف حقيقة ما جرى فى جامعة أسيوط. ارتسمت معالم الحيرة والاضطراب على وجه د. يسرى وقال: لقد قابلتك منذ عامين، وتحدثنا كثيرا.. ولكن الآن ليس لى رغبة، فى الحديث عن هذا الموضوع لأنه حساس وخطير، تحدثنا كثيرا فى الصحف والمجلات خلال الأسبوعين الماضيين ولم يتحرك أحد.. أرجو أن تحترم رغبتى.

وفى مبنى الجامعة الرئيسى دار بينى وبين أحد كبار الأساتذة المسئولين حوار طويل.. اشترط فى البداية ألا يكون للنشر.. وفى نهاية الحديث أقنعته أن أشير إلى ما قاله دون الإشارة إلى اسمه.. ووافق.

قال: أصبح طلبة الجماعات الإسلامية هم الحكام الفعليين للجامعة، وهم أصحاب القرار يمكنهم تعطيل الدراسة والسماح بها، وتحديد نوع النشاط الذى يمارسه بقية الطلاب، ومن يخرج على رأيهم يتولون ردعه وتأديبه.

 هل أبلغت إدارة الجامعة النيابة العامة عن أحداث الاعتصام التى أعقبت حادث الطالب شعبان؟

- بالفعل اجتمع مجلس الجامعة، وقرر إبلاغ النيابة العامة وتم الإبلاغ.. لكن لم يتحرك أحد، لأن الموقف كان صعبا وحساسا، ولو تدخلت قوات الأمن فى ذلك الوقت لوقعت أحداث لا يعلم مداها إلا الله. وربما التزمت الجهات المسئولة الصمت منعًا لتردى الأمور، وخوفا من هياج طلاب الجماعات الإسلامية، هذا موقف أمنى حكيم، لكنه لا يتفق مع القانون والانضباط.

هل حضر طلاب الجماعات الإسلامية إلى مبنى إدارة الجامعة وهددوا المسئولين بها بسحب البلاغ المقدم للنيابة العامة، وإلا تصاعدت الأحداث؟

- سؤال محرج أفضل عدم الإجابة عليه.

 ما يحدث فى جامعة أسيوط.. مسئولية من؟

- الوضع الحالى مسئولية الدولة بالدرجة الأولى لأن الأمور خرجت من يد إدارة الجامعة ولا تستطيع فرض قراراتها على طلاب الجماعات الإسلامية.

 كيف؟

- الجماعات الإسلامية انتشرت ليس فى أسيوط فقط، ولكن فى سوهاج والمنيا وسائر الجامعات الأخرى، والإجراء الذى يتخذ ضد الخروج على قوانين الجامعة ولوائحها لا يكون موحدا فى سائر الجامعات، جامعة تضطر للرضوخ لمطالبهم، وأخرى تلتزم الصمت، وثالثة تبلغ السلطات.

وهكذا أصبح الموقف غير واضح بالمرة، المفروض أن يكون هناك موقف واحد على مستوى الجامعات المصرية إزاء ما يحدث من الجماعات الإسلامية.

النقطة الثانية المهمة هى أن معظم الأساتذة لا يستطيعون مواجهة الجماعات الإسلامية والدخول معهم فى حوار إما للخوف أو للجهل بتعاليم الدين، فالطلبة يحفظون القرآن والأحاديث النبوية الشريفة، وليس معقولا أن يترك الأستاذ المنهج الذى يدرسه، ويتفرغ للقرآن والسنة ليكون فقيها يستطيع مجادلة الجماعات الإسلامية حول المحظور والمباح، ولهذا السبب لا يجرؤ الأساتذة على مجادلة الطلاب فى أمور دينهم.

هذه المسئولية تفوق إمكانيات أساتذة الجامعة.

والمفروض أن هناك جهات مسئولة عن أمور الدعوة مثل وزارة الأوقاف والأزهر الشريف وعليهم يقع العبء الأكبر فى مناقشة الطلاب ومجادلتهم، لهذا السبب أقول إن مواجهة طلاب الجماعات الإسلامية مسئولية الدولة وليس إدارة الجامعة، وإلا تركنا جميعا أمور التعليم وتفرغنا للفقه وحلقات الجدل!

 ما الذى يريده طلاب الجماعات الإسلامية على وجه التحديد؟

- أرجو أن تجلس معهم وتناقشهم، ولكن حذار من الدخول فى جدل دينى لا قبل لك به فقط اسألهم عن موقفهم إذا وقف طالب آخر وعارضهم فى ندوة أو محاضرة.. وماذا يحدث إذا أقامت أسرة داخل الجامعة حفلا أو معرضا أو رحلة نريد منهم فقط أن يفعلوا ما يشاءون وأن يتركوا بقية الطلاب يمارسون أنشطتهم بالطريقة التى يريدونها، إذا اقتنع طلاب الجماعات الإسلامية بهذا، ستزول كل المشاكل.

 هل تنازلت إدارة الجامعة عن بعض اختصاصاتها لطلاب الجماعات الإسلامية؟

- بل عن الكثير، إدارة الجامعة وافقت على منع الحفلات استجابة لضغوط الجماعات الإسلامية، منعت الاختلاط بكل صوره فى المدرجات وسائر الأنشطة، كانت دائما تتراجع أمام مطالبهم بدعوى منع المشاكل، ولكن كانت قوة تلك الجماعات على حساب قانون الجامعة ولوائحها وسلطاتها.

 لكن لماذا زاد نفوذ الجماعات الإسلامية إلى هذا الحد؟

- المشكلة جذورها قديمة بدأتها الدولة بلعبة التوازنات بين التيارات الفكرية داخل الجامعة فنجحت الجماعات الإسلامية فى القضاء على سائر الاتجاهات الفكرية، وأصبحت لهم الكلمة العليا.

القاعدة العريضة من طلاب الجماعات الإسلامية شباب متحمس متدين متفوق ويبشر بالخير يحتلون دائما المراكز الأولى فى كشوف الناجحين، ويواظبون على الصلاة وتقديم الخدمات والدعم لزملائهم الآخرين، مثل توزيع المذكرات والكتب عليهم مجانا، ومساعدة الفقراء منهم ماديا.

فى الوقت نفسه كانت الاتجاهات الأخرى لا تهتم إلا بحفلات الموسيقى والرقص والغناء.

بهذا الأسلوب تغلغلت الجماعات الإسلامية بين طلاب الجامعة بالترغيب والترهيب، وساعدهم المناخ السائد على أن تكون لهم الكلمة العليا.

لم ينس أستاذ جامعة أسيوط أن يسألنى بأسف عما حدث فى طب قصر العينى وهل نزع الدكتور هاشم فؤاد عميد كلية الطب النقاب من فوق وجه طالبة، وهل هدأت الأمور، ولم ينس أن يؤكد - أيضًا - أنه يحب ويحترم د. هاشم، ولكنه إذا كان قد نزع النقاب فهو «غلطان».

نحمى أنفسنا!

سعيت للقاء أمراء الجماعات الإسلامية وعاوننى الدكتور محمد حبيب رئيس مجلس إدارة نادى أعضاء هيئة التدريس بالجامعة فى تحديد موعد، لكنهم تأخروا أكثر من ساعة، واعتذروا للدكتور حبيب لأنهم مشغولون بالمذاكرة استعدادا للامتحانات.

لم يكن أمامى إلا الذهاب للجمعية الشرعية المقر الرئيسى الذى يؤدى فيه أعضاء الجماعات الإسلامية الصلاة.

والجمعية الشرعية مسجد حديث البناء يقع فى منتصف شارع الجامعة، ويبعد عن المدينة الجامعية بنحو 300 متر، وعلى واجهته لافتة مكتوب عليها «مسجد الصديق أبوبكر».

كانت الكهرباء مقطوعة عن نصف الشارع فقط، بما فى ذلك المسجد المضاء من الداخل بالشموع.

معظم المصلين من الطلبة يرتدون الجلابيب البيضاء، ولهم لحى، أذن أحدهم لصلاة العشاء، وأمّ المصلين.

بعد انتهاء الصلاة والسنة، اقتربت من ثلاثة شبان يجلسون فى مواجهة المنبر، أحضروا شمعة وتأكدوا من شخصيتى، وتحدثت معهم بعد أن اشترطوا عدم ذكر أسمائهم لأن الحديث لا يكون إلا لأمير الجماعة.

قال أحدهم إنه عضو باتحاد طلاب كلية الطب، والآخران طالبان بالكلية نفسها.. وجلس بعض الطلاب حولنا واكتفوا بالاستماع.

 قلت: لماذا وصلت العلاقة بينكم وبين الأمن إلى هذه الدرجة من التوتر؟

قالوا: الأمن هو الذى ينظر لنا كأننا أعداء، دائما نراهم مدججين بالسلاح فى الشوارع الجانبية القريبة من الجامعة وبالخوذات والعصى.. ويبادرون بالاعتداء علينا وهم يصيحون بأصوات مخيفة «هو.. هو» وكأنها حالة الحرب!

ماذا يحدث لو تركونا نعقد الندوات والمحاضرات ونتصرف فى هدوء دون أن يحاصرونا؟ هم المعتدون ونحن ندافع عن أنفسنا.

لقد وضع الشرطى السرى فوهة مسدسه فى رأس الشهيد شعبان، وأطلق النار، ولو كان شعبان يعلق صورة راقصة أو أى شىء خليع ما تعرض له أحد.

 لكن أنتم - أيضا - تعتدون على غيركم داخل الجامعة.. لدرجة ضرب أستاذ بكلية العلوم كان يقف مع زوجته؟!

- لقد ذهب أخ لنا إلى الأستاذ ونصحه بالابتعاد عن الفتاة وهو لا يعرف أنها زوجته.. فاعتدى عليه الأستاذ بالسب والضرب.

نحن لا نعتدى على أحد، ولكننا نتبع طريق النصح والإرشاد، وفقا للحديث النبوى الشريف «من رأى منكرا فليغيره..».

 نفترض أن أسرة بالجامعة أقامت حفلا، ولم تستمع لنصحكم.. ماذا تفعلون؟

- حفلات الموسيقى والغناء ممنوعة فى جامعة أسيوط بأوامر إدارة الجامعة.

 وإذا أعادتها الإدارة؟

- تكون قد أعادت المنكر، وعلينا أن نقاوه ونغيره.

وصاح أحدهم:

ماذا تستفيدون من حفلات الرقص والغناء والمجون الذى يستثير الشباب؟! كفانا من نحن فيه من ضغوط نفسية، نحن نتمسك بديننا حتى لا ننفجر ونسير فى طريق الشيطان، نصلى ونصوم ونذاكر وندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا نعتدى إلا على من يعتدى علينا.

ماذا تستفيد الدولة من عرض الأفلام الخليعة فى السينما والتليفزيون؟! وماذا تجنى غير إفساد الشباب ودفعهم للخطيئة؟ إننا لا نشاهد فى التليفزيون إلا البرامج الدينية والقرآن الكريم والبرامج التى لا تستهدف تحطيم أخلاق الشباب والفتيات!

نحن هنا فى الجامعة نحمى أنفسنا ونحمى الطلبة والطالبات من أنفسهم ومن الشيطان، لأن الجامعة مكان للعلم والجهاد، وليس الرقص والموسيقى والغناء.

 وماذا تفعلون إذا اختلف معكم البعض فى الرأى كالشيوعيين والناصريين؟!

- الحمد لله جامعة أسيوط ليس فيها أمثال هؤلاء.

 والإخوة المسيحيون؟

- لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، نحن نحترمهم ونتعامل معهم، ولكن بشرط أن يلزموا حدودهم. الخناجر والفلوس مجانا!

 سألت أحمد فرغلى عضو مجلس الشعب السابق والذى عاصر نشأة الجامعات الإسلامية فى جامعة أسيوط عن بداية العنف فى الجامعة!

قال: فى سبتمبر 1981 كان معى فى زنزانة سجن طرة الدكتور عصام العريان أمير أمراء الجامعات الإسلامية فى ذلك الوقت الذى نجح مؤخرا فى انتخابات نقابة الأطباء، ولاحظت أنه على درجة كبيرة من الفهم والوعى بأمور الدين حتى فى حواره مع الدكتور عبدالله رشوان من الإخوان المسلمين الكبار والمرحوم محمد المسمارى.. بعكس أصحاب الاتجاهات الدينية الأخرى، حيث كان معنا اثنان من «الفرماوية» كانا منعزلين دائما وفى واد آخر، ويتحدثان بلغة غامضة لا يفهمها إلا هما فقط!

منذ ذلك الوقت أدركت خطورة استقطاب الجماعات الإسلامية لتحقيق مآرب سياسية، بعد أن علمت أن الدكتور العريان قبض عليه فور عودته من الخارج وكان مكلفًا من قبل الدولة بعقد ندوات ومحاضرات دينية خارج مصر، فكيف يتم القبض عليه!

وفى حقيقة الأمر كانت بداية الجماعات الإسلامية فى جامعة أسيوط فى أواخر أيام الاتحاد الاشتراكى العربى.. عندما دبرت قياداته فى ذلك الوقت خطة لضرب الناصريين والشيوعيين فى الجامعة واستقر الرأى على تقوية الجماعات الإسلامية للقيام بهذا العمل!

رفعوا شعار «الدين الإسلامى فى خطر» ولابد من مواجهة الشيوعيين والناصريين.. وجمع قواد الاتحاد الاشتراكى المال والخناجر وتم توزيعها على الطلبة من الجماعات الإسلامية بمساعدة المسئولين وصمت الأمن! ملحوظة: ذكر لى أحمد فرغلى أسماء المسئولين الذين أحضروا الخناجر والشهودا الذين حضروا هذه الواقعة وكلهم أحياء حتى الآن!

واستمرارًا لتحقيق هذا الهدف بدأت إدارة الجامعة تطلق الحبل على الغارب للجماعات الإسلامية فى صورة تلبية كل ما يطلبونه: أموال للعمرة ولإقامة الندوات الدينية، واستجابة لكل مطالبهم فى منع الحفلات والأسر والرحلات واستمر الوضع حتى بدأت الدولة تشعر بالخطر.. فتغيرت طريقة التعامل معهم.

فرق الأمن فى ذلك الوقت بين نوعين من تصرفات الطلبة.

فعندما يضربون النصارى ويمنعون الحفلات ويعتدون على من يعارضهم يلتزم البوليس الصمت ولا يواجههم!

وعندما يهتفون بسقوط شاه إيران أو يعارضون كامب ديفيد يتصدى لهم البوليس بمنتهى العنف ويقتل طالبا منهم!

وبدأت مرحلة المواجهة مع السلطة.. لأنها زرعة شيطانية لم تأخذ حقها من النمو الطبيعى.. لدرجة أن أحد محافظى أسيوط كان يحتضنهم ويرعاهم.. وذات مرة ترك اجتماعا على درجة كبيرة من الأهمية، عندما أبلغوه أن «ناجح» أمير الجماعة فى ذلك الوقت والمحبوس حاليا فى قضية «الجهاد» ينتظره فى مكتبه!

والآن تسألنى لماذا وصل الوضع إلى ما هو عليه الآن؟

كثير من المسئولين لم يستوعبوا درس المنصة بالنسبة للجماعات الإسلامية.. وأتمنى أن يواجهوا الأمر قبل فوات الأوان.

 كيف؟

- الجماعات الإسلامية فيها بذور صالحة ومن الممكن أن تكون فى صالح مصر، بشرط أن يقبلوا مبدأ الحوار، وأن تنشأ جماعات أخرى فى الجامعة تمارس دورها بنفس القدر من الحرية، فليس من دور إدارة الجامعة أن تفرق فى معاملتها للطلاب، ولكن عليها أن ترعى الجميع بنفس القدر.

أيضا على الدولة أن تحدد موقفها بوضوح من الجماعات الإسلامية، فهل هى على استعداد لاحتضانهم وتنمية البذور الصالحة فيهم.. أم تتركهم يتكاثرون ثم نقوم بضربهم؟!

الجماعات الإسلامية فى معظمهم شباب صالحون، رغم التجاوزات البسيطة التى تحدث منها، والتى تعتبر الحكومة مسئولة عنها بالدرجة الأولى، باتباعها أسلوب تأليب الجماعات ضد بعضها، ولكن عليها مواجهة هذه الظاهرة بواقعية وفهم ووعى منذ الآن قبل أن يستفحل الأمر ويشتد الخطر!