السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من 2010 وحتى 2015 خمس سنوات من الصدام.. روزاليوسف تصدت لمحاولات الجماعة الإرهابية لاختطاف الوطن وغلق المجلة

منذ بداية أحداث يناير 2011 كانت روزاليوسف فى قلب المشهد بطبيعة قربها الشديد من ميدان التحرير والمناطق المحيطة «مسرح الأحداث» وبطبيعة شغفها الدائم والمعتاد فى إطلاع قرائها ومحبيها على المشهد عن قرب بكل أبعاده وأحداثه، بدأت روزاليوسف واحدة من أهم المعارك فى تاريخ نضالها الصحفى حيث كان لزاما عليها مجابهة ومواجهة كل ما يحاك ضد الدولة المصرية والمواطن المصرى الذين كانوا ومازالوا وسيظلوا دائمًا فى قلب هذه المؤسسة العريقة



 

«المجلة المشاغبة» التى بالفعل بدأت فى رصد كل الأحداث والصراعات الدائرة على أرض الواقع والذى كان أبرزها التحرك الخفى للجماعة الخبيثة التى لم تتوان لحظة فى ركوب المشهد سواء بالاعتصام فى الميادين أو بالتواصل مع القوى الحزبية والسياسية والشباب الذين تصدروا المشهد آنذاك أملا منهم فى الوصول إلى أهدافهم الدنيئة التى كثيرًا ما حاولوا الوصول إليها منذ لحظة ظهورهم فى الشارع المصرى، ومنذ اللحظة الأولى لأحداث ميدان التحرير يناير 2011 كانت رؤية روزاليوسف واضحة وجلية حيث عنونت أول أغلفتها عن الأحداث بعنوان «مهزلة التحرير» على عكس كل الصحف والإصدارات الأخرى التى تغنت بالثورة والحرية وأشياء من هذا القبيل وهذا ما أثار حفيظة القوى السياسية والحزبية والشباب وبالطبع جماعة الإخوان الإرهابية ضد روزاليوسف حيث إن الجميع كان يرى إنها ثورة ولكن كان لروزاليوسف رأى آخر.

وتوالت الأحداث وتوالت معها مواجهات روزاليوسف لها وكشف كل الحقائق والمؤمرات التى كانت تحاك ضد مصر وقتها بدءًا من اعتصام ميدان التحرير مرورًا بأحداث موقعة الجمل 2 فبراير 2011 ثم ظهور جماعة الإخوان بشكل جلى وواضح بحجة مساندة الشباب والتواصل مع القوى الحزبية والسياسية ووضع الحلول للخروج من الأزمة والحفاظ على مصر وعلى المواطن المصرى وفعل وقول كل ما هو كذب وتضليل للرأى العام وللشارع المصرى من أجل الوصول لأغراضهم الحقيقية فى الاستحواذ وتصدر المشهد

«ركوب الموجة»

وكانت أولى خطواتهم والتى ظهرت فيها أطماعهم ونواياهم السيئة تجاه الدولة والمواطن هى تصدرهم للمشهد فى انتخابات البرلمان التى أقيمت على عدة مراحل بداية من 28 نوفمبر 2011 وحتى 10 يناير 2012 وتحالفهم حينها مع السلفيين وباقى القوى السياسية الإسلامية للفوز بالعدد الأكبر من مقاعد النواب، وذلك بهدف السيطرة على اللجنة التأسيسية والمنوط بها صياغة دستور جديد للبلاد .

«مصر على وشك الانقسام» كان هذا من أهم عناوين روزاليوسف أثناء متابعة العملية الانتخابية واستقصاء آراء الناخبين الذى بالفعل كان واضحًا الانقسام بينهم والذى رصدته روزاليوسف فى حوارات الناخبين فيما بينهم فى طوابير لجان التصويت والتى كانت على شاكلة أنت مع مين؟.. مع بتوع التحرير ولا بتوع العباسية؟.. مع السلفيين ولا الإخوان؟.. مع الأقباط ولا السنة؟.. مع الدولة المدنية ولا حكم العسكر؟.. أنت ليبرالى ولا دينى؟.. مع شباب الثورة ولا من الفلول؟.. هذا ما سعت إليه هذه الجماعة الإرهابية من اللحظة الأولى لها فى تصدر المشهد السياسيى أعقاب أحداث يناير 2011 وهو «تفتيت الشارع المصرى» حيث مبدأ فرق تسد والذى هو شعارهم الحقيقى من نشأتهم الأولى .

فى ظل الفوضى العارمة التى سادت البلاد أعقاب أحداث يناير 2011 استطاع الإسلاميون متمثلين فى الجماعة الإرهابية والسلفيين وغيرهم ممن اتخذوا الدين وسيلة للوصول إلى أطماعهم فى الاستحواذ على العدد الأكبر من مقاعد مجلس النواب آنذاك وكان من البديهى أن يستحوذوا أيضًا على كرسى رئاسة المجلس وعلى كل مقاعد اللجان الفرعية لمجلس النواب وهذا ما دونته مجلة روزاليوسف على صفحاتها وتوقعت ما سيحدث بعد كل هذا الزخم السياسى الدينى داخل مجلس النواب حين وصفت ما يحدث فى شوارع المحروسة من تعطيل للمصالح الحكومية ومحاولة اقتحام مبنى مجلس الوزراء وإغلاقهم مجمع التحرير ومحاولة اقتحام مبنى الحرس الجمهورى وإغلاقهم الشوارع الرئيسية فى العاصمة ضغطًا منهم على مؤسسات الدولة للخضوع إلى ما كانوا يصيغونه من قوانين باطلة تحت قبة البرلمان، وقتها كتبت روزاليوسف «فن إدارة الفوضى» وهو ما كانت الجماعة تسعى له حتى تدخل البلاد فى نفق مظلم لا تخرج منه أبدًا.

ما لبثوا أن استحوذوا على البرلمان حتى بدأوا فى المضى قدمًا إلى الخطوة التالية حيث كان واضحًا أن لديهم خطة ونهجًا يسيرون عليه آملين فى أن يمكنهم هذا من الاستيلاء على حكم البلاد للأبد ونشر أفكارهم وبث سمومهم، وتمثلت هذه الخطوة فى صياغة دستور جديد للبلاد، وبالفعل تم تكوين لجنة تشكلت من 100 عضو وكان أكثر وأبرز أعضاء تلك اللجنة هم قادة الجماعة الإرهابية والسلفيين والإسلاميين من مجلس النواب ومجلس الشورى وبعض الأسماء الأخرى من القوى السياسية والحزبية وبعض الشباب وتم وضع «حسام الغريانى» على رأس هذه اللجنة بتكتل تصويتى من الجماعة وحلفائها لضمان تنفيذ كل ما توصى به اللجنة من قوانين وتشريعات مشوهة، وهذا ما رصدته روزاليوسف فى حوارها مع أكبر الفقهاء الدستوريين الذين حذروا من التسرع فى إعداد مواد الدستور ومخالفته للقوانين والأعراف الدولية حين خرجت بعنوان «حتى لا ينفجر الدستور الجديد فى وجه الجميع».

وحدث بالفعل كل ما حذرت منه روزاليوسف فى أزمة وضع دستور لدولة بحجم وثقل مصر فى المنطقة بل وفى العالم بأسره، حيث إن الجماعة الإرهابية عكفت على إعداد دستور معيب يشوبه العوار حتى إنه على سبيل المثال وليس الحصر كان يحتوى على المادة رقم 28 والتى لا تجيز الطعن على قرارات لجنة الانتخابات البرلمانية والتى صدقت على نتيجة انتخابات البرلمان بداية عام 2012، وتم وضع هذه المادة فى الإعلان الدستورى بعد تقديم العديد من الطعون أمام المحاكم عقب صدور نتيجة الانتخابات البرلمانية والتى استحوذت فيها الجماعة الإرهابية وحلفائها على النصيب الأكبر من مقاعد البرلمان آنذاك، وهذا ما أكده الفقهاء الدستوريون حينها على أن هذه المادة معيبة ومخالفة لأبسط القواعد الدستورية وتخالف المنطق السياسى والقانونى لأن أعضاء اللجنة المشار إليها بشر يخطئون وبالتالى يجب أن تكون أعمالهم قابلة للطعن.

وبعد خطوة اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور اتجهت أنظار الجماعة الإرهابية إلى ما هو أبعد من ذلك فى السلطة وهو منصب رئاسة جمهورية مصر العربية، ومع أنهم أعلنوا مرارًا وتكرارًا أنهم لا يبغون سلطة وأنهم جاءوا لمساندة الدولة المصرية سياسيًا واقتصاديًا وإصلاح أحوال البلاد إلا أنه ما أن تم الإعلان عن الانتخابات الرئاسية وتحديد مواعيدها من قبل اللجنة العليا للانتخابات فى نهاية شهر مايو 2012 كجولة أولى ومنتصف شهر يوليو كجولة إعادة حتى سعوا بكل قوة للنيل من ذلك المنصب الرفيع على عكس ما أعلنوا كعادتهم ولم يكتفوا بمرشح واحد وقتها بل قاموا بترشيح أكثر من مرشح وكان على رأسهم خيرت الشاطر وحازم صلاح أبو إسماعيل وعبدالمنعم أبو الفتوح وكان آخر من ترشح منهم للرئاسة هو محمد مرسى بعد خروج خيرت الشاطر من ماراثون الانتخابات بقرار من المحكمة حتى إن الشارع المصرى أطلق على محمد مرسى لقب «الاستبن» نظرًا لأنه لم يكن مرشحًا منذ البداية بل قامت الجماعة بترشيحه بعد خروج خيرت الشاطر من قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية، وكانت روزاليوسف تتابع وقتها عن قرب حين خرجت بعنوان «فى انتظار الرئيس الأول للجمهورية الثانية» وتمنى النفس برئيس جمهورية على قدر المسئولية والمستوى الرفيع لدولة بحجم جمهورية مصر العربية.

وبالفعل تحقق للجماعة الإرهابية ما سعوا له وفاز محمد مرسى فى انتخابات رئاسة الجمهورية فى جولة الإعادة وما لبث أن استحوذت الجماعة على كرسى الرئاسة حتى بدأت المشاكل والأزمات تنتشر فى ربوع مصر وذلك بسبب أسلوبهم السيئ فى إدارة البلاد وإدارة الأزمات التى كانت تواجه الدولة أعقاب أحداث يناير 2011 من أزمات اقتصادية وسياسية وغيرهما من كثير من الأزمات الأخرى وبسبب سوء إدارتهم لكل تلك المشكلات بدأت المظاهرات الفئوية تنتشر وظهرت أزمات انقطاع الكهرباء ونقص الوقود وحتى رغيف العيش وأزمته التى أظهرت طوابير بالمئات يوميًا وانتشرت الطوابير على كل السلع المهمة والاستراتيجية فى كل أنحاء مصر وعلى الرغم من أن الجماعة كانت تعد الشعب المصرى قبل انتخابات الرئاسة بحلول سحرية للأزمات الاقتصادية فى البلاد بمجرد فوزهم بمنصب الرئاسة حتى إن محمد مرسى كان له تصريح شهير آنذاك بأن الجماعة الإرهابية سوف تضخ مالا يقل عن 200 مليار دولار فى خزينة الدولة فور وصوله لمنصب الرئاسة، وبالطبع كعادتهم لم يحدث أى شىء من هذا القبيل فهم كاذبون ومنافقون.

وفى تلك الفترة خرجت العديد من عناوين روزاليوسف والتى كان أهمها «المجلة المشاغبة» سنظل على عهد الأساتذة إشارة من روزاليوسف إلى أنها لن تستكين أو تخنع لأىٍ من كان وأنها ستظل قلبًا وقالبًا مع الشعب المصرى العظيم فى أزماته المتوالية منذ وصول الجماعة الإرهابية إلى السلطة، وتوالت عناوين روزاليوسف ومقالاتها المناهضة لهذا النظام الفاشل والمناصرة لشعب مصر العظيم وعلى سبيل المثال وليس الحصر «الحكومة والشعب إيد واحدة وإلا .. كارثة» وكان هذا تحذيرًا من حالة الشارع المصرى والأزمات التى تواجه المواطن المصرى، وأن أسلوب إدارة الجماعة الإرهابية للبلاد سوف يدخل مصر نفقًا مظلمًا ويسبب مشكلات لا حصر لها وعنوان «دستور لا يرضى أحد» وكان هذا اعتراضًا واضحًا من روزاليوسف على عوار مواد دستور الجماعة الإرهابية وكانت أيضًا من أهم هذه العناوين حينها عنوان «القرار الأسير» والذى كان يشير إلى أن كل قرارات محمد مرسى وقتها تخرج من مكتب الإرشاد وأنه لا حول له ولا قوة، وتبع هذا عنوان آخر مهم جدًا وهو (الرئيس الذى يريده الشعب «رجل دولة» لا «رجل جماعة»)! إشارة إلى ما سبق أن من يحكم مصر حينها لم يكن محمد مرسى بل كان مكتب الإرشاد هو من يحكم الدولة.

وبالطبع لم يكن أحد فى مصر كلها سواء كانت الأحزاب السياسية أو الشباب موافق على دستور الجماعة الإرهابية أو على حكم المرشد، من هنا بدأت الأزمة الأكبر وهى اعتراض الشارع المصرى على هذا الإعلان الدستورى المشوه وعلى طريقة حكم مصر من قبل مكتب الإرشاد، وهنا عنونت روزاليوسف الأزمة بعنوان «لا لدستور المعارك» وكان ذلك قبيل عملية الاستفتاء الشعبى على الدستور فى لجان التصويت حيث حذرت روزاليوسف أن إقرار دستور بتلك المواد المعيبة سوف يشعل فتيل الأزمة من جديد، حيث إن القوى المدنية والشباب المعتصمين بالتحرير والاتحادية سيصعدون من احتجاجهم، وبالرغم من المعارضة الشديدة لهذا الدستور حدث ما حذرت منه روزاليوسف وتم إقرار دستور 2012 بعد الاستفتاء عليه فى لجان التصويت وبنفس الطريقة التى تسيطر بها الجماعة الإرهابية على كتلة التصويت بدأت الجماعة الإرهابية تشعر بالخطر، وأن حكمهم زائل لا محالة، وهنا قرروا استعمال كل أنواع العنف ونشر ميليشياتهم فى كل أرجاء الجمهورية والتعاون مع كل الجماعات المتطرفة سواء داخل القاهرة أو فى المحافظات الحدودية وهذا ما وضح جليًا فى هجوم هذه الميليشيات على اعتصام الاتحادية وحصار المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامى وفى حوادث الإرهاب التى ارتفعت حدة وتيرتها ضد جنود القوات المسلحة والشرطة فى شمال سيناء، فحدث أكثر من هجوم إرهابى على كمائن العريش وشمال سيناء فى تلك الفترة دون رادع من السلطة وهذا ما وصفته روزاليوسف بـ«جمهورية العنف السياسى» وإن الجماعة الإرهابية لا ينشغل بالها إلا بكيفية الحفاظ على السلطة فزاد حصار المشاكل حول الوطن والمواطن.

فى تلك الفترة العصيبة ازداد ضغط الجماعة الإرهابية على الإعلام والإعلاميين ووصفتهم بأنهم شياطين يوجهون الشعب إلى معاداة السلطة والدولة، وبدأت الحرب على الإعلام المصرى وتهديد رموزه وحصار مدينة الإنتاج والاعتداء على المؤسسات الصحفية ولم تسلم روزاليوسف من هذا الهجوم حيث حاول أنصار الجماعة الإرهابية اقتحام مؤسسة روزاليوسف فى ذلك الوقت لولا تصدى القوات المسلحة لهم وهذا ما وصفته روزاليوسف بـ«غزوة الإعلام» ولكن كل هذا أثر عليهم بالسلب وأعطى القوى المعارضة لحكم الجماعة الإرهابية مكاسب كثيرة على الأرض وبين جموع الشعب المصرى الواعى الذى أيقن أن هذه الجماعة الإرهابية لا تريد إلا الخراب والدمار والظلم وليس الإصلاح والعدالة والحرية كما أطلقوا على حزبهم.

لم تكتف الجماعة الإرهابية بكل هذه الأفعال الشيطانية التى كانت محاولة منهم للحفاظ بكل ما أوتوا من قوة على حكم البلاد بل راحوا يضرمون النيران فى العلاقة بين نسيج الوطن الواحد وينشرون الفتن الطائفية فى أرجاء البلاد مستخدمين كعاداتهم الشيطانية الشعارات الدينية والفتاوى المشوهه لشيوخ الفتن الذين كانوا يطالبون المسلمين بعدم تهنئة إخوانهم المسيحيين بأعيادهم لأن هذا يعد كفرًا وشركًا بالله بل وهاجموا أيضًا شيوخ الأزهر الشريف وألصقوا بهم التهم ووصفوهم بالمتخاذلين عن نصرة الإسلام والمسلمين وهذا ما جعل روزاليوسف تساند الأزهر والكنيسة حين كتبت «إلا الأزهر والكنيسة».. وحدتنا الوطنية أهم مصادر قوتنا الناعمة، تخيلوا مصر بدون الأزهر والكنيسة وبدون مبدعيها فى كل المجالات لتعرفوا ما قدمته القوى الناعمة لمصر ولأهلها.

ووصفت روزاليوسف الجماعة الإرهابية بأنهم عاجزون عن بلورة نموذج سياسى يتفوق على النظام السابق ويتميز عن المعارضة وأنهم فصيل لا يقبل النقد والرأى الآخر وأنهم دائمًا يطالبون بالنظر إلى الإيجابيات فى ظل حكمهم والتى لا يعرفها أحد لأنها لم تتحقق بالفعل، وأنهم يعتبرون تنظيمهم وجماعتهم وطنهم والانتماء إليه غاية وحياة كاملة يعيشها الأفراد وتغنيهم عما خارجها.

كل هذا دفع الشارع المصرى والقوى المدنية وجموع الشعب المصرى إلى الوقوف فى وجه الجماعة الإرهابية وبدأت حينها حركة تمرد فى جمع توقيعات فى كل أنحاء الجمهورية لسحب الثقة من محمد مرسى وعزله من منصبه ووقف العمل بدستور 2012 المشوه، وبالفعل نجع الشعب المصرى فى جمع ملايين التوقيعات التى تطالب القوى السياسية وعلى رأسها المشير عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع فى ذلك الوقت بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة على التدخل لإنقاذ مصر من حكم الجماعة الإرهابية والمحافظة على مقدرات الدولة المصرية ومؤسساتها والحفاظ على هيبة الدولة وعلى أمال الشعب المصرى العظيم فى الحصول على «حياة كريمة» وهذا ما أطلقت عليه روزاليوسف «الأمل فى ثورة جديدة». 

لم يكن ليتأخر أبدًا المشير عبدالفتاح السيسى ولا القوات المسلحة عن تلبية مطالب جموع الشعب المصرى الذى خرجت فى ثورة مليونية يوم 30 يونيو 2013 مطالبة بعزل محمد مرسى من منصبه وإيقاف العمل بدستور 2012 وبالفعل هذا ما حدث فى 3 يوليو حين اجتمع المشير عبدالفتاح السيسى قبل اتخاذ أهم القرارات الحاسمة فى تاريخ مصر بكل أطياف القوى السياسية والمدنية وقام بدعوة أعضاء الجماعة الإرهابية لهذا الجتماع ولكنهم رفضوا الحضور وكان من ضمن الحضور الدكتور محمد البرادعى رئيس حزب الدستور آنذاك، ومحمود بدر مؤسس حركة تمرد، وسكينة فؤاد الكاتبة الصحفية، وجلال مرة الأمين العام لحزب النور، بجانب شيخ الأزهر الدكتور احمد الطيب والبابا تواضروس بالإضافة إلى قيادات القوات المسلحة المصرية وبعد أن انتهى هذا الاجتماع الذى استمر لعدة ساعات القى المشير عبدالفتاح السيسى خطابه والذى قال فيه العديد من الجمل الرنانة قبل إصدار ما أسفر عنه الاجتماع الذى سبق البيان والتى كان وقعها بردا وسلاما على الشعب المصرى صادمًا وموجعًا للجماعة الإرهابية وأنصارها حين قال سيادته: إن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب وأن القوات المسلحة استشعرت انطلاقًا من رؤيتها الثاقبة أن الشعب يدعوها لنصرته، وأن القوات المسلحة بذلت خلال الأشهر الماضية جهودًا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلى وإجراء مصالحة وطنية بين كل القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر 2012، حيث بدأت بالدعوة لحوار وطنى استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة، ثم أعلن سيادته أن المجتمعين اتفقوا على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصى أحدًا من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام وتشتمل هذه الخارطة على الآتى:

1 - تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.

2 - إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.

3 - لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية. 

4 - تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.

5 - تشكيل لجنة تضم كل الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتا. 

6 - مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية. 

7 - وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.

8 - اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكًا فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.

9 - تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.

 قوبلت هذه القرارت بفرحة وسعادة كبيرة جدًا من قبل جموع الشعب المصرى فى كل أنحاء مصر فى الوقت الذى قوبلت به بغضب وسخط من الجماعة الإرهابية التى خرجت تصدر التهديد والوعيد لكل الشعب المصرى وللقوات المسلحة المصرية وللشرطة المصرية ولكل من شارك فى الثورة ضدهم وجميعنا رصدنا هذا فى تصريحات البلتاجى والعريان والكتاتنى وغيرهم حينما بدأوا فى اعتصامهم بميدان رابعة العدوية وميدان النهضة اعتراضًا منهم على هذه القرارات ومحاولة منهم لتعطيل مصالح الشعب وتهديد أمنه وسلامته وهذا ما قوبل من الدولة المصرية بكل حسم وقوة وإصرار على إكمال مشوار الديمقراطية والقضاء على أى مظاهر تعطل مسيرة الشعب المصرى نحو بناء دولة المستقبل والعيش تحت مظلة العدل والحياة الكريمة حين تم فض اعتصامى النهضة ورابعة يوم 14 أغسطس 2013 واحتواء كل أحداث الشغب التى قام بها أنصار الجماعة الإرهابية بعد ذلك وصولا إلى إجراء التعديلات على دستور 2012 وطرحه للاستفتاء الشعبى والذى تمت الموافقة عليه من قبل الشعب المصرى على كل تعديلاته فى لجان التصويت ثم الحدث الأكبر والأهم فى تاريخ مصر الحديث وهو إجراء الانتخابات الرئاسية فى مايو عام 2014 فى ظل أجواء ديمقراطية حقيقية والتى أسفرت عن فوز السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى انتخابات حضرها أكثر من 25 مليون مصرى ممن يحق لهم التصويت، وفاز سيادته بنسبة تصويت تخطت الـ 95 % بواقع ما يزيد على 24 مليون مواطن مصرى اختاروا سيادته لتحمل مسئولية البلاد وقيادة الشعب المصرى إلى بناء الجمهورية المصرية الجديدة.

تنبؤات أزمة النيل

الحوارات التى أجرتها روزاليوسف لم تكن مجرد كاشفة لأخطاء الماضى أو مشكلات الحاضر بل كانت راسمة لرؤى الأزمات المستقبلية ونعود ليونيو 2010 وتحديدًا فى عدد مجلة روزاليوسف (4278)، أجرى الأستاذ أحمد الطاهرى حوارًا مع السفير محمد عاصم إبراهيم على حلقتين، وهو أحد رجال الدبلوماسية المصرية المخضرمين خلال حياة عملية تزيد على الأربعين عامًا فى السياسة والدبلوماسية بأهم ملفات الأمن القومى المصرى، أرسلته مصر كمشرف على استفتاء انفصال إريتريا عن إثيوبيا عام 1994، وبعدها عمل سفيرًا لمصر لدى كل من إثيوبيا ثم كينيا ثم السودان وإسرائيل.

تحدث إبراهيم فى الجوال بشكل واضح عن الأبعاد المختلفة لأزمة مياه النيل، وكشف الكثير من الأسرار التى حملتها تجربته واضعًا الحقائق دون تجميل أو رتوش محذرًا وليس مهولاً مما جرى فى «عنتيبي» ومعتبره تحديًا صريحا للأمن القومى المصرى.

«مياه النيل المصرية ليست مطمعًا لإسرائيل فقط بل لكل جيراننا» هكذا أكد الدبلوماسى المخضرم خلال حواره. وعن أولويات الأمن القومى قال: «أى نظام سياسى أو أى نظام حكيم يكون لديه هدفان لا ثالث لهما، وهذان الهدفان يتفرع منهما كل الأشياء وهما الأمن والرخاء، رئيس الجمهورية والنظام السياسى والبرلمان والإعلام والمجتمع المدنى - جميع الجهات شغلها أنها تحقق الأمن والرخاء وتدافع عنهما، وفى تقديرى أن الأمن القومى المصرى أراه كالمثلث.. الضلع الأول فيه هو حماية الحدود، والضلع الثانى حماية الدستور، والضلع الثالث تأمين وصول كميات مياه ملائمة لمعيشة الشعب المصرى، وبناء عليه فإن الحديث عن مياه النيل وكمياتها الواردة وطريقة استخدامنا كمصريين لها يعد أحد الأضلع الثلاثة المكونة للأمن القومى المصرى».

واستطرد إبراهيم فى حواره: «مياه النيل أمن قومى بامتياز لأننا فى مصر نعيش فى صحراء وليست لدينا أمطار ومصدر المياه الوحيد هو نهر النيل، والمبرر الوحيد لوجود نشاط إنسانى فى هذه المنطقة الصحراوية غير الممطرة هو وصول مياه النيل لها وبدون مياه النيل لا يكون هناك وجود لمصر، أى أنها مسألة وجودية وحياتية والتهديد فيها تهديد وجودی».

كما حصر التهديدات التى تواجه مياه النيل فى مصر فى نوعين: «عندنا نوعان من المخاطر متكافئان فى الأهمية من وجهة نظرى أولهما إيرادات المياه التى تصل لمصر والثانى عدد المصريين الذين يستخدمونها ونمط استخدامهم لها. فعندما كان عدد المصريين 20 مليونًا غیر وهم الآن 80 مليونًا غير بعد أربعين عاما ليصل إلى 120 مليونًا، فعندما كنا 20 مليونًا كان نصيب الفرد يصل إلى (15000 متر مكعب من المياه واليوم نصيب الفرد 800 ووصلنا حد الفقر ولو وصلنا للتزايد القادم سيصل نصيب الفرد إلى 500 متر مكعب»، مضيفًا: «نحن نخلق تحديات لأنفسنا فيما يتعلق بمياه النيل، أولا عدد السكان الذى يقسم عليه كمية المياه الواردة وثانيا نمط استخدامنا لها، فلو أهدرنا فى استخدام المياه ولم نرشد هذا الاستخدام وأفرطنا فى محاصيل زراعية نستهلك كميات مياه أكبر من غيرها، وإذا لم يتوافر الأداء الاقتصادى السليم ولم نستثمر الاستثمار الاقتصادى السليم فى استخدام المياه سنواجه مشكلة».

وفى الجزء الثانى من حواره أكد السفير محمد عاصم أن حماية مياه النيل هى مسئولية المصريين جميعًا: «من أول نمط استخدام المياه حتى تفكيرهم فى المستقبل وكيف نصلح علاقاتنا بالدول التى تأتى منها المياه».

ورفض أن نتهرب من المسئولية بالبحث عن كبش فداء مثل إسرائيل، متسائلاً: «ما قيمة هذه الدولة حتى تلعب فى حديقتنا الخلفية؟!».

كما أكد وقتها بشكل واضح أننا «لسنا متواجدين بالصورة التى نريدها فى دول المنبع ويجب أن تكون المصالح متشابكة، وليست مصالح من الممكن الاستغناء عنها».

وعن طبيعة التواجد المصرى فى هذه الدول وقتها، قال: نحن متواجدون، ولكن تواجدنا أقل مما يجب أن يكون، لأنه بالنظر إلى أن المصدر الرئيسى لحياتنا قادم من هذه الدول، فمن الأفضل أن يكون لنا تواجد علمی وحضور ثقافی واقتصادى، وأن يكون لنا أصدقاء ولنا تأثير ومنافع متبادلة مع هذه الشعوب بحيث تشكل هذه الشبكة من العلاقات صمام أمان يخلق مناخًا من المصالح المتشابكة لا يمكن الاستغناء عنها».