الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شاهدة على العصر..!

علماء السياسة والاجتماع فى الدنيا كلها.. اختاروا الملكة إليزابيث كعميدة لحاكمات وحكام العالم.. على اعتبار أنها تحتفل بعيد جلوسها السبعين على عرش بريطانيا.. وعلى أساس أنها الشاهد الحقيقى على العصر.. شاهدت الفيلم من البداية.. وقد أوشك الآن على بلوغ نهايته الدرامية.



 

 جلست إليزابيث الثانية على العرش فى 1952 عقب الوفاة المفاجئة لوالدها الملك جورج السادس.. وكانت بريطانيا وقتها تختلف تماما عن بريطانيا الآن.. كانت وقتها إمبراطورية بحق وحقيقى.. لا تغيب عنها الشمس طوال العام وعلى مدار السنة وقد خرجت من الحرب العالمية الثانية منتصرة متفوقة.. مع أنها كانت الحرب الأعنف على مدار التاريخ الإنسانى.. إليزابيث الثانية هى الملكة الدستورية لبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلنده و12 دولة أخرى.. ثم إنها رئيسة الكومنولث ورئيسة كنيسة إنجلترا..!

حين تولت إليزابيث الثانية عرش بريطانيا كان الأسد البريطانى أسدًا هصورًا تضرب به الأمثال فى القوة والصرامة والعراقة والتقاليد الراسخة.. على اعتبار أنه رمز لبريطانيا الدولة الأقوى فى العالم والإمبراطورية الحقيقية التى تحتل نصف بلدان المعمورة.. والتى هى الإمبراطورية الأكثر رسوخًا على مدى التاريخ.. وسبحان مغير الأحوال.. ما هى إلا سنوات قليلة بعد جلوس إليزابيث على عرش بريطانيا.. حتى هبت قوى التغيير من مصر تحديدًا.. فاستقلت الدولة التى تحتلها بريطانيا بفعل الثورة ورياح التغيير وقوى العصر.. وغابت الشمس عن الإمبراطورية.. والأسد الهصور فقد أسنانه الواحدة تلو الأخرى.. ليتحول من أسد الغابة المرعب والمفترس إلى أسد السيرك الطيب وابن الحلال.. الذى استغنى عن أكل اللحوم واستبدل بها ساندوتش الهامبورجر من محلات التيك أواى..!!

يقولون فى علم السياسة إن ثورة يوليو والزعيم جمال عبدالناصر هما المسئولان عن تراجع الدور البريطانى فى العالم.. والمثير أنه بنجاح ثورة يوليو فإن باقى الثورات المؤجلة فى الساحات العربية والأفريقية والعالمية بدأت فى التحقق.. وقد سقطت المراكز الاستعمارية فى الوطن العربى.. فى الجزائر وليبيا والعراق واليمن وعدن.. وساد تيار التحرر والاستقلال هذا الوطن بعد أكثر من قرن من العبودية والتبعية.

قامت ثورة يوليو.. فقادت مصر حركة عالمية جديدة.. مع زعيمى الهند ويوجوسلافيا هى حركة عدم الانحياز التى أقلقت الاستعمار العالمى والبريطانى تحديدا.. وأجبرته على التقوقع.. تمهيدًا لظهوره بعد ذلك فى شكل متطور عن طريق الهيمنة الاقتصادية التى ابتعدت فيه بريطانيا عن حكم العالم.. لصالح الولايات المتحدة التى تولت قيادة العالم بعد سقوط الأسد البريطانى!

المثير يا أخى أن بريطانيا العظمى صاحبة الممالك والنفوذ والهيبة والاحترام فى المحافل الدولية لم تعد كذلك.. وقد تنازلت عن الريادة والقيادة للأمريكان أو السادة الجدد.. ورئيس الوزراء البريطانى من عينة ونستون تشرشل الزعيم السياسى الداهية والذى كانوا يضربون به الأمثال فى الذكاء والمكر والدهاء السياسى وشغل اللبط.. أصبح تابعًا للسياسة الأمريكية وصار من عينة تونى بلير وبوريس جونسون رئيسى الوزراء اللذين تميزا بالأدب والواحد منهما يسمع الكلام والنصائح والتوجيهات.. والذى هو سكرتير شخصى وكداب زفة لحضرة البيه رئيس أمريكا الفتية والعفية  التى ورثت النفوذ البريطانى فى أنحاء المعمورة!

و.. سبحان مغير الأحوال.. وسبحان من له الدوام.. يعطى الملك لمن يشاء ويذل من يشاء.. وعسى أن تتعظ أمريكا فتوة العالم ووريثة بريطانيا التى صارت من الدول المنكسرة التى على باب الله.. والتى تمشى بجوار الحيط.. وقد صارت هيبة بريطانيا من مخلفات الماضى.. لا نراها سوى فى أفلام الأبيض والأسود.. وقد صارت دولة تعانى من مشكلات دول العالم الثالث من فقر وبطالة وتضخم.. وقد زالت أسباب النعمة.. والغريب يا أخى أن ملكتها إليزابيث الثانية لا تزال أغنى امرأة فى العالم.. وثروتها كام مليار استرلينى بشهادة البنوك وسماسرة البورصة ورجال المال والأعمال..!